صحف أمريكية: مصطلح الإبادة في العراق ينطبق على الإيزيديين لا المسيحيين

الخميس 17/مارس/2016 - 04:19 م
طباعة صحف أمريكية: مصطلح
 
من السهل إطلاق مصطلح الإبادة لما يحدث للإيزيديين في العراق، وفي نفس الوقت يصعب إطلاق المصطلح على المسيحيين هذا الأمر أثار عدة مجادلات في الصحف الأمريكية؛ حيث كتب إيفان بليس في مجلّة "ناشيونال انترست" عن تصويت مجلس النواب الأمريكي (الاثنين) الماضي، قرارًا تُصنَّف بموجبه الجرائم الوحشيّة لداعش ضد الأقلّيّات الدينيّة، كأعمال إبادة جماعيّة.
إن الحجم الصغير للمجتمع الإيزيدي في العراق، مقارناً مع السكّان المسيحيّين، والنقص النسبي في الانتشار الإيزيدي الخارجي، جعلا الإيزيديّين أكثر عرضة للإبادة الكاملة على أيدي داعش.
وذكر أنّ هذه العبارة التي تتضمّن التزامات قانونيّة بحسب كثيرين، عزفت إدارة أوباما عن استخدامها وسط جدل عن غياب المبادرات الأمريكية تجاه الأوضاع في سوريا والعراق.
وقبل التصويت بالإجماع أمس على القرار غير الملزم والهادف إلى الضغط على إدارة الرئيس باراك أوباما لتسمية هجمات داعش ضد المسيحيين والإيزيديين وغيرهم من الأقليات "جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية وإبادة"، وهو ما ترفضه وزارة الخارجية حتى الآن، كتبت بليس عن بطء صدور استجابات حاسمة من البيت الأبيض والكونغرس الأمريكي بعد اجتياح داعش للغرب العراقي وتهديد التنظيم للمسيحيّين والإيزيديّين وجماعات أخرى بالإبادة. الإشارة الأولى إلى التقدّم في هذا المجال برزت في نوفمبر الماضي، حين أصدر متحف ذكرى الهولوكوست الأمريكي تقريراً تضمّن أنّ الأعمال ضد الإيزيديّين ينطبق عليها التعريف الدولي للإبادة الجماعيّة. ومنذ ذلك الحين، سرت شائعات بين ناشطين وعاملين في الكونغرس عن إعلان وشيك للبيت الأبيض مرتبط بالموضوع.
بين أمريكا وأوروبّا
وكان الكونجرس فرض على الإدارة موعداً أخيراً لتصنّف أعمال العنف التي ارتكبها داعش ونظام بشّار الأسد في سوريا. وينتهي هذا الموعد في السابع عشر من الشهر الحالي.
وفي فبراير من هذا العام، صنّف البرلمان الأوروبي جرائم داعش ضدّ الأقلّيّات على أنّها إبادة جماعيّة، موافقاً على رأي البابا فرنسيس في هذا الموضوع. وبالعودة إلى الولايات المتّحدة، فقد شهدت هذه الأخيرة صدور قرار شامل شارك في إعداده "فرسان كولومبوس" ومنظّمة الدفاع عن المسيحيّين، أشار إلى أنّ استهداف المسيحيّين يتطابق مع التعريف الدولي القانوني للإبادة.
عقيدة أوباما
ويلفت بليس النظر إلى أنّ الرئيس باراك أوباما عُرف بحذره تجاه مسألة التدخّل في نزاعات خارجيّة من أجل أسباب إنسانيّة. وأشار إلى ما كتبه الأسبوع الماضي الصحفي جيفري غولدبرغ في مجلّة "أتلانتيك" الأمريكيّة حول عقيدة باراك أوباما في السياسة الخارجيّة، والذي سلّط الضوء على التوتّر بين أوباما وسفيرته إلى الأمم المتّحدة سامانتا باور التي انتقدت في كتابها الحائز على جائزة بوليتزر "مشكلة من الجحيم" الردود الأمريكيّة على الإبادة.
ويستحضر المقال في "أتلانتيك" ما نقل عن أوباما من كلام موجّه إلى باور، قائلاً: "سامانثا، هذا يكفي، لقد قرأت كتابك". تلك العقيدة لم ترَ في المجزرة التي ارتكبها نظام الأسد في الغوطة سنة 2013 والتي خرقت الخط الأحمر للإدارة الأمريكيّة، سبباً للتصعيد ضدّ هذا النظام بحسب الكاتب.
الفرق بين الإيزيديّين والمسيحيّين
ويعود الكاتب بالذاكرة إلى نوفمبر الماضي، حيث أجرت "ناشيونال انترست" مقابلة مع كاميرون هدسون مدير "مركز سايمون سكجودت لمنع الإبادة" تطرّقت إلى تقرير "متحف ذكرى الهولوكوست". هدسون قال إنّه "كان هناك فارق نوعيّ حقيقيّ بين طريقة معاملة المجموعات الإيزيديّة من قبل داعش مقابل (طرق المعاملة ل) مجموعات أخرى، المسيحيّون من بينهم". وأضاف هدسون: "بالمقارنة مع المواقع المسيحيّة، كان نهب الممتلكات والأماكن الإيزيديّة المقدّسة أكثر منهجيّة بكثير".

