توقعات باتفاق حول وقف إطلاق النار في سوريا.. والمعارضة المسلحة ترفع سقف مطالبها
الأحد 21/فبراير/2016 - 08:13 م
طباعة


الازمة مستمرة
مع ارتفاع صوت السلاح وتقدم الجيش السوري نحو مواقع تسيطر عليها المعارضة المسلحة، وشظايا التفجيرات التي شهدتها سوريا اليوم وخاصة في ريف دمشق وحمص، تتواصل الجهود الدولية للتوصل إلى حلول سياسية مناسبة لوضع حد لإراقة الدماء، وهو ما يبرز من محاولات التفاهمات المستمرة بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
من جانبه كشف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إنه توصل لاتفاق مؤقت مع نظيره الروسي سيرجي لافروف على شروط لوقف القتال في سوريا، مشيرًا إلى أن بعض القضايا لا تزال دون حل، وأكد على أنه تم التوصل إلى اتفاق مؤقت من حيث المبدأ على شروط وقف للقتال يمكن أن يبدأ في الأيام المقبلة."
شدد كيري على أنه تحدث مع لافروف مرارًا في ذلك وأنه يأمل أن يتحدث الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال أيام لاستكمال الاتفاق المؤقت من حيث المبدأ.
وقال كيري "يجرى الآن استكمال التفاصيل المتعلقة بكيفية وقف القتال، في الحقيقة اقتربنا من وقف إطلاق النار أكثر من أي وقت مضى".

السلاح والصوت المسموع
أوضح كيري أن أي اتفاق سيستغرق بضعة أيام فيما يتشاور الجانبان مع دول أخرى ومع المعارضة السورية، وأضاف أنه ينبغي على روسيا الحديث مع الحكومة السورية وإيران بينما يتعين أن تتناقش الولايات المتحدة مع المعارضة السورية وشركائها، موضحًا أنه لا يتوقع تغيرًا وشيكًا في القتال على الأرض، مضيفًا بقوله "لا أعتقد أنه ستكون هناك نقطة تحول بالنسبة لما يجري على الأرض خلال الأيام المقبلة فيما نحاول تنفيذ هذا".
من جانبها أكدت وزارة الخارجية الروسية أن لافروف وكيري تحدثا عبر الهاتف بشأن شروط وقف إطلاق النار، وأضافت أن المناقشات تناولت شروط وقف إطلاق النار الذي لن يشمل العمليات ضد التنظيمات "التي يعتبرها مجلس الأمن الدولي إرهابية".
يأتي ذلك في الوقت الذي سبق وأكد فيه الرئيس السوري بشار الأسد أنه مستعد لوقف إطلاق النار لإنهاء الحرب المستمرة بشرط ألا يستغل "الإرهابيون" وقف القتال لصالحهم وأن توقف الدول التي تساند مقاتلي المعارضة دعمها لهم.
وكانت المعارضة السورية قد وافقت على "إمكانية" التوصل لهدنة مؤقتة بشرط توفر ضمانات على أن يوقف حلفاء دمشق بما في ذلك روسيا إطلاق النار إلى جانب رفع الحصار عن المناطق المحاصرة وتوصيل المساعدات إلى كل أنحاء سوريا.
ويرى محللون أن اعلان الرئيس بشار الأسد، وهيئة المعارضة السورية العليا، القبول بهدنة عسكرية يعد تطورا مهما على صعيد الجهود الدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار، وخطوة أولى في مسار التسوية السياسية، لكن هذين الموقفين يحاولان استغلال وقف إطلاق النار- كل لمصلحته - قبيل انطلاق المفاوضات السياسية.
كان الأسد، صرح لصحيفة "إلبايس" الإسبانية غداة تصريح أدلى به مندوب روسيا الدائم في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، لصحيفة "كوميرسانت" الروسية ، حين قال معلقا على تصريحات سابقة للأسد، بأنه سيواصل القتال إلى حين هزيمة كل المعارضة المسلحة، "سمعت تصريحات الرئيس الأسد في التلفزيون بالطبع، هي لا تتماشى مع الجهود الدبلوماسية، التي تبذلها روسيا، المناقشات تدور حول وقف لإطلاق النار ووقف للأعمال القتالية في المستقبل المنظور، العمل جار على ذلك."
وعلى الرغم من أن تصريح تشوركين كان شخصيا بحسب قوله، لكن شخصا بمستواه السياسي من جهة، وفي دولة لم يعهد عنها إطلاق تصريحات ارتجالية من جهة أخرى، يبدو كلام تشوركين مؤشرا على رفض روسي لتصريحات الأسد، لأنها تتعارض مع الجهود العسكرية والسياسية الكبيرة، التي بذلتها موسكو في سوريا.

