يحيى السنوار.. قائد حماس القادم
الثلاثاء 22/مارس/2016 - 12:52 م
طباعة
علي رجب
يحيى السنوار، أحد أبرز قياديي كتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، اعتقل لنحو 25 عامًا في السجن، يهابه الكثيرون في حماس، حتى أصبح طليقًا في غزة بعد صفقة جلعاط شاليط، ليجد نفسه داخل أجواء جديدة داخل حركته التي كانت صغيرة قبل اعتقاله، وأصبحت جماهيرية، ولها امتدادات طويلة مع خروجه من سجنه.
حياته
يحيى إبراهيم حسن السنوار، القائد القسامي الكبير مؤسس الجهاز الأمني لحركة حماس من مواليد 1962 في مخيم خانيونس للاجئين جنوب قطاع غزة، وتعود جذوره الأصلية إلى مجدل عسقلان المحتلة عام 1948.
أنهى يحيى السنوار أبو إبراهيم، دراسته الثانوية في مدرسة خانيونس الثانوية للبنين، ليلتحق بعدها لإكمال تعليمه الجامعي في الجامعة الإسلامية بغزة، ليحصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية؛ حيث عمل في مجلس الطلاب خمس سنوات، فكان أميناً للجنة الفنية، واللجنة الرياضية، ونائب لرئيس، ورئيسًا للمجلس ثم نائبًا لرئيس مرة أخرى.
في التنظيم
يعد يحيى السنوار من القيادات الأولى التي أسست الجناح العسكري لحركة حماس، في أواخر سنوات الـ80، كان السنوار واحدًا من أكثر المقربين إلى الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حماس وقائدها الروحي، ونفذ توجيهات ياسين على الأرض برفقة صلاح شحادة ومحمد ضيف.
كما يعد المسئول الأول عن تأسيس الجهاز الأمني للحركة مع بداية تأسيسها، الذي عرف باسم "المجد"، والتابع لحركة الإخوان المسلمين في قطاع غزة عام 1985، وبدأ إعداد ملفات أمنيه، وأجرى تحقيقًا مع عدد من العملاء، ومع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى بدأت (مجد) فعاليات نشطة بالتنسيق مع الجهاز العسكري للحركة والذي كان يطلق عليه حينها (مجاهدو فلسطين).
لذلك وصفت تقارير إعلامية السنوار بأنه من أكثر الشخصيات صلابةً في المواقف وأكثرهم تعاملًا مع كل القضايا بمنظور أمني، حتى بات في حماس يطلق عليه بأنه "مهووس" أمنيًّا، وهو على خلاف كبير مع قيادات كبيرة بحماس، من بينها محمود الزهار وغيره، حول العديد من قراراته خاصة على المستوى العسكري وإحداث تغييرات في صفوف القيادات العسكرية لحماس.
اعتقل في 1982 وكانت أول مرة يعتقل فيها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وخرج ليعتقل بعد ذلك بأسابيع قليلة ويحكم ستة أشهر إداري في سجن الفارعة لمشاركته في النشاط الإسلامي وبناء الجامعة الإسلامية.
وبعد عدة أشهر من الاعتقال والتحقيق، التقى يحيى السنوار بالقيادي في حركة حماس صلاح شحادة، وكان التصميم على مواصلة العمل فصدرت التوجيهات باستكمال ومواصلة العمل المسلح.
وجاء اختطاف الجنديين "افي سبورتس وايلان سعدون" تتويجًا لهذا التخطيط والتوجيه الذي اتخذه يحيى السنوار، ليشكل ضربة قوية للجيش الاحتلال الإسرائيلي ويبدأ مرحلة الصراع المسلح.
وأعقب ذلك ضربة 1989 الشهيرة لقادة وأنصار ومؤيدي حماس؛ حيث انكشفت الخيوط، وقد أصيب ضباط ومحققوا الاحتلال والجنود من السنوار.
اعتقاله الثاني
اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني السنوار اعتقالًا إداريًّا في 20-1-1988، ثم انتقل لتحقيق وحكم عليه بالسجن أربع مرات مدى الحياة "ثلاثين سنة".
