"داعش ليبيا".. صداع مزمن يلازم رأس العالم
الخميس 11/فبراير/2016 - 01:56 م
طباعة

باتت الأوضاع في ليبيا، في غاية الخطورة، خاصة في ظل تنامي التنظيم الإرهابي "داعش" على الأراضي الليبية، الأمر الذي أدى إلى تخوف الأوروبيين من تهديد التنظيم الدموي، في ظل بدء التنظيم في توسيع شبكة مقاتليه وجذب العديد من المتطرفين الأجانب إلى معقله شمالي إفريقيا، وجعلهم ينظرون إلى هذا الملف بأسرع ما يمكن.
خطر داعش على أوروبا

اتفق الغرب على أن داعش يشكل خطرًا جسيمًا على الشرق الأوسط وأوروبا، وعلى حتمية التحرك قريبًا لاستئصاله من ليبيا قبل أن ينتشر خطره في العالم وأوروبا بصفة خاصة.
ودخلت مرحلة التخوفات في ظل مساعي التنظيم لإنشاء مركز جديد له في مدينة سرت الليبية، خاصة بعد الضربات المتتالية التي تشنها دول التحالف الدولي بقيادة الولايات ضد التنظيم في سوريا والعراق.
وبعد أن تصاعد نفوذ داعش لهذه الدرجة، أصبح على الغرب أن يضع قدمه على أعتاب ليبيا، وفق متابعين؛ حيث يخطط الغرب لتدخل بري ضد التنظيم، سيتم الإعلان عنه فور الانتهاء من المشاورات التي تجري حاليًا في عواصم الدول المجاورة.
ووفق صحيفة "الشروق" التونسية، فإن نفي الغرب المستمر لنيتهم التدخل في ليبيا لم يمنع التحضيرات التي تجري حاليا بكثافة، لتثبت عكس ما يقال في وسائل الإعلام.
وكشفت مصادر أمنية جزائرية أن خطة التدخل العسكري المرتقب ضد معاقل داعش في الأراضي الليبية ستتم على مرحلتين، بمشاركة نحو 50 ألف جندي على الأرض من جنسيات إفريقية وعربية، بقيادة اللواء الليبي خليفة حفتر و100 مقاتلة من الجو.
وحسب المصادر نفسها، فإن المرحلة الأولى من العملية سيتم خلالها تدمير البنية التحتية لداعش الذي شكل معسكرات وجيوشًا من الأفارقة والمرتزقة تمس المناطق الساحلية.
ويتم خلال تلك المرحلة طرد التنظيم إلى بعد 100 كيلومتر عن تلك الحدود، لتأمين السواحل الليبية، وبعدها تتدخل القوات البرية للجنرال خليفة حفتر وحلفائه من عرب وأفارقة للسيطرة عن المدن الليبية.
الخطط الأهم تتعلق بالتدخل العسكري الغربي في ليبيا، وتبدأ بغارات جوية وصاروخية مكثفة ثم تنتهي بحملة برية يشارك فيها ما لا يقل عن 50 ألف عسكري من جنسيات مختلفة، وفق مصدر عسكري.
استهداف الجماعات الجهادية

فيما أكدت دول غربية لمسئولين كبار في الجزائر أن بعض مخططات التدخل التي يجري الإعداد لها تتضمن خططًا ضد الجماعات السلفية الجهادية في ليبيا، على أن تبدأ بقطع خطوط الإمداد والاتصالات بين الجماعات السلفية الجهادية الموجودة في المدن الليبية بتدمير خطوط المواصلات وشبكات الاتصال.
بعد ذلك يتم استهداف المعسكرات الرئيسية للتنظيمات السلفية، في طرابلس، درنة، الزنتان، بني غازي، ومصراتة، ثم استهداف القيادات الكبيرة في داعش والقاعدة.
ووفق محللين، يحتاج تنفيذ العمليات العسكرية في ليبيا، لما لا يقل عن 100 طائرة حربية وعدد كبير من الطائرات بدون طيار، وكتيبتي قوات خاصة، وصواريخ جوالة تطلق من غواصات وسفن حربية في البحر المتوسط.
ولن يقل عدد الطائرات التي ستشارك في عمليات عسكرية في ليبيا عن 100، بالإضافة إلى طائرات بدون طيار وكتيبتي كوماندوز وطائرات هليكوبتر، وبوارج وصواريخ مجهزة بصواريخ جوالة، ويجري الإعداد للتدخل العسكري في ليبيا في باريس وواشنطن.
ووفق الخطة الموضوعة، فإن التدخل العسكري في ليبيا سيحتاج للتعاون من تونس والجزائر ومصر، وهو ما دفع الدول الغربية لاطلاعهم على مخططات التدخل لطلب التعاون وتقديم التسهيلات.
وتستمر العملية العسكرية لعدة أشهر لدعم قوات ليبية محلية موجودة على الأرض، على غرار سيناريو طالبان عندما داهمت الغارات الجوية تحالف الشمال، لكن دون إنزال قوات على الأرض إلا في حالات محددة عندما يتعلق الأمر باعتقال أو تصفية أحد القياديين في الجماعات السلفية الجهادية الليبية.
وتبحث دول الغرب المتمثلة في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، مع تونس والجزائر ومصر، تسهيل عملية التدخل العسكري في ليبيا، كما أن القوات الفرنسية والأمريكية تنتظر انتهاء عمليات الاستطلاع، التي تُنَفذ منذ عدة أسابيع في ليبيا باستعمال عدة وسائل منها أقمار صناعية ووسائل تنصت وطائرات تجسس مأهولة وأخرى بدون طيار.
وعلى ما يبدو أن استغراق الغرب لمدة طويلة في الاستكشاف الجوي لمواقع التنظيم الإرهابي في ليبيا، سيؤدي إلى سهولة دك معاقل التنظيم في المدن الليبية.
الدكتور عبدالعزيز أغنية، أكاديمي ليبي، يرى أن الشعب الليبي لن يقبل بتواجد قوات أجنبية على أرضه حتى لمحاربة داعش وسيحاربها الليبيون، مشددًا على ضرورة الاستعانة بالقبائل التي تقطن بالمناطق التي تسيطر عليها داعش؛ لأنهم يعرفون جيدًا الجغرافيا هناك.
استقطاب الإرهاب

