حكومة الوفاق الوطني في قلب العاصمة الليبية رغم "أنف" الإخوان

الخميس 31/مارس/2016 - 11:58 ص
طباعة حكومة الوفاق الوطني
 
بعد ما يقارب الأربعة أشهر على إعلان حكومة الوفاق الوطني بدء تشكيلها، ومحاولات عرقلتها من جانب الأطراف المتنازعة والتي وصلت لحد إعلان الإخوان فرض حالة الطوارئ في العاصمة طرابلس لمنع دخول رئيس الحكومة فايز السراج، وصل الأخير أمس الأربعاء 30 مارس 2016 إلى العاصمة الليبية طرابلس قادمًا من تونس رفقة أعضاء من المجلس الوزاري للحكومة، وذلك في تحدٍّ واضح لجماعة الإخوان.
حكومة الوفاق الوطني
وتوجد في العاصمة الليبية طرابلس عدة مجموعات مسلحة بعضها مؤيد لحكومة السراج المدعومة من الأمم المتحدة ومعظم القوى الدولية، وأخرى مناوئة لها.
وحاولت الحكومة التي تدير العاصمة طرابلس منذ أكثر من عام ونصف بمساندة ميليشيات "فجر ليبيا"، منع السراج وحكومته من دخول المدينة عبر وقف حركة الملاحة الجوية أكثر من مرة، لمنع هبوط طائرة رئيس حكومة الوفاق في مطارها.
وأعلنت الجمعة "حالة الطوارئ القصوى" في العاصمة بعد إعلان حكومة الوحدة الوطنية عن رغبتها في الانتقال قريبًا إلى طرابلس.
ووفق متابعين، يخشى سكان طرابلس أن يؤدي دخول الحكومة إلى مدينتهم، إلى اشتباكات بين الجماعات المسلحة الموالية للسلطات التي تدير المدينة، والجماعات المنحازة لحكومة الوفاق.
وكان خليفة الغويل رئيس الحكومة الموازية، أغلق المجال الجوي لطرابلس، يومي الأحد والاثنين، لفترات استمرت بضع ساعات في خطوة قال المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، إنها استهدفت منع سفر الحكومة إلى ليبيا.
 وقال الغويل في بيان له: إن المجال الجوي أغلق "حفاظًا على أرواح الناس بسبب ممارسات غير لائقة من أعضاء المجلس الرئاسي". 
وفي أعقاب وصول الحكومة، بدأت الصراعات حيث سمع إطلاق نار في وقت مبكر من المساء في طرابلس وتم إغلاق العديد من الطرق وعمت حالة من الهلع بحيث كان الناس يحاولون العودة إلى منازلهم.
كما تم إغلاق مطار معيتيقة وتوقف حركة الطيران فيه؛ بسبب الاشتباكات في طرابلس، فيما تقرر وقف الدراسة والعمل في طرابلس اليوم الخميس بسبب الاشتباكات وتدهور الأمن.
وعلى الفور دعا الغويل، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج، إلى مغادرة العاصمة الليبية، وقال الغويل في بيان تلاه عبر التلفزيون: "على المتسللين غير الشرعيين أن يسلموا أنفسهم أو أن يعودوا من حيث أتوا".
فيما دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر إلى انتقال سلمي ومنظم للسلطات بعد وصول السراج وعدد من أعضاء المجلس الرئاسي إلى العاصمة طرابلس الأربعاء.
وقال كوبلر في حسابه على تويتر: إن وصول رئيس الحكومة يمثل خطوة مهمة في الانتقال الديمقراطي في ليبيا، داعيًا أبناء البلد إلى دعم للمجلس الرئاسي والحكومة لمواجهة التحديات التي واجه ليبيا في هذا المرحلة.
حكومة الوفاق الوطني
من جانبه أكد السراج في تصريح صحفي أن المجلس سيعمل على توحيد مؤسسات الدولة الليبية وتنفيذ حزمة من التدابير العاجلة للتخفيف من معاناة المواطنين الأمنية والاقتصادية، والإسراع في إنجاز ملف المصالحة الوطنية وجبر الضرر.
وأضاف إثر وصوله إلى مقر القاعدة البحرية بالعاصمة طرابلس: آن الأوان لنعمل معًا من أجل ليبيا وطي صفحة الأمس والنظر إلى المستقبل بروح متسامحة واثقة في الله، فليبيا لليبيين جميعا، والانتقام والإقصاء والتشفي والحقد لا يبني دولة ولا يقيم أمة، كما كشف السراج في أول كلمة رسمية له من العاصمة طرابلس عن وجوده في طرابلس منذ أول أمس الثلاثاء، قائلًا: إنه وصل وأعضاء المجلس الرئاسي على متن زورق تابع للبحرية الليبية.
