وسط مخطط انقلاب لـ"المالكي".. صراع التحالف الشيعي يهدد حكومة العبادي

السبت 12/مارس/2016 - 03:28 م
طباعة وسط مخطط انقلاب لـالمالكي..
 
اتسع الصراع بين أعضاء التحالف الوطني الشيعي الحاكم في العراق، مع وجود مخطط من قبل رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي للانقلاب السياسي على رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي، مع وجود تحفظات من قبل القوى السُّنِّية والأكراد على وثيقة الإصلاح التي طرحها الأخير من أجل تعديل الحكومة.

انقلاب سياسي

انقلاب سياسي
فقد كشف برلماني عراقي عن أن «نوري المالكي، نائب رئيس الجمهورية المقال من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي، يخطط للعودة إلى منصبه السابق رئيسًا للحكومة العراقية بعد أن تم رفض بقائه في هذا المنصب لولاية ثالثة من قبل القوى السياسية العراقية والإدارة الأمريكية عقب انتخابات 2014»، مشيرًا إلى أن «المالكي ومنذ أن تسلم العبادي مهامه كرئيس للوزراء بدأ بوضع العراقيل أمام خلفه؛ من أجل إفشال مهمته ليعود هو (المالكي) لرئاسة الوزراء».
وقال البرلماني، وهو نائب عن التحالف الوطني (الشيعي) لـ«الشرق الأوسط» أمس: إن «جهودًا حثيثة بذلها المالكي خلال الأسابيع الماضية من أجل إقناع قيادات في ائتلافه (دولة القانون)، والتحالف الوطني بعودته إلى رئاسة الحكومة؛ بسبب ما سماه فشل العبادي في مهمته». وأضاف البرلماني البارز- الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن المالكي ادعى قدرته وحده على إصلاح الأمور، مذكرا بأنه «حصل على أعلى الأصوات في الانتخابات التشريعية الماضية».
وأضاف البرلماني الذي ينتمي للمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم أن «المالكي كثف جهوده في إقامة دعوات عشاء وعقد اجتماعات ثنائية وثلاثية مع قيادات من ائتلاف دولة القانون والمجلس الأعلى والتيار الصدري لإقناعهم وإغرائهم بمناصب وزارية وامتيازات مالية؛ من أجل تأييد ترشيحه من قبل التحالف الوطني رئيسًا للوزراء بدلاً عن العبادي»، واصفًا نفسه بـ«رئيس الحكومة القوي والعبادي بالضعيف».
وقال برلماني عراقي: إن المالكي «عقد اجتماعات مع بعض شيوخ عشائر الجنوب وتحدث معهم عن الفساد المالي وضرورة تغيير الحكومة، بينما بثت محطته الفضائية (آفاق) برامج تمجد بزعامته وتنال من الحكومة الحالية، وتقدمه بصفة (النائب الأول لرئيس الجمهورية) مع أنه تمت إقالته مع إياد علاوي وأسامة النجيفي من قبل العبادي».

رجال المالكي

رجال المالكي
واعترف البرلماني عن التحالف الوطني بأن «هادي العامري زعيم منظمة بدر، الذي له ميليشيا مسلحة ضمن الحشد الشعبي وأبو مهدي المهندس القيادي السابق في الحشد الشعبي وقيس الخزعلي يناصرون فكرة عودة المالكي لرئاسة الوزراء؛ بسبب تحجيمهم من قبل العبادي والإدارة الأمريكية»، مشيرًا إلى أن «المالكي قدم لقيادات الحشد، خصوصًا العامري والمهندس والخزعلي وعودًا بمراكز ومناصب تمكنهم من البقاء في الواجهة وتقوي نفوذهم». وقال: إن «أشد المعترضين من قيادات التحالف الوطني على مشروع المالكي هم مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري وعمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى وبعض القيادات المعتدلة من دولة القانون وحزب الدعوة».
وقال: «في أول وأقوى ردة فعل على تحركات المالكي ضد حلفائه والعملية السياسية كان عدم دعوته لاجتماع قادة التحالف الوطني في كربلاء قبل 4 أيام، كما أن العبادي لوح بوضع رءوس كبيرة متورطة بالفساد خلف القضبان، بعدما تم الكشف عن حجم الأموال المهربة من العراق إلى الخارج من قبل المالكي ونجله أحمد وصهره صخيل وبقية أفراد عائلته، بمليارات الدولارات»، منوهًا بأن «المالكي- ومن أجل حفظ كرامته بعدم دعوته لاجتماع كربلاء- لَوَّح في تصريحات إعلامية بأنه سيبتعد عن واجهة الأحداث ولا يريد منصبًا حكوميًا، واعتبرت أوساط سياسية شيعية بأن المالكي قد يخطط لترك العراق إذا فشل مخططه وشعر بأن الخناق يضيق عليه».

