تونس ترفع حظر التجوال... والتحديات الاقتصادية تعمِق أزمات الحكومة
الخميس 04/فبراير/2016 - 08:38 م
طباعة

بعد قرار دام أيامًا قليلة نتيجة تفشي الاحتجاجات الفئوية وانتشار أعمال السلب والنهب، قررت وزارة الداخلية التونسية رفع حظر التجول الليلي في كافة أنحاء البلاد الذى تم فرضه في 22 يناير الماضي، وبررت أسباب القرار بتحسن الأوضاع الأمنية

واليوم أعلنت السلطات التونسية الخميس رفع حظر التجول الليلي الذي فرض في كافة الأراضي التونسية بعد موجة احتجاجات اجتماعية غير مسبوقة في البلاد منذ ثورة 2011، وقالت وزارة الداخلية انه "تقرر بداية من الخميس رفع حظر التجول بكامل تراب الجمهورية، وذلك تبعا لتحسن الأوضاع الأمنية"، والإجراء الذي خفف مرتين كان ساريًا منذ منتصف الليل وحتى الخامسة فجرًا.
وبالرغم من ذلك القرار كشفت وزارة الداخلية التونسية عن مقتل ثلاثة جهاديين وإصابة عنصر أمن خلال عملية تمشيط وتعقب لعناصر "إرهابية" أطلقتها الاثنين قوات من الدرك والجيش في منطقة جبلية بولاية قابس جنوب، والاشارة إلى أن قوات الشرطة واصلت عملية التمشيط في تونين- دخيلة- توجان بولاية قابس على مستوى قرية البراوكة، وداهمت كهفا يتحصن فيه "إرهابي" يحمل بندقية "شتاير" وستة مخازن سلاح وقتله بعد تبادل لإطلاق النار.
وأعلنت الوزارة عن مقتل "إرهابيين اثنين" وإصابة عنصر من الدرك "إصابة خفيفة" خلال تبادل لإطلاق النار في المنطقة نفسها، ولم تذكر الوزارة التنظيم الذي ينتمي إليه القتلى، مع الاشارة إلى مواصلة عملية تمشيط المكان تعقبًا لعناصر إرهابية أخرى محتملة وذلك من قبل الوحدات المختصة للحرس الوطني مدعومة بوحدات من الجيش الوطني، في الوقت الذى نوه فيه متحدث باسم قوات الحرس الوطني بأن تعزيزات عسكرية وصلت إلى المنطقة لتعزيز علميات التمشيط.
وبحسب السلطات التونسية تتحصن مجموعات تابعة لكتيبة عقبة بن نافع في جبال القصرين، وجندوبة والكاف شمال غرب الحدود مع الجزائر.

تونس فى ازمة
وبعيدًا عن الخطوات الأمنية، أعرب متابعون عن أملهم في أن تكون حادثة الاحتجاجات الأخيرة حافزًا لإيقاظ أصحاب القرار من أجل إعادة النظر في السياسة التشغيلية التي أثبتت فشلها والاهتمام أكثر بقضية المعطلين عن العمل وعدم تجاهلهم، واعتبار الشباب الطاقة والأمل في بناء المستقبل، لكن عندما تغفل الدولة عن هذه الفئة يصبحون هم الطاقة التي ستحرق المستقبل".
وتشير التقارير شبه الرسمية إلى ارتفاع معدل البطالة في تونس إلى 15.3 بالمئة في عام 2015 مقارنة مع 12 بالمئة في 2010، لكنها ترتفع أكثر في صفوف الشباب الحاصل على الشهادات الجامعية لتصل إلى حدود 30 بالمائة ، كما في الجهات الداخلية حيث تصل إلى 28.6 في جهات الوسط الغربي، وإلى 29.6 بالمئة في الجنوب الغربي، وإلى 24.8 بالمئة في الجنوب الشرقي.
ونقلت شبكة CNN عن "بثينة بلغيث" إحدى المجازات في شعبة التصرف في المؤسسات قولها" اتصلت بجميع مكاتب التشغيل خلال السنوات الماضية، وقدمت الكثير من الطلبات للحصول على وظيفة غير أن النتائج دائما ما تكون سلبية، مشيرة الى أن ندرة فرص الشغل المتاحة في البلاد وتنامي ظاهرة الوساطة في هذا المجال صعبّت من مهمة الحصول على عمل خاصة بالنسبة لحاملي الشهادات العليا.
بينما يري طارق بلحاج محمد باحث في علم الاجتماع وأستاذ بالجامعة التونسية، أن الإحساس بالقهر والغبن هو الدافع والمحرك الأساسي لجل هذه الظواهر الاجتماعية، مشيرا إلى أن ذلك هو نتاج عن فقدان الأمل في الحاضر والمستقبل والإحساس بأبدية الأزمة الراهنة و إلى تراجع مكانة التعليم في الحراك الاجتماعي وغياب المواقف والخطابات المطمئنة وعجز المجتمع السياسي بأحزابه وهياكله والمجتمع المدني بجمعياته وهيئاته ونقاباته عن احتضان خيرة الشباب وتبني مشاغلهم بعيداً عن الشعارات والمزايدات.

الامن التونسي
من جانبه أكد الخبير الاقتصادي معز الجودي أن أزمة البطالة خاصة إلى عدم الانسجام بين المنظومة التعليمية والتكوينية مع حاجيات سوق الشغل، إضافة إلى عجز المنوال الاقتصادي القديم عن خلق الثروة وامتصاص البطالة، مرجعا ذلك إلى التوترات الأمنية والتجاذب السياسي وغياب قانون جديد للاستثمار يشجع على استقطاب الاستثمار ودفع التشغيل، مشيرا إلى أن خفض معدل البطالة يتطلب خلق استثمارات لها طاقة تشغيلية عالية، مضيفا أن ذلك يكون من خلال تحقيق الاستقرار وبعث المشاريع الكبرى في البنى التحتية وجذب الاستثمار ومنح الحوافز للاستثمار وإجراء إصلاحات شاملة، لا سيما في ما يتعلق بمنظومة التعليم، خاصة في وقت تشهد فيه البلاد غياب الاستقرار السياسي رغم تعاقب عديد الحكومات بعد الثورة.
ويرى متابعون أن كل الحكومات المتعاقبة منذ الثورة فشلت في استنباط حلول لمعضلة البطالة وفي تقديم برامج تعيد الأمل للعاطلين، في وقت تواجه فيه الدولة صعوبات مالية خاصة وأن عجز الميزانية فاق 4%، وتعاني أزمة اقتصادية حيث قاربت نسبة النمو العام الماضي الصفر بالمائة بسبب تراجع إيرادات أغلب الأنشطة الاقتصادية خاصة السياحة.
وفي ظل هذا الواقع دفع طول أمد البطالة وما نتج عنه من تدني في مستوى المعيشة وارتفاع في مستوى الإحباط واليأس والفقر، بعض الشباب خاصة المتعلمين إلى العديد من الظواهر الخطيرة ومنها الانتحار والهجرة غير شرعية، إضافة إلى الانخراط في الشبكات الإجرامية والإرهابية فضلا عن الاتجار بالمخدرات والتهريب.