وأعلن السراج أن حكومته باشرت اعمالها منذ اليوم من العاصمة وأنها بدأت في الاتصال بمؤسسات الدولة للبدء في تسييرها، مضيفًا سنلتزم بثوابت الثورة ومنها أن الشريعة الإسلامية مصدرا رئيسا للتشريع".
وعن أولويات حكومته، أوضح أنها ستعمل على تحقيق المصالحة وعودة النازحين والعمل على وقف إطلاق النار ومحاربة تنظيم الدولة.
وشهدت العاصمة طرابلس هدوءًا تامًّا باستثناء انتشار سيارات مسلحة قرب جزيرة "سوق الثلاثاء"؛ حيث تعسكر ميليشيا تابعة للمؤتمر، فيما انسحب أغلب المسلحين الذين كانوا يقيمون بوابات للتفتيش في أغلب إحياء العاصمة طرابلس. 
وبحسب صور بثتها تليفزيونات محلية فقد استقبل السراج وأعضاء المجلس الرئاسي في طرابلس، وزير الداخلية السيد عارف الخوجة ورئيس لجنة الترتيبات الأمنية العميد ركن عبدالرحمن الطويل وضباط من القاعدة البحرية على راسهم العقيد سالم رحومة آمر القاعدة .
ووفق متابعين فإن مقر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق سيكون في قاعدة أبوستة البحرية، ولن ينتقل إلى مقر الحكومة الفعلي في طريق السكة بسبب الأوضاع الأمنية حاليًا.
وبحسب شهود عيان، فإن القاعدة البحرية وعلى طول طريق الشط بالعاصمة طرابلس تنتشر حولها آليات ثقيلة وجنود يمنعون المارة من الاقتراب من مقر القاعدة البحرية.
وفيما يخشى مراقبون أن يغذي الصراع الدائر في ليبيا منذ الإطاحة بنظام الراحل معمر القدافي عام 2011؛ حيث إن أطراف الصراع الرئيسية الموجودة على أرض الواقع ترفض الحكومة الجديدة بل تلوح بملاحقة أعضائها واعتقالهم في طرابلس كما هدد بذلك رئيس وزراء الحكومة الموازية في طرابلس خليفة الغويل.
وتحظى هذه الحكومة الليبية برعاية الأمم المتحدة بدعم دولي واسع وتطالب جهات عديدة مثل الاتحاد الأوروبي بضرورة الإسراع في مباشرة عملها لاحتواء الوضع المتدهور.
ووفق مراقبين فإن الخيارات المتاحة أمام الأطراف الدولية لفرض وجود الحكومة الجديدة على الأرض تبدو محدودة.
حكومة الوفاق الوطني
وفي هذا الصدد استبعد وزير الخارجية الفرنسي جون مارك آيرو أي تدخل عسكري في ليبيا بهدف تثبيت حكومة السراج، قائلًا: "إن العالم لا يريد تكرار ما حدث 2011".
جان مارك آيرو الذي كان يتحدث في مؤتمر صحفي على هامش زيارة يؤديها للجزائر أكد أن الحكومة الجزائرية تتقاسم نفس الموقف مع بلاده.
ومع استبعاد الخيار العسكري يسعى العالم إلى تسليط العقوبات على الأطراف التي ترفض ما تسميه فرض حكومة من الخارج أملًا في ثنيها عن هذا الموقف.
الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون صعد من لهجته تجاه المعرقلين، قائلًا: "يجب على العالم محاسبتهم لمنعهم الشعب الليبي حقه في السلام والأمن في ظل حكومة قوية وموحدة".
تصريحات بان كي مون في تونس كانت مشابهة لتصريحات مارك آيرو في الجزائر حيث قال: "إن الاتحاد الأوروبي اتخذ قرارا بفرض عقوبات رادعة بحق الأطراف التي ترفض تنفيذ الاتفاق الأممي لكن يجب تفعيل هذا القرار عمليًّا وفق تعبيره".
وتواجه حكومة الوفاق الوطني مصيرًا مجهولًا في ظل التوترات المتصاعدة يوما يلو الأخر، ففي حين لا تمتلك هذه الحكومة وحدات عسكرية قوية لفرض قراراتها وتوسيع دائرة نفوذها؛ تقف الحكومتان المناهضتان لها خلف التفوق العسكري الذي يؤمنه لها تحالفه مع بعض الميليشيات المسلحة.
وعلى الرغم من رفض الحكومتان للحكومة الجديدة، إلا أن اتفاق الصخيرات ينص على أن الحكومة تبدأ مزاولة عملها بعد تصويت البرلمان المعترف به دوليًّا على منحها الثقة، وهو الأمر الذي فشل فيه البرلمان لعدم اكتمال النصاب القانوني لمنح الثقة من عدمه لحكومة السراج.
وتوضح المؤشرات إلى أن تواجد الحكومة في العاصمة طرابلس سيؤجج الأوضاع وقد يصل الأمر إلى حرب مستمرة لا تنتهي بين ميليشيات فجر ليبيا وموالين الحكومة الجديدة.

شارك