بعد تحرير بنغازي.. هل ينجح الجيش الليبي في استعادة سرت؟
الثلاثاء 01/مارس/2016 - 12:55 م
طباعة

بعد أن استمرت المعارك بين الجيش الليبي ومجموعات مسلحة بينها تنظيم "داعش"، في بنغازي شرقي ليبيا، في إطار عملية عسكرية انطلقت قبل أيام وحقق خلالها الجيش تقدمًا كبيرًا- أعلن خلالها عن تحرير المدينة بالكامل من الجماعات الإرهابية، تعتزم قوات الجيش بقيادة الفريق أول خليفة حفتر، وضع خطط عسكرية لنقل المعركة ضد التنظيمات الجهادية، وعلى رأسها تنظيم داعش، إلى مدينة سرت الخاضعة تحت سيطرته إلى جانب العديد من المناطق المحاذية لها.
تحرير بنغازي

ونجح الجيش الليبي في السيطرة على كامل مدينة بنغازي ما عدا محور القوارشة الذي يقع خارج المدينة من جهة الغرب، وتوقع متابعون أن تنجح القوات المسلحة في تحرير هذه المنطقة وتحجيم تنظيم داعش، موضحين أنه بتحرير محور القوارشة سيسهل على الجيش التحرك باتجاه إجدابيا ومنها إلى النوفلية وبن جواد على مشارف سرت.
وقال مسئول عسكري: إن محور الصابري الواقع في وسط المدينة والقريب من حي الليثي معقل المتشددين الذي استعاد الجيش السيطرة عليه، شهد "معارك عنيفة".
وكان القائد العام للجيش الليبي الفريق أول خليفة حفتر، تعهد في وقت سابق بـ"نصر نهائي" على الجماعات المتشددة في ليبيا، بعد نجاح القوات الحكومية في إلحاق هزيمة قاسية بداعش في بنغازي.
وقال حفتر: إن "الانتصارات التي تشهدها بنغازي نتيجة الصبر من الشعب ومن جنود القوات المسلحة"، مشيرًا إلى أن عملية تطهير المدينة من مسلحي داعش "كان يخطط لها منذ أكثر من عام بمشاركة كافة الضباط".
وتشهد ليبيا معارك عنيفة منذ الإطاحة بالرئيس معمر القذافي منذ 2011؛ حيث شهدت البلاد حالة من الفوضي ساعدت في توغل وتنامي الجماعات المسلحة، وبدأت تتوغل في معظم المدن الحيوية في ليبيا واتخذت بعضها معقلًا لها.
ويسعى الجيش الليبي، إلى بسط سيطرته على كافة الأراضي الليبية، بعد استغلال هذه الجماعات الفوضى التي تغرق البلاد، وأعلن الملازم محمد أبسيط، آمر كتيبة 121 إجدابيا التابعة للجيش الليبي عن "تحرير مدينة إجدابيا من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها ومن غربها إلى شرقها بالكامل" على حد قوله.
وأكد أن قوات الجيش الليبي عثرت على وثائق وكشوفات التحويلات المالية للإرهابيين، وتورط بعض الدول الغربية في تمويل الجماعات الإرهابية، ولم يفصح عن أسماء هذه الدول.
الانتقال لمدينة "سرت"

