صالح يطالب بالحوار مع السعودية.. و10 أبريل وقف القتال في اليمن

السبت 26/مارس/2016 - 08:40 م
طباعة صالح يطالب بالحوار
 
تبدو الظروف نحو بدء مسار جدي نحو مخرج سلمي للأزمة اليمنية مهيأة أكثر من أي وقت مضى، في ظل أوضاع ميدانية جعلت المتمرّدين الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح على وشك الانسياق لهزيمة عسكرية مدوية، وسط اتفاق على وقف اطلاق النار يوم 18 أبريل المقبل، ووجود خريطة حل من 5 نقاط رئيسة تتمثل في الانسحاب من العاصمة صنعاء والمدن وتسليم الأسلحة الثقيلة.

الوضع الميداني:

الوضع الميداني:
وعلى صعيد الوضع الميداني، واصلت أمس المعارك التي تخوضها القوات المشتركة لـ «المقاومة الشعبية» والجيش الوطني ضد مسلحي جماعة الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي صالح في جبهات تعز وشبوة والجوف، كما تجددت المواجهات عند الأطراف الشمالية الشرقية لصنعاء في مديرية نهم، في وقت تشهد العاصمة احتقاناً حاداً بين طرفي الانقلاب عشية التظاهرتين المنفصلتين اللتين دعا إليها «الحليفان اللدودان» لمناسبة مرور عام على بدء «عاصفة الحزم».
وانتشرت قوات موالية لصالح كانت تعرف سابقاً بـ «الحرس الجمهوري» على مداخل العاصمة ورفعت صوره عند نقاط التفتيش وفوق العربات المدرعة، في حين سيطر أنصار حزبه (المؤتمر الشعبي) على «ميدان السبعين» قرب القصر الرئاسي جنوب العاصمة وبدأوا تأمينه تحضيراً لتظاهرتهم الحاشدة صباح اليوم والتي تعد الأولى لهم منذ سيطرة الحوثيين على صنعاء وانقلابهم على الحكومة الشرعية في سبتمبر 2014.
في حين امتدت الغارات إلى مواقع غرب الجوف ومحافظة عمران، شهدت «ساحة الحرية» في تعز أمس تظاهرة حاشدة عقب صلاة الجمعة، لمناسبة الذكرى الأولى لانطلاق «عاصفة الحزم»، ورفع المشاركون فيها صوراً ولافتات للتعبير عن شكر دول التحالف وقادتها على تدخلهم إلى جانب الشرعية ضد الانقلابيين الحوثيين وقوات صالح.
وفي محافظة شبوة شنت قوات الجيش والمقاومة أمس، هجوماً عنيفاً على مواقع الحوثيين والقوات الموالية لعلي صالح في مديرية عسيلان. وقال مصدر عسكري لـ «الحياة»، إن القوات هاجمت مرتفعات جبل المنقاش، التي يتمركز فيها الحوثيون، وأدى الهجوم إلى مقتل خمسة من قناصة الحوثيين المتمركزين في الجبل، وسيطر رجال المقاومة على مجموعة من العتاد والأسلحة الثقيلة والمتوسطة. وباتت المقاومة على أعتاب بوابة عسيلان الشرقية، بعد سيطرة القوات الشرعية على قرن الصفراء بشكل كامل.
من جهة اخرى ذكرت وكالة «فرانس برس» أن 3 عمليات انتحارية وقعت مساء امس في عدن بواسطة سيارات مفخخة قتل فيها 23 شخصاً.
وفي سياق آخر قتل 27 شخصا بينهم 10 مدنيين فيما أصيب عشرات آخرون، في هجمات لسيارات مفخخة استهدفت، الجمعة، نقاط تفتيش للقوات الموالية للشرعية في عدن.
وانفجرت سيارتان ملغمتان في نقطتي تفتيش للمقاومة الشعبية في البريقة، فيما انفجرت سيارة ثالثة استهدفت نقطة تفتيش بالقرب من محطة الكهرحرارية في منطقة الشعب في المحافظة.
وتبنى تنظيم (داعش)، الهجمات، إذ أعلنت وكالة "أعماق" التابعة له أن  "ثلاث عمليات وهجومًا انغماسيًا لمقاتلي داعش على مقر للتحالف العربي بمدينة عدن، أسفر عن 27 قتيلاً على الأقل". وأحبطت طائرات الأباتشي التابعة للتحالف العربي هجوما مسلحا على معسكر تابع له في عدن عقب هجمات السيارات المفخخة.

