بعد استقطابه لهن.. داعش يسعى لتأسيس "كتيبة نسائية" في ليبيا

الخميس 03/مارس/2016 - 01:46 م
طباعة بعد استقطابه لهن..
 
في سابقة هي الأولى من نوعها، ومواصلةً لتوسعه وتناميه في ليبيا، اتبع التنظيم الإرهابي "داعش"، أسلوبًا جديدًا لتنفيذ عملياته الإرهابية في المدن الليبية الذي استطاع السيطرة عليها في أعقاب دخوله للبلاد، ونشرت صحيفة التايمز اللندنية تصريحات لمسئولين أمنيين ليبيين تفيد أن "داعش" قام للمرة الأولى بتجنيد النساء واستخدامهن في عملياته أخيراً، ولا سيما لتنفيذ هجمات انتحارية غرب ليبيا.
بعد استقطابه لهن..
وأصبح انضمام النساء لداعش جزءًا أساسيًّا من استراتيجية هذا التنظيم في كسب مزيد من المقاتلين ومحاولة تعزيز صفوفه بكتائب نسائية؛ بُغية تحقيق أهدافه في التوسع، وخدمة لقضيته.
ونقلت الصحيفة عن رئيس المجلس العسكري لمدينة صبراتة، طاهر الغرابلي، قوله: إن السلطات اعتقلت سبع نساء من التنظيم، وتمكنت من قتل ثلاث أخريات خلال الأسبوع الماضي في المدينة.
وكشف الغرابلي عن أن امرأة من "داعش" حاولت تفجير نفسها بواسطة حزام ناسف، وهذه هي المرة الأولى التي يتم التأكد فيها من استخدام التنظيم لنساء في عملياته القتالية. فيما يعمد عادة في سوريا والعراق إلى إيكال مهام غير قتالية للنساء والفتيات في صفوفه.
ووفقاً لمحافظ صبراتة حسين ثوادي، فإن النساء في "داعش" ليبيا غالباً ما تقمن بالإعداد اللوجستي للمعارك، إلا أنهن يشاركن في القتال كذلك.
ويتبع داعش نفس نهج الحركة الإرهابية في إفريقيا "بوكو حرام"، والتي تعتمد في تنفيذ عملياتها على تجنيد النساء الأرامل، حتى يقمن بارتكاب المخططات الإرهابية بطريقة أسرع.
ويبدو أن هذا الأسلوب مجرد جزء من منظومة إلكترونية جاذبة يتبعها "داعش" من أجل تجنيد المقاتلين.
ويستقطب داعش النساء بعد حصولهن على وعود مزيفة بالسكن المجاني، وبالرعاية الصحية، وبالسيارات كذلك، أما الرجال فيوعدون بعرائس جميلة وبالإيمان الصادق، وفي كثير من الحالات، ينجح الأمر.
وتشير تقديرات إلى أن أكثر من خمسمائة امرأة غربية تركن عائلاتهن وسافرن إلى سوريا والعراق وليبيا؛ من أجل الانضمام لداعش.
محللون يقولون إنه بمجرد وصول النساء إلى المناطق التي يسيطر عليها داعش، يوضعن في مساكن خاصة بالإناث من أجل تعليمهن، وغالبًا لا يكون لديهن خيار بمن سيتزوجن، وفي الواقع، يخبروهن أن أماكن السكن قليلة والمياه والكهرباء تتوفر بشكل شحيح، حيث تنتهي القصص في الكثير من الأحيان بخلاف التوقعات.
مسئول أمريكي في قسم مكافحة الإرهاب أكد أن استخدام "داعش" للمقاتلين الأجانب كوقود للحرب، جعل العديد من تلك الزيجات قصيرة الأجل، كما يصورون لهن أن كون المرأة أرملة هو بمثابة وسام شرف لها.
بعد استقطابه لهن..
وداخل المدن الليبية التي يسيطر عليها تنظيم داعش، قد تكون المرأة زوجة أو سبية أو مدرسة أو داعية أو جاسوسة، وباتت في الفترة الأخيرة عنصرًا أساسيًّا داخل التنظيم يصعب الاستغناء عنها أو تعويضها؛ نظرًا للأدوار الموكلة إليها.
وفي تقرير نشره المركز الليبي لدراسات الإرهاب مطلع الشهر الجاري، كشف أن 3 بالمائة من عناصر "داعش" في ليبيا هم من النساء اللاتي جاء أغلبهن من دول الجوار على غرار تونس، السودان، تشاد، مالي والجزائر، وذلك عن طريق شبكات متخصصة في التجنيد وتسفير النساء، مضيفًا أن تنظيم "داعش" بليبيا انتقل إلى تجنيد القاصرات خلال هذه الفترة.
وبخصوص ظروف عيش النساء داخل التنظيم أكد تقرير المركز، أن ما يحدث للنساء هناك فاق أبشع أشكال الاستغلال تجاه المرأة، بعد أن قام بتحويلها إلى شريك في القتل، وأداة لتوفير المتعة الجنسية للإرهابيين باسم الدين، فيما يعرف بجهاد النكاح.