نقل الكبير مؤسس الجهاز الأمني لحركة حماس في فترة اعتقاله عشرات المرات بين السجون، وقضى غالبيه فترة الاعتقال في العزل الانفرادي. وفي عام 1989 تمت محاكمة يحيى السنوار، ويومها أغلق المحتلون طرقات غزة، وانتشروا في كل مكان ونقلوا يحيى السنوار في ظل إجراءات أمنية مشددة؛ خوفًا من أن يتمكن من الإفلات من بين أيديهم، وكانت محاكمته التي عبر فيها عن اعتزازه عن الدفاع عن غزة والقضية الفلسطينية.
حاول كسر قيوده عدة مرات، أبرزها محاولتين فشلتا في اللحظات الأخيرة وبمحض الصدفة؛ حيث إنه استطاع أن يحفر نافذة في جدار الغرفة في سجن المجدل، الذي يؤدي إلى ساحة خلفية مغطاة بشبك يقود إلى خارج السجن، وكان يحفر بِتَأَنٍّ بسلك بسيط ومنشارة حديدية صغيرة استطاع تهريبها فكان يحفر في الجدار، ويقوم بوضع معجون الحلاقة مكان ما تم حفره لكي لا يظهر وهكذا حتى لم يتبق إلا القشرة الخارجية وفيما كان يستعد ليحرر نفسه من القضبان مرّ أحد الجنود في مكان النافذة التي أعدها فانهارت القشرة وكشف المحاولة ليعاقب ويسجن في الزنازين الانفرادية ومحاولة شبيهة بعد ذلك كانت في سجن الرملة؛ حيث استطاع أن يقص القضبان الحديدية من الشباك ويجهز حبلًا طويلًا، ولكنها كشفت في اللحظات الأخيرة.
الرجل القوي
بعد أن قضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي 22 عاماً على التوالي أفرج عن يحيى السنوار في صفقة تبادل "1027" أسيرًا مقابل الجندي المختطف جلعاد شاليط، سبتمبر 2011، ليخرج من المعتقل ويصبح من أبرز قيادات حركة حماس في غزة وبات أحد أعضاء مكتبها السياسي إلى جانب صديقه في الأسر والخارج روحي مشتهى، وبات للرجلين دور كبير داخل مؤسسات الحركة حتى أصبح السنوار ممثلًا لكتائب القسام داخل المكتب السياسي لحماس ينقل رؤى الكتائب ومواقفها للقيادة السياسية ويُعد منسقًا بينهما قبل أن يصبح عاملًا مهمًّا سياسيًّا وعسكريًّا، ويؤخذ بمواقفه وآرائه ولا يمكن استثناؤه بأي حال من الأحوال.
كما أنه عين حلقة الوصل بين الجناحين السياسي والعسكري، ومن هنا زادت سطوته وقوته داخل حماس حتى بات من أكثر أصحاب القرار وبات مؤثرًا في قرارات الحركة حتى على قيادتها بالخارج.
ويحظى السنوار بقبول كبير في أوساط القيادتين العسكرية والسياسية لحركة حماس؛ حيث كان له دور كبير في التنسيق بين الجانبين السياسي والعسكري بحماس خلال الحرب الأخيرة بغزة، وكان لاعبًا مهمًّا ومؤثرًا في تحديد موقف الحركة من أي اقتراحات كانت تعرض للتهدئة، وكان يدعم دائمًا مطالب ومواقف القيادة العسكرية بضرورة تنفيذ المطالب الفلسطينية.
وفي أعقاب الحرب الأخيرة، أمر السنوار بإجراء تحقيقات في إخفاقات الحرب وأداء القيادات الميدانية جميعها بلا استثناء، حتى خرجت لجان التحقيق بإقالة العديد من قيادات الكتائب وتغيير مناصبهم؛ بسبب إخفاقاتهم بالحرب من بينهم أحد القادة الكبار "عز الدين الحداد".