المشهد السياسي:

المشهد السياسي:
قال الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، يوم السبت، إنّ النظام العائلي، بالإشارة إلى الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، كان يقود اليمن إلى المجهول، لافتاً إلى أن الوطن أصبح أكثر أماناً والجيش الوطني أكثر قوة بفضل "عاصفة الحزم".
كلام هادي، جاء عبر مقال صحافي كتبه، بالتزامن مع مرور عام على التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، إذ شكر فيه كافة الدول لمساعدة اليمن في مواجهة انقلاب جماعة "أنصار الله" وحلفائها.
ووصف هادي موقف دول التحالف العربي بالموقف "النبيل والشجاع"، مُذكراً بمقترح دول الخليج عبر المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، والتي ساندتها الدول العشر وعززها المجتمع الدولي بالدعم والمساندة، للحيلولة دون سقوط الدولة اليمنية.
ولفت الرئيس اليمني إلى أن المخلوع صالح ذهب مكرهاً للتوقيع على المبادرة الخليجية، فيما حليفه المتمثل في مليشيات الحوثي، أعلن رفضه لتلك المبادرة، باعتبارها مبادرة من الأشقاء في الخليج تم التوقيع عليها في مدينة الرياض، بينما هم مرتبطون بطهران.
وأوضح هادي أنه "على الرغم من قبولنا دخول جماعة الحوثي في الحوار، وهي ما زالت جماعة مسلّحة، ورغم كل الإعاقات التي كان تحالف صالح يفتعلها لإفشال الحوار إلا أن مؤتمر الحوار نجح، واضعاً معالجات شاملة لكافة قضايا اليمن منذ ما يزيد عن خمسين عاماً، كما أرسى أسس اليمن الاتحادي المدني الجديد".
واستدرك بالقول "عندما باتت مسودة الدستور جاهزة في انتظار مراجعتها وتصويت الشعب عليها، وجد الشعب اليمني نفسه مرة أخرى أمام تلك القوى الانتقامية لتقف أمام طموحه وتنقلب عليه، مخفية اتفاقاً سرياً بين صالح والحوثيين لنقل التجربة الإيرانية الفاشلة إلى اليمن، وقامت باقتحام عمران ومحاصرة صنعاء، بعد التنسيق الكامل مع بعض قيادات ووحدات الجيش والقيادات المحلية".
وأضاف "لم يجف حبر ذلك الاتفاق حتى انقضت تلك المليشيات على العاصمة صنعاء، وراحت تعبث وتنهب المعسكرات والمؤسسات في عملية انقلاب مسلح دموي، تمدد بعد ذلك لباقي المحافظات".
كما اتّهم هادي المليشيا "باستهداف وقتل عدد من حراساته، والذي جعله يقدم استقالته حين وجد الأبواب مع تلك العصابات قد أغلقت، وتم منع النواب من مناقشة الاستقالة وانتهت الفترة القانونية".
غير أنه لفت، في المقابل، إلى أن الدولة أصبحت تقترب من العودة، وأصبحت المليشيات تبحث عن طوق النجاة بعدما أذاقت الشعب ويلات القتل والدمار والحصار وفرضت علينا الخيارات الصعبة.
وأكّد هادي أنّ الشرعية تبسط نفوذها على معظم مناطق الوطن وستكتمل المسيرة الظافرة حتى يتحرر الوطن كله ويعود الحق لأهله ويبقى الشعب هو صاحب القرار والسلطة والحكم، فلم يعد إلا القليل الذي يتطلب تظافر الجهود واستمرارها.
فيما طالب الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، بحوار مباشر مع السعودية، خلال تظاهرة لأنصار حزبه "المؤتمر" في الذكرى الأولى لانطلاق عمليات التحالف العربي الداعمة للشرعية في اليمن، فيما تستعد جماعة أنصار الله (الحوثيين) للتظاهر عصراً في إحدى الساحات، شمالي صنعاء.
واحتشد أنصار صالح في ميدان السبعين، أكبر ميادين العاصمة صنعاء، ورفعوا صوره بالإضافة إلى شعارات منددة بالتدخل العربي الذي وصفوه بـ"العدوان" بعد عام من بدء عمليات التحالف.
وخلال تظاهرة اليوم، حضر الرئيس السابق وألقى كلمة مقتضبة أمام أنصاره، وجه خلالها دعوة للحوار المباشر مع السعودية وطالب مجلس الأمن باستصدار قرار لوقف الحرب. 
وتعد التظاهرة الكبرى التي يقيمها أنصار صالح منذ أكثر من عام، وقد حلقت مقاتلات التحالف على ارتفاع منخفض وخرقت حاجز الصوت أثناء التظاهرة.
إلى ذلك اشتدت حدة التراشق على مواقع التواصل الاجتماعي بين الناشطين الموالين لحزب صالح والحوثيين، الذين دعا بعضهم إلى إصدار أمر حوثي يمنع تظاهرة صالح بالقوة باعتبارها تمهيداً للانقلاب على سلطتهم، في حين دعا أكثرهم تشدداً إلى وضع صالح تحت الإقامة الجبرية وإغلاق وسائل إعلامه ومصادرة أملاكه.

