بعد استغاثة النواب العراقي.. هل ينجح الجيش في تحرير "الفلوجة" من قبضة "داعش"؟
الثلاثاء 29/مارس/2016 - 03:30 م
طباعة

في ظل ما تشهده المدن العراقية، والمواجهات بين الجيش العراقي والتنظيم الإرهابي داعش، وجه رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري باسم نواب المجلس نداء استغاثة إلى الحكومة للعمل على إغاثة المدنيين في مدينة الفلوجة.

وكان التنظيم الإرهابي داعش سيطر على مدينة الفلوجة في يناير 2014، وشهدت الفلوجة الاشتباكات المتقطعة على أطرافها وسط تضارب الأنباء عن الجهة التي تسيطر على المنطقة بين مسلحي العشائر أو تنظيم داعش.
وقال حميد الهاشم، عضو مجلس محافظة الأنبار آنذاك عن الفلوجة: "نعم داعش الآن يسيطر على الفلوجة بشكل تام، ولا يوجد أي جهاز أمني أو شرطة تحت طائلة القانون تحكم المدينة، وعناصر التنظيم يتجولون هناك بدوريات الشرط".
وأعلن الجبوري، عن أن موعد بدء معركة تحرير الفلوجة من سيطرة "داعش" وفتح منافذ آمنة للأهالي المحاصرين فيها أصبح قريباً.
جاء ذلك فيما انتشر هاشتاج "#الفلوجة_تقتل_جوعا" على مواقع التواصل الاجتماعي مع تسجيل حالات موت بسبب الجوع وإرهاب تنظيم "داعش" والأوضاع الإنسانية المزرية، التي يعيشها نحو 10 آلاف عائلة محاصرة داخل المدينة.
وقد قام التنظيم الإرهابي "داعش" بإعدام ستة أشخاص من سكان الفلوجة بتهمة التجسس لمصلحة الحكومة العراقية، يأتي ذلك في وقت تحاصر فيه قوات عراقية مدعومة بقوات "الحشد الشعبي" المدينة، فيما أعدم التنظيم الإرهابي أفراد بعض العائلات، التي حاولت الهرب من المدينة، ورمى جثثهم في نهر الفرات.
هذا وقد أعلنت قيادة العمليات المشتركة، عن فتح ثلاثة منافذ آمنة لخروج المدنيين من مدينة الفلوجة بالأنبار، جاء في بيان لمحافظ الأنبار صهيب الراوي أن الحكومة المحلية، ومنذ مطلع العام الجاري- وفرت ممرات آمنة مع مراكز استقبال، بالتنسيق مع القوات الأمنية، لكن "داعش" فخخ هذه الممرات، إضافة إلى مداخل ومخارج الفلوجة.
فيما أصدر شيوخ عشائر ووجهاء المدينة بيانًا أعربوا فيه عن شعورهم بأن هناك تسويفًا من قبل رئيس الوزراء حيدر العبادي، وأنهم "سيصرخون كما أي مواطن من الفلوجة "أين حقي" بالعودة"؟، كما دعا عضو اللجنة الأمنية في مجلس محافظة الأنبار راجع العيساوي العبادي إلى تقديم استقالته من منصبه في حال عدم تمكنه من إنقاذ أبناء شعبه المحاصرين من "داعش". وطالب العيساوي باسم محافظة الأنبار وحكومتها المحلية المرجعية الدينية بالتدخل فورا من أجل معالجة ملف العائلات المحاصرة داخل مدينة الفلوجة وإنقاذهم من محنتهم.
واتهمت الحكومة بالتقصير والتسويف في تحرير الفلوجة من جانب "الحشد الشعبي"، بينما أعلنت "كتائب حزب الله" ترحيبها وتضامنها مع موقف "لواء أنصار المرجعية"، الذي لوح بالانسحاب من الفلوجة في حال عدم إصدار الأوامر بتحرير المدينة من "داعش".

