تفجيرات الهرم.. والكشف عن مخططات الإخوان التخريبية
السبت 23/يناير/2016 - 02:40 م
طباعة

ماذا يحمل تنظيم الإخوان الإرهابي لمصر سوى التخريب والإرهاب؟ هذا ما أكدته الجماعة منذ بداياتها وانتهاجها أسلوب الاغتيالات السياسية لخصومها، بداية من الخازندار والنقراشي ومحاولة اغتيال جمال عبد الناصر وصولًا إلى حادث الهرم؛ حيث بدأت جماعة الإخوان مرحلة العمليات الانتحارية، فقد تبنت حركة العقاب الثوري، المنتمية للإخوان، في بيان، أمس، حادث انفجار العبوات الناسفة داخل عقار بالهرم، وتوعدت بـ«مزيد من العمليات الإرهابية والدماء»، وقالت إنها بدأت بتشكيل ما سمته عملية «فدائيون قادمون»، لاستهداف عناصر الجيش والشرطة.
وفي السياق نفسه، تبنى بيان منسوب لتنظيم «داعش»، على مواقع التواصل الاجتماعي، التفجير الذي أسفر عن مقتل ١٠، بينهم ٧ شرطيين، وإصابة ٢٠ آخرين.
وتمكنت أجهزة الأمن الوطني بالتعاون مع ضباط مباحث الجيزة من القبض على اثنين من المتهمين في تنفيذ الانفجار، وجارٍ حاليا البحث عن اثنين آخرين أكدت التحريات تورطهما في الحادث.
يأتي ذلك في الوقت الذي استكملت فيه نيابة أمن الدولة العليا، أمس، تحقيقاتها في الحادث، حيث كشفت التحقيقات، أن ١٢ قنبلة كانت مجهزة انفجرت في وقت واحد، وأطاحت الموجة الانفجارية بالقوة الأمنية و٣ قتلى من المدنيين، يُشتبه في كون أحدهم من العناصر الإرهابية، وانهار حائط على مجند؛ ما أسفر عن تهشّم رأسه بالكامل، وتفحمت جثة مجند آخر.
وعثرت المعاينة على جهاز «لاب توب» داخل الشقة، يحوي معلومات وبيانات وخرائط لأماكن شرطية ومنشآت عامة، كان يخطط لاستهدافها، وتم العثور على جوازات سفر وصور ومواد لتصنيع المتفجرات.
وذكر تقرير خبراء المفرقعات أن العبوات كانت موصلة على جهاز لاسلكي، وتم تفجيرها في توقيت واحد بمجرد اقتحام الشرطة للشقة.
ونظمت وزارة الداخلية جنازة عسكرية للنقيب عمرو عبدالخالق، وأمين الشرطة شعبان ربيع، داخل مقر أكاديمية الشرطة بالتجمع الأول، وتقدّم الجنازة الوزير اللواء مجدى عبدالغفار، والدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، وعدد من قيادات وضباط القوات المسلحة والشرطة.
الإخوان وولاية سيناء

