بعد مساعي السراج بضمهم للحكومة.. هل تنجح مطالب "الغنوشي" لحماية إخوان ليبيا؟
الخميس 04/فبراير/2016 - 04:04 م
طباعة

لا زال الوضع في ليبيا كما هو، بين فشل الحل السياسي، وتنامي الجماعات الإرهابية في البلاد، فعلى الرغم من تشكيل حكومة وفاق وطني جديدة برئاسة فايز السراج، إلا أن الأوضاع لا تؤشر على عودة الاستقرار في البلاد.
عقبات حكومة الوفاق الوطني

ويواجه المجلس الرئاسي الليبي برئاسة فايز السراج صعوبات كبرى، لتقريب وجهات النظر وتشكيل حكومة وفاق جديدة دون معارضة أي طرف، لا سيما بعد أن رفض مجلس النواب التشكيلة الأولى لحكومة الوفاق والمكونة من 32 وزيرًا، إلى جانب رفضه للمادة الثامنة من اتفاقية الصخيرات، التي يمكن أن تُفقد القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر منصبه، باعتبار أن صلاحية تعيين المناصب العليا في الدولة الليبية ستعود وفق هذه المادة إلى المجلس الرئاسي، فضلًا عن تعنت المؤتمر الوطني المنتهية ولايته المحسوب على الإخوان المسلمين، وقد يؤدي ذلك إلى انقسام حتمي أو إبقاء الوضع كما هو، بين ثلاث حكومات وثلاثة برلمانات.
كشفت مصادر ليبية مقربة، أن جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا تضغط على فايز السراج رئيس حكومة الوفاق لتمكينها من حقائب وزارية في التشكيل المرتقب الإعلان عنها قبل نهاية الأسبوع الجاري، وأن راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية كان عنصرًا فاعلًا في الضغوط الإخوانية.
وكشفت مصادر ليبية مُقربة من أعضاء المجلس الرئاسي الليبي أن تدخل الغنوشي قوبل باستهجان العديد من الفرقاء الليبيين الذين حذروا من تداعيات ذلك على العلاقات التونسية الليبية.
وقالت المصادر: "إن الغنوشي اجتمع في تونس مع محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء طالجناح السياسي لإخوان ليبيا"، وبعد ذلك تم ترتيب لقاء بين صوان وفايز السراج استمر لأكثر من ساعتين.
وأثار الاجتماع غضب العديد من الأطراف الليبية في الوقت الذي اشتكى فيه السراج لمقربين منه من تزايد الضغوط التي يتعرض لها من عدة أطراف ليبية وإقليمية ودولية، وتدخلها في تشكيلة الحكومة الجديدة.
ووفق المصادر فإن الغنوشي قام بالاتصال هاتفيا بالسراج بعد الاجتماع، للتوسط لمطالب جماعة الإخوان، التي تتمثل في تمكينها من حقائب سيادية في الحكومة الجديدة، خاصة منها حقائب الداخلية والدفاع والخارجية.
ويرى محللون أن زيارة الغنوشي لتركيا مباشرة بعد ترتيبه الاجتماع بين صوان والسراج، تهدف بالأساس إلى توفير حزام سياسي إقليمي ضاغط على السراج خدمة لجماعة الإخوان.
ويرى سياسيون أن تدخل الغنوشي في الحكومة الجديدة ما هو إلا تنفيذ أجندة خارجية لصالح جماعة الإخوان ولا تخدم إلا مصلحتهم، واعتبروا أن هذا التدخل الذي وصفه بالفج ستكون له تداعيات خطيرة على العلاقات الرسمية التونسية الليبية.
ويرى مراقبون أن تدخل الغنوشي في الشأن الليبي ليس مستغربًا ولا جديدًا؛ حيث سعى أكثر من مرة إلى الدفاع عن جماعة الإخوان، كما حاول في مناسبات عدة التسويق لصورة مغايرة لحقيقة فجر ليبيا من خلال تقديمها على أنها "الدرع الحامي لتونس" رغم إقدامها على عمليات خطف لتونسيين في طرابلس، وصولًا إلى اقتحام القنصلية التونسية، واحتجاز عدد من الدبلوماسيين التونسيين.
تدخل إخوان تونس في الشأن الليبي

ويتوقع مراقبون أن تدخل الغنوشي بهذا الشكل للضغط على فايز السراج، تزامن مع ضغوط أخرى مارسها سفيرا تركيا بتونس عمر قوسوك، وبليبيا أحمد ياكيجي على أعضاء المجلس الرئاسي بشكل فردي وجماعي.
