مؤامرات إخوان ليبيا.. هل تنجح في الإطاحة بخليفة حفتر؟
السبت 23/يناير/2016 - 04:58 م
طباعة

في الوقت الذي تشكلت فيه حكومة الوفاق الوطني الليبية، بقيادة فايز السراج، أعلن مجموعة من الضباط والعسكريين انشقاقهم عن اللواء خليفة حفتر قائد ما يسمى بعملية الكرامة في ليبيا، واتهموه بسرقة وتهريب الأموال وجلب تكفيريين لقطع رءوس الليبين وتهجير عشرات الأسر الليبية، واتُّهم المنشقون في بيان ألقاه نائب حفتر والمتحدث باسم عملية الكرامة محمد الحجازي، خليفة حفتر بالإشراف على عمليات قتل وسرقة ونهب.
انشقاقات في الجيش الليبي:

وأعلن في مؤتمر صحفي البدء في تصحيح مسار عملية الكرامة، التي يقودها اللواء المتقاعد بعد أن "انحرفت عن أهدافها وأسهمت في شرخ النسيج الاجتماعي وانقسام الأسر في المنطقة الشرقية"، حسبما قال.
يأتي ذلك بالتزامن مع رفض إخوان ليبيا، باستمرار المؤسسة العسكرية في الحكومة الجديدة، مطالبين برحيل حفتر من قيادة الجيش الليبي، ما يعني بداية الانشقاقات داخل صفوف عملية الكرامة.
وكان رفض المؤتمر الوطني المنتهية ولايته الموالي لجماعة الإخوان وميليشيات فجر ليبيا، بقاء اللواء خليفة حفتر، ضمن التشكيلة الجديدة لحكومة الوفاق الوطني.
وقال الحجازي عما وصفه بطمع حفتر وأبنائه وبعض من أبناء عمومته في الوصول إلى السلطة، وقيامه باختلاس الأموال المخصصة لدعم الجيش الليبي واستخدامها لمصالح شخصية.
وأكد أن حفتر أسس كتائب موازية للجيش ولاؤها له، مقتديًا بالعقيد الراحل معمر القذافي في تفتيته المؤسسة العسكرية. وكانت هذه الكتائب تنفذ عمليات خاصة بها، منها الخطف والإخفاء القسري لبعض الشخصيات، مضيفًا أن حفتر كان يحول دون توزيع الآليات العسكرية ووصول الذخيرة لمحاور القتال، خصوصًا في مدينة بنغازي؛ مما جعل أفراد ومنتسبي الجيش هدفًا سهلًا للعدو.
من جانبها نفت المؤسسة العسكرية تلك المزاعم، مؤكدة أن اتهامات الحجازي لا أساس لها من الصحة.
وعقب هذه التصريحات رأى متابعون أن عملية الكرامة لم تكن جيشًا وطنيًّا حسبما كانت تصف نفسها، وإنما عبارة عن كتائب ينعدم بينها الترابط، وكان يراد إظهارها كجيش لتنفيذ أجندات معينة، وأن المجتمع الدولي كان يعول عليها كثيرًا ويعطيها الكثير من الأسلحة والعتاد.
ويرى محللون أن هذه التصريحات خطيرة جدًّا؛ حيث اعترف بجرائم ارتكبت باسم عملية الكرامة كعمليات الاغتيال والاختطاف والإخفاء القسري، إضافة إلى اعترافه بأن حفتر كان معنيًّا بإطالة أمد الحرب؛ من أجل الاستيلاء على الأموال وتحويلها لمصر والأردن لشراء عقارات.
مؤامرات إخوان ليبيا:

