الشيعة في المغرب.. بين الإقصاء الديني والحضور السياسي

الإثنين 29/فبراير/2016 - 02:12 م
طباعة الشيعة في المغرب..
 
حالة من المطالب السياسية والانفتاح على المجتمع يعيشها شيعة المغرب، مع إعلانهم وترحيبهم بخطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال مؤتمر حول "حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية" في يناير الماضي، وكذلك رؤيتهم السياسية بما يتوافق مع أفكارهم أنهم يميلون إلى الفكر اليساري في الأيديولوجية والإطار السياسي، مرحبين بمشاركتهم السياسية.

إقصاء ديني

إقصاء ديني
حذر شيعة مغاربة، ممن ينتمون إلى تيار "الخط الرسالي"، من وجود من أسموهم "طائفيين إقصائيين" في المغرب "يرفعون شعار إمارة المؤمنين للعدوان على كل من خالفهم الرأي والفكر"، مشيرين إلى أن ملك المغرب أسس لمفهوم الحرية الدينية على أساسي القرآن والسنة، عبر "حماية حقوق المسلمين وغير المسلمين على السواء".
"الخط الرسالي"، التيار الذي تأسس فعليًّا عام 2012 ويتزعمه الناشط الشيعي عصام احميدان الحسني، أورد أن العاهل المغربي انتصر لمطلبهم في "توسعة مفهوم إمارة المؤمنين لتشمل كل المتدينين من داخل الإسلام ومن خارجه"، في وجه من قالوا إنهم إقصائيون حاولوا "تحجيم الملك محمد السادس وصفته الروحية ضمن إطار طائفي ضيق".
موقف الشيعة المغاربة جاء تعليقًا على الرسالة الملكية الأخيرة التي ألقيت أمام المشاركين في مؤتمر مراكش الدولي الأخير، حول "حقوق الأقليات الدينية في الديار الإسلامية" في 25 يناير 2016، واصفين تلك الرسالة بالتاريخية التي "حسمت الجدل حول مفهوم إمارة المؤمنين"، وجاءت لتنتصر لهذا المفهوم الجامع "الذي طالما أكدنا عليه صونًا للأمن الروحي للمواطنين".
وأضاف التيار ذاته أن العنصر المهم في الرسالة الملكية هو "التوسع في مفهوم إمارة المؤمنين بشكل أسقط من يد الطائفيين إمكانية التوظيف السياسي لهذه الورقة بغايات الإقصاء للآخر"، محيلًا إلى مقتطف من الخطاب الملكي القائل: "إننا بوصفنا أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، نضع على عاتقنا حماية حقوق المسلمين وغير المسلمين على السواء، نحمي حقوقهم كمتدينين بمقتضى المبادئ المرجعية الثابتة التي أشرنا إليها، ونحميهم كمواطنين بمقتضى الدستور، ولا نجد في ذلك فرقا بحسب المقاصد والغايات".
وتابع الخط الرسالي: " وأسست الرسالة الملكية مفهوم الحرية الدينية على أساسي القرآن والسنة، فمن جهة القرآن قال الملك: فالمرجع الأول للمبادئ التي نلتزم بها في هذا الموضوع هو القرآن الكريم الذي يعلن عن تكريم الله للإنسان؛ من حيث هو إنسان. وفي سياق ترسيخ هذه الكرامة أكد القرآن الكريم حقيقة كونية منبثقة عن المشيئة الإلهية تتلخص في أن الله عز وجل اقتضت مشيئته أن يخلق الناس مختلفين في أديانهم على نحو ما هم مختلفون في ألوانهم ولغاتهم وأعراقهم. وذلكم ما وطن في نفوس المسلمين قبول التعددية".
ويرى الشيعة ذاتهم أن الأمن الروحي في المغرب لا يتحقق "إلا في إطار ضمان حرية المعتقد، وعدم الإكراه الديني، ومناهضة التمييز على أساس المعتقد"؛ لأن الأمن الروحي في أجلى صيغه "هو ألا يتدخل مخلوق في علاقة مخلوق آخر بخالقه، وأن يترك لمحكمة العدل الإلهية المجال لتقرير الأصح والأصلح"، مضيفا أن "الأساس هو التدين بشكل عام، وإن كانت الحرية الدينية أيضًا من مقتضيات الدستور، وحقًّا من حقوق المواطنة".
للمزيد عن شيعة المغرب اضغط هنا

مشروع سياسي

مشروع سياسي
وفي إطار الاندماج مع المجتمع أعلن جمعية "الخط الرسالي" في بيان لها عن أنها تحبذ المشاركة السياسية، وترى أن تتكتل الكيانات السياسية بالمغرب.. يجب أن يكون في أربعة أقطاب أيديولوجية وسياسية "أقصى اليمين، يمين الوسط، يسار الوسط، أقصى اليسار"، وأن يكون لدى كل قطب من الأقطاب الأربعة برنامج يحدد طبيعة الرؤية المجتمعية والمشروع السياسي المختلف عن القطب الآخر.
وعن رؤيتهم السياسية يقول المتحدث الرسمي باسم اللجنة التحضيرية لجمعية "رساليون تقدميون" عبد الحفيظ بلقاضي: "نجد أنفسنا من الناحية الأيديولوجية والسياسية في موقع (اليسار) بالمعنى السياسي للكلمة؛ لأننا نؤمن بضرورة إعادة الاعتبار لتدخلية الدولة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والانحياز التام للجماهير المستضعفة في احتياجاتها ومطالبها العادلة، كما نحذر من هيمنة المنطق اليميني الذي يدمر الطبقة المتوسطة وينساق وراء الوصفات الرأسمالية ويبرر لها" .
ويضيف بلقاضي: " وحيث إننا لا نؤمن بالصيغة التلفيقية بين اليمين واليسار، ونعتبر أن ذلك قد يشكل تلبيسًا يمينيًّا على هوية ودور اليسار ومكانته الاجتماعية في وعي الجماهير، فإننا نعلن بوضوح أننا أقرب ما يكون إلى أقصى اليسار منه إلى يسار الوسط، حرصًا منًّا على الوضوح الفكري والسياسي بين مواقع النضال الديمقراطي ببلادنا".

المشهد الآن

المشهد الآن
الخط الرسالي هو تنظيم شيعي، يعبر بشكل كبير عن غالبية الشيعة الموجودين في المغرب، ومع تأسيس جمعية الخط الرسالي أصبح نشاط الشيعة أكثر علانية في الشارع المغربي، ليخرج للعلن ولكن مع وجود تيارات إسلامية أخرى، خاصة السلفية التي تعتبر الوجود الشيعي في المملكة المغربية هو تهديد لاستقرار المغرب ومكانتها، وما يواجهونه من وقت لآخر من إقصاء سياسي وديني، في الشيعة اليوم يسعون إلى الارتكاز إلى مبادئ المملكة في الحريات الدينية، وعبر المشاركة السياسية ليس بحزب ولكن عبر الأحزاب القريبة من توجهاتها السياسية والاقتصادية واحترام الحريات- سيكون الشيعة في المغرب أقرب إلى التواجد السياسي، وهو ما قد يحررهم من ضغوط الجماعات الدينية الأخرى.

شارك