مظاهرات الصدر

مظاهرات الصدر
وفي سياق آخر، صعد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من مطالبه بعد يوم واحد من قيام رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من إرسال وثيقة الإصلاح والتغيير الحكومي إلى الكتل السياسية، مع مطالبتها بترشيح أسماء تتمتع بالمهنية والكفاءة لشغل المناصب الوزارية التي يروم استبدالها كوجبة أولى والبالغة 9 وزراء.
وقال الصدر في كلمة مسجلة تم بثها على عشرات الآلاف من أنصاره في ساحة التحرير ببغداد أمس الجمعة: إن «الإصلاح يجب أن يشمل كافة مفاصل الدولة من دون فرق بينها، بل يجب أن يشمل القضاء العراقي الذي سيسته الحكومة السابقة التي باعت الوطن للإرهاب، بل قدمته على طبق من ذهب للإرهاب».
ودعا الصدر إلى ضرورة أن «يشمل الإصلاح مفوضية الانتخابات والمؤسسات المالية والبنوك العراقية»، لافتًا إلى أن «الفساد استشرى بكل المفاصل ولم تعد القضية مقتصرة على وزير أو وزيرين». كما طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر المتظاهرين بالاستمرار في مظاهراتهم للضغط على الحكومة حتى تحقيق الإصلاحات الجوهرية. كما دعا الصدر رئيس الحكومة حيدر العبادي بتوزيع بعض الأراضي التي نهبتها «الجهات الفاسدة» في وقت سابق، وفيما لفت إلى ضرورة سعي الحكومة لجعل الكهرباء مجانية أو بأجور رمزية، أكد ضرورة إعادة الأموال المسروقة داعيًا الحكومة بملاحقة الفاسدين من دون استثناء.
وفي سياق متصل، خرج آلاف من العراقيين في محافظة بابل أمس في مظاهرات حاشدة للمطالبة بإجراء إصلاحات في الحكومة العراقية ومحاربة الفساد الإداري. وطافت المظاهرة شوارع المدينة. وطافت شوارع مدينة كربلاء مظاهرة مماثلة للمطالبة بإجراء إصلاحات حقيقية وإحالة الفاسدين إلى القضاء.
وقال: إن «المظاهرات الجماهيرية التي قادها الصدر ببغداد قطعت الطريق تمامًا على المالكي وأنصاره لتنفيذ مخططه بعودته إلى منصبه»، مشيرًا إلى أن «المالكي فاتح عبر وسطاء السفارة الأمريكية ببغداد لدعمه كونه رجلهم القوي والقادر على تجاوز الأزمة السياسية في البلد، ولكن الردود جاءت مخيبة لآمال المالكي حيث تمسكت الإدارة الأمريكية بدعم شرعية العبادي وإجهاض أي مخطط للانقلاب السلمي أو العسكري عليه، في وقت لم تطمئن طهران حليفها السابق، المالكي، بدعمه في إنجاح مشروعه لكنها وعدت بدعمه فيما بعد إذا نجح في العودة إلى رئاسة الحكومة».
وأشار البرلماني العراقي إلى أن «المالكي حاول إقناع القيادات الشيعية بأنه صاحب شرعية في إقالة العبادي؛ كونه مرشحًا من قبل الائتلاف الذي يقوده وهو عضو في حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي، في حين أن العرف في حزب الدعوة يحتم على المالكي التنازل عن زعامة الحزب للعبادي كما تنازل الجعفري للمالكي يوم أصبح رئيسًا للوزراء، إلا أن المالكي تمسك بقيادته لحزب الدعوة ليتسلط على العبادي ويضع العراقيل في طريقه»، مشيرًا إلى أن «المالكي فاتح بعض القيادات السُّنِّية وبعض شيوخ عشائر الأنبار المقربة منه، التي يُطلق عليهم تسمية (سنة المالكي) ووعدهم بامتيازات رفيعة فيما إذا دعموا عودته لحكم البلد».

