حملة لطرد دبلوماسي إيراني.. الحديث عن التشيع يعود للواجهة في الجزائر

الثلاثاء 26/يناير/2016 - 01:38 م
طباعة حملة لطرد دبلوماسي
 
كشفت دعاوى لنشطاء ومفكرين جزائريين بمطالبة بطرد أحد الدبلوماسيين بالسفارة الإيرانية بالجزائر، وتقرير صحافي عن وجود خلايا لنشر التشيع في بلد المليون شهيد أثارت حالة من الجدل الكبير في الجزائر وخارجها وعلى منصات مواقع التواصل الاجتماعي لتكشف عن مدى تغلغل النفوذ الإيراني في البلاد.

خلايا سرية

خلايا سرية
فقد كشفت تقارير إعلامية جزائرية، عن وجود تنظيم سري للشيعة في الجزائر، لافتة إلى دور الملحق الثقافي الإيراني بالبلاد في نشر التشيع ببلد المليون شهيد.
وذكرت صحيفة «أخبار اليوم» الجزائرية، أن التقارب الاقتصادي «الجزائري- الإيراني» تسبّب في بروز موجة جديدة من الاتّهامات لطهران بتمويل وإدارة تنظيم سرّي شيعي في الجزائر. 
وأمير موسوي هو كاتب وإعلامي إيراني، يشغل منصب مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية بطهران، عيّن مؤخراً ملحقاً ثقافياً بالسفارة الإيرانية بالجزائر، عرف عنه ظهوره في وسائل إعلام شهيرة كالجزيرة مدافعاً عن المليشيات الشيعية الطائفية الموالية لإيران؛ كحزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي ونظام الأسد وغيرهم.
وفي وقت سابق دعا رجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر الأخيرة والتي دعا فيها أتباع مذهبه في الجزائر إلى (الخروج من قوقعتهم) وعدم الخوف ممّا وصفها بـ (الثلّة الضالّة) قبل أن يرتدي (قميص التقية) ويحثّهم على توحيد الصفّ مع المعتدلين والأقلّيات الأخرى.
فيما اتهم مسئول جماعة "الصحوة الحرّة السلفية" عبد الفتّاح حمداش زراوي، سفارة إيران في الجزائر بنشر هذا المذهب بأساليب وصفها بـ (الأخطبوطية)؛ حيث كشف أن هناك أزيد من 3 آلاف شيعي في الجزائر وينتشرون في مختلف ولايات الوطن، مؤكّدا أنه حصل على إحصائيات تؤكّد تواجدهم في كلّ مناطق الجزائر.
وأشار إلى أن سفارة إحدى الدول في الجزائر تضخّ أموالًا ضخمة لنشر التشيع وتدعّم المتشيّعين بشتى الطرق، مضيفًا أن هناك علاقة بين رجال أعمال تلك الدولة والأموال التي يتلقّاها الذين يقومون بنشر هذا المذهب. 
وأضاف المتحدّث أن هناك قسمًا خاصّا في السفارة نفسها يسهر على دعم هؤلاء الأشخاص ويتابع ملف الشيعة والمتشيعين في الجزائر، مؤكدًا وجود (شيخ) شيعي يحضر أغلب تجمّعات أو ما يسمّونه بـ (الحسينيات) التي يقيمونها. 
وأوضحت الصحيفة، أن هذه الاتّهامات أكّدتها تقارير أمنية مختصّة في ملف الشيعة في الجزائر؛ حيث أشارت إلى وجود تباين في نشاط الشيعة في المناطق مشكّكة في وجود (طرف أجنبي) يُسهم في توسيع المذهب الشيعي.