وقد كشف مصدر أمني أن الإخوان استعانوا بعناصر إرهابية شديدة الخطورة من سيناء والعريش للقيام بعمليات إرهابية معهم مقابل مبالغ مالية كبيرة ودعم العناصر الإرهابية في العريش، مضيفًا أن المعلومات التي وصلت للأجهزة الأمنية أن الإخوان تخطط للقيام بعمليات إرهابية تستهدف دوريات تابعة لوزارة الداخلية ونقاط الشرطة، إضافة إلى أنهم استغلوا عدد الزوايا التي يتم الصلاة فيها لتخزين السلاح.
وأكد المصدر، أن الأجهزة الأمنية بدأت العمل على الوصول إلى معلومات تكشف أن الإخوان تستغل منازل عناصرها في الهرم والمطرية لتخزين السلاح والمتفجرات، مشيرًا إلى أن الأجهزة الأمنية قامت بدعم كل الميادين الرئيسية بكاميرات لكشف أي نوع من هذه العمليات والقبض عليهم فورًا.
وأشار إلى أن هناك خطة أمنية لتأمين المنشآت الأمنية والشرطية من خلال خطة وضعتها الأجهزة المختصة بوزارة الداخلية لتأمين الوزارات وأقسام الشرطة والسجون والوزارات المهمة، موضحًا أن المعلومات الأولية تشير إلى تخطيط الإخوان لعمليات إرهابية في البلاد في محاولة لإرباك المشهد السياسي داخل الدولة والتأثير على الاقتصاد.
وأوضح أن "الإخوان" تحاول إلهاء الأجهزة الأمنية لتنفيذ عمليات في أماكن أخرى، وأن الأجهزة لديها معلومات عن سفر شباب الإخوان لسيناء للانضمام لجماعة أنصار بيت المقدس، غير الدعم المالي من الإخوان الذي يصل لهم بشكل شهري، كل ذلك تعلمه الأجهزة الأمنية وقبضت على الكثير من عناصر تمويلية لـ"بيت المقدس"، إضافة إلى أنها استطاعت القبض على عناصر إرهابية لها تعاملات مع الإخوان وكشفت الترابط بين الجماعات الإرهابية والإخوان.
ولاية سيناء تتبنى التفجير

وتأكيدًا على العلاقات وثيقة الصلة بين جماعة الإخوان الإرهابية وتنظيم ولاية سيناء المنتمي لتنظيم الدولة "داعش" تبنت ولاية سيناء، أمس الجمعة، العملية الإرهابية التي وقعت، في منطقة الهرم غرب القاهرة
وقالت ولاية سيناء في بيان لها: "تمكنت مفرزة أمنية من جنود الخلافة باستدراج مجموعة من شرطة الردة المصرية إلى منزل مفخخ بمنطقة الهرم، وحين وصل المرتدون إلى المنزل ودخلوه تم تفجيره عليهم".
وكانت مدينة العريش شمال شرق سيناء قد شهدت قبيل ساعات على هذه العملية هجوما تبناه أيضًا فرع تنظيم داعش في مصر استهدف حاجزًا أمنيًّا، وأدى إلى مقتل ثلاثة ضباط شرطة وجنديين وإصابة ثلاثة آخرين.
وألقت هذه العمليات بظلال من الشك حول جدوى العمليات الواسعة التي تقوم بها قوات من الجيش والشرطة في سيناء، وغيرها من المناطق.
ورجح خبراء أمنيون أن العمليتين اللتين وقعتا أمس وأمس الأول في منطقة الهرم وميدان التلاوي بالعريش، هدفتا إلى إحراج الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمام ضيفه الرئيس الصيني شي جين بينج، الذي أجرى مباحثات مهمة ووقع في القاهرة حزمة من الاتفاقيات في مجالات مختلفة.
فقد جاءت العمليتان في سياق معاكس للرسائل التي يحرص الرئيس المصري على توصيلها لضيوفه، بخصوص نجاح قوات الأمن في تنظيف البلاد من الإرهابيين.
وكانت مناطق مصرية عدة شهدت خلال الأسابيع الماضية حوادث إرهابية عدة، قيل إنها ترمي إلى إرباك جهاز الشرطة المصري، الذي دخل مرحلة متقدمة من الاستنفار، استعدادًا للتعامل مع الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، التي تستعد لها بعض القوى المعارضة، وجماعة الإخوان (المصنفة إرهابية) للتظاهر ضد النظام المصري.
وقال مراقبون: إن الحوادث مقدمة أو تسخين متوقع لما يمكن أن يحدث في هذه الذكرى، وإن العنف والإرهاب وتنظيم داعش لن ينتهي تمامًا في وقت قريب.

