قلق مُتنامٍ بشأن اتفاق أوروبا وتركيا حول اللاجئين
الخميس 10/مارس/2016 - 09:42 م
طباعة


الأسلاك الشائكة لم تمنع من تدفق اللاجئين
ردود الفعل الغاضبة على الاتفاق الأوربي التركي بخصوص اللاجئين لاتزال مستمرة، حيث انضم مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الأمير زيد بن رعد الحسين، إلى المنتقدين لخطة اتفاق أوروبي تركي بإعادة اللاجئين من اليونان إلى تركيا، حيث اعتبرها "غير شرعية"، فيما أشاد بتعامل دول مثل ألمانيا واليونان مع اللاجئين.
واعتبر مفوض الأمم المتحدة الأعلى لحقوق الإنسان أن عمليات الترحيل الجماعية للمهاجرين الواردة في مشروع الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي وإعادتهم إلى تركيا بأنها "غير شرعية"، مشيرا إلى أن مسودة الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا تثير قلقا شديدا.
أوضح بوله" قلق خصوصا إزاء احتمال الترحيل الجماعي والتعسفي الذي يعتبر غير شرعي". وأضاف أن "القيود على الحدود التي لا تتيح تحديد ظروف كل فرد تنتهك القانون الدولي والأوروبي"، منوها إلى إنه يعتزم بحث هذه المسالة خلال زيارة إلى بروكسل مطلع الأسبوع المقبل قبل قمة الاتحاد الأوروبي المرتقبة في 17 و 18 مارس الجاري حين سيتم وضع اللمسات الأخيرة على مسودة الاتفاق المثير للجدل.

معاملة اللاجئين السيئة
شدد على أن الشق الأبرز في مسودة الاتفاق التي احتجت عليها منظمات غير حكومية ولا تحظى بإجماع الدول الـ 28 الأعضاء في الاتحاد، يتضمن موافقة تركيا على أن تعيد إلى أراضيها طالبي اللجوء الذين وصلوا بطريقة غير شرعية إلى اليونان، بمن فيهم السوريون الفارون من الحرب في بلادهم.
وأشاد زيد بن رعد الحسين بالسخاء الذي تبديه دول مثل ألمانيا واليونان فيما تحاول أوروبا التعامل مع أسوأ أزمة هجرة تواجهها منذ الحرب العالمية الثانية. لكنه أسف لأن السعي لإبعاد هؤلاء الأشخاص يأخذ زخما "في ما ينتهك المبادئ الأساسية للتضامن والكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان".
على الجانب الأخر انتقدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إغلاق ما يعرف بـ"طريق البلقان" أمام اللاجئين، وخلال كلمة لها في نهاية المعركة الانتخابية بولاية راينلاند بفالتس، قالت زعيمة الحزب المسيحي الديمقراطي إن هذا الإجراء "ليس حلاً للمشكلة الشاملة".
أكدت ميركل أن هذا الإجراء سيقلل بطبيعة الحال من عدد طالبي اللجوء القادمين إلى ألمانيا، لكن في مقابل ذلك ستكون الصور التلفزيونية للاجئين العالقين في اليونان مطروحة للعيان كل مساء، ولا يمكن لهذا الأمر أن يستمر على الدوام.
يذكر أن كلاً من سلوفينيا وكرواتيا وصربيا بدأت اعتباراً من اليوم في منع دخول أراضيها إلا لحاملي جوازات سفر سارية وتأشيرات، كما قامت مقدونيا بإغلاق حدودها على نطاق واسع في وقت سابق، الأمر الذي أدى إلى وجود أكثر من 35 ألف لاجئ عالق في اليونان.

قلق من الاتفاق الاوروبي التركى
وحتى الآن لم تتبن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي رسمياً قراراً بإغلاق هذه الطريق التي أصبحت منذ الصيف ممراً إنسانياً لطالبي اللجوء. وبعد القيود التي فرضتها عدة دول في الأسابيع الماضية على حدود طريق البلقان، من مقدونيا إلى النمسا، تراجع عدد المهاجرين الذين يسمح لهم بالدخول بشكل كبير.
وفي إشارة إلى اليونان والاتحاد الأوروبي، قالت المستشارة الألمانية: "لا يمكن لنا أن نخفف الحمل في 27 دولة ونحمل المشكلة لدولة واحدة"، مشددة على إيجاد توازن أوروبي "وهذا سيكون مهمة كبيرة".
يأتي ذلك في الوقت الذى تحاول فيه الحكومة اليونانية إقناع اللاجئين العالقين في البلاد بسبب إغلاق "طريق البلقان"، والمقدر عددهم بـ40 ألفاً، بالتوجه فوراً إلى مراكز الاستقبال لكي لا تتدهور الأوضاع على الحدود الشمالية مع مقدونيا.
على الجانب الآخر أعلنت السلطات اليونانية عزمها لإقامة 14 مخيما جديدا في الأسابيع المقبلة لإيواء اللاجئين والمهاجرين المتدفقين على أراضيها، وبات هذا المشروع ملحا بعد الإعلان عن إغلاق ما يسمى ب "طريق البلقان" في وجه عشرات الآلاف القادمين خصوصا من سوريا والعراق وأفغانستان.
كانت حكومة أثينا قد وعدت عام 2015 بإقامة مأوى لـ 50.000 لاجئ حتى نهاية العام الماضي، لكن ذلك لم يتحقق، وهناك الآن رغبة لتسريع تنفيذ المشروع بمساعدة من الجيش الذي يعكف منذ نهاية فبراير الماضي على بناء مخيمات جديدة للاجئين.
وبهذه الخطوة في سياسة اللجوء يجرؤ رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس على ولوج حقل سياسي خطير، وللتذكير نشير إلى أنه في فترة الحملة الانتخابية كان الحزب اليساري لتسيبراس قد هاجم بشدة سياسة اللجوء المتشددة التي نهجها آنذاك رئيس الحكومة المحافظ أنتونيس سماراس.

