محاكمة 30 شيعيًّا.. الصراع بين السعودية وإيران يتصاعد

الإثنين 22/فبراير/2016 - 04:13 م
طباعة محاكمة 30 شيعيًّا..
 
حلقة جديدة من حلقات المواجهة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران، لكن هذه المرة جاءت في الجانب المخابراتي عبر إلقاء أجهزة الأمن بالمملكة القبض على خلية تجسس تضم 30 شخصًا من جنسيات سعودية وأفغانية وإيرانية، يعملون لحساب الحرس الثوري الإيراني.

خلية تجسس

خلية تجسس
فقد بدأت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض أمس محاكمة خلية تجسس من 30 سعودياً وأفغانيًّا وإيرانيًّا، ترتبط مباشرة بعناصر من الاستخبارات الإيرانية، والتقى عدد من أفرادها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، بتنسيق أمني عالٍ.
وخصصت المحكمة خمسة أيام بدأت أمس وتنتهي الخميس المقبل، لتسليم المتهمين لائحة الدعوى، في مرحلة أولى للمحاكمة، على أن يتم منحهم 30 يوماً للرد عليها وتوكيل محامٍ للترافع عنهم وفق إجراءات التقاضي المتبعة في السعودية.
وشملت التهم التي وجهت إلى أفراد الخلية بتكوين خلية تجسس بالتعاون والارتباط والتخابر مع عناصر من الاستخبارات الإيرانية، وثبوت تقديم معلومات في غاية السرية والخطورة في المجال العسكري تمس الأمن الوطني للسعودية ووحدة وسلامة أراضيها وقواتها المسلحة، وإفشاء سر من أسرار الدفاع. كما ثبت سعيهم إلى ارتكاب أعمال تخريبية ضد المصالح والمنشآت الاقتصادية والحيوية في البلاد.
واعتقل من مثلوا للمحاكمة ومن بينهم إيراني وأفغاني في مارس 2013 تورطوا في أعمال تجسسيه لصالح إيران، وذلك بناء على ما توافر لرئاسة الاستخبارات العامة السعودية عن جمع معلومات عن مواقع حيوية، إذ جرى القبض عليهم بالتعاون مع المديرية العامة للمباحث في وزارة الداخلية، وذلك في أربع مناطق وهي: مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض والشرقية.
ومن بين من اعتقلوا في 2013 أستاذ جامعي كبير في السن وطبيب أطفال ومصرفي ورجلا دين. وأغلب المعتقلين من منطقة الإحساء وهي منطقة يقطنها شيعة وسنة، ويعيش فيها نحو نصف الأقلية الشيعية في المملكة.

لائحة الاتهامات

لائحة الاتهامات
وتضمنت اللائحة اتهامهم بالإخلال بالأمن والطمأنينة العامة، وتفكيك وحدة المجتمع، وإشاعة الفوضى، وإثارة الفتنة الطائفية والمذهبية، والقيام بأعمال عدائية ضد السعودية، والخيانة العظمى لبلادهم ومليكهم وأمانتهم بالارتباط والتخابر مع عناصر من الاستخبارات الإيرانية للقيام بأعمال عدائية ضد بلادهم.
واشتملت أيضاً اتهام أفراد الخلية بتقديم معلومات في غاية السرية والخطورة تمس أمن السعودية واستقرارها وسلامة أراضيها وقواتها المسلحة، وتجنيد أشخاص يعملون في أجهزة الدولة لغرض التجسس والتخابر لمصلحة الاستخبارات الإيرانية.
وعمل أفراد الخلية التجسسية على إعداد وإرسال تقارير إلى طهران مستخدمين برنامج تشفير للبريد الإلكتروني، مبينة ثبوت تأييد بعض أفراد الخلية للتظاهرات وأعمال الشغب التي وقعت في محافظة القطيف (شرق البلاد). كما ثبت تخزينهم في أجهزة الحاسب الآلي ما من شأنه المساس بالنظام العام، وحيازتهم كتباً ومنشورات محظورة تمس أمن المملكة.
وعقد عناصر الخلية التجسسية كثيرًا من الاجتماعات بأماكن مختلفة مع عناصر الاستخبارات الإيرانية، وتسليمهم تقارير دورية تمس أمن السعودية، وسلامة أراضيها وقواتها المسلحة وإفشاء بعضهم لتعاميم وبرقيات سرية تمس أمن السعودية، ودخول بعضهم بطريقة غير مشروعة إلى أنظمة معلوماتية عن طريق جهاز الحاسب الآلي بغرض الحصول على بيانات سرية تمس أمن السعودية داخليًّا وخارجيًّا، واقتصادها الوطني.
والتقى معظم عناصر الخلية التجسسية علي خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، بالتنسيق مع الاستخبارات في طهران، كما أيد عناصر الخلية التجسسية بعض المظاهرات وأعمال الشغب التي وقعت بالقطيف.
وسلم قاضي الجلسة لوائح الدعوى على المتهمين في الخلية التجسسية، إذ أجمع المتهمون على توكيل محامين للترافع عن المجموعة الأولى في القضية، إلى جانب آخرين وكلوا أسرهم، وبعضهم اختار زوجاتهم، إذ إن المتهمين تم استدعاؤهم الأسبوع الماضي من السجون في جدة والدمام.
واستخدم عدد من المتهمين وظائفهم والأمانة التي أوكلت لهم لخدمة مصالح إيرانية، إذ منهم عسكريون، وأكاديميون، ومدير فرع أحد المصارف البنكية، ومحلل اقتصادي، إلى جانب شخصين من الجنسية الإيرانية والأفغانية.

