تدخل الغرب لمواجهة "داعش".. مهاترات حائرة على أعتاب ليبيا
الأحد 07/فبراير/2016 - 12:44 م
طباعة

في ظل حالة التوتر التي تشهدها ليبيا الآن، ومع ارتباك الحل السياسي، تستغل الجماعات المسلحة حالة الفوضى لتتنامى في المزيد من المناطق الليبية؛ حيث نجح التنظيم الإرهابي "داعش" في فرض نفوذه في معظم الأماكن الحيوية في البلاد.
مساعٍ فاشلة

وتسعى دول الغرب لوقف تنامي التنظيم الإرهابي عن طريق التصريحات المتتالية بقرب التدخل العسكري، ولكن دون تفعيل ذلك على أرض الواقع، وكانت فرنسا أعلنت من قبل عن اقتراب التدخل العسكري في ليبيا لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي في غضون 6 أشهر، في حين أعلنت بريطانيا عن استعدادتها للتدخل في القريب العاجل لوقف تنامي التنظيم، بينما تقف أمريكا كحائط الصد لتدخل الغرب في ليبيا.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما أكد من قبل عن استعداد بلاده للتدخل عسكريًّا في ليبيا لوقف مخاطر تنظيم داعش الإرهابي، ولكنه في ذات الوقت يبدي رغبته في انتظار تشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج والتي ترعاها الأمم المتحدة بقيادة مارتن كوبلر.
ومع فشل جميع مساعي الغرب للتدخل عسكريًّا في البلاد، أصبحت ليبيا فرصة أمام التنظيمات المسلحة باعتبارها منطقة استراتيجية، وبدأت الميليشيات تتوغل وتتنامى في البلاد؛ حيث اتخذت من بعض المناطق معاقل لأسلحتها.
وترددت أنباء عن بدء تنظيم "داعش" بنقل مقاتليه وإدارته إلى مدينة سرت الليبية بعد كثافة الضربات الجوية التي يوجهها له التحالف الدولي في العراق وسوريا.
وكان التحالف الدولي قد أعلن على لسان مسئوليه أنه تمكن من قتل 22 ألف مقاتل للتنظيم بسوريا والعراق.
وتحدثت مصادر استخباراتية أمريكية، بحسب صحف أمريكية، عن إرسال أمير التنظيم أبوبكر البغدادي قياديًّا بارزًا في التنظيم إلى سرت الليبية لتعزيز وجود التنظيم وإدارته في ليبيا.
ويرى مراقبون أن نقل "داعش" لأعماله القتالية إلى ليبيا لا تنحصر أسبابه في فقدان عدد كبير من مقاتليه بسوريا والعراق فقط، ولكن أيضاً بهدف تعويض مصادر تمويله التي فقدها جزئياً هي الأخرى.
وكان التنظيم في ليبيا قد شن هجمات على مواقع للنفط في الهلال النفطي الخصب وسط البلاد أكثر من مرة كان، آخرها الأسبوع الفائت بهدف السيطرة عليها.
ويسعى التنظيم- بحسب تسجيل مرئي ظهر فيه قيادي يدعى أبو عبد الرحمن الليبي- لاستهداف مواقع نفطية أخرى في البريقة وطبرق شرقا والسرير والكفرة جنوبًا.
وبعد أن كانت درنة "شرق ليبيا" المركز الرئيس للتنظيم، تحول هذا الأخير ليركز نشاطه في سرت "وسط البلاد" المتاخمة لمنطقة الهلال النفطي، وبحسب تقارير عديدة، أصبح التنظيم يسيطر على ما لا يقل عن 300 كم شرق وغرب سرت، بل سيطر فعليًّا على منطقة بن جواد التي لا يفصلها عن السدرة، أولى مناطق الهلال النفطي، سوى بضعة كيلو مترات.
وكان قال موقع يورو نيوز، الأوروربي: "إن اجتماع وزراء دفاع دول الاتحاد الأوروبي، الذي بدأ أمس الأول الجمعة، بالعاصمة الهولندية أمستردام، عكس مدى تسارع دقات طبول الحرب في ليبيا، حتى لو لم تتشكل حكومة الوفاق الوطني".
