بعد رفض دعوة الظواهري.. بوادر طلاق بين طالبان وتنظيم القاعدة
الأربعاء 20/يناير/2016 - 04:20 م
طباعة

بعد يومين من بث المواقع المتطرفة تسجيلًا صوتيًّا لأيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة دعا فيه من وصفهم بـ"المجاهدين" إلى توجيه ضربات للمصالح الأمريكية والغربية في المنطقة، انتقامًا من السعودية لإقدامها على تنفيذ أحكام الإعدام بحق أكثر من 40 متهمًا بالإرهاب على صلة بتنظيمه- خرجت حركة طالبان للتأكيد على رفضها القاطع: "القيام بأي عمل عسكري خارج أفغانستان"، وتبرؤها من تنظيم القاعدة وسياساته.
"طالبان" ترفض دعوة الظواهري

في تغير مهم في العلاقة بين تنظيم القاعدة وحركة طالبان، رفضت الأخيرة الدعوات التي أطلقها زعيم القاعدة أيمن الظواهري بمهاجمة السعودية، مؤكدةً رفضها القاطع: "القيام بأي عمل عسكري خارج أفغانستان"، وتبرؤها من تنظيم القاعدة وسياساته، بل إنها تسعى إلي إيجاد علاقات جيدة مع العالم.
وكما ورد نصًّا في بيان الحركة: "إن للإمارة الإسلامية رسالة واضحة لجميع دول العالم خاصة الدول الإسلامية بأننا دعاة لإقامة الروابط، واستحكام الروابط الحسنة، من الأفضل أن نتواصل من القرب، وأن نتبادل الآراء حول الأهداف والقيم، نحن نقول بكامل الاطمئنان بأن الجهاد الجاري في أفغانستان حق قانوني للأفغان...، ومن جهة أخرى هذه حقيقة ساطعة بأنه ليس لنا أي تحرك عسكري خارج بلادنا."
وكانت السعودية أيضًا واحدة من ثلاث دول فقط، بالإضافة إلى باكستان والإمارات، اعترفت بطالبان حينما وصلت للسلطة في أفغانستان من منتصف التسعينيات وحتى عام 2001.
وبات تنظيم القاعدة اليوم في موقف محرج بعد أن نادى زعيم التنظيم "الظواهري" عناصر تنظيم القاعدة بأخذ الثأر من إعدام عناصر قيادية للتنظيم وعلى رأسهم المُنَظر الشرعي فارس آل شويل، وقال: "خير ثأر لإخوانكم أن تنكلوا بالتحالف الصليبي الصهيوني، فتتبعوا مصالحه حيث استطعتم."
حيث حرص بيان الحركة الإسلامية "طالبان" على التشديد على موقف القيادة الجديدة لطالبان بزعامة الملا أختر محمد منصور وسعي الحركة لبناء علاقات وصفتها بـ"الحسنة والمشروعة" مع دول الجوار والمنطقة والعالم، بالأخص الدول الإسلامية، وذلك عبر التواصل وإجراء المفاوضات مع عدد من الدول.
وظهرت حركة طالبان في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، شمالي باكستان، عقب انسحاب قوات الاتحاد السوفيتي السابق من أفغانستان. وبرز نجم طالبان، وأكثر عناصرها من الباشتون، في أفغانستان في خريف عام 1994.
دعوة الظواهري

فقد دعا زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، في تسجيل صوتي إلى شن هجمات على المملكة العربية السعودية وحلفائها الغربيين، ردًّا على إعدام 43 عضوًا بالتنظيم.
وحث الظواهري في التسجيل الصوتي، السعوديين، على الإطاحة بـ"آل سعود"، داعيًا أتباعه في كل مكان إلى إلحاق الضرر بالمملكة من خلال شن هجمات على حلفائها الغربيين.
يذكر أن الفرع العالمي للتنظيم المتشدد، حذر، من أن السعودية ستدفع الثمن عن عمليات الإعدام.
وإلى جانب أعضاء التنظيم، أعدمت الرياض أيضًا 4 من الشيعة منهم رجل الدين البارز نمر باقر النمر، الذي أثار إعدامه توترات إقليمية.
تاريخ علاقة القاعدة وطالبان

