بعد تقرير للأمم المتحدة.. سلاح «حزب الله» يدخل دائرة الحصار
الخميس 17/مارس/2016 - 02:26 م
طباعة

تقرير صادر عن الأمم المتحدة، يحذر من حجم ترسانة السلاح التي يمتلكها حوزب الله اللبناني، ويهدد سيادة واستقرار لبنان، لافتًا إلى أن الحزب قام بشراء أسلحة حديثة ومطورة.
قوة "حزب الله"

وأشار تقرير صدر عن أمين عام الأمم المتحدة، أمس الأربعاء، إلى أن «حزب الله» وإسرائيل خرقا القرار الدولي رقم 1701 أكثر من مرة.
وقال بان كي مون: "إن سلاح «حزب الله» لا يوفر الحماية للبنان، كما يدّعى الحزب، بل يقوّض حكم القانون اللبناني ويشكل تهديدًا خطيرًا على السيادة والاستقرار".
وأشار التقرير إلى الهجوم الذي قام به «حزب الله» ضد سيارتين للجيش الإسرائيلي في 4 يناير وإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل في 20 ديسمبر الماضي. وأشار إلى أن كل هذه الحوادث تشكل انتهاكات خطيرة للقرار 1701 ووقف الأعمال العدائية، مضيفًا: «إن الضربات الانتقامية من قبل إسرائيل على لبنان تشكل أيضًا انتهاكات لنفس القرار ووقف الأعمال العدائية».
ويغطي تقرير الأمين العام، المقدم تنفيذًا لقرار مجلس الأمن رقم 1701، الفترة بين 5 نوفمبر 2015 و26 فبراير 2016.
وشدد كي مون على أن الأسلحة التي بحوزة الحزب وميليشيات أخرى خارج سيطرة الدولة اللبنانية تتناقض مع التزامات البلاد بموجب القرارين 1559 و1701.
(2006) معربًا عن شعوره بالقلق البالغ إزاء استعداد (حزب الله) لاستخدام قدراته في انتهاك للقرار 1701، محذرًا من أن «امتلاكه الأسلحة أو محاولاته لشراء أسلحة متطورة تثير الصراع، وستكون عواقبها خطيرة جدًّا على لبنان والمنطقة».
وقال كي مون: إن الأسلحة التي يملكها «حزب الله» والجماعات الأخرى هي مسألة ينبغي معالجتها بالحوار الوطني، بمجرد انتخاب رئيس للجمهورية، مطالبًا كذلك، بتنفيذ القرارات السابقة للحوار الوطني، وتحديدًا تلك المتعلقة بنزع سلاح المجموعات غير اللبنانية وتفكيك قواعد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين –القيادة العامة وفتح الانتفاضة، ورأى أن «التأجيل الذي طال أمده في التعامل مع هذه القضايا زاد من المخاطر على لبنان وإسرائيل».
الوضع الأمني

ووصف التقرير الحالة في المنطقة التي تسمى «الخط الأزرق» بـ«الهش»، في ضوء التطورات بالمنطقة ولا سيما في سوريا. ولفت التقرير إلى أنه لا يوجد أي تقدم بشأن مسألة مزارع شبعا المحتلة، ولم يصل إلى الأمم المتحدة لغاية الآن أي رد فعل حول «التعريف المؤقت لتلك المنطقة» من إسرائيل أو الجمهورية العربية السورية.
وأعرب كي مون عن قلقه لغياب التقدم في هذه المنطقة بحيث إن الأحداث الأخيرة تشير إلى: إمكانية زعزعة الاستقرار التي تأتي من عدم معالجة هذه المسألة، مكررًا دعوته لسوريا وإسرائيل لتقديم ردودها على تقريره الذي صدر في 30 أكتوبر 2007.
وقال كي مون: "إن الجيش الإسرائيلي لا يزال يواصل احتلال شمال منطقة الغجر المتاخمة لشمال الخط الأزرق، في انتهاك للقرار 1701. وذكر إسرائيل بالتزامها بسحب قواتها المسلحة من المنطقة، وفقًا للقرار، وحثها على اتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق هذه الغاية". وقال إنه يشجعها على التنسيق مع القوات الأممية بشأن ترتيبات الانسحاب على نحو سلس وآمن من المنطقة.
وأشار إلى استمرار انتهاك المجال الجوي اللبناني بشكل شبه يومي، من قبل إسرائيل، في تجاهل تام لسيادة لبنان وأحكام القرار 1701 مما يشكل مصدر قلق بالغ، قائلًا: «أدعو مرة أخرى، حكومة إسرائيل لوقف جميع التحليق من الأراضي اللبنانية والمياه الإقليمية».
ويبلغ قوام البعثة الأممية (اليونيفيل) 10.538 عسكريًّا من 40 دولة من بينهم 394 امرأة، ومن المدنيين نحو 252 موظفًا دوليًّا، بينهم 75 امرأة، وكذلك 551 موظفًا من اللبنانيين المحليين، بينهم 145 من النساء.
ورحب التقرير بالاستئناف الحالي من الهدوء، إلا أنه عاد وأشار إلى أن الوضع على طول الخط الأزرق لا يزال هشًّا وعُرضة لتطورات الأوضاع في المنطقة، مضيفًا أن هناك مخاطر عالية من سوء تقدير لعواقب مدمرة على لبنان وإسرائيل بسبب حادثة الرابع من يناير الماضي، حيث قال إنها «تشكل خطرًا حقيقيًّا لتجدد الصراع عبر الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل». وفي هذا الشأن، دعا التقرير الطرفين إلى الالتزام الكامل بالقرار 1701 واحترام وقف الأعمال العدائية، وتحقيقًا لهذه الغاية، حثها على اتخاذ التدابير اللازمة، بالتنسيق الوثيق مع اليونيفيل، لمنع أي عمل من شأنه أن يقوض الهدوء والاستقرار في المنطقة.
قدرات "حزب الله" العسكرية