ووفق متابعين فإن السفيرين التركيين تواجدا خلال الأيام الثلاثة الماضية بشكل لافت في فندق ريزيدنس؛ حيث يُقيم أعضاء المجلس الرئاسي، وفي فندق بلاص؛ حيث تجري المشاورات والمحادثات حول تشكيلة الحكومة الليبية؛ ما يعني وجود تقاسم للأدوار في عملية الضغط هذه التي أخذت أبعادًا إقليمية دفعت السراج وفريقه إلى مغادرة تونس في اتجاه الصخيرات المغربية.
من جانب آخر يبحث أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، اليوم الخميس 4 فبراير 2016، تشكيل "حكومة مصغرة"، خلال اجتماعهم بإشراف الأمم المتحدة في مدينة الصخيرات بالمغرب، بحسب مسئول دبلوماسي ليبي.
وقال سفير ليبيا لدى المغرب، عبد المجيد سيف النصر: إن "عددًا من أعضاء المجلس الرئاسي وصلوا المملكة المغربية، أمس الأربعاء، للتباحث فيما بينهم حول تشكيل حكومة مصغرة بعد رفض البرلمان المعترف به دوليًا التشكيلة الأولى للحكومة التي ينص عليها الاتفاق السياسي الموقع".
وأضاف "سيف النصر" لـ "بوابة الوسط" الليبية، أن نائبي رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، موسى الكوني وعلي القطراني، وصلا إلى المغرب منذ صباح أمس، برفقة وزير الدولة لشئون المجتمع المدني بحكومة الوفاق أحمد حمزة.
وتوجه السفير الليبي بالشكر للحكومة المغربية والملك على هذا الاستقبال، والوقوف بجانب الشعب الليبي إلى أن توصلت الأطراف الليبية إلى الاتفاق السياسي واستمرار المملكة في دعم هذا الاتفاق.
وأشار إلى أن المفاوضات بين الليبيين مرت في جو طبعه الهدوء والانسجام، وأن أزمات ليبيا يبدو أنها ستنتهي في الأفق القريب، خصوصًا وأن صعوبات تشكيل الحكومة قد تم تجاوزها، منوهًا بجهود المغرب ودوره الفعال، في إيجاد الحلول وفض النزاع بين الليبيين في اجتماعات الصخيرات بمعية الأمم المتحدة.
ومن جهته أكد صلاح الدين مزوار وزير الشئون الخارجية والتعاون المغربي، في تصريحات سابقة، أن المغرب سيبقى كما كان دائمًا إلى جانب ليبيا وشعبها؛ لكي تجتاز هذه المرحلة، مشددًا على ضرورة العمل من أجل الحفاظ على وحدة ليبيا الجديدة وسيادتها.
استعدادات للتدخل العسكري

وعلى الرغم من الاستعدادات لضربة متوقعة ضد "داعش ليبيا"، يجري الإعداد لها استخباراتيًّا، فإن قادة الغرب يبقون التدخل رهينة لموافقة حكومة الوفاق الوطني، التي لا تزال متعثرة حتى اللحظة.
ولا تزال تداعيات مرتبكة، خاصة وأن الغرب لن يسمح لـ"داعش" بفرصة جديدة لتوفير مصدر آخر لتمويل عملياته عبر السيطرة على مناطق النفط الليبي.
وفي هذا السياق نفى وزيرا خارجية بريطانيا وفرنسا أي نية للتدخل العسكري في ليبيا، بينما لم يستبعده وزيرا خارجية أمريكا وإيطاليا، في حين أشارت مصر إلى أن اجتماعات روما لم تحسم مسألة التدخل العسكري.
وزير الخارجية الإيطالي- الذي لم يستبعد التدخل العسكري لمواجهة "داعش ليبيا"- عول في الوقت نفسه وبشكل أساس على دعم وتقوية دور حكومة الوفاق الوطني الليبي في مواجهة خطر "داعش" على الأرض.
ولعل ذلك يشير إلى إمكانية رفع حظر التسليح المفروض على الجيش الليبي، التابع لحكومة الوفاق الوطني، والذي لا يزال تحت قيادة الفريق خليفه حفتر.
