حكومة الوفاق الليبية.. "ولادة متعثرة" تنتظر الفرج
الأحد 14/فبراير/2016 - 12:54 م
طباعة

حكومة الوفاق الليبية لا زالت تحت التهديد بالفشل، فما بين القبول والرفض، يقف رئيس الحكومة فايز السراج منتظرًا "الفرج"، فبعد أن تم التوافق على تشكيل هذه الحكومة في 17 ديسمبر من العام الماضي، توقفت جميع الاتفاقات في انتظار توقيع الأطراف المعارضة المتمثلة في البرلمان الليبي والمؤتمر المنتهية ولايته المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين.
وبالرغم من تشكيل السراج الحكومة في 19 يناير الماضي من 32 وزيرًا، إلا أن هذا التشكيل لاقى رفضًا تامًّا من قبل البرلمان المعترف به دوليًا في طبرق، وطالب السراج من تشكيل حكومة مصغرة في غضون 10 أيام، ولكنها لم تستطع الوفاء بذلك في هذه المدة، وامتدت لفترة جديدة لاستكمال التشكيل، ولكن جاءت الخلافات أمس السبت 13 فبراير 2016 باجتماعات المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية في منتجع الصخيرات المغربي، لتُفشل ما قامت به المجلس من اجتماعات ومشاورات متواصلة.
سبب الخلافات

وتقف العقبة أمام الحكومة في الخلاف حول الشخصية التي ستتولى وزارة الدفاع، والذي يدفع نحو إبقاء المنصب شاغرًا، على أن يتولى إدارة هذه الوزارة السيادية المجلس الرئاسي مجتمعًا بشكل مؤقت ولمدة ثلاثة أشهر.
وكانت ذكرت بوابة الحركات الإسلامية، في تقرير سابق لها، أن الخلافات حول الحقائب الوزارية ما زالت قائمة بين الفرقاء، خاصة حول حقيبة وزارة الدفاع، والتي اقترح عضو المجلس الرئاسي عمر الأسود أن تُسند لرئاسة مجلس الوزراء دون غيره، في حين اقترح علي القطراني أن تظل الحقيبة شاغرة إلى حين تعيين شخصية توافقية، أو أن يتم تقاسمها بين خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي وفايز السراج رئيس المجلس الرئاسي.
في هذا السياق دعا أعضاء فريق الحوار السياسي إلى مغادرة مدينة الصخيرات المغربية إلى تونس، فيما أعلن نائب رئيس المجلس فتحي المجبري، انسحابه من الجلسات، مرجعاً ذلك إلى عدم العدالة في تسمية الحقائب الوزارية السيادية، وتعنت ما أسماها بالأطراف "المؤدلجة"، وضعف اهتمام المجتمع الدولي بدعم المجلس.
وأفادت مصادر أن المجبري، قال في بيان: "إن إقليم برقة لم يحصل إلا على وزارة سيادية واحدة الدفاع من أصل خمس هي الدفاع، الداخلية، الخارجية، المالية، الحكم المحلي".
وأشار إلى أنه حاول جاهداً المحافظة على الوفاق الوطني وتقديم الكثير من التنازلات المؤلمة، إلا أن الأمر لم يقابل إلا بمزيد من التعنت والرفض، وقد وصل الأمر إلى حد أنني أصبحت أعتقد أن هناك نوعاً من التوافق بين القوى والأيديولوجيات السياسية المسيطرة في المجلس مع النزعات الإقليمية الضيقة في الغرب والجنوب على تهميش الإقليم وخنق المشروع الوطني الناشئ فيها المتمثل في البرلمان والجيش.
وكان علي القطراني، عضو المجلس الرئاسي عن المنطقة الشرقية أعلن مقاطعته لجلسة التصويت على تشكيلة الحكومة، وقال القطراني في تصريح لإحدى الفضائيات الليبية إنه تقدم للمجلس بقرار مقاطعته للتصويت على شكل الحكومة الحالي، الذي يعكس بشكل واضح تهميش المنطقة الشرقية، كاشفًا عن أن التشكيلة الجديدة شكلت في غرف مظلمة دون أن يتوافق عليها أعضاء المجلس لتخدم تياراً سياسياً بعينه يسيطر على العاصمة وغرب البلاد.
وهدد زياد دغيم عضو البرلمان وأحد دعاة الفيدرالية بشرق ليبيا بإسقاط الحكومة قائلاً: "إننا سنقدم طعنا في قرار التمديد للحكومة".
وأقدم نواب بالمجلس على تقديم طعن في قانونية منح النائب الثاني لرئيس البرلمان إذناً بالتمديد للمجلس الرئاسي لتقديم تشكيلته، وفق تجاوز قانوني؛ حيث لم يتوفر النصاب للتصويت على القرار، وبالتالي فالمجلس يعتبر منعدماً وسيشرع البرلمان في تشكيل مجلس رئاسي جديد، لتشكيل حكومة وفاق.
فرنسا تستعجل تشكيل الحكومة