عداء لا ينتهي

عداء لا ينتهي
تسببت العداوة المريرة بين السعودية التي يحكمها السنة وإيران الشيعية في تأجيج الحروب والصراعات السياسية في سوريا والعراق ولبنان واليمن والبحرين، ويعتبرها الكثير من المحللين سببًا في عدم استقرار المنطقة.
ومنذ نجاح الثورة الإسلامية في إيران في فبراير 1979، تغيرت العلاقات الإيرانية- السعودية رأساً على عقب. فقد تحول الرياض وطهران من حلفاء إلى أعداء، وأصبحت إيران بالنسبة للسعودية مصدر قلق وعدم استقرار، بعد أن كانت مصدر اطمئنان وتعاون، وأصبحت السعودية بالنسبة لإيران، مصدرًا للتآمر عليها وزعزعة نظامها، بعد أن كانت عوناً وشريكاً في مواجهة خطر واحد. وكان لاندلاع الحرب العراقية- الإيرانية، تأثيره الأكبر في تعميق الهوّة بين البلدين، فقد اتهمت إيران السعودية بأنها تدعم عدوّها العراق وحكومته مادياً وسياسياً لإنهاء النظام هناك، وأن السعودية تشن حملة متعددة الجوانب لعزل إيران عربياً وإسلامياً، وتتعاون في ذلك مع أمريكا والدول الغربية الأخرى. ومن جهتها اتهمت السعودية إيران بأنها أصبحت مصدراً للتآمر على الأنظمة الخليجية (والعربية)، وأنها تحاول تصدير ثورتها وأفكارها إلى دول المنطقة، بينما كانت أيام الشاه تتعاون لمنع دخول أفكار راديكالية إلى الجوار.
الأوضاع بعد الربيع العربي والمظاهرات في الدول العربية وصعود التيار الإسلام السياسي، والتحالف غير المعلن بين إيران وجماعة الإخوان، أدى إلى مزيد من التباعد بين طهران والرياض، مع إعلان إيران أنها باتت تسيطر على أربع عواصم عربية هي دمشق وبغداد وصنعاء وبيرت.
أدت هذه السياسة إلى تصاعد التوترات أكثر في يناير الماضي عندما قطعت الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، بعد أن اقتحم سفارتها في طهران محتجون أغضبهم إعدام السعودية لرجل دين شيعي أُدين بالتورط في مقتل رجال شرطة.
وتلقي السعودية باللوم على إيران بشأن اضطرابات متفرقة بين الشيعة في القطيف لكنها لم تقدم علنًا قط أي دليل على علاقة مباشرة بين من شاركوا في الاحتجاجات بين عامي 2011 و2013 وبين طهران التي تنكر أي ضلوع لها في الأمر.
وتعد محاكمة 30 شيعيًّا أغلبهم سعوديون، المحاكمة الأولى في الذاكرة الحديثة لسعوديين متهمين بالتجسس، وقد تتسبب في تصعيد التوتر بين الشيعة والسُّنَّة داخل السعودية ومع إيران التي نفت الاتهامات وقت الاعتقال.

المشهد الآن

المشهد الآن
توجيه الاتهامات لـ30 شيعيًّا أغلبهم من منطقة الإحساء، يعد تطورًا خطيرًا في الصراع بين السعودية وإيران، ويشير إلى أن طهران لا تريد الكف عن اللعب بشيعة العرب، خاصة شيعة السعودية للعب وفق مصالحها وأطماعها في المنطقة.
مع الأحداث الأخيرة كشفت إيران عن حقيقة توجهاتها وتواجدها وأطماعها في المنطقة العربية، خاصة الخليج، ولكن مع توحد أغلب الدول العربية خاصة الخليجية في مواجهة أطماع وتهديدات إيران، أصبح للتعاون الأمني أولوية كبرى في مواجهة مخططات الحرس الثوري وإفشالها وتحقيق الاستقرار الأمني السياسي والاقتصادي والاجتماعي بدول الخليج. 

شارك