تخريب سوريا
وأكد متابعون أنه نتيجة لهذه التغيرات عدّل الأسد من خطابه بالقبول بالهدنة العسكرية، شرط أن لا تُستغل من الأطراف الأخرى، وتحديدا تركيا، بمعنى أن وقف إطلاق النار يجب أن يحافظ على الوضع القائم، الذي هو أصلا لمصلحة دمشق، أما بالنسبة للمعارضة، فإن الشروط، التي وضعتها، أفرغت مضمون الموافقة من محتواها؛ ذلك أن ربط الهدنة العسكرية بوقف القصف الروسي في سوريا، والتوقف عن قصف جبهة النصرة من قبل الروس والتحالف الدولي، لا يبدو أمرًا واردًا بالنسبة إلى المجتمع الدولي لأسباب عدة أهمها:
وأكد متابعون ان التوصل إلى اتفاق مع المعارضة المسلحة امرا صعبا، خاصة وأن "جبهة النصرة" موضوعة في قائمة المنظمات الإرهابية؛ وهو ما اتفقت عليه مجموعة العمل الدولية الخاصة بسوريا خلال اجتماعها في فيينا منتصف نوفمبر الماضي، وصدر قرار دولي بذلك، ومع أن طلب المعارضة هذا جاء لأسباب تتعلق بالتداخل الجغرافي لمناطق سيطرة فصائل المعارضة والجبهة، فإن واشنطن وموسكو مُصرتَان على ضرب الجبهة، ليس فقط لارتباطها بالقاعدة فحسب، بل ربما لدق إسفين بينها وبين الفصائل الإسلامية الأخرى، ولا سيما حركة "أحرار الشام".
كذلك تعد العملية العسكرية الروسية يُنظر إليها في موسكو وفي دول غربية على أنها متساوقة مع القانون الدولي، كونها تجسيدا لاتفاق بين دولتين، وبالتالي لا يمكن إدراج العملية العسكرية الروسية ضمن عملية وقف إطلاق النار، وبحسب التفاهمات، تم الاتفاق على وقف العمليات العدائية، وليس وقف إطلاق النار في إشارة إلى اعتبار العملية العسكرية الروسية خارج إطار وقف النار، وهو ما صرح به وزير الخارجية سيرجي لافروف مؤخرًا .
ويعتد محللون أن المعارضة تدرك أن مطالبها مستحيلة، لكن رفع سقف الشروط هو تكتيك سياسي الغاية منه دفع المجتمع الدولي إلى الضغط على روسيا، أما بالنسبة لـ "جبهة النصرة"، فمطلب المعارضة يبدو غير قابل للتنفيذ من جهة روسيا والولايات المتحدة على السواء، وهو ما أشار إليه مصدر قريب من المباحثات، حول موقف المعارضة من الهدنة، حين قال إن مطلب المعارضة وقف القصف على النصرة يعَدُّ مشكلة كبيرة.
وعلى صعيد التطورات العسكرية، أعلن مصدر عسكري سوري عن سيطرة الجيش السوري على 19 قرية واقعة على طريق محوري يربط شرق حلب بالرقة، معقل تنظيم داعش، وذكرت وكالة "سانا" السورية للأنباء أن الجيش تقدم في ريف حلب الشرقي وحرر 19 قرية، وأكدت أنه تم أعادة الأمن والاستقرار إلى قرى حويجينة وصبيحية الرضوانية وريان والقاروطية وعين ثابت وروفية في منطقة السفيرة شرق حلب بنحو 30 كم.
وقامت وحدات الجيش على الفور بتمشيط القرى بحثا عن الألغام والعبوات الناسفة وتفكيكها لتأمين القرى بشكل كامل"، مشيرا إلى أن وحدات الجيش "أحكمت السيطرة على تلول فاعوري وريمان في الريف الشرقي بشكل كامل بعد عمليات مكثفة على أوكار تنظيم داعش فيهما".