بروكسل تتعافي من آثار الإرهاب.. وتشديد الإجراءات الأمنية مجددًا
السبت 02/أبريل/2016 - 08:10 م
طباعة


تطوير مطار بروسكل
بعد توقف عن العمل أكثر من 12 يومًا تقرر أن يعمل مطار بروكسل بشكل جزئي غدًا الأحد، بعد تجديد البنى التحتية المؤقتة التي أقيمت بعد الهجمات وتتيح للمطار العمل بنسبة 20% من قدراته الأساسية واستقبال نحو 800 راكب كل ساعة ستعمل في شكل تام "خلال بضعة أيام"، وسط تدابير أمنية إضافية بناء على طلب نقابات الشرطة، وسيسمح فقط للركاب المزودين ببطاقات سفر ووثائق تثبت هوياتهم بدخول قاعة التسجيل المؤقتة، على أن تتم مراقبة حقائبهم قبل أن يسمح لهم بالدخول، في الوقت الذي لن يُتاح فيه لوسائل النقل المشترك الوصول إلى المطار وسيسمح للركاب بالتوجه إليه فقط في السيارات الخاصة أو سيارات الأجرة.
يأتي ذلك في الوقت الذى وجه فيه القضاء البلجيكي تهمة المشاركة في نشاطات مجموعة إرهابية إلى مشتبه به ثالث في مخطط الاعتداء الذي أحبط في فرنسا، حسبما أعلنت النيابة العامة الفدرالية في بيان، وأشار بيان القضاء إلى المشتبه به بحرفي اسمه ي. أ. وأنه ولد في 4 مايو 1982 دون تفاصيل أخرى، وأن الرجل، الذي اُعتقل مَثُلَ أمام قاضٍ طلب إبقاءَه رهن الاحتجاز، وأنه بلجيكي الجنسية، وسط معلومات بأن التهمة مرتبطة بالتحقيق في أمر رضا كريكت، وهو رجل فرنسي اعتقل في ضاحية بفرنسا يوم 24 مارس ويشتبه في أنه كان يخطط لهجوم وشيك "عنيف للغاية"، وقالت الشرطة الفرنسية إنها عثرت على أسلحة ومتفجرات في شقته.
كان القضاء البلجيكي قد سبق أن أوقف مشتبه بهما آخران في القضية نفسها هما عبد الرحمن أ. ورباح م.

تشديد الاجراءات فى بروكسل
يأتي ذلك في الوقت الذى تعرقل فيه مشاكل مالية وسياسية وحتى ثقافية جهود محاربة الإرهاب في بلجيكا، وسط متابعة دقيقة للتحقيقات تبين فشل أجهزة الأمن في عمليات مكافحة الإرهاب، وأظهرت أن الدولة البلجيكية تواجه تحديات أكبر من طاقتها. فإبراهيم البكراوي الذي رصدت كاميرات المراقبة في مطار بروكسل وجهه وصورته وشقيقه وهما يجران حقيبة المتفجرات في قاعة المطار، كان بالإمكان أن يكون في السجن، بدلا من وجوده بالمطار، كما قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي وجه اللوم للسلطات البلجيكية بعد حادثة التفجيرات في بروكسل بيوم واحد.
كانت قوات الأمن التركية قد قامت بإلقاء القبض على البكراوي البلجيكي الجنسية، والمغربي الأصل على الحدود التركية السورية في يونيه الماضي، حيث رحّلته عن أراضيها بعد أيام من التحقيق، على متن طائرة متوجهة إلى أمستردام، بعد أن طلب من السلطات التركية ترحيله إلى هناك.
وحول اعتقال البكراوي وترحيله يوم 14 يوليو عام 2015، فقد أبلغ الأتراك ضباط الارتباط في السفارة البلجيكية في أنقرة تفاصيل واقعة الاعتقال، ووفقا لوزير الداخلية البلجيكي يان جامبو فقد أستغرق الأمر عدة أيام قبل أن ترسل الرسالة من السفارة إلى السلطات المختصة في بلجيكا، ما مكن البكراوي من الوصول إلى أمستردام دون مضايقة السلطات، ومن ثم أكمل سفره بسلام إلى مسقط رأسه بروكسل.
وان كانت الفترة التي أهدرها ضباط الارتباط في السفارة البلجيكية بضعة أيام، فإن السلطات في بروكسل استغرقت بضعة أشهر حتى صنفت البكراوي على انه إرهابي محتمل. إذ أنه لم يدرج في قائمة الخطرين إلا في يوم 12 يناير عام 2016 . وفي 16 مارس حذر جهاز أمني أمريكي في رسالة مكتوبة السلطات الهولندية من الخطر الذي يشكله الشقيقان بكراوي.
ويري محللون ان مسؤولو الحدود في مطار أمستردام كان يمكنهم التعرف بسرعة على خطورة البكرواي، ليس فقط لاحتمالية ضلوعه بأعمال إرهابية، بل أيضا لماضيه الإجرامي المعروف، حيث قضت محكمة بلجيكية على الرجل المنحدر من اصول مغربية في عام 2010 بالسجن لمدة عشر سنوات، بعد أن شارك في عملية سطو. ثم أطلق البكراوي النار على شرطي من بندقية كلاشينكوف في محاولة هروب لاحقة. وتم الإفراج عن البكراوي في خريف عام 2014 من السجن، وعلى ما يبدو كان الإفراج عنه بناء على نصيحة من سلطات السجن، إلا أنه انتهك العديد من الأوامر الأمنية التي اقتضت إثبات وجوده اليومي أمام السلطات، واختفى بعدها، وبقيت قضيته معلقة في المحكمة لغاية أغسطس 2015.
تنافس بين أجهزة الشرطة

