هل تُمهد الغارة الأمريكية على "داعش" إلى تدخل عسكري في ليبيا؟

السبت 20/فبراير/2016 - 03:27 م
طباعة هل تُمهد الغارة الأمريكية
 
مع كثرة الأنباء حول التدخل العسكري في ليبيا، بدأت دول الغرب استعدادها الفعلي لشن هجمات على معاقل التنظيم في البلاد؛ حيث كشف عضو شبكة مراكز الأبحاث الاستراتيجية بواشنطن طارق فهمي، أن الضربة العسكرية الأمريكية التي شنتها الولايات المتحدة على مدينة صبراتة مَهَّد لها الرئيس باراك أوباما خلال الـ 48 ساعة الماضية، وأكدتها وزارة الدفاع البنتاجون.
هل تُمهد الغارة الأمريكية
وأضاف فهمي أن أمريكا لم تختر ليبيا بشكل عشوائي، وإنما الظرف الليبي يختلف الآن عما هو حادث في العراق وسوريا؛ حيث تمركز الإرهاب في سرت ينذر بتمدد سريع جدا للإرهاب في كافة الأراضي الليبية وصولا إلى البحر الابيض المتوسط، مضيفاً أن الضربة الأمريكية تمهد لتدخل أوروبي ممثل في فرنسا وإيطاليا.
من جانبه أعلن متحدث باسم الجيش الأمريكي أن القوات الأمريكية نفذت ضربات جوية ضد "داعش" في ليبيا أمس الجمعة.
وكان من بين المستهدفين في الضربات الإرهابي التونسي نور الدين شوشان، الذي يشتبه في أنه وراء هجومين بتونس العام الماضي، حسب ما أعلنه الكولونيل مارك تشيدل، المتحدث باسم القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا.
ورجح مسئول في سلاح الجو الأمريكي، مقتل شوشان في الغارة، وفي حين أكدت مصادر لقناة "العربية" أن الطيران استهدف منزلاً في منطقة القصر بتليل غرب صبراتة الساعة 3:45 فجر اليوم الجمعة بتوقيت ليبيا، والمستهدف كان منزل عبدالحكيم المشوط، القيادي في الجماعة الليبية المقاتلة سابقا وأحد العائدين من سوريا أخيراً.
وأكدت مصادر في مستشفى صبراتة وصول 46 جثة إلى المستشفى، أغلبها تابعة لأجانب، وذلك نتيجة القصف الأمريكي على مزرعة في جنوب صبراتة.
من جانب آخر كشف مسئولون عسكريون أمريكيون، عن بعض التفاصيل حول العملية الجوية التي وجهت ضربة على موقع لتنظيم داعش الإرهابي في ليبيا وأدى إلى مقتل عدد من العناصر بينهم قياديين بالتنظيم؛ حيث بَيَّن المسئولون أن العملية تمت بعدما "انطلقت طائرتان أمريكيتان من طراز F-15  من بريطانيا إلى جانب طائرات بدون طيار انطلقت من إيطاليا حلقت جميعها باتجاه مدينة صبراتة على الساحل الشمالي لليبيا،" ليتم استهداف 60 عنصرًا بتنظيم داعش من بينهم القيادي نورالدين شوشان.
وكشفت طلعات المراقبة الجوية التي تتبعت ما يجري في المنطقة المستهدفة على مدى أسابيع عن عمليات تدريب متقدمة على الأسلحة والذخائر.
كان مسئول أمريكي قال في تصريح سابق له: "إن الاعتقاد بأن شوشان مسئول عن تنفيذ الهجومين اللذين شهدتهما تونس العام الماضي واللذين استهدفا متحف باردو وشاطئ سياحي في منطقة سوسة".
يأتي ذلك في الوقت الذي يحذر فيه خبراء في مكافحة الإرهاب من توسع تنظيم داعش في ليبيا بل وذهب بعضهم إلى الإشارة بأن ليبيا قد تكون العاصمة الثانية لتنظيم داعش بعد سوريا، لافتين إلى خطر موقع ليبيا الجغرافي وقربه من أوروبا.
هل تُمهد الغارة الأمريكية
في موازاة ذلك توعد قيادي داعشي عبر راديو سرت المحلي الذي يسيطر عليه التنظيم الإرهابي، أمس الجمعة، بإرسال أفراده لتنفيذ عمليات في مدينة مصراتة، قائلاً: "إن ساعة الصفر قد اقتربت".
