القوى الدولية تراقب تنفيذ الهدنة في سوريا.. وتبادل الاتهامات حول خرقها
الإثنين 29/فبراير/2016 - 08:08 م
طباعة


نزوح السوريين
تتواصل الجهود الدولية لمتابعة تنفيذ هدنة وقف اطلاق النار في سوريا، بالرغم من الاتهامات المتبادلة من النظام السوري والمعارضة بخرق الاتفاق، في الوقت الذى تتهم موسكو الرياض بمحاولة تعطيل الهدنة لصالح المعارضة المسلحة.
وفى إطار المتابعة الدولية لتنفيذ الاتفاق، عقدت مجموعة الدول التي تدعم عملية السلام في سوريا اجتماعا في جنيف في الوقت الذي طلبت فيه فرنسا معلومات عن وقوع هجمات في انتهاكات لاتفاق وقف العمليات القتالية الذي بدأ سريانه السبت.
من جانبه قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرو "تلقينا مؤشرات على أن هجمات بعضها جوية استمرت ضد مناطق تسيطر عليها المعارضة المعتدلة، كل هذا يحتاج إلى تحقق. لذلك طلبت فرنسا أن تجتمع قوة العمل المكلفة بالإشراف على وقف الأعمال القتالية دون تأخير."
وتراقب المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تقودها الولايات المتحدة وروسيا الالتزام بالاتفاق وتتصرف سريعا لوقف أي تجدد لإطلاق النار على أن تلجأ إلى استخدام القوة كملاذ أخير.
وفى هذا السياق حذر المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا ، من خطورة انهيار الهدنة في سوريا نتيجة لحوادث عرضية ونشاطات الإرهابيين، وفي مقابلة مع صحيفة ريبوبليكا الإيطالية أشار دي ميستورا إلى إن التهديد الأكبر من هذه الناحية يمثله مسلحو تنظيمي "الدولة" و"جبهة النصرة" الإرهابيين اللذين لا تشملهما شروط الهدنة.
شدد على أن حوادث عرضية وحالات سوء تفاهم بين طرفي النزاع تمثل هي الأخرى تهديدا خطرا، مشيرا إلى أهمية "إخماد الحرائق من هذا النوع على الفور” معتبرا انه لا يمكن الحديث عن أن الهدنة تصب في مصلحة طرف دون آخر من النزاع السوري. وفي رده على سؤال عما إذا كان هناك احتمال أن تستغل القوات الحكومية وقف إطلاق النار للتمسك بالمواقع التي سيطرت عليها مؤخرًا، تمهيدًا لشن هجوم جديد.
أكد أن الهدنة تفتح نظريا الاحتمال نفسه أمام مقاتلي المعارضة فقد تكون بالنسبة إليهم بمثابة "جرعة هواء" قبل استئناف القتال، ووصف دي ميستورا الوضع في سوريا بشديد التعقيد وأقر بأن التسوية لا يمكن أن تسير من دون حوادث، لكنه أشار إلى أن طريقة تعامل الأمم المتحدة مع هذه القضية "تبعث على الأمل".
على الجانب الأخر قال سليم المسلط المتحدث باسم الهيئة العليا للتفاوض المدعومة من السعودية إن الحكومة السورية انتهكت الاتفاق 15 مرة في اليوم الأول وإنه حدثت انتهاكات أخرى من جانب روسيا وحزب الله اللبناني حليفي الرئيس السوري بشار الأسد.
بينما قال أسعد الزعبي رئيس وفد التفاوض التابع للهيئة العليا للتفاوض إن الهدنة التي بدأت السبت "انهارت قبل أن تبدأ"، مضيفا بقوله "الوقف الهش للعمليات القتالية أصبح يواجه "إلغاء كاملا" بسبب هجمات القوات الحكومية.
شدد على أن المعارضة لديها عدة بدائل لحماية الشعب السوري إذا لم يتمكن المجتمع الدولي من ذلك لكنه لم يسهب.