وذكرت مجلة "كناك" البلجيكية أمس الأربعاء 10 فبراير 2016، أن الشرطة البلجيكية اعتقلت رجلًا بلجيكيا من أصول مغربية كان في طريقه إلى ليبيا، وهو ما أكده لاحقًا مدعي النيابة العام البلجيكي لوسائل الإعلام المحلية.
وقال مدير وحدة الأمن القومي البلجيكية، باول فان تيخيلت، للمجلة: "حتى اللحظة ليست لدينا معلومات كافية عن مواطنين بلجيكيين آخرين غادروا مؤخرا متجهين إلى ليبيا، لكننا ندرك إمكانية مغادرتهم إلى السودان ومن هناك يستطيعون الدخول إلى ليبيا بسهولة".
ونقلت الصحيفة عن إحدى أهم المؤسسات الاستشارية في مجال الإرهاب "جلوبال"، تحذيراتها من التهديد المتصاعد في ليبيا من قبل داعش، والذي بدأ حسب قولها يؤسس لدولة قوية مشيرة إلى أن هناك ما يتراوح بين 3 إلى 5 آلاف مقاتل من داعش يتمركزون الآن في سرت الليبية.
الرئيس التنفيذي لمؤسسة جلوبال ستار أوليفييه غيتا، أكد علي امتلاك المؤسسة لدلائل قوية تشير إلى أن قادة كبارا في داعش وصلوا مؤخرًا إلى سرت الليبية، وهو ما يزيد مخاوف أوروبا، حيث لا تبعد ليبيا عن إيطاليا إلا بضعة مئات من الكيلومترات، وهو ما يجعل منها موقعًا استراتيجياً كبيرًا لشن هجمات من قبل داعش في أوربا وبلدان شمال إفريقيا.
ويرى المسئول أن داعش في ليبيا سيكون أكثر استقطابا للمتطرفين الأوروبيين من سوريا أو العراق، قائلا: "إن أغلب هؤلاء المتطرفين تعود أصولهم إلى بلدان المغرب العربي، فهم في النهاية أبناء بلاد وثقافة واحدة". حسب تعبيره.
وكان التنظيم الإرهابي داعش، استغل عملية الفوضى التي تشهدها ليبيا، ونجح في الاستحواذ على سرت، مسقط رأس الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
وكان اجتمع ممثلون عن ثلاث وعشرين دولة من التحالف الدولي في العاصمة الإيطالية روما في 2 فبراير الجاري، لمراجعة خطط مواجهة تنظيم داعش في سوريا والعراق وبحث سبل وقف تمدده إلى مناطق جديدة في ليبيا؛ حيث يتخوف المسئولون الغربيون من استيلاء التنظيم على الموارد النفطية للبلاد ويبسط بذلك "خلافته المزعومة".
وفي ظل الصراع السياسي الذي تشهده ليبيا، ما بين حكومتين وبرلمانين، ستكون ليبيا أكثر جذباً للمتطرفين الأوروبيين من سوريا أو العراق؛ ذلك لأن أغلب هؤلاء المتطرفين تعود أصولهم إلى بلاد المغرب العربي؛ لأن ليبيا لديها مشتركات عديدة أكثر مما يجدونه في سوريا والعراق.