ومن جانبه أكد اللواء محمد عبدالمنعم طلبة الخبير الاستراتيجي، أن الوضع تطور بشكل إيجابي، عكس الأيام الأولى لثورة 30 يونيو 2013، وبدايات حكم عبدالفتاح السيسي في يوليو 2014؛ حيث كانت الخسائر تقدر بالعشرات في صفوف الجيش والشرطة.
وأوضح في تصريحات صحفية أنه بالرغم من نجاح القوات المسلحة في تطهير غالبية سيناء من الخلايا الإرهابية، إلا أنه من الصعب تحديد جدول زمني للقضاء على الإرهاب بشكل كامل؛ لأن وجوده يرتبط بشكل وثيق بالتطورات الراهنة في المنطقة (العراق وسوريا واليمن وليبيا) ولن ينتهي في مصر قبل هدوء الأوضاع الإقليمية.
وتوجد في مصر العديد من المجموعات الإرهابية إلا أن ولاية سيناء فرع تنظيم الدولة الإسلامية في مصر والتي كانت تحمل سابقًا اسم أنصار بيت المقدس، تعتبر أبرزها. وتتمركز هذه الجماعة أساسًا في شبه جزيرة سيناء، وقد شهدت عملياتها منذ أكثر من عام تقريبا نقلة نوعية من خلال توسيع رقعة نشاطها لتستهدف مناطق أخرى من البلاد، رغم العملية العسكرية التي تخوضها قوات الجيش والأمن في شبه الجزيرة.
تفاصيل وحقيقة ما يجري في سيناء أصبح من الصعوبة الإلمام بهما بدقة، منذ الحظر الإعلامي المفروض على متابعة المعارك التي يخوضها الجيش المصري ضد عناصر داعش هناك؛ حيث لا توجد وسيلة ناجعة لمتابعة ما يحدث سوى من خلال البيانات شبه اليومية التي يصدرها المتحدث العسكري.

وأكد خالد مطاوع الخبير في شئون الأمن القومي أن الوضع في سيناء يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأوضاع في غزة التي ستظل عنصرًا فاعلًا في دعم الإرهاب في سيناء بكافة أشكال الدعم.
وهذا يفسر (في نظره) التأثير الوقتي لعمليات الجيش المصري على الإرهاب، ونجاح داعش في الاحتفاظ بإمكانيات وقدرات، على الرغم من كل الإجراءات التي تنفذها القوات المسلحة المصرية، والنجاحات التي حققتها.
فالرغبة الملحة من حماس ومن ورائها جماعة الإخوان، أسهمت في إطالة أمد المواجهة في سيناء ولو بعمليات رمزية؛ من أجل إبقاء النظام المصري في حالة استنفار أمني، واستمرار حالة عدم الاستقرار التي يروج لها الإخوان.
بينما قال عمرو عبدالمنعم الباحث في شئون الحركات المتطرفة في تصريحات صحفية: "إن الوضع الأمني في سيناء خاصة ليس جيدا، فهناك إخفاقات كثيرة، مشددا على ضرورة اعتماد استراتيجية سريعة شاملة للتصدي لظاهرة التطرف والعنف، بمشاركة الوزارات المعنية بالتنمية الاجتماعية والإنسانية بجانب الوزارات السيادية مثل الدفاع والداخلية".
المخطط الإرهابي

