تونس.. ثورة جديدة أم احتجاجات وتخريب عمدي؟

السبت 23/يناير/2016 - 04:52 م
طباعة تونس.. ثورة جديدة
 
تصاعدت الاحتجاجات في تونس على خلفية تنامي عدد العاطلين عن العمل، في ظل تحذيرات من استغلال هذه الاحتجاجات من قبل الخارجين عن القانون عبر عمليات النهب والسرقة، وهو ما دعا السلطات التونسية إلى تطبيق حظر التجوال ليلا في كل أنحاء الجمهورية التونسية للسيطرة على الأوضاع.
الاحتجاجات تتصاعد
الاحتجاجات تتصاعد والشرطة تحاول السيطرة
ومع إعلان السلطات التونسية حظر التجوال، تتبادر إلى الأذهان الأجواء المشحونة التي خيمت على البلاد إبان انطلاق شرارة الثورة وانتشارها في أنحاء تونس. 
من جانبه قال الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إن على بلاده الخروج من هذه المحنة، متهما وسائل الإعلام المحلية وبعض السياسيين بالعمل على زيادة الاحتقان والتوتر في البلاد مما دفع السلطات إلى إعلان حظر التجول الليلي في شتى أنحاء البلاد.
أكد السبسي أن تونس مستهدفة وأن أياديَ خبيثةً استغلت التحركات المشروعة في بعض المناطق لبث الفتنة، موضحا أن بعض قطاع الطرق ومحترفي السرقة احتلوا الاحتجاجات السلمية المطالبة بالشغل لممارسة العنف والتخريب والاعتداء على الممتلكات الخاصة والعامة، مطالبًا الحكومة بتقديم حلول سريعة للحد من البطالة.
يأتي ذلك في ظل ما تشهده تونس من الاضطرابات في أنحاء متفرقة من البلاد بسبب الاحتجاجات على ارتفاع معدل البطالة بين الشباب، بعد أن أشعلت الاحتجاجات في بلدة القصرين مظاهرات عديدة في عدد من الولايات التونسية، على خلفية انتحار شاب عاطل عن العمل يدعى رضا اليحياوي إثر رفض طلب توظيف تقدم به.
الحبيب الصيد
الحبيب الصيد
وتعد تلك الاحتجاجات الأسوأ منذ ثورة 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس الهارب زين العابدين بن علي، وكانت شرارة البدء لانتفاضات ما يُعرف بـ"الربيع العربي".
ويعاني ثلث الشباب التونسي من البطالة، بينما تبلغ نسبة البطالة في أوساط الخريجين 62 في المئة، وهناك 37.6 % من الشباب ليس لديهم، كما تبلغ نسبة البطالة 15.2 % .
من جانبه أكد رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد، أن الوضع الأمني في البلاد تحسن كثيرا، مشيرًا إلى أن الديمقراطية في تونس خيار لا رجعة فيه ونواجه تحديات عدة.
شدد الصيد خلال مؤتمر صحفي تعليقا على الاحداث التي شهدتها تونس أمس، أن الجميع أدرك وجود مندسين بين المتظاهرين السلميين، مؤكدًا أن الحكومة ستبقى اجتماعات مفتوحة. وشدد الصيد، على أن قوات الأمن والجيش يسيطران على الوضع في عموم البلاد. 
ويري محللون أن الأحزاب التونسية تسعى إلى إغراء الشباب بالعمل الحزبي عبر فتح مساحات خاصة به على غرار المكاتب الشبابية أو الهياكل القاعدية الشبابية ولكن تبقى هذه المبادرات مجرد محاولات للاستفادة منها في المحطات الانتخابية القادمة، ويعتبر المتابعون للشأن السياسي التونسي أن الشباب لم ينخرط بعد في الحياة السياسية لإيمانه بألا شيء تغير داخل الطبقة السياسية رغم تغير الوجوه والألوان.
تشديد امنى
تشديد امنى
من جانبه قال هشام حسني، الناشط السياسي إن "الاحتجاجات التي اندلعت بالقصرين وبعدد من المناطق الداخلية تبين مدى الفشل الحكومي في التعاطي مع المطالب التنموية بالجهات وتبرز التهميش المتواصل للشباب وغياب البدائل التنموية إضافة إلى ذلك عدم إيفاء الأحزاب الحاكمة بوعودها في العناية بالمناطق الفقيرة".