ووفق الموقع فإن العد التنازلي للتدخل في ليبيا عسكريا، بدأ بقوة مؤخرا، إذ أوضحت تصريحات ٢٥ وزيرًا أوروبيًّا أن الحشود الأوروبية ستتوالى بوتيرة أسرع على ليبيا برًّا وبحرًا وجوًّا خلال الفترة القادمة، وسيكون التدخل جوًّا وبرًّا أيضًا، ويجرى حاليا الترتيب لتكون قوات الجيش الليبي في الطليعة من الشرق إضافة إلى المجموعات المسلحة في طرابلس، والتي ستشارك في العمليات من الغرب.
وبحسب الموقع الأوروبي، ستستهدف العمليات العديد من التنظيمات المتطرفة والإرهابية في ليبيا، وليس فقط تنظيم داعش الإرهابي، ومن الأهداف المرشحة بقوة أيضًا معسكرات أنصار الشريعة الإرهابي، ومن المتوقع أن تلعب تونس دورًا مهمًّا في العمليات العسكرية القادمة، وسوف تشارك في تلك العمليات وتقدم الدعم اللوجيستي للقوات الدولية، كما بدأت منظمات الإغاثة الدولية تكثيف وجودها في الجنوب التونسي وبالقرب من الحدود الليبية استعدادًا لمواجهة تداعيات العمليات العسكرية.
تونس والجزائر يستعدان

وكانت نشرت صحيفة الإندبندنت أون صانداي مقالًا لـ ماكتاغي بعنوان "جيريمي كوربين يقول فيه: "إن زعيم حزب العمال البريطاني المعارض جيريمي كوربين طالب رئيس الوزراء دافيد كاميرون بكشف النقاب عن استعداد حكومته للتدخل العسكري في ليبيا".
ويوضح أن هذا يأتي في الوقت الذي يتزايد فيه القلق من أن الطائرات المسيرة البريطانية تستخدم بالفعل في الأجواء الليبية للبحث عن الأهداف المطلوبة وتدميرها.
ويؤكد الكاتب أن كوربين طالب رئيس الوزراء بالتأكيد بشكل قطعي أمام مجلس العموم أنه لم يتم اتخاذ قرار باستخدام الطائرات المسيرة لدعم الجهد العسكري في ليبيا، وطالبه أيضًا بالتعهد بعدم اتخاذ قرار مماثل إلا بعد استشارة المجلس.
وتشير الصحيفة إلى أن ذلك يعد تحديًا لتصريحات وزير الدفاع مايكل فالون الأسبوع الماضي، والذي رفض إطلاع المجلس على بعض التفاصيل، مثيرًا الشكوك حول مشاركة الطائرات المسيرة في عمليات في ليبيا.
وتضيف أن طائرات ريبر المسيرة شاركت في العمليات العسكرية في سوريا لمدة عام كامل قبل أن يسمح مجلس العموم بهذه المشاركة؛ حيث استهدفت هذه الطائرات مواقع تابعة لتنظيم داعش وشاركت في قتل مواطنين بريطانيين شاركوا في القتال هناك، وأن وزير الدفاع رفض التعليق على تقارير نشرت في الصحف الأسبوع الماضي حول زيارة فريق من المخططين العسكريين للأراضي الليبية للتخطيط لغارات ينتظر أن يقوم سلاح الجو الملكي البريطاني بشنها على بعض المواقع هناك.
وتقول: إن هذه المواقع سيطر عليها نحو 3 آلاف مقاتل لتنظيم داعش وتقع في حزام ساحلي حول مدينة سرت.
في ذات السياق، ذكر مصدر عسكري جزائري بأن السلطات الأمنية في الجزائر وتونس قررت إجراء مناورات وتدريبات مشتركة لقواتهما الجوية؛ وذلك بهدف التصدي لتهديدات محتملة لتنظيم داعش المتنامي في ليبيا.
