الرياض وأنقرة ينسقان حول التدخل البري في سوريا.. وموسكو ترسل مقاتلات دفاعية

السبت 13/فبراير/2016 - 08:33 م
طباعة الرياض وأنقرة ينسقان
 
تطورات الأحداث السورية مستمرة في الوقت الذى يستعد فيه النظام السوري لشن حملة عسكرية كبرى صوب الرقة معقل تنظيم "داعش" مع استمرار الغارات الروسية في ملاحقة الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية الواقعة تحت سيطرة المعارضة شمالي حلب، في الوقت الذى تتزايد فيه الانتقادات الغربية للغارات الروسية واتهام موسكو بشن غارات على مدنيين.
وبالرغم من اتفاق القوى الكبرى أمس في ميونخ الألمانية على هدنة لوقف إطلاق النار والسماح بإرسال المساعدات الإنسانية في القرى المحاصرة، قامت السعودية بإرسال طائرات عسكرية إلى تركيا تمهيدا للمشاركة بريًا في سوريا، وهو ما دفع موسكو لإرسال مقاتلات وأجهزة دفاع جوى إلى دمشق لملاحقة أي عدوان خارجي على الأراضي السورية. 

الرياض وأنقرة ينسقان
ويرى محللون أن تقدم الجيش السوري صوب الرقة سيمنح النظام فرصة دخول هذه المناطق لأول مرة منذ عام 2014، وأنه قد يترتب على هذه الخطوة استباق أي خطوة أخرى من جانب المملكة العربية السعودية لإرسال قوات برية لمحاربة مقاتلي تنظيم داعش في سوريا، في ضوء إعلان الجيش السوري السيطرة على مزيد من الأراضي في شمال حلب، وقطع طريق الإمداد الرئيسي لمقاتلي المعارضة من تركيا إلى مناطق واقعة تحت سيطرة المعارضة في حلب، وسط توقعات بأنه إذا استعاد الجيش السوري حلب وأغلق الحدود مع تركيا فستوجه دمشق ضربة ساحقة للمقاتلين الذين كانوا يحققون تقدما إلى أن تدخلت روسيا في سبتمبر الماضي، وهو ما تخشاه انقرة حاليا، وتنسق مع الرياض لشن هجمات جوية وبرية تحت ستار ملاحقة داعش في حين أنها ستكون بشكل مباشر لملاحقة قوات الجيش السوري وتقديم الدعم للمعارضين، لوقف إهدار الجهود التركية السعودية القطرية خلال عام مضي. 
يأتي ذلك في الوقت الذى أكدت فيه موسكو على مواصلة قصف معاقل تنظيم داعش وجبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة التي تقاتل في العديد من المناطق في غرب سوريا قوات الحكومة مع مقاتلي المعارضة الذين تعتبرهم دول غربية معتدلين، في ضوء الاشارة إلى أن الجيش السوري أصبح على بعد بضعة كيلومترات من الحدود الإقليمية للرقة بعد تحقيق تقدم سريع شرقا على طول طريق صحراوي في الأيام القليلة الماضية من إثريا. 
ومع تزايد التفاهمات السعودية التركية للتدخل البري في سوريا، أكد الجيش السوري انه سيحارب أي وجود لقوات أجنبية في البلاد دون موافقته.
وتتواصل الانتقادات الغربية لموسكو في ضوء تقارير حقوقية وضغوط تركية خليجية تشير إلى استهداف الغارات الروسية للمدنيين، حيث انتقدت الولايات المتحدة وفرنسا روسيا بسبب قصف المدنيين في سوريا وهو الاتهام الذي رفضه رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف وذلك في وقت احتدم فيه الجدل العلني بين القوى الكبرى بعد يوم من اتفاقها على وقف القتال في سوريا.