في حين أشارت الخارجية المصرية، على لسان المتحدث الرسمي المستشار أحمد أبو زيد، إلى مشاركة وزير الخارجية سامح شكري في اجتماع دول التحالف ضد "داعش" في العاصمة الإيطالية روما.
وذكر أبو زيد أن الاجتماع ناقش تطورات الأوضاع في سوريا والعراق ونتائج الحرب ضد تنظيم داعش، لافتًا إلى عدم اتخاذ قرار حاسم بشأن تدخل دول التحالف في ليبيا عسكريًّا لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي.
من جانبه، أشار وزير الخارجية الليبي محمد الدايري، إلى الانشغال الدولي المطَّرد بالأوضاع في ليبيا؛ بسبب تمدد داعش في الأراضي الليبية.
وأضاف أن محاربة داعش دوليًّا في ليبيا ليست مستبعدة، ولا سيما أن حجم التنظيم الإرهابي يتنامى في ليبيا، وأن مجموعات إرهابية وصلت مؤخرًا إلى ليبيا للانضمام إلى "داعش"، ولكن "الجيش الليبي بقدراته من خلال قواته الجوية والبرية يمكنه أن يحصل على العتاد العسكري لدرء خطر الإرهاب في ليبيا". مؤكدا أن تشكيل حكومة الوفاق الوطني الليبية سيتم خلال الأيام القليلة المقبلة، وسيتم طرحها على مجلس النواب خلال اجتماعه يومي 8 و9 فبراير الجاري، منوهًا بدور مصر الفاعل في دفع مفاوضات الصخيرات لتشكيل حكومة الوفاق الوطني الليبي.
فيما أكدت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني ضرورة تشكيل حكومة وفاق وطني في ليبيا، للحيلولة دون انتشار التنظيم هناك، ورأت أن حكومة الوفاق الوطني هي الخيار الأفضل- إن لم يكن الوحيد- لمحاربة "داعش" على الأرض الليبية.
أما وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، فنفى عزم بلاده نشر قوات قتالية في ليبيا، مؤكدًا سعيها لتقديم الدعم الاستراتيجي، وفي مجال الاستخبارات لحكومتها الجديدة. واستبعد أن يكون نشر قوات قتالية على الأرض مساهمة مفيدة. مشيرًا إلى أن ما تحتاج إليه الحكومة الليبية هو القيادة والسيطرة ومعلومات استخبارية يتم جمعها من الجو، إضافة إلى التنظيم الاستراتيجي.
النفي البريطاني الرسمي يأتي رغم وصول قوة من الوحدات الخاصة البريطانية إلى ليبيا؛ من أجل تأمين وحماية منشآت النفط والغاز، التي قد تسقط في قبضة "داعش"؛ ومن بين مهماتها رصد تحركات مقاتلي التنظيم في تلك المناطق.
وقد شهد اجتماع روما تجديد عزم 23 دولة ضمن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب على دحر التنظيم، والإعراب عن القلق من تنامي نفوذه في ليبيا، فيما استبعد المجتمعون القيام بأي تدخل عسكري في ليبيا، وتبقى الجهود منصبة على تشكيل حكومة وفاق وطني.
فيما حذرت الولايات المتحدة وإيطاليا من أن "الجهاديين" يوسعون نفوذهم، ويخططون للتقدم بشكل إضافي في ليبيا، وشن هجمات في دول غربية، في حين نفى وزير الخارجية الفرنسي وجود أي نية لدى فرنسا للتدخل عسكريًّا في ليبيا.
وزير الخارجية الأمريكي جون كيري فكان الأكثر وضوحًا في حديثه عن "داعش ليبيا"، حين وجه حديثه إلى التنظيم، قائلًا: "في ليبيا نحن على وشك تشكيل حكومة وحدة وطنية.. وهذا البلد يمتلك موارد، وآخر شيء في العالم تريدونه هو خلافة وهمية، يمكنها الاستفادة من عائدات نفطية بمليارات الدولارات»". وحديث كيري يعني من دون أي مواربة أن الغرب سيتدخل لحماية المناطق النفطية من أن تخضع لسيطرة "داعش".
ويرجح مراقبون أن التدخل الغربي في ليبيا بحجة مواجهة "داعش" سيحدث؛ خاصة أن ليبيا ما زالت بوابة لعشرات الألوف من المهاجرين الراغبين في الوصول إلى أوروبا، لكن الغرب يريد موافقة حكومة الوفاق، التي يعتزم تشكيلها قبل أن تبدأ العمل.