وثيقة العبادي

وثيقة العبادي
وأمس الجمعة، أعلن المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء، عن نص وثيقة "الإصلاحات الشاملة والتعديل الوزاري" التي أرسلها حيدر العبادي للكتل السياسية، مبينًا أن الوثيقة تشمل خارطة طريق تفصيلية للمرحلة المقبلة ومعايير اختيار مجلس وزراء "تكنوقراط" وتقييم أداء الوزارات ومكافحة الفساد، كما تحدد منهج عمل الحكومة وتنفيذ برنامجها واستكمال ما بقي من بنود الاتفاق السياسي وفقًا لخطة زمنية دقيقة.
وأوضح المكتب في بيان له، أن من "المحاور الأساسية للوثيقة هو المحور الأمني، ويتضمن تحرير الأراضي من عصابات داعش الإرهابية وجهود بسط سيطرة الدولة والقانون وحصر السلاح بيدها وبناء منظومة أمنية مهنية متطورة، أما محور إعادة الاستقرار والإعمار في المناطق المحررة فيشمل إنجاز فعال للمصالحة الوطنية وإعادة الاستقرار في المناطق المحررة وجهود إعادة الإعمار"، مبيّنًا أن "محور العمل التنفيذي الالتزام بالبرنامج الحكومي وتنفيذ حزم الإصلاحات وصياغة عمل لأداء الوزارة في ظل الظروف المالية الحالية".
وأكدت الوثيقة- بحسب البيان- على "تفعيل برنامج متابعة دقيق وعملي يقدم كشفًا دوريًّا وشفافًا لمستوى الأداء ودعم منظمات المجتمع المدني والصحافيين والإعلاميين وحمايتهم وتفعيل دور السلطة الرابعة في مراقبة ومتابعة الأداء"، لافتةً إلى أن "محور التشريعات يشمل التنسيق مع مجلس النواب لضمان إقرار القوانين والتشريعات التي تحت القراءة الآن وإجراء مراجعة شاملة للقوانين التي لم تشرع حتى الآن والعمل على رفع تشريعات وقوانين في ضوء الحاجة إلى تطوير أو إلغاء أو تشريع قوانين".
أما محور "الشفافية والنزاهة" فإنه شمل "تفعيل دور المجلس الأعلى لمكافحة الفساد برئاسة رئيس الوزراء، وإعادة هيكلة منظومة الرقابة والأداء وتفعيل دور الأجهزة الرقابية الأخرى"، مثلما أشارت وثيقة العبادي إلى أن "من المحاور المهمة الأخرى محور استكمال اختيار الإدارات العليا وتعيين الموظفين، وإقرار دراسة إعادة هيكلة الوزارات في ضوء المراجعة الشاملة التي تمت من قبل الأمانة العامة لمجلس الوزراء وبالتنسيق مع الوزارات".
وسبق لمكتب إعلام الحكومة أن أوضح يوم أمس، الخميس، أن وثيقة الإصلاحات تشمل 10 ملفات تتضمن معايير اختيار مجلس وزراء تكنوقراط وتقييم أداء الوزارات ومكافحة الفساد وتبسيط الإجراءات والبرنامج الحكومي وحزم الإصلاحات في مختلف القطاعات.