الرياض وأنقرة ينسقان
من جانبه اتهم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري روسيا بقصف جماعات المعارضة الشرعية والمدنيين وقال إن على موسكو تغيير أهدافها لاحترام اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل له في ميونخ.
بينما رفض ميدفيديف الاتهامات ووصفها بأنها "غير صحيحة تماما" بينما قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن احتمالات فشل اتفاق وقف اطلاق النار تزيد عن فرص نجاحه وذلك في وقت تحرز فيه القوات السورية مزيدا من التقدم حول حلب أكبر مدن البلاد قبل الحرب.
وقال كيري في مؤتمر ميونيخ "حتى الآن استهدفت الغالبية العظمى من الهجمات الروسية جماعات المعارضة الشرعية، ولكي تلتزم روسيا بالاتفاق الذي أبرمته فإن عمليات الاستهداف الروسية يجب أن تتغير، واتهم روسيا بإسقاط ما سماها "قنابل حمقاء" في سوريا ليس لها أي هدف محدد قائلًا إن ذلك أدى إلى قتل مدنيين.
وأبرزت الخلافات بين الأطراف المعنية بالتوصل لتسوية في سوريا استمرار الانقسامات على الرغم من اتفاق بشأن "وقف الأعمال القتالية" والذي لم يوقع عليه أي من الأطراف المتحاربة على الأرض.
وفي مناظرة مباشرة مع ميدفيديف في مؤتمر للأمن في ميونيخ طالب رئيس وزراء فرنسا مانويل فالس روسيا بالتوقف عن قصف المدنيين في سوريا وقال إن ذلك أمر ضروري من أجل تحقيق السلام في البلاد، موضحًا أن فرنسا تحترم روسيا ومصالحها، إلا انه من أجل إيجاد الطريق نحو السلام من جديد ينبغي أن يتوقف القصف الروسي للمدنيين."
وإذا تم تنفيذ إتفاق وقف الأعمال القتالية فسيتيح ذلك نقل المساعدات الإنسانية إلى المدن المحاصرة، لكن عددا من الدول الغربية قالت إنه لا يوجد أمل في التقدم دون وقف القصف الروسي الذي غير موازين القوى بشكل حاسم لصالح الأسد في الصراع المستمر منذ خمس سنوات.
على الجانب الآخر زعم وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو إن روسيا تستهدف المدارس والمستشفيات في سوريا، وحمل تشاووش موسكو المسؤولية المباشرة لنزوح عشرات الآلاف من الأشخاص للحدود التركية خلال الأسبوع المنصرم.

الرياض وأنقرة ينسقان
من ناحية أخرى بحث وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، مع نظيره الأمريكي جون كيري، الخطوات المحددة اللازمة لتنفيذ الاتفاقات الخاصة بتنسيق النشاطات العسكرية في سوريا، وقالت المتحدثة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا أن الحديث يدور عن الاتفاقات التي تم التوصل إليها في لقاء المجموعة الدولية لدعم سوريا.
شددت على أنه تم التأكيد على ضرورة التعاون في المجالات العسكرية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، في إطار المجموعة الدولية المذكورة، كما أنه جرت مناقشة الخطوات المحددة التي ستتخذ في الأيام القريبة المقبلة لتنفيذ كل ذلك على أرض الواقع، والاشارة إلى أن اللقاء بين الوزيرين كرس بشكل كامل لبحث الوضع في سوريا، مشيرة إلى أن اللقاء عقد بمبادرة من الجانب الأمريكي.
وفي وقت سابق من السبت، انتقد لافروف تصريحات أدلت بها واشنطن بعد اجتماع للمجموعة الدولية لدعم سوريا في 11 فبراير حول عدم وجود أفق في تفعيل التعاون العسكري بين روسيا والولايات المتحدة، وذكر الوزير الروسي أن هذه التصريحات تضع موضع الشكل تنفيذ الاتفاقات التي توصلت إليها المجموعة.
وقد أجرى وزير الخارجية الروسي محادثات ثنائية مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير على هامش مؤتمر ميونخ الدولي للأمن، وفي وقت سابق من السبت اختلف الوزيران في الآراء حول فرص للتوصل إلى وقف إطلاق النار في سوريا، والتي قال لافروف إنها تساوي 49% في حين قدرها شتاينماير بـ51%.

شارك