ويأتي تهديد القيادي في التنظيم الإرهابي والذي يعود لأصول يمنية بتوجيه ضربات وصفها بالقوية داخل مصراتة ردًّا على قصف طائرات أمريكية لمقر في صبراتة تتواجد فيه عناصر من داعش.
وقال مصدر بالغرفة الأمنية المشتركة بمصراتة: "إن القوات المرابطة على الطريق الساحلي بدءًا من منطقة الكراريم ما بعد منطقة أبوقرين شرق مصراتة، مرورًا بالسدادة جنوبها جهّزت أربعة مستشفيات ميدانية موزعة على مناطق أوقرين والسدادة وزمزم والكراريم وقرارة على طريق بني وليد".
من جهته جهّز تنظيم داعش أربعة مستشفيات ميدانية في سرت والنوفلية وبن جواد، يعمل أطباء وأطقم تمريض آسيويون احتجزهم التنظيم أثناء دخولهم مدينة سرت مايو من العام الماضي.
في هذا السياق، حذر المبعوث الأممي لدى ليبيا مارتن كوبلر من أن الوقت ربما لا يكون مناسبا للقيام بعمليات جوية دولية ضد أهداف تنظيم داعش في ليبيا، معتبرًا أنها ربما تعرقل جهود تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على القيام بمهامها.
وقال كوبلر، الذي تم تعيينه في نوفمبر الماضي رئيسًا لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لوكالة الأنباء الألمانية إنه من المهم عدم وضع العربة أمام الحصان بشن غارات في هذه الفترة الدقيقة.
وأوضح أنه على المدى الطويل، فإن محاربة مسلحي داعش ستتطلب ليس فقط قصفا جويا وإنما أيضا جهدًا بريًّا لاستعادة السيطرة على البلدات والقرى الخاضعة حاليًا لسيطرة داعش حول سرت على طول جزء من الساحل الليبي على البحر المتوسط.
هل تُمهد الغارة الأمريكية
وتعاني ليبيا من حالة من الفوضى منذ اندلاع الاحتجاجات ضد حكم العقيد الراحل معمر القذافي سنة 2011، من فوضى عارمة، استغلت من خلالها الجماعات الإرهابية ذلك لتتنامى في البلاد.
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال: "نعمل مع شركائنا في التحالف للتأكد من منع تنظيم داعش من التخندق في ليبيا فور توافر فرصة لذلك". مشيرًا إلى أن الضغط العسكري الدولي المتزايد على مركز ثقل التنظيم في سوريا والعراق يؤدي على الأرجح إلى توافد المزيد من المقاتلين الأجانب إلى ليبيا، مقدرًا أن المقاتلين الأجانب يشكلون أكثر من 70 بالمئة من مقاتلي التنظيم في ليبيا، كاشفًا أن هذه النسبة في تزايد.
وبدأ التدخل الأمريكي في ليبيا في نوفمبر الماضي؛ حيث نفذت طائرة أمريكية من طراز إف 16 غارة على مدينة درنة في شرق ليبيا، وقتلت قياديًّا محليًّا في تنظيم داعش يدعى وسام نجم عبدزيد الزبيدي الملقب بـ"أبونبيل".
وتشارك الولايات المتحدة في مشاورات واتصالات مع حلفائها الغربيين للبحث في احتمالات التدخل العسكري في ليبيا، لمنع توسع انتشار التنظيم الجهادي الذي يحتل أيضًا مساحات واسعة في سوريا والعراق.
العديد من الدول أعربت مرارًا وتكرارًا عن قلقها من تعاظم نفوذ تنظيم داعش في ليبيا، وتمكنه من السيطرة على مدينة سرت وبعض المناطق المحاذية لها، ممّا يزيد من احتمال تحوّل ليبيا إلى معقل للجماعات الإرهابية بدل العراق وسوريا، وهو ما يحصل بالفعل بالنظر إلى وجود العديد من معسكرات التدريب التي يشرف عليها قادة أنصار الشريعة ومقاتلون في صفوف داعش. 
ويشن تنظيم داعش منذ 14 يناير الماضي هجمات تستهدف منطقة الهلال النفطي، وتحديدًا مدينتي رأس لانوف والسدرة اللتين تحويان أكبر موانئ تصدير النفط الليبية، دون أن ينجح حتى الآن في السيطرة على أي من المدينتين.

شارك