بعد إزالة صور الإخوان ومرسي.. تساؤلات حول مستقبل علاقة القاهرة و«حماس»

الإثنين 21/مارس/2016 - 04:06 م
طباعة بعد إزالة صور الإخوان
 
في مؤشر على تغير حركة المقاومة الإسلامية "حماس" على تغير سياستيها تجاه مصر، أزالت حماس في قطاع غزة، شعارات الإخوان المسلمين وصور قادتهم من على المساجد وشوارع القطاع.

إزالة باللافتات

إزالة باللافتات
وأثار وضع نشطاء من حماس لافتة كبيرة على مفترق السرايا وسط مدينة غزة كتب عليها "المقاومة لا توجه سلاحها إلى الخارج، والبوصلة نحو تحرير فلسطين"، تساؤلات حول مغزى هذه الخطوة التي جاءت عقب لقاء وفد قيادي من الحركة مع مسئولي المخابرات المصرية بالقاهرة قبل أيام.
وحلت اللافتة الجديدة محل لافتة كان مكتوبا عليها "القدس تنتظر الرجال" مع صور للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر ووالده وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس وإسماعيل هنية نائب رئيس المكتب، بالإضافة إلى شعار الحركة والقسام والإخوان.
وكانت حماس أكدت بعد هذه الطلبات، حرصها على فتح صفحة جديدة من العلاقات مع مصر، بعدما تدهورت منذ منتصف 2013. منذ ثورة 30 يونيو 2013 وعزل محمد مرسي القيادي بجماعة الإخوان من منصب رئيس جمهورية مصر العربية، وتصدر الخلاف الواجهة بين حماس ومصر، وأغلقت أبواب القاهرة في وجه قادة حماس، ووجهت لها من قبل النظام ووسائل الإعلام المناوئة للإخوان المسلمين عدة اتهامات، وصلت لحد تصنيف الحركة على أنها «إرهابية» قبل أن تتراجع القاهرة عن القرار، من خلال استئناف حكومي، ضد الحكم الذي أصدرته إحدى محاكم القاهرة.

لقاء القاهرة

لقاء القاهرة
إجراءات حماس مؤشر واضح على الاتفاق مع المخابرات المصرية، على فك الارتباط بين الحركة الفلسطينية وتنظيم الإخوان المسلمين، فقد شهدت العاصمة المصرية القاهرة قبل أيام اجتماعات بين المخابرات المصرية وقيادة حماس دون الافصاح عن فحواها.
لكن الدكتور موسى أبو مرزوق قال في تصريح نشره على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" عقب انتهاء الاجتماعات: "عبرنا وبوضوح شديد عن حرصنا على أمن مصر وعدم التدخل في شئونها الداخلية، وعلى قيامنا بكامل التزاماتنا بحفظ الحدود وعدم إتاحة المجال للعبث بأمن مصر واستقرارها، ولن يكون القطاع مأوى أو ملجأ لمن يضر بأمن مصر".
وأضاف: "وأوضحنا أن أمن مصر هو أمن لفلسطين، وأن قطاع غزة المتضرر الأكبر من فقدان الأمن في سيناء.. كما أوضحنا سياسة الحركة في الاغتيالات السياسية وإدانتنا لعملية اغتيال المستشار هشام بركات".
وتابع: "الزيارة لها ما بعدها ونعتقد بأنها فتحت صفحة جديدة وخطاب مودة لأشقائنا في مصر، مؤكدين أنه لا يأتي من قبلنا إلا الخير والسلام".
وبعد مرور أسبوع على الزيارة التي اختتمها وفد حماس مساء يوم الثلاثاء الماضي، يشير الكثير من المعلومات إلى أن هناك تقدمًا حصل، وأن اتفاقًا غير معلن أبرم بين الطرفين على عدة قضايا. وقال زياد الظاظا عضو المكتب السياسي لحركة حماس، إن لقاء وفد حركته بالمخابرات المصرية «حقق نتائج إيجابية»، رغم عدم إعلان الحركة عن جميع تفاصيل الزيارة.
وكثيرًا ما أشير إلى أن الزيارة جاءت من أجل «فتح صفحة جديدة في العلاقات»، خاصة وأن رئيس وفد حماس قال بعد انتهاء اللقاءات: "إن لهذه الزيارة ما بعدها".
وكان وفد حركة حماس غادر قطاع غزة السبت قبل الماضي إلى القاهرة عبر معبر رفح البري، وضم أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس من غزة محمود الزهار، عماد العلمي وخليل الحية، وترأسه من الخارج القيادي البارز موسى أبو مرزوق.