وتسعى إخوان ليبيا باستماتة إلى السيطرة على البلاد، وفي حال استمرار حفتر سيكون عائقًا أمامها للوصول إلى أغراضها؛ لذلك بدأت تتآمر للإطاحة بحفتر.
موازاة لذلك، أصدر رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، قراراً بتشكيل لجنة تقوم بالتحقيق في بيان الحجازي، عقب اتهامه لحفتر وأبنائه باستغلال نفوذهم في اختلاس الأموال العامة.
العميد صقر الجروشي، قائد سلاح الجو الليبي، نفى كل الاتهامات التي وجهت لأبناء حفتر، قائلا: "كان الأجدر بالناس التي تظهر للصحافة مثل الحجازي وغيره أن يقولوا كلمة خير، ويأتوا بما لديهم من تقارير ضد الجيش أو ضد أحد فاسد، وجل من لا يخطئ، وقد نكون نحن أيضًا معرضين للخطأ، ومن يخطئ يجب أن ننبهه". نافيًا اتهامات محمد الحجازي لأبناء حفتر بتهريب الأموال إلى الخارج .
وكشف الجروشي عن استشهاد 3 آلاف عنصر من الجيش في بنغازي، أي ما يعادل خمس كتائب من القوات المسلحة، وفق قوله، مضيفًا: "انظروا إلى المعارك في درنة وبنغازي وإجدابيا، واسألوا أنفسكم لماذا تم حرق البترول في السّدرة وفي رأس لانوف".
وقال: "بلادنا محتلة من قبل داعش الذي لا يريد لنا الخير، والدفاع عن ليبيا مطلوب من كل شخص، داعش قتل الليبيين في درنة وبنغازي والنوفلية والآن وقت الجهاد بالكلمة والقلم والرصاص".
وتوالت ردود الأفعال الداعمة لحفتر لتشمل قادة وأفراد المحور الغربي لمدينة بنغازي، الذين أصدروا بياناً يؤكدون فيه دعمهم للقيادة العامة للجيش، متهمين الحجازي بخيانة المؤسسة العسكرية التي تواجه تحديات جسيمة في حربها على الإرهاب.
والمثير للشكوك أن الحجازي الذي كلفه حفتر بمهمة الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للجيش إبان انطلاق عملية الكرامة شهر مايو 2014، أدلى بتصريحاته هذه على شاشة قناة "وطن الكرامة"، المعروفة بمساندتها للجيش وقيادته؛ ما يثير الجدل حول تماسك التيار الداعم للمؤسسة العسكرية الليبية.
وعلى الرغم من إعادة البيان أكثر من مرة على شاشتها، فإن إدارة القناة أعلنت عن مساندتها لقيادة الجيش، مؤكدة أنها لم تكن تعلم بمحتوى بيان الحجازي.
بداية سقوط حفتر:

ورأى محللون أن هجوم الحجازي على حفتر هو قَفْزٌ من سفينة "كثرت فيها الجرذان" على حد وصفهم، خاصة بعد أن رأى الحجازي كيف تخطى الليبيون والمجتمع الدولي اعتراضات حفتر على العملية السياسية.
ورأى المحلل السياسي الليبي، صلاح البكوش، أن هذه ليست هي المرة الأولى التي يخرج فيها ضابط على حفتر ويكشف بعضًا من أوراقه، قائلا: "إن هناك ملمحين في هذا الموضوع، الأول أن الهجوم جاء في محطة تلفزيونية تابعة لعملية الكرامة، والثاني وهو الأهم أن رئيس البرلمان عقيلة صالح أعلن عن لجنة للتحقيق في هذه الاتهامات".
وأشار البكوشي إلى أن هذا يعني أن حفتر الذي لم يمثل أمام برلمان عينه، ولا مرة واحدة، رغم كل الدعوات التي وجهت له لشرح الموقف بخصوص بنغازي وطرابلس، فإن مجرد فتح التحقيق يعني أن نجم حفتر قد بدأ بـ"الأفول".
البكوش، خلص إلى أن التحقيق لن ينتج عنه شيء، لكن ذلك مؤشر على أن البرلمان أصبح أكثر استعدادًا لتمرير الوفاق السياسي بين الفرقاء، وتجاوز ابتزازات حفتر وتهديده له، وفق قوله.
وتساءل بعض المسئولين: لماذا سكت الحجازي وتحدث عن الماضي الآن، الماضي الذي كان مشاركًا فيه؟ قائلين: إن القاعدة القانونية تقول: إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وإن الحجازي ربما قال ذلك في لحظة غضب، وفي النهاية يبقى كل شيء غيبيًّا إلى أن تبدأ لجنة التحقيق عملها.
ويرون أن خطوة رئيس مجلس النواب بفتح التحقيق تبين أن حفتر ليس هو المتحكم في البرلمان، وأن أي شخص يخطئ في المؤسسة العسكرية سوف يحاسب.
ويبدو أن هذه الاتهامات ظهرت في وقت تشكلت فيه حكومة الوفاق الوطني، للإطاحة بخليفة حفتر في وقت ترفضه جماعة الإخوان الرافضة للحكومة الجديدة حال استمراره في المؤسسة العسكرية؛ ما يؤشر على أن نجم حفتر قد بدأ بالأفول، وفق محللين.
للمزيد عن كلمة الحجازي شاهد الفيديو من هنا