بالإضافة إلى ذلك، "إنّ الحجم الصغير للمجتمع الإيزيدي في العراق، مقارناً مع السكّان المسيحيّين، والنقص النسبي في الانتشار الإيزيدي الخارجي، جعلا الإيزيديّين أكثر عرضة للإبادة الكاملة على أيدي داعش". وأردف هدسون آنذاك قائلاً: "نسخة داعش من الفقه الإسلامي عنت أنّ الإيزيديّين واجهوا خيارين: إمّا اعتناق الإسلام بالقوّة أو الدمار. في حين أنّ المسيحيّين استطاعوا، نظريّاً على الأقلّ، دفع الجزية المفروضة على غير المسلمين من أهل الكتاب".
هذه ليست جزية
وينتقل بليس للتقرير الصادر عن "فرسان كولومبوس" و"منظّمة الدفاع عن المسيحيّين" ليشير إلى أنّ الجزية التي فرضها "داعش" كانت "أكثر من باهظة وشرّعت نوعاً من الابتزاز، بعيداً جدّاً عن مرتكز الضريبة كما مورست تاريخيّاً".
وحتّى في حال تمّ دفعها إلى "داعش"، فإنّ الجزية بقيت "تمهيداً لعمليّات قتل وخطف واغتصاب وسلب للسكّان المسيحيّين". وفي حين يجادل تقرير "متحف الهولوكوست" بكون الأعمال الوحشيّة ضدّ الإيزيديّين فقط، كانت مفهومة كفاية كي تستحقّ تسمية الإبادة الجماعيّة، فإنّ مصادر مقرّبة من منظّمة الدفاع عن المسيحيّين وحلفائها في الكونغرس أخبروا "ناشيونال انترست" أنّ اتفاقيّة منع ومعاقبة جريمة الابادة الجماعيّة تشير إلى أعمال مقترنة بـ"نيّة تدمير مجموعة كلّيّاً أو جزئيّاً". وهذا ما ينطبق على نيّة داعش تدمير وسحق قسم من مسيحيّي العراق على الأقل".
مفاعيل الاعتراف بالإبادة
هدسون اعتبر أن هذا الأمر يوسّع نطاق الردود الأمريكية المحتملة، حيث كان صنّاع القرار حتّى حينه قد "استخدموا حصراً عقيدة مكافحة الإرهاب". وأضاف: "هذا لا يحتاج إلى تورّط في التزام التدخّل، إذ إنّ الاعتراف بالإبادة في دارفور لم يغيّر مادّيّاً ردّ إدارة (جورج دبليو) بوش، لكن عوضاً عن ذلك، تمّ استخدام العبارة أكثر كموقف سياسيّ وجهد لحشد الاهتمام الدولي".
انتقادات عدّة لسجلّ أوباما في الشرق الأوسط تقول إنّ سياسته قد زادت سوءاً أوضاع المسيحيّين وأقلّيّات دينيّة أخرى في المنطقة. فوصف جرائم داعش كمؤسِّسة لإبادة جماعيّة هو طريق منخفضة الكلفة نسبيّاً للأخذ في الاعتبار مخاوف المجموعات المناهضة للاضطهاد.
"الولايات المتّحدة ليست بالضرورة الأفضل تجهيزاً أو الطرف الدوليّ الأكثر استعداداً للردّ عبر القوّة لوحشيّة داعش ضدّ مجموعات يعتبرها مقاومة لمشيئة الله. لكن قريباً ستكون مجبرة على إظهار، وعلى أقلّ تقدير، تماسك حكمها الأخلاقي".

شارك