وصرح مسئول العلاقات العامة في "الكتائب" حسين مؤنس بأن انسحاب بعض فصائل "الحشد الشعبي" من الفلوجة "أمر متوقع"، وذلك نتيجة لضياع ترتيب الأولويات في إدارة المعارك. وقال: "إن ملف الفلوجة ليس تحديًا عسكريًّا بقدر ما هو تحدٍّ سياسي". مضيفًا أن أمريكا حاضرة في ملف الفلوجة ونينوي بقوة، وأن التدخل الأمريكي يحاول دائمًا إعاقة عمليات الحسم، وأن هناك اتفاقات سياسية أمريكية وعربية وبعلم الحكومة العراقية بترك تحرير الفلوجة، مشيرًا إلى أنه "لا يمكن للمجاهدين أن يكونوا بين فكي "داعش" والمزايدات السياسية".
ووفق إحصائيات أعداد المدنيين العالقين في الفلوجة تقدر بنحو مئة ألف، معظمهم من الأطفال والنساء والعجزة؛ حيث لم يجد الكثيرون منهم فرصة للنزوح من المدينة، بينما يخشى البعض الآخر أن تنتهي رحلة الخروج بالقتل أو الاختطاف على أيدي الميليشيات، فضلًا عن أن الوصول إلى بغداد يتطلب إيجاد كفيل وفق شروط السلطات.
وفي وقت سابق، أعربت لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب العراقي البرلمان عن قلقها من الحصار الذي تفرضه قوات الأمن على مدينة الفلوجة بمحافظة الأنبار، وقالت في بيان لها: إن تأخر القوات في استعادة المدينة وحصارها خلفا نقصًا في الغذاء والدواء.
وسبق تصريحات اللجنة، انتقاد مجموعة من البرلمانيين العراقيين ما وصفوه بصمت المجتمع العربي والإسلامي والدولي على ما اعتبروه "جريمة الإبادة الجماعية" التي تتعرض لها الفلوجة.
وكان مركز جنيف الدولي للعدالة اعتبر قبل أيام أن صمت الأمم المتحدة عن الحصار الشامل الذي تفرضه السلطات العراقية على الفلوجة منذ أشهر، يجعلها مشاركة في ما يحصل من موت جماعي لسكانها وجريمة "الإبادة الجماعية" التي تحصل فيها.
ويبدو أن موعد تحرير الفلوجة والموصل قد اقترب؛ حيث حذر رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، من ارتكاب "الميليشيات الطائفية" عمليات "تطهير عرقي" و"فظائع" في الموصل، على غرار ما شهدته مناطق عراقية عدة بعد تحريرها من تنظيم داعش المتشدد.
وفي مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، أشاد الجبوري بالعملية التي أفضت إلى دحر داعش من الرمادي في محافظة الأنبار، وطالب بـ"البناء على زخم" هذه المعركة لتحرير المناطق الأخرى، ولا سيما الموصل.
وتعد مدينة الموصل الواقعة في محافظة نينوي أحد أبرز معاقل تنظيم داعش المتشدد في العراق، وكان قد سيطر عليها في يونيو 2014 إثر الانسحاب المفاجئ للجيش العراقي والقوات الأمنية الأخرى.

وقال رئيس البرلمان العراقي: "لقد كان تحرير الرمادي في الأيام الأخيرة من عام 2015 لحظة نجاح نادر في العراق، وأعطت العراقيين فرصة لدراسة ما يصلح وما لا يصلح القيام به في القتال ضد داعش".
وأضاف أن تحرير الرمادي ولد "زخما ينبغي لنا الاستفادة منه إذا كنا نريد حقا أن نطرد" داعش "من الأراضي العراقية، بما في ذلك من مدينة مهمة مثل الموصل، واتخاذ الخطوات الأولى نحو مصالحة حقيقية" بالعراق.
ولخص الجبوري أسباب نجاح عملية دحر داعش من الرمادي بثلاثة عوامل مهمة، هي الضربات الجوية الأمريكية و"المشورة العسكرية والاستخباراتية" والتعاون بين الجيش العراقي والحكومة المحلية في محافظة الأنبار.
إلا أن العامل الحاسم في هذه العملية، وفق الجبوري، تمثل بالاستفادة من "إمكانات العشائر السنية والمجتمعات المحلية في المنطقة"، وليس ميليشيات الحشد الشعبي التي ارتكبت في عمليات سابقة انتهاكات و"فظائع".
واعتبر الجبوري أن تحرير الرمادي كسر "طريقة القيام بالعمليات السابقة، التي قامت خلالها الميليشيات الطائفية غير المشروعة التي تحصل على الرواتب الحكومية كجزء من قوات الحشد الشعبي"، مشيرًا إلى أن هذا السياق إلى إقدام هذه الميليشيات على "اجتياح المدن والقرى التي تم تحريرها والقيام بأعمال قتل انتقامية وتدمير المنازل والمساجد، وقد وثقت منظمة العفو الدولية وغيرها من الجماعات تلك الفظائع".
وأكد الجبوري أن الميليشيات منعت "الكثير من الناس في محافظات صلاح الدين وديالى التي استعيدت" من داعش العام الماضي "من العودة إلى ديارهم وأجبروا على العيش في مخيمات مؤقتة، وفي مدن مثل المقدادية..".