الموقف السُّنِّي الكردي

الموقف السُّنِّي
وفي نفس السياق، عبر الشريكان السُّني والكردي في الحكومة والعملية السياسية عن تحفظهما على ما ورد في الوثيقة التي قدمها العبادي لهما لإبداء الرأي بشأنها. وفي تصريحين منفصلين لـ«الشرق الأوسط» عبر نائبان عن تحالف القوى العراقية، وهو الممثل السُّني في البرلمان العراقي والتحالف الكردستاني بوصفه الممثل الكردي في البرلمان عن قناعتهما بأن ورقة العبادي تحتاج إلى المزيد من الإيضاح.
 وقال عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية رعد الدهلكي: إن «وثيقة الإصلاح التي تسلمناها من العبادي ليست واضحة بما فيه الكفاية، فضلًا عن أنها متناقضة وفيها الكثير من القضايا والإجراءات التي تجمع بين ما هو إداري وما هو سياسي، إلى الحد الذي تبدو فيه وكأنها مترجمة من لغة أخرى إلى اللغة العربية».
وأضاف الدهلكي أن «المكتب السياسي لتحالف القوى العراقية قرر اللقاء مع العبادي في غضون يوم أو يومين من أجل الاستيضاح منه عن الكثير مما يبدو غامضًا في هذه الورقة؛ لأننا بحاجة إلى أن نفهم الآليات والبرامج الخاصة بالإصلاح، حتى لا تتحول إلى مجرد حبر على ورق».
وبشأن ما يجري الحديث عنه عن الآليات المعتمدة لتغيير تسعة وزراء في المرحلة الأولى، قال الدهلكي: إن «هذه القضية من القضايا التي تقع خلف الكواليس ولا نعرف مدى صدقها»، مشيرًا إلى أنه «بصرف النظر عن كون ما يجري الحديث عنه على صعيد تغيير هؤلاء الوزراء صحيحًا أم لا فإن المسألة الأساسية هي الكيفية التي سوف تجري بموجبها عملية التغيير؛ لأننا في الحقيقة لا نعرف إن كان هؤلاء الوزراء الراحلون عن الحكومة مدانين بالفساد أم إنهم فاشلون.
إذن قبل البت في قرار يتعلق بذلك لا بد أن نعرف الآلية التي سيتم بموجبها تغييرهم والمجيء بغيرهم». ومن جهته أكد عضو البرلمان العراقي عن التحالف الكردستاني مسعود حيدر أن «لدينا ملاحظات كثيرة حول ورقة العبادي الإصلاحية حيث إننا لاحظنا أنه يريد أن يجمع كل السلطات بيديه، وهي سابقة خطيرة وتعد من وجهة نظرنا تجاوزًا على الدستور ومبدأ الفصل بين السلطات، وهو ما لا نسمح به».
 وأضاف حيدر أن «ما طرحه العبادي على الكتل السياسية يدل على عدم احترام الدستور مع محاولات تقويض السلطات الأخرى، وهو ما نعده سابقة خطيرة يتوجب الحذر منه والتعامل معه بدقة، وبالتالي فإننا لن نعطي رأينا بالوثيقة ما لم نعرف كل الأسباب التي أدت إلى هذا الخلط في الرؤى والمفاهيم»

المشهد العراقي

المشهد العراقي
لا جديد غير عادي في العراق بل المزيد من الشيء نفسه: صراع مرير على السلطة بين أطراف متعددة الانتماءات والولاءات. وحرب متقطعة متعددة الأطراف والأهداف ضد تنظيم «داعش» الإرهابي. 
جوهر الخلافات في العراق سياسي، ولا سبيل إلى موافقة الأطراف المعنيين على أي حكومة جديدة برئاسة العبادي أو غيره قبل الاتفاق على معادلة المحاصصة المرتجاة، فما يطلبه الأطراف المتصارعون في العراق هو تقاسم الحصص في السلطة والنفوذ، وفي ضوئها يجري التفاهم على سائر الشئون والشجون.. لذلك لن يكون هناك جديدًا في العراق.. ويستمر الوضع الحالي مع استمرار ورثة سلطة الاحتلال الأمريكي في العراق.

شارك