من جانبه حث وزير الخارجية الفرنسي الجديد جون مارك إيرولت على تشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا تتسلم مهامها سريعًا، على أن يكون مقرها طرابلس وتعمل في ظروف أمنية ملائمة، جاء ذلك خلال لقائه وزراء خارجية الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا على هامش اجتماع الأمن في ميونيخ جنوب ألمانيا حول مستقبل ليبيا.
وقال إيرولت: "إن حكومة الوحدة الوطنية التي يواجه تشكيلها صعوبات في ليبيا ينبغي أن تتسلم مهماتها سريعا، وذلك على خلفية الفوضى التي تسود هذا البلد وتنامي نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية".
وأضاف من سيرفضون هذه العملية بصفة فردية، ستشملهم عقوبات محتملة. الأمور واضحة في هذا الصدد.
كما حث وزراء الخارجية الأمريكي والفرنسي والألماني والإيطالي والمصري ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي وموفد الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر رئيس البرلمان المعترف به في طبرق بشرق ليبيا على الموافقة على حكومة الوحدة الوطنية.
وكان ألغى السراج الذي كان من المقرر أن يتوجه فجر أمس إلى ميونيخ للاجتماع بوزير الخارجية الأمريكي جون كيري السفر بسبب الخلافات التي برزت في مشاورات تشكيل الحكومة.
واجتمع المبعوث الأممي لدى ليبيا مارتن كوبلر مع رئيس البرلمان عقيلة صالح في ميونيخ، وقال كلوبلر في تغريدة على تويتر: "نتشارك نفس الأهداف لإيجاد حل سريع للأزمة الليبية وحكومة وفاق في طرابلس".
وكان كوبلر قد أجرى على هامش مؤتمر الأمن في ميونيخ محادثات حول الوضع في ليبيا؛ حيث التقى أمس وزير الخارجية الهولندي والمبعوث الأمريكي والمبعوث الإيطالي إلى ليبيا ومسئولة الشئون السياسية في وزارة الخارجية الألمانية لبحث أوضاع ليبيا.
مصر وتونس تبحثان الوضع في ليبيا