للقاعدة علاقة قوية بحركة طالبان منذ تأسيسها على يد أسامة بن لادن وعبد الله عزام، وتمثل حركة طالبان الحاضن الأكبر لتنظيم القاعدة، وكان أحد أسباب الاحتلال الأمريكي لأفغانستان رفض حركة طالبان بقيادة الملا عمر التخلي عن قادة تنظيم القاعدة.
وفي يوليو 2015، وخلال رسالة صوتية له، بايع أيمن الظواهري زعيم طالبان الجديد الملا أختر منصور، الذي تولى قيادة الحركة الأفغانية بعد وفاة الملا عمر.
وقال الظواهري في رسالته: "بوصفي أميرًا لجماعة قاعدة الجهاد، أتقدم إليكم ببيعتنا لكم، مجددًا نهج الشيخ أسامة (بن لادن) وإخوانه الشهداء الأبرار في بيعتهم لأمير المؤمنين الملا محمد عمر".
وأضاف الظواهري في رسالته الموجهة إلى الزعيم الجديد لطالبان: "نبايعكم على كتاب الله وسنة رسوله، وعلى إقامة الشريعة حتى تسود بلاد المسلمين حاكمة لا محكومة قائدة لا مقودة، لا تعلوها حاكمية، ولا تنازعها مرجعية". وأضاف: "نبايعكم على الجهاد لتحرير كل شبر من ديار المسلمين المغتصبة السليبة من كاشغر حتى الأندلس، ومن القوقاز حتى الصومال ووسط إفريقيا، ومن كشمير حتى القدس، ومن الفيليبين حتى كابول وبخارى وسمرقند".
وانتقدت طالبان في بيانها محاولة بعض المنتسبين للحركة الإعلان عن مواقف لا تمثل "طالبان" قائلة: "بلا شك إنه حين تظهر حركات جديدة في أي بقعة من العالم خاصة في حالات التشنج والاضطراب فهناك بعض الشباب عديمي التجربة يطلقون تصريحات خلافاً لأصول وسياسة الحركة والتي لا تمثل تلك الحركة بحال من الأحول."
وكان قادة تنظيم القاعدة و"المهاجرون" لجئوا واستقروا لدى حركة طالبان التي أعلنت "إمارة إسلامية" في أفغانستان إلى أن أطاح بها الاجتياح الأمريكي في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001. وقدم بن لادن "البيعة العظمى" في السابق للملا عمر بوصفه "أميرًا للمسلمين".
اختلاف المنهج

حركة طالبان أفغانستان، هي أقرب إلى حركات التحرر الوطني في ثوب إسلامي، تلتزم في ممارساتها بالحدود الأفغانية، ويحترم إقامة علاقات حسن الجوار مع الدول، فالحركة لم يكن لها استراتيجية توسعية، كتنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" لاحقًا، أو حتى تصدير فكرها كما فعلت الثورة الإسلامية في إيران، أو تنظيم دولي كما تفعل جماعة الإخوان المسلمين.
فالحركة ليست حركة عدائية، فهي كل ما يعنيها الشعب الأفغاني وإنهاء الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، ولم تشارك في أي عمليات عسكرية خارج أفغانستان.
فيما القاعدة، تعد تنظيمًا إسلاميًّا "عالميًّا" لا يعترف بالحدود السياسية، خاصة في العالم الإسلامي، وينظر للعالم كله على أنه فضاء مفتوح لعملياتها الحربية إلى أن يتم تثبيت أركان دولة الخلافة في الأرض، عليه لا يلتزم التنظيم بالحدود الأفغانية في المواجهة مع الولايات المتحدة والغرب.
كما أن عناصر طالبان، أغلبهم من خريجي المدرسة "الديوبندية" السائدة في شبه القارة الهندية، وهي التي تدرس المذهب الحنفي، فيما تعد مرجعية القاعدة السلفية الجهادية المتأثر بالفكر الوهابي وسيد قطب ومؤسس جماعة الإخوان حسن البنا.
الأمر الآخر أن حركة طالبان تسعى إلى علاقات مع جميع الدول والحكومات خاصة الإسلامية والعربية، فهي تتميز بعلاقة قوية مع حكومة باكستان ودولة قطر، وعدد من الحكومات الإسلامية والغربية، فيما تحارب جميع الدول عناصر تنظيم القاعدة لما يقوم به من عمليات إرهابية ضد هذه الحكومات سواء العربية أو الإسلامية أو الأجنبية، أي أنه تنظيم منبوذ من الجميع.
مع وجود حوار جدي بين طالبان وحكومة أفغانستان، فإن الحركة لن تضحي بجهودها طوال السنوات الماضية؛ من أجل حادث ثأري للقاعدة، وتخسر دعمًا قويًّا من قِبل المجتمع المسلم إذا ناصب العداء للسعودية بما لها من مكانة بين الشعوب الإسلامية.
مستقبل العلاقة

مستقبل العلاقة بين تنظيم القاعدة وطالبان، قد يكون مهددًا، وقد يخرج أيمن الظواهري من كهوف تورا بورا، وتخلع الحركة حمايتها للتنظيم إذا تدخل في سياسة الحركة أو أدى إلى تهديد أي علاقة لها بالأطراف المتعاطفين معها.
فالعلاقة بين الطرفين كما يقول نجل زعيم القاعدة عمر بن لادن في مقابلة صحافية يوم 27 يناير 2010، إنهما تتوحدان معًا عندما تكون هناك ضرورة لذلك، إلا أن الجماعتين لا تحبان بعضهما، مضيفًا أن الطرفين سيتقاتلان إذا لم يعد هناك أعداء آخرون على الأرض.
وشدد نجل بن لان، على أن العلاقة بين القاعدة وطالبان قائمة فقط على أساس المصلحة، وأن الود لا يربط بين الجماعتين، مشيرًا إلى أن العلاقات تغيرت منذ 2001.. فهل ستكون الأزمات التي تصنعها القاعدة لحركة طالبان وتحرجها محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا سببًا في حدوث الطلاق السياسي والعسكري بينهما؟