ولا شك أن تهديدات جماعة الإخوان الإرهابية لذكرى 25 يناير كثيرة، ولكنها تكشف عن وجود مخططات قادمة في الطريق خاصة بعد كشف العديد من قيادات جماعة الجهاد السابقين عن نجاح الجماعة في إدخال عناصر تابعة لها بجوازات سفر مزورة بدعوى السياحة لتنفيذ أعمال إرهابية، والبعض الآخر كشف عن صدور تعليمات لعناصر تابعة للجماعة بالتوجه إلى مصر عن طريق الصحراء من السودان وليبيا.
فقد قال الدكتور كريم عمارة، القيادي المنشق عن جماعة الجهاد: «انتبهوا الخطر قادم من قبل الإخوان الدواعش لأن هناك أفراد الجماعة المدربين من قبل الدواعش الإخوان يدخلون إلى مصر عن طريق التأشيرات السياحية في إطار مخطط 25 يناير، للتواصل مع أفراد الخلايا النائمة وقد يسهل التواصل لهم عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي ويتم بعد ذلك المقابلة والتحدث المباشر وتسليم الأموال بالمباشرة».
وأضاف: «الدليل على ذلك ثراء أفراد ثراء مفاجئًا ويتم بعد ذلك الاتفاق على أساليب الدعم والتنفيذ وطريقة التواصل فيما بينهما، ولكن ليس عن طريق الهاتف ولا الإنترنت بل عن طريق المشافهة، والفترة القادمة يحاولون إدخال فكر الدواعش التكفيريين إلى عقول أبنائنا عن طريق معلومات غير مباشرة من خلال فيس بوك وهذا نظرًا لتضييق الخناق من قبل رجال الأمن».
ووصف عمارة دعوة جماعة الإخوان للتظاهر في ٢٥ يناير، بأنها دعوة للتخريب الممنهج من قبل أفراد في الداخل والخارج، فالإخوان يستخدمون الفتيات كثيرًا في التواصل مع باقي أفراد الجماعة وغيرها من الشباب غير المعلومين لأجهزة الأمن، بنظام متبع ومعلوم لجميع أفراد الجماعة الإرهابية، فمثلا يضربون تارة على وتر الدين، وتارة يقولون: إن عام ٢٠١٦ يشهد جفاف نهر النيل، وتارة يقولون: إن الاقتصاد يتدهور يومًا بعد يوم، وتارة ينشرون صور النساء الإرهابيات على أنهن حرائر حتى يستعطفون قلوب الناس عن طريق التواصل. ويرى الدكتور كريم عمارة، أن تحركات الإرهابية في 25 يناير ستكون ضعيفة وغير مؤثرة لأن عادة هذه الجماعة هو الجبن وليس المواجهة الشريفة للدفاع عن الحق، والحشد المزعوم ما هو إلا سراب وليس له تأثير حقيقي، وفزاعة التخريب والثورة القادمة ليست حقيقية بالمرة لأن الشعب يشعر بالأمان في كل مكان، مؤكدًا أن الشعب أدرك خديعة ومكر وخيانة الجماعة الإرهابية.

فيما أكد الشيخ صبرة القاسمي، القيادي المنشق عن جماعة الجهاد، أن محاولات الجماعة الإرهابية لإدخال عناصر أجنبية قبل حلول ذكرى ثورة يناير أمر مؤكد، من خلال صدور توجيهات من جانب التنظيم الدولي للعناصر الهاربة بالسودان وليبيا بالتوجه إلى مصر عن طريق الصحراء إلى منطقة سيناء وإلى داخل البلاد لتنفيذ عمليات إرهابية.
وأضاف القاسمي أنه من المتوقع أن تحاول العناصر الإرهابية المنبثقة من العقيدة التكفيرية الجهادية والتي تأثرت بأفكار داعش أن تطلب النجدة من مقاتلين غير مصريين نظرا لنجاح قوات الأمن المصرية في القضاء على عدد كبير من الخلايا الإرهابية في الفترة الأخيرة.
وحذر القاسمي من محاولات إدخال عناصر أجنبية من خلال المنافذ الشرعية للبلاد أو من خلال الطرق غير الشرعية من الصحراء الغربية مع ليبيا، أو من خلال الحدود الجنوبية مع السودان من خلال الطرق التي يستخدمها المهربون.

بينما قال الشيخ أمل عبد الوهاب، القيادي المنشق عن جماعة الجهاد: "إن هناك مخططًا إخوانيًا يسعون لتنفيذه في ذكرى 25 يناير يعتمد على التعليمات التي صدرت من قيادات التنظيم الدولي عن طريق شفرات سرية خاصة بالقيادات، وهناك تمويل في الطريق إليهم مع بعض العناصر التي ستصل مصر بحيث تقوم هذه المجموعات في الداخل بالحشد للتظاهر في 25 يناير ومحاولة الوقيعة بين الأمن وبعض الحركات الثورية لإشعال الفتنة وفي نفس الوقت تنفذ مجموعات أخرى أعمالا تفجيرية لبعض المناطق الحيوية ومهاجمة بعض الأكمنة".