جدل داخل المجتمع الألماني على خلفية تصريحات زعيمة حزب يميني بإطلاق النار ضد اللاجئين

الثلاثاء 02/فبراير/2016 - 11:05 م
طباعة جدل داخل المجتمع
 
يتواصل الجدل في ألمانيا على خلفية الأزمة بين الأحزاب اليمينية والمستشارة الألمانية على موقفها المتساهل في استقبال للاجئين، وبين محاولات إجبار الشرطة الألمانية على إطلاق النار صوب اللاجئين في حال رغبتهم في تخطي الحدود الألمانية. 
راوكه بيتري، زعيمة
راوكه بيتري، زعيمة حزب البديل
وردًا على تصريحات فراوكه بيتري، زعيمة "حزب البديل من أجل ألمانيا التي تستبعد احتمال إطلاق النار على اللاجئين، عند الضرورة، لمنعهم من دخول ألمانيا، أكد يوهانس ديمروت، المتحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية "لن يطلق أي شرطي النار على أناس يبحثون عن حماية عندنا، لن يتم ذلك قطعًا، استهداف الناس وإطلاق النار عليهم لمنعهم من اجتياز الحدود هو أمر مخالف للقانون، بدون أي شك".
وتتزامن هذه التصريحات مع الجدل حول احتمال دخول مليون لاجئ إضافي إلى ألمانيا هذا العام. "حزب البديل من أجل ألمانيا"، والذي يعتبر حزبا يمينيًا شعبويا في ألمانيا ما انفك يطالب المستشارة أنجيلا ميركل بتحديد سقف معين لاستقبال اللاجئين، كما انتقد سياسة ميركل في عملية حل أزمة اللاجئين، وطالب أكثر من مرة بإغلاق الحدود كاملًا أمام اللاجئين القادمين عن طريق "البلقان".
ويرى محللون أن يصل الموقف الرافض حد احتمال إطلاق النار على اللاجئين، لمنعهم من اجتياز الحدود، هو "جنون مطلق"، كما جاء في تصريحات وزير المالية البافاري ماركوس سودر، كما اعتبر رئيس كتلة الحزب المسيحي الديمقراطي في البرلمان، فولكر كراودر أن تلك "التصريحات كشفت موقف رئاسة الحزب الحقيقي، وازدراءها لأشخاص يبحثون عن الأمن واللجوء هربا من الحرب. 
وتأتي تصريحات بيتري في وقت تتزايد فيه شعبية حزبها، مما يطرح التساؤل عن الإيديولوجيا الحقيقية لهذا الحزب اليميني الجديد.
الشرطة الالمانية
الشرطة الالمانية
وتأسس "حزب البديل من أجل ألمانيا" عام 2013، وكان ذلك بمثابة رد فعل على السياسة الأوروبية المنتهجة آنذاك لإنقاذ اليورو وعلى طريقة منح قروظ لليونان بمليارات اليوروهات للخروج من أزمتها المالية الصعبة. خطاب الحزب المناهض لليورو مكنه من الفوز بمقعدين في البرلمان الأوروبي، إلا أن شعبية هذا الحزب تزايدت مؤخرًا، إذ تشير استطلاعات الرأي أن 10 إلى 13 بالمائة من الناخبين الألمان يساندون توجه هذا الحزب، وبذلك فقد يصبح القوة السياسية الثالثة بعد الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الاجتماعي الديمقراطي.
وحسب استطلاعات الرأي التي أجراها معهد "انفراتاست" لاستطلاعات الرأي، أشار أن، المشاركين في الاستطلاع أبدوا قلقهم من سياسة اللجوء التي تتبعها ميركل، كما يبدو وجود مخاوف بشأن التهديدات الإرهابية، وقد يكون ذلك ساهم في تزايد شعبية هذا الحزب.
من جانبه لم يعلق المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت على ذلك، ولم يعلق بأي تصريحات، في حين صرح نائب رئيس حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل المسيحي الديمقراطي أرمين لاشت أن قيادة حزب البديل لأجل ألمانيا "ايه اف دي" تنتهك قيم ألمانيا من خلال تصريحاته بشأن استخدام أسلحة على الحدود في مواجهة لاجئين. 
وقال لاشت اليوم إن ما صرحت به رئيسة حزب البديل السيدة فراوكه بتري ونائبتها السيدة بيأتريكس فون شتروخ يعد انتهاكا لقيم الدستور والكرامة الإنسانية وكل شيء تتميز به ألمانيا.
الاحتجاجات تتصاعد
الاحتجاجات تتصاعد ضد اللاجئين
من جانبه اعتبر الباحث في الجماعات المتطرفة، هايو فونكه، أن هذا الحزب اليميني نجح في استقطاب أوساط يمينية من الشعب، إلا أنه تحول إلى "حزب يميني متطرف"، أضاف في حديثه لصحيفة "نورد فاست تسايتونج": "هناك مخاوف من أن تنزلق الأمور إلى العنف، وهذا التطور سيكون خطيرا على قيم الجمهورية".
شدد بقوله إن بيتري تقوم بعملية استفزاز واضحة، حيث إنها تعمل على تسميم الأجواء ضد اللاجئين لأغراض حزبية داخلية، أما زعيمة الحزب فراوكه بيتريه، فإنها ترفض تهمة أن يكون حزبها يمينيا متطرفا، كما جاء في لقاء مع القناة الألمانية الأولى، معتبرة أن "جزءا مهما من الشعب يحترمنا، لأن خطابنا السياسي واضح".
غير أن محاولة حزب "البديل من أجل ألمانيا" بالنأي بنفسه عن تصريحات زعيمته، لم يمنع نائب المستشارة سيجمار جابريل، للمطالبة بضرورة إخضاع هذا الحزب اليميني تحت مراقبة هيئة حماية الدستور، وذلك للتأكد من أن توجهه السياسي، لا يعارض أسس الدستور الألماني، المرتكزة على قيم الحرية والديمقراطية.
ويرى متابعون أن اقتراح جابرييل قد يصطدم بعدة عراقيل، فإخضاع حزب سياسي تحت هيئة مراقبة الدستور، لا يتم إلا عند وجود أدلة ملموسة وكافية تؤكد على أن الحزب المعني يحرض حقا على الكراهية وعلى ونبذ التعايش السلمي بين أطراف المجتمع. 
على الجانب الاخر قال الخبير في شؤون الأحزاب الألمانية، هندريك تريقر، إذ يرى أن حزب "البديل من أجل ألمانيا"، "لم يطالب بتغيير نظام الحكم في ألمانيا، رغم التصريحات الشعبوية"، حتى يمكن اتهامه بالمس بأسس الدستور الألماني.
 ويعد اقتراح غابرييل لم يجد أيضًا ترحيبًا كبيرًا من قبل غرمائه السياسيين خاصة من حزب ميركل، شريكته في الائتلاف الحاكم، وحزب ميركل أدان بدوره تصريحات زعيمة الحزب اليميني أيضا.
بينما رفض فولفقانق بوزباخ، النائب في البرلمان، عن الحزب الديمقراطي المسيحي، الاقتراح قائلا: "إخضاع حزب سياسي لمراقبة هيئة حماية الدستور، هو أمر يقرره المكتب الفيدرالي لحماية الدستور، بناء على قرارات يتخذها المكتب نفسه ".

شارك