الدعوة السلفية في مواجهة الأوقاف والأزهر
الأحد 20/مارس/2016 - 06:21 م
طباعة

بعد فشلهم في حصد أغلبية كانوا يتوقعونها في برلمان 2015، وانحسار شعبيتهم في الشارع المصري بسبب قربهم وتنسيقهم مع جماعة الإخوان في برلمان 2012، وما قبله الإعلان الدستوري 19 مارس 2011، هذان الحدثان الذين أعطيا لتيار الإسلام السياسي موقعًا متميزًا في السلطة في هذه الفترة وما تلاها حتى انحصرت شعبية هذا التيار بعد تلك الممارسات الفاضحة للفصيل السلفي من ناحية وإقصاء الإخوان لمن عارضهم ومحاولتهم اخونة مصر من ناحية اخرى. وفي محاولة منها لإثبات الوجود، أطلقت الدعوة السلفية ما يسمى "مجالس العلماء" لعدد من أقطابها ومنظريها من الصف الثاني من مسجد قباء بالهرم، وذلك بعيداً عن مسامع وزارة الأوقاف.
وتسمي الدعوة مسجد قباء بالهرم بالجامع الأكبر، وتعتبره قلعة فكرية لمنظريها؛ حيث تستخدم الدعوة السلفية التقنيات الحديثة بالمسجد في تصوير ونقل دروس دعاة السلفية عبر يوتيوب، لعدد كبير من خطبائها، ويخطب بالمسجد عدد كبير من خطباء السلفية، منهم: "محمود المصري ومصطفى العدوي، وصابر دياب، ومصطفى الجيزاوي، ومحمد الصاوي، وسمير مصطفى، وهاني حلمي".

وأدى الخطبة الماضية بالمسجد الداعية السلفي سمير مصطفى، بعنوان: "قينقاع.. دروس وعبر"؛ حيث خالف خطة وزارة الأوقاف الدعوية، والتي نصت على خطبة الجمعة الماضية عن فضل الشهادة ومكانة الشهيد، كما شهد المسجد مخالفة أخرى، هي وضع صندوق تبرعات بجوار الخطيب وهو أعلى المنبر بالمخالفة لتعليمات الأوقاف التي تمنع التبرعات، كما يشهد المسجد مخالفتين أخريين، هما "التصوير داخل المسجد دون موافقة الوزارة، والنشر للجميع، وصعود خطباء غير مصرح لهم ولا يرتدون الزى الأزهري".
من جانبه شن الداعية السلفي سمير مصطفى، خطيب الجمعة الماضية، هجوما كاسحاً على اليهود، واتهمهم بنقض العهد دائماً، وذلك خلال حديثه عن بنى قينقاع، وموقفهم من النبي محمد صلى الله عليه وسلم، متسائلاً: "لماذا ينقض اليهود العهد كل ما نشبت حرب بين الرسول والكفار"، لافتاً إلى حرص اليهود ومحاولاتهم لتغير ولو كلمة من الشريعة حتى لو كلفهم ذلك أغلى الأثمان.
وقال الداعية السلفي: إن المرأة بمجرد خروجها من بيتها يستشرفها الشيطان وجنده، ناسباً قوله إلى الرسول، مؤكداً أن الأمر لا يتوقف عند حد كشف الوجه بل مجرد خروجها من البيت، مشيراً إلى أن التبرج يلفت النظر حتى لو لم تكن جميلة لأن "إبليس" هو الذي يهوى بها، مشددا على ضرورة أن تغطى المرأة جميعها، ملقباً قاسم أمين بأنه أحد شياطينهم، مشيراً إلى اليهود، وذلك بدعوته إلى التحرر.
ورغم تأكيد علماء الأزهر والأوقاف على الاحتفال بعيد الأم بأنه ليس محرما بل من وصايا الرسول محمد صلى الله عليه بالأم وتقدير دورها الذي عظمه الله، كما خصصت وزارة الأوقاف خطبه بعنوان دور المرأة في بناء الأوطان ورغم ذلك أفتى نجل الشيخ الحوينى في فتوى له: "إن كل الأعياد التي تخالف الأعياد الشرعية كلها أعياد بدعٍ حادثة لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح، وربما يكون منشأها من غير المسلمين أيضاً، فيكون فيها مع البدعة مشابهة أعداء الله سبحانه وتعالي".

وكانت فتاوى السلفيين بتحريم الاحتفال بعيد الأم، قوبلت بانتقاد شديد من المؤسسات الدينية الرسمية، حيث يصف الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، فتاوى السلفيين والتيار الإسلامي عن المرأة بالعقوق، مؤكدا أن مثل هذه الفتاوى ليست لها علاقة بالدين الإسلامي الذي كرم المرأة ووضعها في دائرة الاهتمام من خلال حديث الرسول صلى الله عليه وسلم والذي ذكر الأم ثلاث مرات والأب مرة واحدة.
ويضيف الجندي في تصريح صحفي له اليوم الأحد بأن "فتاوى شيوخ السلف تحريض صريح للمسلم على عقوق الوالدة"، مشيرا إلى أنه ليس كل ما لم يذكر في القرآن والسنة النبوية هو بدعة، وعيد الأم يعد مظهرا مهما للاهتمام بالمرأة وإعطاءها قدرا من التقدير لجهودها في تربية الأبناء، ولا يجوز تحريمه أو تحريم تقديم الهدايا فيه.

ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية
بينما كانت فتاوى بعض شيوخ التيار السلفي عن "عيد الأم" لا تحرم الاحتفال بهذا اليوم فقط، بل تحرم شراء الهدايا للأمهات، فيقول الشيخ ياسر برهامي نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية في فتوى منسوبة له: لا تشتر هدية لأمك ولو أحزنها ذلك ويمكنك شراؤها في مناسبة أخرى مثل عيد الفطر أو الأضحى أو بغير مناسبة ولا يجوز المشاركة في هذا العيد.
ومن أهم الفتاوى الصادرة في الشأن، فتوى الشيخ سعيد عبد العظيم النائب السابق لرئيس الدعوة السلفية، حيث يقول: "أعيادنا توقيفية تؤخذ دون زيادة ودون نقصان، وهي من أعظم شعائر الدين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا أهل الإسلام» ولما قدم المدينة ورأى أهلها يلعبون في يومين وسأل عن هذين اليومين، فقالوا: يومان كنا نلعب فيها في الجاهلية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر» ولذلك فاستحداث عيد الأم وعيد الطفل وعيد الربيع وعيد العامل والمعلم، كلها من جملة الأعياد البدعية".
وبعيدا عن المواقف الفقهية والعقائدية هل تلك الفتاوى التي تطلقها الدعوة السلفية على منابر المساجد لا تعد تهديدا للسلم العام واللحمة الاجتماعية؟ الم تعد تلك الفتاوى ازدراء للأديان ومخالفة لما هو معلوم من الدين بالضرورة على حد تعبيرات الأزهر ومجالسه وجامعاته؟ وهل يحق لنا أن نسأل: أين دور الأزهر في مواجهة تلك الفتاوى التحريضية والتي تهدد السلم الاجتماعي؟