رعد بن الحسين
وبعدها بأسابيع من الفوز الكاسح لليساريين في اليونان تم إغلاق أكبر مخيم للاجئين في ضاحية أثينا، وكانت منظمات غير حكومية قد وصفت ذلك المخيم، الذي تم تحصينه بأسلاك شائكة، بأنه "غوانتانامو اليونان". وكان وزير الحماية المدنية يانيس بانوسيس قد وعد بإقامة "مراكز ترحيب" جديدة تعم فيها "ظروف إنسانية أفضل".
من جانبه قاله خرغوس تسوغبولوس من أحد المعاهد السياسية بأثينا رئيس الوزراء اليوناني ينهج الآن تحولا في السياسة الواقعية من خلال فتح مخيمات لاجئين جديدة، وأشار إلى أن رئيس الوزراء اليساري ليس لديه خيار آخر سوى القيام بذلك، ويستبعد هذا الخبير أن تؤدي هذه السياسة الجديدة إلى حدوث احتجاجات داخل الجناح اليساري لحزب رئيس الوزراء، كما حصل صيف 2015 عندما تمرد الجناح اليساري في حزب سيريزا رافضا سياسة التقشف التي تبناها تسيبراس".
في نهاية الأسبوع الماضي أخلت الشرطة في أثينا لأول مرة ساحة فيكتوريا المركزية التي تحولت في الأشهر الأخيرة إلى مخيم مفتوح ونقطة لقاء للاجئين والمهاجرين من مختلف بقاع الأرض. وأفادت مصادر حكومية أن عملية الشرطة هدفت إلى العمل على وأد أنشطة مهربي البشر، وقد تم نقل عائلات بكاملها إلى مخيمات. وكان عمدة مدينة أثينا الاشتراكي خورغوس كمينيس قد اشترط إخلاء ساحة فيكتوريا لإقامة مأوى للاجئين، وهناك الآن خطط لإقامة مراكز إيواء وأخرى لتسجيل اللاجئين في مختلف مناطق البلاد. لكن يبدو أن تطبيق ذلك ليس بالأمر الهين.
عندما انتشر في قرية أتيرون بشمال اليونان الخبر أن السلطات المحلية بصدد تخصيص مساحة عشرة هكتارات لإقامة مخيم للاجئين، أسرع سكان محليون للقيام بعملية احتجاجية غير معتادة، إذ قاموا بعد غروب الشمس بحرث تلك الأرض التي لم تعد صالحة للبناء. وحتى في ضاحية بالقرب من أثينا حيث كان من المقرر إقامة مخيم للاجئين لإيواء 1000 شخص اعتبرت السلطات المحلية أن تلك الأرض غير صالحة لمشاريع بنائية. لكن هناك أمثلة معاكسة: ففي مدينة كوزاني في غرب مقدونيا قام عمدة المدينة في منتصف فبراير ببناء مخيم لإيواء 150 شخصًا في وقت وجيز، كما ذكر العمدة في لقاء تلفزيوني آخر "استطعنا في غضون ساعات من إيجاد فرص سكن داخل قاعة للرياضة وإيواء اللاجئين الأوائل".
وتأمل الحكومة اليونانية في تخفيف الضغط عليها عن طريق تعاون أفضل مع تركيا، لاسيما في عملية إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى تركيا، وجدد رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو استعداد بلاده لقبول المهاجرين الذين تتم إعادتهم من دول الاتحاد الأوروبي إلى تركيا.
أشار أوغلو إلى أنه سيتم إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة دخول دول اتفاقية شينجن اعتبارا من شهر يونيو المقبل، وحتى الآن لم يتم أي اتفاق بشكل نهائي مع دول الاتحاد الأوروبي على النقاط التي صرح بها أوغلو.
ومن المتوقع أن تقرر دول الاتحاد الأوروبي ذلك خلال قمتها المقررة منتصف مارس الجاري.