ديى ميستورا
على الجانب قال الكرملين معلقا على وقف إطلاق النار في سوريا إن "العملية مستمرة" وإن كان واضحا من البداية أنها لن تكون سهلة.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين "رئيسا الدولتين - رئيسا روسيا والولايات المتحدة - أكدا من البداية أن طريق الالتزام بوقف إطلاق النار لن يكون سهلا."
أضاف "لكن في الوقت نفسه كان مهما للغاية التوصل إلى وقف لإطلاق النار. العملية مستمرة."
من جانبه قال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف إن روسيا قلقة من استعدادات للجيش التركي على الحدود السورية وإن أي تدخل عسكري لأنقرة سيكون "ضربة قاصمة" لاتفاق وقف إطلاق النار في سوريا.
شدد بقوله ريابكوف "مع الأسف لم يتخل زملاؤنا الأتراك عن فكرة الهجمات عبر الحدو
وكانت محادثات السلام التي أجريت في جنيف في مستهل فبراير قد انهارت بعد أن رفضت المعارضة التفاوض تحت القصف، ويري محللون إنه منذ بدأ سريان وقف القتال قصفت الطائرات الروسية والسورية مناطق في العديد من المحافظات الواقعة بغرب البلاد.
بينما اتهمت وسائل الإعلام الرسمي السورية إن مسلحي المعارضة أطلقوا العشرات من قذائف المورتر في محافظة اللاذقية.
يأتي ذلك في الوقت الذي اتهمت فيه تقارير إعلامية "جبهة النصرة" المستثناة من الهدنة في سوريا بمحاولة استفزاز روسيا من خلال جعل "المعارضة المعتدلة" هدفا للغارات وذلك لإفشال الهدنة، حيث نقلت صحيفة "دي فيلت" عن أحد مقاتلي "جبهة النصرة"، الملقب بأبي مصعب السوري البالغ من العمر 37 سنة، أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه روسيا والولايات المتحدة هو "غباء".
ويعتبر أبو مصعب السوري أن تنظيم "النصرة" الذي ينتمي إليه متكون من 10 آلاف مقاتل ويمتلك قوة حقيقية في سوريا وهو يريد وضع حد لوقف إطلاق النار.
أشارت الصحيفة إلى أن "جبهة النصرة" تريد أن يفشل اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ السبت الماضي، موضحة أن "النصرة" لديها مخطط لاستفزاز الروس، وحسب المعلومات التي ذكرتها الصحيفة فإن مجموعات مسلحة متطرفة تقاتل في شمال سوريا إلى جانب "المعارضة المعتدلة"، وزعمت أنها سحبت مسلحيها، إلا أن جزءا كبيرا منها لا يزال موجودا على الجبهات.
وتعتزم "جبهة النصرة" مواصلة القتال في مناطق تواجد "المعارضة المعتدلة"، ما يجعل مسلحي المعارضة هدفا للغارات الجوية ونتيجة لذلك تنهار الهدنة.
واعتبر أبو مصعب السوري أن الحرب الأهلية في سوريا لن تنتهي إلا إذا تمت الإطاحة بالأسد، قائلا "يجب قتال النظام، الحلول الأخرى وهم".

معارك مستمرة
وبالتزامن مع الاهتمام الدولي بما يحدث من هدنة في سوريا، كشف موقع ويكيليكس كثير من نصوص بيانات ومعطيات سرية سعودية كان الموقع المذكور قد نشرها في صيف عام 2015، وكشف الموقع عن حالة من الهلع والخوف تقض مضجع سلطات المملكة.
تقول الوثيقة المنشورة إن أكثر ما كانت تخشاه الرياض هو تدخل روسيا في الحرب الدائرة في سوريا، والإشارة إلى أن الخوف السعودي كان هائلا لحد دفع سلطات المملكة ومنذ بداية الأزمة إلى منع وسائل الإعلام التابعة لها من انتقاد القادة الروس أو مهاجمتهم.
أوضحت الوثيقة أن إعداد وتنفيذ الانقلاب في سوريا بواسطة القوة سيصبح ممكنا وقابلا للتحقيق فقط إن أبدت موسكو اللامبالاة في هذا المجال، وتمت الاشارة إلى أن تاريخ الوثائق السرية التي تم فك تشفيرها يعود إلى بداية 2012".
وجاء في الوثائق:" من المهم جدا الإشارة إلى أنه لو تمكن النظام السوري بأي شكل من الأشكال من الصمود وتخطى هذه الأزمة، فإن مهمته الأولى والأساسية ستكون بعد ذلك، الانتقام من الدول التي وقفت ضده، والهدف الأول له سيكون المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، ولذلك يجب استخدام كل الطرق المتوفرة للإطاحة بالنظام القائم في دمشق"، بحسب الوثائق.
وعلى صعيد المساعدات الانسانية، أعلن مسؤولون في وزارة المصالحة الوطنية السورية انطلاق تنفيذ اتفاق للمصالحة بمحافظة درعا جنوب سوريا بين الحكومة السورية ومجموعات مسلحة، وذلك بالتزامن مع دخول مساعدات إنسانية وطبية إلى بلدتي إبطع وداعِل في ريف المحافظة، وباشرت الأمم المتحدة إدخال مساعدات إنسانية إلى إحدى المدن المحاصرة في سوريا، في ثالث يوم من سريان الهدنة.
من جانبها أعلنت منظمة الهلال الأحمر العربي السوري أن عشر شاحنات من أصل 51 شاحنة دخلت إلى مدينة معضمية الشام جنوب غرب دمشق، مشيرة إلى أن الشاحنات كانت محملة بمواد غير غذائية وأغطية للكبار والصغار، قدمتها اليونيسيف ومفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة.
وتخطط الأمم المتحدة لإرسال مساعدات في الأيام المقبلة إلى 154 ألف شخص يعيشون في مناطق سورية محاصرة .