من جانبه صرح وزير خارجية تونس خميس الجهيناوي، مساء أمس السبت، بأنه بحث مع وزير الدولة وزير الخارجية والتعاون الدولي الجزائري رمطان لعمامرة، القضايا التي تهم منطقة الشرق الأوسط لا سيما الوضع في ليبيا.
وأضاف الجهيناوي، في تصريح له عقب المباحثات، أن الجزائر وتونس تؤكدان على أهمية الحل السياسي ورفضهما لأي تدخل عسكري في لبيبا، كما تشددان على ضرورة توافق الليبيين فيما بينهم لتشكيل حكومة الوفاق الوطني حتى تتسلم مقاليد الحكم في طرابلس وتباشر مهامها وتعالج بنفسها المسائل التي تهم ليبيا بما في ذلك مسألة الإرهاب.
من جهة أخرى، قال وزير خارجية تونس، إنه تم الاتفاق أيضًا خلال اللقاء على تفعيل لجنة الاستشراف على مستوى وزارتي خارجية الجزائر وتونس مع التفكير في صياغات أخرى للتعاون الثنائي، مشيرًا إلى أن مجالات التعاون بين الجزائر وتونس عديدة وأفق دعم هذا التعاون ليس له حدود.
وأوضح الجهيناوي، في ختام تصريحه، أنه جرى أيضًا تناول الملفات الثنائية بجزئياتها، وتم التطرق إلى مدى تقدم ما تم الإعلان عنه خلال أعمال اللجنة المشتركة التي عقدت في أكتوبر الماضي وحققت نتائج إيجابية.
وفيما أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري في اجتماع بميونخ، حرص مصر على دور مجلس النواب باعتباره الممثل الشرعي عن الشعب الليبي، مشددًا على أهمية تشكيل حكومة التوافق الليبية بشكل عاجل حتى تعرض على مجلس النواب وتتمكن من الاضطلاع بمسئولياتها في خدمة الشعب الليبي وتحقيق تطلعاته، وليتسنى لها كذلك التصدي لانتشار الإرهاب على الساحة الليبية بما يحفظ مستقبل هذا البلد ويؤمن الاستقرار الإقليمي.
وشارك وزير الخارجية المصري في الاجتماع الذي جمع وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، بحضور المبعوث الأممي لليبيا مارتن كوبلر ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح.
ومن جانب آخر، اجتمع شكري مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بشكل ثنائي في أعقاب ذلك، واطلع على رؤيته للتطورات في ليبيا، وعبر له عن تطلع مصر لإنهاء الأزمة الليبية؛ حتى يلتفت الشعب الليبي إلى بناء مستقبل دولته، مؤكداً دعم مصر للشعب الليبي وتطلعها للتعاون مع الحكومة الليبية في أقرب وقت.
فيما أثنى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على جهود رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج وعمله الدءوب من أجل صالح ليبيا .
ووصف بأن كي مون عمل السراج بـ"العمل الشاق من أجل صالح ليبيا"، مشيدًا بالتقدم الكبير الذي أنجزه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في الظروف التي تمر بها البلاد .
وحث بان كي مون السراج وأعضاء المجلس الرئاسي على المضي قدما من أجل تذليل باقي الصعاب في طريق إعلان حكومة وحدة وطنية وتقديمها إلى مجلس النواب في أقرب وقت .
واعتبر بان أن التصدي للتحديات ومن بينها الإرهاب والتدهور الاقتصادي لن يتأتى دون الوصول إلى حكومة وحدة وطنية.
توغل داعش

وعلى الصعيد الميداني، نجح التنظيم الإرهابي داعش استغلال الفوضي التي تعيشها البلاد ليتنامى على أرض ليبيا؛ حيث انفجر أول أمس لغم أرضي زرع على جانب الطريق بجوار أحد المزارع بالحي الصناعي جنوبي مدينة إجدابيا، وتسبب الانفجار في مقتل شخصين من سكان المدينة، كما أسقطت طائرة ميغ 23 تابعة للجيش الليبي في بنغازي أثناء استهدافها مواقع الميليشيات المتشددة بالمدينة.
وأنهى تنظيم داعش الإرهابي في سرت عمليات الحفر لخندق طوله ثلاثة كيلومترات ونصف الكلم في منطقة الظهير الزراعية، تحسباً لأي هجمات قد يشنها الجيش الليبي عليه، بحسب مصدر مقرب للتنظيم، أكد أن عناصر التنظيم أخلوا أغلب مقراتهم ومعسكراتهم وقياداتهم بمنطقتي الظهير والزعفران غربي سرت واتجهوا لمواقع سكنية بسرت المدينة وضواحيها ومزارع بالطويلة.
وبحسب شهود عيان فإن التنظيم صادر عدداً من المزارع والمنازل والسيارات والثروة الحيوانية من الإبل لعدد من المواطنين القاطنين بضواحي سرت.
وقام خفر السواحل أمس باقتياد ناقلة نفط محملة بنحو مليون و660 ألف لتر من مادة المازوت إلى قاعدة طرابلس البحرية كانت في المياه الليبية دون إذن بهدف تهريب المازوت، وأوقف طاقمها المؤلف من 12 شخصاً يحملون جنسيات أوكرانية وتركية وأذربيجانية.
ويبدو أن ليبيا ستشهد حالة متعثرة من المفاوضات للوصول إلى حلول ترضي جميع الأطراف المعارضة.