التشكيل النهائي لحكومة الوفاق.. بين مناورات الإخوان وموافقة البرلمان الليبي
الإثنين 15/فبراير/2016 - 01:53 م
طباعة

بعد مساعٍ طائلة، للوصول إلى تشكيل نهائي لحكومة الوفاق الليبية، ومماطلة الأطراف المتعنتة، أعلن المتحدث باسم المجلس الرئاسي الليبي، فتحي المجبري، اليوم الاثنين، أنه تم الاتفاق على تشكيل حكومة في ليبيا من 13 وزيرًا.

وتشمل حكومة الوفاق الليبية الجديدة، التي أعلنت من مدينة الصخيرات قرب الرباط في المغرب، خمسة وزراء دولة، بينهم 3 سيدات.
ويتولى المهدي البرغثي وزارة الدفاع، وهي الحقيبة التي كانت عقبة تعترض تشكيل الحكومة برئاسة فايز السراج، فيما يتولى حقيبة الداخلية العارف الخوجة، فيما يتولى الخارجية محمد الطاهر سيالة، ووزارة العدل جمعة عبدالله أبوزيد، والمالية إدريس الشريف.
ويتولى وزارة الصحة عمر بشير السهولي، والمواصلات ميلاد محمد معتوف، والتعليم محمد خليفة هلال العزابي، والتخطيط الطاهر الهادي الجهيمي، والاقتصاد عبدالمطلب أحمد أبوفروة، والحكم المحلي بداد قنصو مسعود، والعمل علي قلمة، والشئون الاجتماعية فاضي منصور الشافعي، والمصالحة الوطنية عبدالجواد فرج محمد العبيدي.
وانتهت أمس الأحد، المهلة التي قدمها البرلمان الليبي للمجلس الرئاسي لتشكيل حكومة وفاق مصغرة وفق الاتفاق السياسي الذي وقع في الصخيرات في ديسمبر الماضي.
ويتوقع فشل هذه الحكومة، وهو ما أشارت له من قبل بوابة الحركات الإسلامية، والذي ألقت بضوئها على أن فايز السراج رئيس الحكومة الجديد واجه العديد من الصعوبات في التشكيل، فبينما يرفض مجلس النواب المعترف به دوليًّا الحكومة، كذلك يرفضها المؤتمر الوطني المعترف به دوليًّا المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين؛ ما أدى إلى فشل مساعي السراج في التوفيق بين الطرفين، فكل منهما يفرض رأيه على حساب ومصلحة البلاد.
وكان مجلس النواب المعترف به دوليًّا في طبرق، طالب المجلس الرئاسي في حكومة السراج بأن تخفض من عدد الوزراء الذين تم اختيارهم في 19 يناير الماضي والتي تشكلت من 32 وزيرًا، بينما النواب أراد تصغير الحكومة، فيما تقف العقبة أمام الحكومة الآن على منصب وزير الدفاع فكل من الطرفين يسعي لتنصيب شخصية تابعة له.
وأوضحت مصادر مقربة من المجلس الرئاسي الليبي بقيادة فايز السراج، بأنه فشل في التوصل إلى تشكيل حكومة وفاق وطني خلال المهلة الزمنية التي منحها له مجلس النواب المعترف به دوليًّا، في الوقت الذي ارتفعت فيه الضغوط على الفرقاء الليبيين وسط تزايد التحركات السياسية الإقليمية والدولية ترافقت مع تزايد المؤشرات حول تدخل عسكري وشيك في ليبيا.
وفي اجتماع الصخيرات المغربية؛ حيث يجتمع أعضاء المجلس الرئاسي، أشارت المصادر إلى أن هناك عراقيل التي تحول دون تشكيل هذه الحكومة، ما زالت قائمة، منها تلك المرتبطة بالوزارات السيادية، وعلى رأسها وزارة الدفاع.
وعلى الرغم من أنه تم اختيار العقيد المهدي البرغثي لحقيبة وزارة الدفاع، والعارف صالح الخوجة لحقيبة الداخلية، إلا أن هناك عقبات أخرى تعرقل المساعي.
ورأى محللون أن الإعلان عن تشكيلة الحكومة سيفشل في ظل الخلافات الخطيرة بين أعضاء المجلس الرئاسي، ومضاعفاتها على سير العملية التفاوضية، وبالأخص البرلمان الليبي المعترف به دوليًا.