الشيعة في الجزائر

الشيعة في الجزائر
الحضور الشيعي في الجزائر قليل، إلا أنه يمكن ملاحظته بصورة جلية في بعض الولايات والمدن الجزائرية مثل الجزائر العاصمة، ووهران، وقسنطينة، باتنه، تبسة، خنشله، تيارت، سيدي بلعباس، قسطينة، سطيف، وتعد ولايات الغرب الجزائري: وهران، مستغانم، بلعباس، عين تموشنت، معسكر وتيارت، هي الأكثر عرضة للمد الشيعي.
وتعود الجذور التاريخية لوجود الشيعة في الجزائر- حسب بعض البحوث التاريخية- إلى فترة قيام الدولة الشيعية في شمال إفريقيا على يد عبيد الله الشيعي الذي جند من الشمال القسنطيني نحو 4 آلاف من أتباعه إلى مصر أين قاموا ببناء جامع الأزهر، وتجزم دراسات حول الصوفيين الشيعة أن جذور التشيع كانت قبل قيام الدولة الفاطمية.
 وبعد قيام الثورة الإيرانية سنة 1979، بدأت ملامح المشهد السياسي في الوطن العربي عموما والجزائر خصوصًا تأخذ شكلًا جديدًا، متأثرة بالفكر الثوري، مما جعل التيار الديني في الجزائر يقتنع بقيام الإسلام السياسي ووصوله إلى السلطة، وأصبحت هذه الثورة بمثابة قدوة ونموذج ناجح.
وفي آخر تقرير لها حول الحرية الدينية، غفلت الخارجية الأمريكية عن ذكر الجماعات الدينية الإسلامية بالجزائر، ومنها المجموعات الشيعية، وقد اكتفى التقرير بالحديث عن الحالة المسيحية واليهودية من حيث العدد والصعوبات البيروقراطية في ممارسة نشاطاتهم وشعائرهم.
وتقدّر إحصائيات مختلفة عدد شيعة الجزائر بـ 75 ألف شيعي غير أن مختصّين في الشأن الإيراني من بينهم المحلّل السياسي الجزائري يحيى بوزيدي يؤكّدون أن هذا الرقم كبير جدّا، ولا يمكن التسليم به، خاصّة عندما يصدر من متشيّعين، والأرقام المعقولة تشير إلى أن أعدادهم تتراوح بين ثلاثة إلى خمسة آلاف متشيّع ويرى بعض السياسيين والمسئولين الجزائريين أنهم أفراد متناثرون لا يشكلون أيّ خطر على الوحدة الوطنية.
وأكد المشرف العام على شبكة "شيعة الجزائر" محمد العامري، أن الاستبصار (التشيع) في الجزائر "مستمر بحمد الله والاستبصار أكثر من منتشر بل منفجر في كامل ارجاء التراب الجزائري متنقلا عبر كل الطبقات الاجتماعية فسابقا كان يدور بين الشبان والآن ببركة صاحب العصر والزمان (عليه السلام) دخلت بيوتًا بكاملها في التشيع وسمعت أن أكبر متشيع عمره 69 سنة". 
ويشير العامري، إلى أن وجود جاليات شيعية من العراق وسوريا ولبنان في الجزائر ساعد على انتشار المذهب بين أهل البلاد: "إخوتنا العراقيون والسوريون واللبنانيون عندما كانوا في الجزائر كأساتذة ومدرسين لعبوا دورًا في الدعوة وكانوا من الممهدين لقبول فكرة الولاء لمحمد وآله صلوات الله عليهم، وعندما اندلعت الثورة الإسلامية الإيرانية المباركة وجد خط الإمام الخميني أرضية خصبة لنشاطه في أرض الثورة والرفض".
للمزيد عن الشيعة في الجزائر.. اضغط هنا 