بالتزامن مع استعدادات الحكومة الموازية في طرابلس المنبثقة عن المؤتمر الوطني المنتهية ولايته بقيادة خليفة غويل لبدء عملية تحرير سرت، أعلن حفتر عن قرب انتقال الجيش لمقاتلة تنظيم داعش في مدينة سرت.
وكانت مجموعة فجر ليبيا الذراع العسكري للحكومة المنتهية ولايتها، انسحبت من مدينة سرت في فبراير من العام الماضي بعد فشلها في السيطرة على حقول النفط في منطقة الهلال النفطي، وسهّل هذا الانسحاب على داعش مهمة السيطرة على المدينة.
وحسب مصادر مطلعة فإن تشكيلات قبلية من مدينة إجدابيا تقوم بمساع لضم جهاز حرس المنشآت النفطية تحت قيادة الجيش الليبي تمهيدًا لمعركة سرت.
وقالت مصادر، لقناة "العربية"، أمس الاثنين: إن قائد جهاز حرس المنشآت إبراهيم الجضران، الذي رفض في وقت سابق الانضمام لقيادة الجيش، يقف وراء زعامات قبلية من إجدابيا تسعى إلى الحصول على موافقة الجيش بانضمامه إليه.
وبحسب ذات المصادر فإن عددًا من مقاتلي حرس المنشآت النفطية قاموا بالانضمام إلى الجيش بشكل فردي بعد النجاحات التي حققها مؤخرًا في بنغازي.
من جانبه قال فضل الحاسي، آمر تحريات القوات الخاصة: "إن قوات الجيش أحرزت تقدمًا مشهودًا بمنطقة "النواقية" في الجنوب الغربي من مدينة بنغازي، وذلك بعد فرار عناصر إرهابية كانت تتخذ بعض المساكن بالمنطقة حصونًا لها.
وأضاف الحاسي أن السيطرة باتت كاملة على الليثي وبوعطني وشبه كاملة في الهواري، كاشفًا عن عثور قوات الجيش على سجون سرية بمنطقة الهواري، كان داعش يتخذها لإخفاء الكثير من المختطفين، لكنه أكد أن هذه السجون كانت خالية تمامًا أثناء اقتحامها.
وأكد أن أحد كتائب الجيش عثرت أيضًا في ذات المنطقة على عدد كبير من الصواريخ المحمولة كانت تخزنها المجموعات الإرهابية لاستخدامها ضد الجيش لا سيما سلاح الجو.
وقال: إن الأجهزة الأمنية أسرت أعدادًا كبيرة من مقاتلي التنظيم أثناء فرارهم باتجاه الغرب والشرق، بعد هزائمهم المتكررة بالمدينة، مؤكداً أن تحرير كامل المدينة بات قريبًا جدًّا.
وكانت قيادة الجيش الليبي قد أطلقت السبت من الأسبوع الماضي عملية "دم الشهيد" تمكنت خلالها من تحرير أجزاء واسعة من المدينة؛ حيث أكدت مصادر عسكرية في أوقات سابقة أن أكثر من 90% من المدينة بات محررًا.
وفي الوقت الذي أفادت مصادر محلية من مدينة إجدابيا بوجود مساعٍ اجتماعية لبحث ضم جهاز حرس المنشآت النفطية تحت قيادة الجيش الليبي في معركته ضد الإرهاب- نفى علي الحاسي المتحدث باسم جهاز حرس المنشآت النفطية، أمس الاثنين، ما ورد من أنباء حول مساع لضم جهاز حرس المنشآت النفطية لقيادة الجيش.
بداية داعش في ليبيا

ووفق معلومات موثوقة فإن إبراهيم الجضران آمر جهاز حرس المنشآت النفطية بليبيا قام سنة 2013 بالسيطرة على موانئ منطقة الهلال النفطي، وفشلت حكومة علي زيدان آنذاك في التفاوض معه لاستعادة المنطقة، خاصة وأنه إبان ثورة 17 فبراير تمكن من الحصول على كميات كبيرة من الأسلحة من مخازن القذافي إلى جانب ارتفاع عدد حرس الجهاز من 3 آلاف إلى 12 ألف عنصر.
واتفق الجضران مع رئيس الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبدالله الثني على تسليم الموانئ النفطية إلى المؤسسة الوطنية للنفط، خاصة وأنه فشل في لعب دور سياسي بتأسيس المجلس السياسي لإقليم برقة، لكنه رفض الانضواء تحت لواء الجيش بقيادة خليفة حفتر وتعهّد بالتصدي لتنظيم داعش الذي يحاول السيطرة على منطقة الهلال النفطي.
كانت قوات فجر ليبيا عرضت على الجضران الذي كانت له علاقات بمجموعات متطرفة يمدّها بالسلاح في عهد القذافي، اقتسام السلطة ومنح امتيازات لجهاز حرس المنشآت النفطية مقابل فسح المجال لعملية الشروق باحتلال منطقة الهلال النفطي.
وكانت أولى هجمات داعش في ليبيا كانت على ميناء "مرسى الحريقة" البحري النفطي، وكان الهجوم الثاني على حقل "المبروك"، الواقع على بعد نحو 100 كيلومتر جنوب مدينة سرت، شمال وسط البلاد، والذي تشغله شركة "توتال" الفرنسية، وآخر الهجمات التي نفذها التنظيم استهدفت موقعًا في مدينة سرت التي تمكن من ضمها إلى قائمة المدن الخاضعة تحت سيطرته. وتتوسط منطقة الهلال النفطي المسافة بين بنغازي وطرابلس، وتحوي المخزون الأكبر من النفط، وتضم عدة مدن مثل بنغازي وسرت، إضافة إلى مرافئ السدرة ورأس لانوف، وهما أكبر ميناءين لتصدير النفط في البلاد.
من جانب آخر قصفت طائرات غير معلومة الهوية، أهدافاً لتنظيم "داعش" قرب مدينة سرت الليبية بعد أيام من غارة أمريكية على تجمع للتنظيم في مدينة صبراتة أوقع عشرات القتلى.
وكان طيران قد استهدف رتلاً مكوناً من 10 سيارات تابعاً للتنظيم أثناء مروره جنوب مدينة زليتن، وفق مصادر ليبية.
ويواصل الجيش الليبي مساعيه لتحرير ليبيا من أيدي التنظيمات الإرهابية التي باتت مسيطرة على معظم المدن، وذلك في الوقت الذي تفشل فيه حكومة الوفاق في التشكيل.