شدد على انه بالرغم من النص الدستوري بشأن مشاركة  الشباب في الحياة العامة إلا أن الواقع يبقى عكس ذلك، حيث  وقع تهميش الشباب بشكل كامل ولم يأخذ حظه في الحياة العامة مما ولّد لديه حالة من الاحتقان دفعته إلى الخروج إلى الشارع وللثورة في وجه السلطة والتهديد بالانتحار كما تدفعه إلى أحضان الجماعات الإرهابية المتربصة به وبالبلاد".
أوضح الصيد أن الوضع الأمني في البلاد تحسّن بفضل الجيش والأمن وبفضل الحكماء والمنظمات، مشيرا إلى أن الأحداث الأخيرة تخللتها عمليات نهب وسرقة وحرق للممتلكات العامة والخاصة من قبل من وصفهم بالمندسين، وبشأن التحديات الاقتصادية، أوضح الصيد أن الحكومة تحاول احتواء الاحتقان الموجود، مطالبًا المواطنين بتفهم وجود صعوبات كبرى وتحديات تجعل المهمة صعبة، حسب وصفه.
يأتي ذلك بعد أن ترأس الصيد اجتماعًا وزاريًا عقب اجتماع سابق عقد صباح اليوم لخلية التنسيق الأمني والمتابعة، لمناقشة  الوضع الأمني والمخاطر القائمة جراء ما أسمته تعمّد المخربين والعناصر الإجرامية الانزلاق بالاحتجاجات السلمية إلى ممارسة العنف والاعتداء على رجال الأمن وحرق المراكز الأمنية والمرافق العمومية، كما ناقش الاجتماع الذي جمع الصيد بوزيري الدفاع الوطني والداخلية وإطارات سامية من المؤسستين الأمنية والعسكرية، دعم التنسيق بين المؤسستين الأمنية والعسكرية لحماية الأرواح والممتلكات ومجابهة المخاطر المحدقة بالأمن القومي واستقرار البلاد وسلامة المواطنين.
ثورة تونسية جديدة
ثورة تونسية جديدة أم فوضي
وعلى صعيد آخر أدانت وزارة الشؤون الخارجية التونسية تصريحات الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي التي قالت إنه "عمد فيها إلى إقحام دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في ما يحدث من أوضاع في المنطقة العربية، واعتبرت الوزارة في بيانها أنه من شأن هذه التصريحات أن تعكر أواصر الأخوة العميقة بين تونس والإمارات وتوتر العلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين.
وكان المرزوقي اتهم دولة الإمارات مؤكدا أنها عدوة الثورات وتمول الانقلابات، فيما مدح قطر لوقوفها إلى جانب الثورة التونسية".
وتأتي تصريحات المرزوقي خلال حوار مع قناة "فرنس 24" حين تطرق بالحديث عن التدخل الأجنبي في تونس، حيث أوضح أن قطر وقفت إلى جانب الثورة التونسية وكل الأموال التي دفعتها قطر ذهبت إلى الدولة التونسية وليس إلى جيوب التونسيين، بينما الإمارات العربية كل أموالها تذهب إلى جيوب هذا وذاك.
بينما استنكر أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي الهجوم على بلاده مؤكداً أن أداء المرزوقي السياسي غير متزن، ويحاول تغطية فشله، وقال قرقاش فى سلسلة تغريدات عبر حسابه الرسمي على تويتر: "المرزوقي في هجومه على الإمارات لا يخرج عن سياق أدائه السياسي بكل خفته وعدم اتزانه، صوت من الماضي يبرِّر إخفاقه، نبرة عالية تحاول أن تغطى الفشل، موقف الإمارات كان، ويبقى، لصالح استقرار المنطقة وتماسكها، ولعل المرزوقي يكون منصفا فى تقييمه للتفتت والتطرّف والإرهاب الذي يجتاح المنطقة".

شارك