فيما يرى مراقبون أن هذا التعطيل له صلة مباشرة بتزايد تحركات جماعة الإخوان المسلمين التي يبدو أنها تسعى إلى إعادة الأمور في ليبيا إلى المربع الأول مستفيدة من ضعف المجلس خاصة بعد انسحاب علي القطراني وفتحي المجبري منه.
ويمارس المجتمع الدولي ضغوط متزايدة على السراج وعقيلة، قد تنجح في حلحلة الأمور لجهة التوصل إلى تشكيلة حكومية جديدة، أو دفع البرلمان إلى منح السراج مهلة أخرى.
من جانبه يكثف مارتن كوبلر المبعوث الأممي لدى ليبيا، مساعيه، مع أبرز الفاعلين والمهتمين بالملف الليبي؛ حيث اجتمع مع عدد من وزراء خارجية الدول الأوروبية على هامش قمة ميونيخ للأمن، كما التقى أيضًا رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، إلى جانب اجتماعه مع وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني.
ويرى سياسيون أن اجتماع كوبلر مع الشيخ محمد آل ثاني اندرج في سياق توسيط قطر للضغط على جماعة الإخوان المسلمين لكي تُخفف من مواقفها التي تُعرقل التوصل إلى تشكيل حكومة توافقية.
ويخشى خبراء من أن يبقى المجلس الرئاسي رهين مناورات جماعة الإخوان التي تُسيطر عليه، وذلك على خلفية تصريحات سابقة لعضو المجلس الرئاسي علي القطراني والذي أكد من خلالها سيطرة الإخوان المسلمين على قرارات المجلس الرئاسي، وعلى آلية عمله، قائلًا: "التيار الإسلامي هو المسيطر على المجلس الرئاسي".
كان علي القطراني عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، كشف أن الممتنع عن التوقيع على تشكيلة الحكومة، بأن أسباب انسحابه ومغادرته للصخيرات "الإخوان يسيطرون على الوقائع بالكامل، والمطبخ الإخواني موجود الآن في الصخيرات لتشكيل الحكومة".
وأضاف القطراني في مقابلة تلفزيونية: "وصلنا إلى طريق مسدود وهذا سبب انسحابي من الصخيرات". مشيراً إلى أنه متواصل مع جميع النواب في برقة والجنوب والغرب ومع التيار الوطني، ويرون أن ما يحدث الآن هو "تسليم ليبيا للإخوان المسلمين".
وأكد القطراني امتلاكه مستندًا يثبت توزيع الحقائب من قبل الإخوان المسلمين، وأنه واجه بها المجلس الرئاسي، إلا أن السراج ومن معه أنكروا هذا الكلام .
ويتوقع أن يقوم البرلمان الليبي اليوم أو غدا الثلاثاء، بالتصويت على التشكيلة الوزارية الجديدة والمكونة من 13 حقيبة وزارية و5 وزراء دولة، للتصويت عليها بمنحها الثقة أو رفضها.
ويقول متابعون: "إن العقبات التي تواجه الحكومة تتمثل في عقبة الاعتراف الداخلي وإقرارها من قبل برلمان طبرق، ومروراً بقدرتها على التماسك بين مكوناتها، والواقع الاقتصادي الصعب، والتحدي الأمني، والتدخل العسكري المرتقب لملاحقة تنظيم داعش الإرهابي".
ويرى مراقبون للشأن الليبي أن عدم وجود انسجام قوي بين مكونات الحكومة المشكلة قد ينذر بانهيارها بعد أول خلاف.

النائب محمد عبد الله نائب في البرلمان الليبي أكد في حديثه مع شبكة إرم الإخبارية اليوم الاثنين، أن التشكيلة التي أعلن عنها المجلس الرئاسي، ربما تواجه صعوبة في تمريرها والتصويت عليها من قبل البرلمان، خاصة أن معايير الاختيار يبدو أنها لم تأت وفق آلية واضحة تمنع وصول مرشحين غير راغبين في التكليف، أو شخصيات أخرى متهمة بجرائم مرتطبة بحقبة القذافي.
وأضاف عبد الله: "بمجرد إعلان التشكيلة الوزارية، ورد لبعض النواب أن مرشحين بعينهم، شابت عملية اختيارهم مخالفات، فقد علمت برفض فاخر بوفرنة تولي حقيبة المالية، وأنها تمت دون علمه، كما تأكدنا من رفض مهند يونس تكليفه بوزير الدولة لشئون الجرحى والأسرى والمفقودين" .
وبحسب مراقبين فإن الواقع الأمني هو محور الأزمات بليبيا، في ظل أجواء التدخل العسكري المرتقب في ليبيا لمواجهة تمدد "داعش"، والذي يقول مسئولون أوربيون وأمريكيون إن إقرار حكومة الوحدة سيكون أولى خطوات البدء به.
وتؤكد مصادر ليبية أن أولى أوليات الحكومة الجديدة هو الحرب على داعش وإخراجها من الأراضي الليبية.
وستوفر حكومة الوحدة غطاء شرعيًّا لتدخل المجتمع الدولي بطلبها من الأمم المتحدة تدخلًا عسكريًّا لمواجهة تمدد "داعش"، الذي يسيطر على بعض الأراضي الليبية منذ مدة، وتواجه الحكومة الجديدة تحديًا قويًّا في هذا الموضوع؛ حيث لا تملك جيشًا قويًّا قادرًا على مواجهة تنظيم "داعش" المحترف في حرب العصابات، والقادر على تنفيذ هجمات سريعة، لا قدرة للجيش الليبي في وضعه الحالي على مواجهتها.
وتبقى الحكومة المشكلة رهينة أمام البرلمان الليبي المعترف به دوليًّا، فحال رفضه ستكون النتيجة عودتها لنقطة الصفر مجددًا.
ويظل هاجس الميليشيات والفصائل المسلحة التي تنشط في ليبيا، وصعوبة ضبطها، وإعادتها إلى الاندماج داخل الجيش الليبي، وإقناعها بالتبعية للحكومة، أحد أهم التحديات الأمنية التي تعترض طريق الحكومة.
ويؤكد مسئولون غربيون أن تدريب الجيش الليبي وتسليحه سيزيد من قدرته على مواجهة التنظيمات المسلحة مع توفير غطاء جوي من القوات الدولية المشاركة، وشن هجمات على داعش في معاقله بالتنسيق مع الجيش الليبي.
ويبدو أن الأزمة في تشكيل الحكومة ستستمر طويلًا مع مواصلة المؤامرات التي تواجه أمن واستقرار البلاد،