اتفاق غير معلن

اتفاق غير معلن
وفي هذا السياق أيضًا ذكرت تقارير أنه جرى الاتفاق خلال زيارة الوفد للقاهرة على عدة ملفات، بعدما كشف مصدر مصري رفيع المستوى لـ"الجريدة" الكويتية، أن وفد الحركة الذي غادر القاهرة الأسبوع الماضي، استقر مع السلطات المصرية على صيغة اتفاق مكتوب يؤكد التزام الحركة بعدم إيواء أي عناصر جهادية داخل قطاع غزة الملاصق للحدود المصرية الشرقية، الذي تسيطر عليه "حماس"، فضلًا عن التزام الأخيرة بعدم بناء أنفاق تؤثر في الأمن القومي المصري.
وكشف المصدر- الذي رفض نشر اسمه- أن الاتفاق تضمن موافقة القاهرة على إنشاء ميناء بحري في القطاع، مع التوصل إلى صيغة لزيادة عدد أيام فتح معبر "رفح" البري بين سيناء المصرية والقطاع، إذ تم الاتفاق على فتح المعبر في أيام محددة من كل شهر، فضلًا عن موافقة القاهرة على استضافة وفود من "حماس" وحركة "فتح" لإجراء مصالحة بين فرقاء المشهد الفلسطيني، كما تمت مناقشة ملف الشباب الأربعة المنتمين للقطاع والمخطوفين في سيناء منذ عدة أشهر.
وأشار المصدر إلى أن الجانب المصري أصر على أن يكون الاتفاق مكتوبًا وملزمًا لـ"حماس"، في خطوة نحو إعادة العلاقات بين القاهرة والحركة إلى سابق عهدها، وتجاوز أي نقاط خلافية والعمل على حلها، وأن الاتفاق جاء في إطار التأكيد على أن معبر "رفح" من جهة سيناء خاضع للسيادة المصرية، وأن على "حماس" الاضطلاع بمهام تأمين حدود قطاع غزة مع الحدود المصرية، وعدم السماح لأي ميليشيات مسلحة بالهجوم على مصر انطلاقًا من غزة.

مراقبون: حماس تغازل مصر

مراقبون:  حماس تغازل
وحول مغزى الإجراءات التي اتخذتها حركة حماس في القطاع، رأى الكاتب ورئيس تحرير صحيفة "الرسالة" وسام عفيفة أن ذلك ربما محاولة من حركة حماس للتأكيد على مواقف سابقة أنها لا تتدخل في الشأن الداخلي المصري، ولا يوجد لها أي ارتباط تنظيمي أو إداري مع إخوان مصر.
وقال عفيفة لوكالة "معًا" الفلسطينية: "هذه مرحلة نشر أجواء من الثقة المتبادلة ربما خلال الساعات المقبلة يكون وفد حركة حماس في القاهرة لاستكمال المشاورات".
واستبعد أن تقطع حركة حماس علاقاتها بأي محور من المحاور في المنطقة، وقال: "حماس تسعى إلى إضافة ومراكمة علاقات العربية والإسلامية، وألا تقتصر على طرف معين.. ومن مصلحة حماس وغزة والقضية أن تفتح الحركة خطوط تواصل وإسناد ودعم مالي وسياسي ومن كل الجهات بدون دفع أثمان سياسية من أي محور".
وأشار إلى أن كل المنطقة والأحزاب تعيش حالة صعبة في ظل المتغيرات، وهذا ينعكس على حماس وعلاقاتها وغزة.
ويرى مراقبون أن خطوات حماس جاءت، بعد طلب مصر منها فك الارتباط بالإخوان المسلمين، من بين عدة طلبات، وهي عدم التدخل في الشأن المصري، وعدم التدخل في سيناء، والتعاون بشأن التحقيقات حول القضايا التي تمس الأمن المصري، ومنع السلفيين وجهات معادية من دخول القطاع من سيناء أو مغادرته منها، وقطع العلاقة مع الإخوان المسلمين، وضبط الحدود، ومراقبة الأنفاق، ومنع التسلل منها.

مستقبل العلاقات

مستقبل العلاقات
يبدو أن حركة حماس لم تجد مخرجًا من وضعها الحالي في ظل تخلي إيران عنها خلال المرحلة الحالية بعد الاتفاق النووي مع دول الغرب، وانشغال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالأكراد واللاجئين وحروبه مع خصومه السياسيين، وتراجع النفوذ القطري في المنطقة مع صعود المملكة العربية السعودية وإدراج الإخوان تنظيمًا إرهابيًّا، وموقف عربي من حزب الله اللبناني وجدت الحركة نفسها مجبرة على العودة إلى القاهرة؛ من أجل إنقاذ موقفها السياسي في الداخل الفلسطيني، مع ارتفاع موجة الغضب ضد الحركة في ظل سياستيها التقشفية وعدم دفع الرواتب في موعدها، يبقى التزام الحركة بتعهداتها تجاه القاهرة هو الفيصل في العلاقات بين الجانبين مع التزامها أيضًا بالمصالحة الفلسطينية، والتي تلعب القاهرة دورًا كبيرًا في إنهاء الخلاف بين "فتح" وحماس".. فهل ستلزم حماس أم تتخذ خطوة للتراجع للخلف أملًا في تغير الأوضاع بمصر والإقليم؟

شارك