واختلفت القدرات العسكرية لحزب الله الحالية بعد حربه في سوريا، عن قدراته العسكرية والقتالية التي خاض بها حرب 2006. وفق محللين ومصادر قريبة من الحزب فإن لدى الأخير "صواريخ بالستية تكتيكية، وصواريخ سكود، و"فاتح 110" الإيرانية الصنع، وصواريخ "ام 600" النسخة السورية لصواريخ "فاتح 110".
وفي نوفمبر 2013 نشرت صحيفة "يسرائيل هايوم" تحقيقًا موسعًا، تحدثت فيه عن إمكانيات التنظيم التي لا يعرفها أحد، والأسلحة التي بحوزته، وقدم التحقيق صورة موسعة بشأن جاهزية الحزب للوصول إلى العمق الاستراتيجي الإسرائيلي في أثناء الحرب، التي أكدت الصحيفة أنها آتية لا محالة.
واعترفت الصحيفة أن حزب الله يمتلك أكثر من 60 ألف صاروخ – الاعتراف في 2013- تمثل تهديدًا حقيقيًّا ومباشرا على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، معظم هذه الصواريخ مداها قصير ويبلغ عشرات الكيلومترات، إضافة إلى وجود نحو 5 آلاف صاروخ مداها متوسط (نحو 250 كيلومترًا) أي لديها القدرة على الوصول إلى تل أبيب وجنوب إسرائيل، فضلًا عن وجود أكثر من 300 صاروخ يبلغ مداها 300 كيلو متر، أي لديها القدرة على الوصول إلى أي مكان داخل إسرائيل.
وتعترف المصادر الأمنية الإسرائيلية أن تنظيم حزب الله أصبحت قدراته مختلفة عن حرب 2006 بعشرة أضعاف، فتقول الصحيفة الإسرائيلية "إذا كان حزب الله عام 2006 كان قادرا على إطلاق مئات من الصواريخ، التي يبلغ وزنها 300 كجم على منطقة جوش دان، فإن قدراته الآن تضاعفت عشرة أضعاف في الحرب المقبلة مع إسرائيل، وسيصل إلى أماكن أكثر عمقًا".
وأكدت الصحيفة الإسرائيلية أن حزب الله يمتلك الآن صواريخ أكثر دقة من التي امتلكها إبان حرب 2006، فلديه الآن صواريخ من نوع "فاتح 110"، كذلك من نوع "M600"، كما لدى حسن نصرالله ورفاقه أنواع متطورة من صواريخ "سكود"، التي يمكنها أن تصيب وتستهدف بفعالية بنى تحتية قومية وعسكرية، من بينها المطارات، منشآت للتجنيد، مراكز قيادة وسيطرة تابعة للجيش، فضلًا عن امتلاكهم قوة بشرية هائلة بين 20-40 ألف جندي وفق التقديرات الإسرائيلية.
وحذرت الصحيفة من عدم مجابهة محاولات حزب الله من زيادة قدراته العسكرية بالتعاون مع إيران وسوريا، ونقلت عن مصدر عسكري قوله: "إذا كان لدى حزب الله عشرات الآلاف من الصواريخ غير الدقيقة، فهذا ليس أمرًا مرعبًا، لكن إن كان لديه مئات أو حتى عشرات الصواريخ الدقيقة، فهذا أمر خطير للغاية".
ووصف التحقيق الإسرائيلي حزب الله بأن مساعيه لا تتوقف عند حد معين، وفي هذا الإطار يحاول اقتناء منظمات حديثة من الأسلحة مثل منظومات متطورة مضادة للطائرات، وصواريخ بر- بحر متطورة، وهناك مخاوف من امتلاكه صاروخ بر- بحر من طراز "ياخونت"، روسية الصنع، التي إن امتلكها، بحسب الصحيفة، فسيكون قادرًا على تهديد سفن سلاح البحرية الإسرائيلي وممتلكات إسرائيل داخل البحر المتوسط من حقول الغاز، كذلك هناك مخاوف من امتلاكه منظومات مضادة للطائرات متطورة من نوع "SA-17"، التي يمكنها تهديد سلاح الجو الإسرائيلي.
المشهد الآن

يبدو أن الحديث عن سلاح حزب الله، عاد من جديد إلى الصدارة وسط مخاوف إسرائيلية من نجاح الحزب في توجيه ضربات مؤلمة في أي معركة مستقبلية بي تدور بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وقوات حزب الله.
ورغم أن محللين ودوائر حزب الله يرون أن الأخير لا يسعى لحرب مع إسرائيل في المستقبل القريب. الأمر ليس فقط بسبب انخراطه في الحرب في سوريا بل أيضاً بسبب المناخ السياسي في لبنان الذي ليس مواتياً كما كان عليه في 2006- فإن الحديث عن سلاح حزب الله يؤشر إلى أن المجتمع الدولي بعد الانتهاء من الأزمة السورية سيعمل جاهدًا لحصار الحزب عبر خطة طويلة المدى وبقرارات دولية قد تشل من قدرات الحزب العسكرية، رغم المكاسب الميدانية التي اكتسبها من مشاركته في الحرب السورية.. ستدخل قضية سلاح حزب الله دوائر صنع القرار الإقليمية والدولية عقب انتهاء الحرب بما يمهد بشل قدرات الحزب العسكرية ليكون بلا أنياب حقيقية في مواجهة العدو الإسرائيلي.