وأضاف المصدر بأن هذه التدريبات تأتي في إطار التعاون العسكري والأمني بين البلدين، إضافة لالتزام الدولتين بالمبادرة الدفاعية لدول غرب المتوسط مجموعة 5+5.
وكانت مصادر إعلامية عديدة قد تحدثت في الآونة الأخيرة عن احتمال تدخل عسكري غربي في ليبيا لمواجهة خطر تنظيم داعش الإرهابي.
وفي الوقت الذي تتوارد فيه هذه التصريحات بشأن التدخل في ليبيا، أكد مسئولون أمريكيون أن واشنطن وحلفاءها ربما أمامهم أسابيع كثيرة أو حتى أشهر، قبل شن حملة عسكرية جديدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا، على الرغم من تزايد القلق من تمدد التنظيم هناك وهجماته على البنية الأساسية النفطية.
وحذرت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون في الأسابيع الأخيرة من الأخطار التي يشكلها نمو التنظيم في ليبيا.
مهاترات التدخل

ووضعت الولايات المتحدة خيارات عسكرية تمت مناقشتها خلال اجتماع عقد الأسبوع الماضي بين الرئيس باراك أوباما وكبار مساعديه الأمنيين ولم يتم التوصل إلى نتيجة حاسمة بخصوصها.
ومن بين هذه الخيارات زيادة الغارات الجوية ونشر جنود من قوات العمليات الخاصة الأمريكية وتدريب قوات أمنية ليبية.
وقال المسئولون الأمريكيون الذين تحدثوا شريطة عدم نشر أسمائهم: "إن عقبات ضخمة تقف في طريق زيادة المشاركة العسكرية الأمريكية".
وأكبر هذه العقبات هي تشكيل حكومة ليبية موحدة قوية بما يكفي للدعوة لمساعدات عسكرية خارجية والاستفادة منها.
ولفت المسئولون إلى أن الاستعانة ببعض الحلفاء قد يتطلب أيضًا تفويضًا جديدًا من الأمم المتحدة.
ووصف مسئولون أمريكيون وأوروبيون وجود تنظيم داعش في ليبيا بأنه مثير للقلق على نحو متزايد، وإن لم يكن بنفس حجم سيطرته على مساحات واسعة في العراق وسوريا.
كان داعش هاجم البنية النفطية الأساسية في ليبيا وسيطر على مدينة سرت، مستغلًّا فراغ السلطة؛ حيث تتصارع حكومتان متنافستان.
وتتراوح تقديرات عدد مقاتلي التنظيم بين ثلاثة آلاف وستة آلاف مقاتل. ويبدي المسئولون قلقهم علانية من أن يستغل التنظيم وجوده في ليبيا لتخفيف الضغط.
من بين خيارات الولايات المتحدة لمواجهة داعش ليبيا زيادة الغارات الجوية، ونشر جنود من قوات العمليات الخاصة الأمريكية وتدريب قوات أمنية ليبية.
ولكن رغم ذلك ترى الإدارة الأمريكية أنه لا بد من التركيز في الظرف الراهن على حل الأزمة السياسية بين الفرقاء الليبيين.
وأرسل الجيش الأمريكي قوات خاصة إلى ليبيا للاتصال بجماعات محلية مسلحة؛ من أجل تكوين صورة أفضل عمّن يمكن أن يتعامل معه المجتمع الدولي.
ووضعت الولايات المتحدة خيارات عسكرية تمت مناقشتها خلال اجتماع عقد الأسبوع الماضي بين الرئيس باراك أوباما وكبار مساعديه الأمنيين، ولم يتم التوصل إلى نتيجة حاسمة بخصوصها.
وقد يمهد تشكيل حكومة ليبية موحدة الطريق لأن تطلب طرابلس رسميا مساعدة دولية أكبر، لكن متابعون رجحوا في ظل الفوضى في ليبيا أن تأخذ الحكومة الجديدة وقتًا قبل أن تقف على قدميها.
ويرتبك الوضع يومًا بعد الآخر في ظل مهاترات الغرب في تنفيذ مساعيهم الشفوية لمواجهة داعش ليبيا.