الرجل الأمني
وفي 14 يوليو 2015، عينت حركة حماس، يحيى السنوار مسئولًا عن ملف الأسرى الإسرائيليين لدى كتائب القسام، وأنه سيقود مفاوضات تبادل الأسرى، وسيكون إلى جانب مستشاري نائب رئيس المكتب السياسي للحركة السنوار، وعضو المكتب السياسي للحركة روحي مشتهى، والمسئول عن ملف الشهداء والأسرى في حركة حماس، يضاف إليهم أيضا القيادي البارز والمتواجد في تركيا صالح العاروري.
كما يعرف عن السنوار أنه ذو شخصية أمنية كبيرة ولا يظهر على العلن إلا نادرا جدا، كما أنه يمتلك شخصية وكاريزما كبيرة، ومتشدد في مواقفه.
ملك حماس القادم
يعد يحيى السنوار ملك حماس القادم، فالرجل يتمتع بثقة كبيرة وولاء من قبل الجناح والمجلس العسكري لحماس، فيما يبدو أن الجناح السياسي بقيادة خالد مشعل وإسماعيل هنية، يخشيان على مكانتها من حضور السنوار القوي في الحركة.
فالخلافات تكبر يومًا بعد يوم والمساحات تكبر يومًا بعد يوم بين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، وبين يحيى السنوار أحد أبرز القادة العسكريين في كتائب عز الدين القسام الذي يشدد من قبضته على قطاع غزة في الآونة الأخيرة؛ بسبب تخوفات من انفلات الشارع في غزة ضد الحركة التي تحكمهم منذ العام 2006.
وجاء في تقرير مطول نشره موقع "والا" الإسرائيلي، أن مشعل الذي يعتبره الكثيرون الرجل الأول في التنظيم لم يعد صاحب القرار الوحيد في الحركة كما كان الحال في السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن زعيمًا جديدًا في "حماس" يمتلك كاريزما خاصة بدأ نجمه بالسطوع وهو يحيى السنوار، الذي بات رقمًا لا يمكن تجاهله، وأصبح يسيطر على مراكز القوى داخل "حماس".
ووفقًا لمزاعم التقرير العبري، فإن القيادي في الحركة يحيى السنوار الذي أفرج عنه من سجون الاحتلال ضمن صفقة شاليط، يسعى لبناء علاقة جيدة مع إيران وحزب الله، في حين أن خالد مشعل لا يرغب بذلك.
ووفقا لادعاء الموقع فإن الخلافات تتنامى بين مشعل الذي يقيم في قطر، وبين السنوار الذي يعيش في مخيم اللاجئين بخان يونس، وأن العديد من القضايا لا زالت مسار صراع وخلاف بين الرجلين ومن بينها المصالحة مع حركة "فتح" والعلاقات مع مصر.
كما أن علاقة إسماعيل هنية رئيس حكومة حماس السابق ونائب رئيس المكتب السياسي، بالسنوار هي علاقة معقدة أيضًا. أولا: يُعتبر هنية أكثر اعتدالا. ثانيًا: بالرغم من أن العلاقة بينهما تبدو جيدة، يدرك هنية أن السنوار قد يشكل تهديدًا على مركزه كنائب رئيس المكتب السياسي في الانتخابات القادمة وقد يتم حتى انتخابه كقائده.
خلال أربع أعوام فقط، يحيى السنوار، الذي كان مرة الأسير رقم واحد، قد تحول إلى القائد رقم واحد. هو يقود خطًّا صقوريًّا، فهو على دراية كبيرة بحاجات حماس السياسية والعسكرية وكذلك على معرفة كبيرة بكل ما يتعلق بإسرائيل والمجال السُّني وحتى إيران؛ لذلك يعد السنوار الملك القادم علي عرش حماس، فيما يتوارى نجم مشعل وهنية أمام سطوة ونفوذ السنوار.
عائلة يحيى السنوار
بعد الإفراج عنه في صفقه جلعاط شاليط في 2011، تزوج السنوار من السيدة سمر محمد أبو زمر "صلاحة" (31 عامًا) الحاصلة على شهادة الماجستير تخصص أصول الدين من الجامعة الإسلامية، والتي سرعان ما أنجبت له طفله "إبراهيم".