المسار التفاوضي:

المسار التفاوضي:
سجّلت الأزمة اليمنية اختراقاً سياسياً، بعد جهود حثيثة ومسيرة طويلة من التحضيرات واللقاءات، مع موافقة الأطراف اليمنية على وقف لإطلاق النار، يبدأ في العاشر من أبريل المقبل، ويسبق بأسبوع المحادثات التي ستُعقد في الكويت، بالتزامن مع إكمال عام على بدء عمليات التحالف العربي بقيادة السعودية ضد الحوثيين والموالين للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. وفيما ستتجه الأنظار إلى الالتزام بوقف الأعمال القتالية في كافة أنحاء البلاد، الذي أعلن عنه المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لفت طلب المبعوث الأممي من الأطراف المعنية تقديم أوراق "مفاهيمية" لرؤيتها حول المواضيع المطروحة للبحث، في ما يبدو استنساخاً للمحادثات السورية الجارية في جنيف.
وأعلن ولد الشيخ أحمد أن المحادثات ستركّز على خمسة مواضيع، يأتي في مقدمتها "انسحاب المليشيات والمجموعات المسلحة"، وهو الأمر الذي لا تزال تفاصيله محل لغط، إذ لم يوضح ما إذا كان الانسحاب من قبل الحوثيين، كما تطالب الحكومة، أم أنه يشمل الحوثيين والمجموعات المسلحة الموالية للشرعية، الأمر الذي يطرحه الحوثيون.
وتركز المحادثات في العنوان الثاني على "تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة للدولة"، وهو أحد المطالب العتيدة للحكومة من الحوثيين، ويعتمد تنفيذه على نوايا الأطراف المختلفة وجديتها بالالتزام. أما القضية الثالثة في نقاشات المحادثات، فهي "إجراءات أمنية مؤقتة"، في إشارة للمواضيع الخاصة بتسليم المدن مثل العاصمة، فيما العنوان الرابع للنقاشات "إعادة مؤسسات الدولة واستئناف حوار سياسي جامع"، وبالإضافة إلى ذلك، يجري "إنشاء لجنة خاصة للسجناء والمعتقلين".
وحسب بيان ولد الشيخ أحمد، فقد طلب من الأطراف المعنية إعداد أوراق "مفاهيمية" للمواضيع السابقة تقدّمها حتى الثالث من أبريل، فيما سيتم نقاش المواضيع المشار إليها عبر لجان متخصصة أثناء المحادثات التي قال إنها تهدف "إلى الوصول لاتفاق شامل لإنهاء الصراع واستئناف حوار وطني جامع وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2216 وقرارات مجلس الأمن الأخرى ذات الصلة".
أما عن وقف إطلاق النار، فسيبدأ منتصف ليل العاشر من أبريل ، من دون تحديد سقف لنهايته، بما يعني أنها عملية مفتوحة غير محددة بسقف زمني أو لا تزال محل تحفظ، وتسبق جولة المحادثات التي ستنطلق في الـ18 من الشهر نفسه في عاصمة الكويت، بعد أن استمرت التحضيرات لها طوال الأشهر الماضية. وبرأي مراقبين، سيكون وقف إطلاق النار الامتحان الأهم في طريق المحادثات، إذ يُعد هذا الشرط بالنسبة للانقلابيين، أمراً لا يمكن التراجع عنه، حسبما تقول مختلف تصريحاتهم، وفي حال انهيار التهدئة من غير المستبعد ترحيل موعد المحادثات وتَعقّد الوضع من جديد.

المشهد اليمني:

يبدو المسار السلمي الذي يوشك على الانطلاق في اليمن أكثر جدّية من جولات سابقة يتهم المتمرّدون الحوثيون بتفجيرها بتعنتهم، غير أن حالة الإرهاق الشديد الذي طال آلتهم الحربية، وساهم في تقليص مساحة سيطرتهم على الأرض لمصلحة الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف العربي، دفعهم إلى الاستجابة لدعوات السلام.
وعبّروا عن توجّههم الجديد من خلال مدّ اليد للمملكة العربية السعودية والتواصل معها بشأن وقف للقتال على الحدود بين المملكة واليمن وإنجاز تبادل محدود للأسرى، فهل ستنتهي مغامرة الحوثي في صنعاء ويعود إلى صعدة ويعود السلام إلى اليمن؟!

شارك