حملة بطرد الموسوي

حملة بطرد الموسوي
أبدى ناشطون جزائريون على شبكات التواصل تفاعلًا مع حملة لطرد الملحق الثقافي بسفارة إيران بالجزائر، أمير موسوي؛ لأنه كما يقولون: "يسعى بقوة إلى نشر التشيع"، تحت غطاء التقارب بين البلدين في المجال الاقتصادي.
ويقف وراء الحملة "أنور مالك"، الكاتب والحقوقي الجزائري المعروف المقيم بفرنسا، الذي قال لـ"العربية. نت"، الاثنين: "أنا من أسس حملة (#اطردوا_أمير_موسوي) فقد ثبت لي من مصادر موثوقة بالجزائر وخارجها، أنه تجاوز مهمته الدبلوماسية فصار ينسق سريًا مع متشيعين جزائريين، ونظم لعدد منهم رحلات إلى طهران وقم وحتى النجف، وهناك بالتأكيد التقوا مع جهاز المخابرات الإيراني والحرس الثوري ورجال دين شيعة".
وذكر "مالك" أن "موسوي" "يسعى إلى صناعة لوبي شيعي ومنه طائفة شيعية معترف بها في الجزائر؛ لهذا السبب نخوض حملة ضده وستستمر حتى يتم طرده من الجزائر". وأضاف: "لا يعقل أن الملحق الثقافي لسفارة أجنبية يتجاوز حدود مهمته بما يهدد الأمن القومي".
وحول ما إذا كانت السلطات الجزائرية على دراية بهذا النشاط، قال مالك: "لا أعرف، وعلى كل حال إن كانت السلطات تعلم وسكتت عنه، فتلك مصيبة وإن كانت لا تعلم فالمصيبة أعظم، نشاطات هذا الملحق ثابتة ولا شك فيها أبدًا، وأجزم لو أن السلطات أجرت تحقيقات أمنية حول نشاط الموسوي ستكتشف أشياء مفجعة"، وتابع: "أطالب المسئولين الجزائريين باتخاذ الإجراءات اللازمة، التي تقتضيها مثل هذه الحالات، يكفي ما نشاهده من حروب طائفية قذرة في سوريا والعراق واليمن وغيرها من الدول".
وأكد الكاتب والناشط الحقوقي أن نشر التشيع، الذي يمثله الدبلوماسي الإيراني، "لقي تجاوبًا من طرف أعيان التشيع في الجزائر، وهم ينفذون كل ما يطلبه منهم، وهو لا يتواصل مع عموم الناس بل أشخاصًا محددين، مطلوب منهم النشاط في الميدان في إطار نشر التشيع"، وأظهر "مالك" تفاؤلًا بشأن مصير الحملة التي يقودها، "فهي في تطور مستمر وتلقيت مئات الرسائل تدعمها، وصدى الهاشتاج كبير لحد الآن".
وقال أنور مالك، وهو خبير في الشأن الإيراني، في تغريدة على حسابه بموقع «تويتر»: «الملحق الثقافي لدى سفارة إيران بالجزائر أمير موسوي يقوم بنشاطات مشبوهة مع متشيعين جزائريين بما يتنافى مع مهمته الدبلوماسية لذلك أطالب بطرده».
وأضاف: «نشاط تشييع الجزائريين لصالح الولي الفقيه في إيران ما يزال في تقدّم مستمرّ، وبصفتي أتابع شأن التمدّد الصفوي من زمان فإنني أقرع بشدّة أجراس الخطر». 
ووفقًا لاستطلاعات الرأي على مواقع التواصل الاجتماعي "توتير"، أيد أغلب الجزائريين بطرد الدبلوماسي الإيراني، وكان سؤال: "هل توافق على طرد الملحق الثقافي الإيراني أمير موسوي من الجزائر؟"، وأيد الطرد 98%، ورفضه 2% فقط، من أصل 2618 مغرداً شارك برأيه.

الجزائر.. المشهد الشيعي

وكما ذكرنا في تقرير سابق لبوابة الحركات الإسلامية، عن مدى خطورة ونفوذ انتشار التشيع في الجزائر، في ظل استخدام إيران اتباع المذهب الشيعي في تنفيذ مصالحها الاستراتيجية والسياسية، يبدو أن السلطة في بلد المليون شهيد بحاجة إلى مراجعة موقفها من العلاقة مع إيران، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الثقافية والدينية، حتى لا تفاجأ السلطات الجزائرية بوجود ميليشيات مسلحة على غرار حزب الله في لبنان أو جماعة إبراهيم الزكزاكي في نيجيريا أو الميليشيات الشيعية في العراق، لتدفع ثمنًا لحسن النية مع إيران.
في الوقت ذاته احترام حرية العقيدة لمواطن الجزائري، بما يحافظ على تماسك ووحدة الشعب والأرض بالجزائر.. فهل ستنجح الحملة بطرد "أمير موسوي" دينامو التشيع من الجزائر؟

شارك