ويقول محللون: إن النساء دائمًا ما يلعبن أدوارًا في الحروب، فإن لم تكن هذه اﻷدوار في القتال الفعلي، تكون في مجالات حيوية أخرى مثل جمع المعلومات الاستخباراتية والرعاية الطبية وإعداد الطعام والدعم وغيرها.
وتنجذب النساء لداعش من خلال الحملات التي يشنها التنظيم على وسائل الإعلام الاجتماعية، بعدما يتم منحهن وعودًا بالزواج من مجاهدين أتقياء في دولة إسلامية حقيقية، وهو ما يعطيهن فرصة لتكريس حياتهن لدينهم وإلههم.
ويقدر محللون في المركز الدولي لدراسة التطرف في لندن أن 30 امرأة أوروبية دخلت إلى العراق وسوريا والآن إلى ليبيا، إما بصحبة أزواجهن المجاهدين أو ذهبن بنية الزواج من أعضاء في داعش أو في الجماعات الجهادية اﻷخرى، وهذه النسبة تقل 10% عن عدد الرجال الغربيين الذين يقاتلون اﻵن في سوريا أو العراق، لكن هناك مخاوف من ارتفاع عدد النساء التي تنضم لداعش سريعًا.
وأوضح تقرير للمركز الليبي لدراسات الإرهاب مُطَّلع أنه رغم صعوبة الظروف تلعب النساء دوراً استراتيجياً داخل التنظيم والمدن الواقعة تحت سيطرته، مشيرًا إلى أن الأعمال التي تقوم بها النساء داخل "داعش" في ليبيا متعددة وأولها خدمات الدعم اللوجستي، كالإشراف على سجن النساء الموجود في ذات المنطقة وإعداد الطعام للإرهابيين.
 وبخصوص مصير النساء والفتيات الليبيات المتواجدات في المناطق التي يستحوذ عليها تنظيم "داعش" في ليبيا على غرار مدينة سرت، أكد الصحفي من مدينة إجدابيا منصور عاطي أن المعلومات المتوفرة لديه تشير إلى أن عناصر التنظيم يجبرون الأهالي على تزويجهم بناتهم مقابل توفير الحماية لهم وتأمين حياتهم، مبينًا في هذا الجانب أن هناك العديد من العائلات التي فرت من المدينة قبل أن يتمكن التنظيم منها، مضيفًا أن موضوع الزواج يتم عن طريق مراحل تبدأ بأخذ منظومة السجل المدني بسرت ومعرفة النساء غير المتزوجات ثم سبيهن بالقوة من أهاليهن، مضيفًا أن عناصر التنظيم يحاولون إشاعة هذا الأمر على أنه زواج.
بعد استقطابه لهن..
وأوضح العاطي أن النساء اللاتي تم تجنيدهن من دول الجوار لم يدخلن حتى الآن إلى جبهات القتال ولم يحملن السلاح، واقتصر دورهن على تنظيم حلقات التعبئة والتدريس، إضافة إلى بعض المهمات الاستخباراتية داخل المدينة كمعرفة أماكن بعض الأشخاص، أو معرفة ما يدور حول موضوع معين.
من جهة أخرى أكد مصدر خاص من مدينة سرت، أن هناك العديد من العائلات من سكان منطقة النوفلية قاموا بالانضمام إلى تنظيم "داعش" والانخراط به، وقاموا بتزويج بناتهن لعناصر التنظيم بموافقتهن وموافقة عائلاتهن.
وحول أسباب تركيز "داعش" في ليبيا على استقطاب النساء للانضمام إليه أكثر من التنظيمات الإرهابية أخرى التي عرفتها المنطقة، يرى وحيد الزوي مسئول المكتب الإعلامي في كتيبة شهداء الزاوية، أن التنظيم يسعى من وراء جلب أفارقة من الهجرة غير الشرعية وبعض النساء من الدول العربية إلى تعويض النقص الذي يعاني منه بعد تضييق الخناق عليه، ومقتل عدد كبير من قياداته؛ مما تسبب في إحداث فراغ قيادي لديهم، مشيرًا إلى أن أحد محاور القتال في المناطق الخاضعة للتنظيم تقوده مجموعة من نساء عربيات.
أسامة الجارد كاتب متخصص في الإرهاب، يقول: إن "داعش" يسعى من وراء ذلك إلى تأسيس كتيبة نسائية تضاهي كتيبة "الخنساء" في سوريا لتتألف من النساء المتطوعات، وتقودها زوجات المقاتلين بهدف معاضدة جهود التنظيم خاصة في عمليات التجسس وكذلك محاولة إغراء المزيد من الشباب للانضمام إليه في وقت تتزايد تهديدات الغرب بتنفيذ ضربات ضده.
وأرجع الجارد أسباب انضمام النساء لـ "داعش" إلى أن هذا الأخير وفرّ كل الوسائل التي تبحث عنها النساء سواء الإمكانيات المادية أو عنصر المتعة المتوفر في جهاد النكاح، مشيرًا إلى أن أكثر النساء المنتسبات للتنظيم من دول الجوار هن من المناطق المحرومة.

شارك