تشديد الجرائم الارهابية
قضية أخرى أثبتت ترهل الجهاز الأمني في بلجيكا، هي قضية صلاح عبد السلام والذي يعتبر مطلق السراح الوحيد الباقي من مرتكبي الهجمات الإرهابية في 13 شباط/ نوفمبر في باريس. وتم البحث عنه بشكل محموم من قبل الأجهزة الأمنية في جميع أنحاء أوروبا لعدة أشهر، الشاب القادم من بروكسل والبالغ من العمر 26 عامًا ومن جذور مغربية، كان بإمكان استفسار صغير عنه لشرطة بلدة ميشلين الواقعة 30 كيلومترا إلى الشمال من بروكسل، أن يساعد المحققين للوصول إلى الطريق الصحيح، حيث كانت شرطة المدينة هناك قد تلقت معلومات دقيقة عن عبد السلام في 18 آذار/ مارس، وعنوانه في مولينبيك، وكان بإمكان وحدة خاصة قادرة في النهاية على إلقاء القبض عليه.
هذا "الخطأ الداخلي" في التعامل مع البيانات، والذي وصفه رئيس شرطة بلدة ميشلين في وقت لاحق بالخطأ الجسيم، الذي كان بالإمكان تجاوزه، أدانته زعيمة المعارضة في البرلمان البلجيكي، لوريت أونكلينكس وصنفت الأمر على أنه مشكلة في تدفق المعلومات بين إدارات الشرطة المتنافسة في ما بينها، واعتبرت هذا الخطأ ناتجًا إلى "حرب بين أجهزة الشرطة".
العديد من وسائل الإعلام الأجنبية، اعتبرت منطقة مولينبيك مرتعًا للإرهاب. وقبل هجمات بروكسل ظهر أيضا مكان خطر آخر، إنها منطقة سكاربيك، الواقعة شمال بروكسل، إذ تبين بعد هجمات باريس أن المشتبه به الرئيسي صلاح عبد السلام اختفى هناك عدة أسابيع.
قانون البلجيكي يمنع مداهمة البيوت ليلا

المتهمون فى احداث بروكسل
الى ما قبل هجمات بروكسل، لعبت سكاربيك دورا رئيسيا، فهناك عثرت الشرطة بالصدفة على متفجرات في إحدى البنايات، أثناء تفتيش روتيني، لأحد الطوابق التي تم تجديدها. حيث وجد المحققون 15 كغم من المتفجرات، والعديد من أجهزة التفجير بالإضافة إلى 150 لترا من الأسيتون، و 30 لترا من فوق أكسيد الهيدروجين، وهو ما أعطى مؤشرا على وجود مخططات إرهابية .
الشيء الغريب في الأمر والذي لم يُقدم له تفسير حتى الآن، لماذا لم تبلِغ الشرطة أجهزة مكافحة الإرهاب بهذا الموضوع؟ وكيف وصلت المتفجرات إلى البناية، ولم يلاحظ ذلك أحد من الجيران، وهو ما صرح به مالك البناية الجديد.
كل هذا يبين مدى الصعوبات التي تواجهها السلطات البلجيكية في مكافحة الجريمة والإرهاب، وهنالك قانون خاص يبين هذه المشكلة بكل وضوح، إذ أنه وحسب القانون في بلجيكا، يمنع من مداهمة الشقق السكنية والمنازل ما بين الساعة 9 ليلا والساعة 5 صباحا. ومؤخرا فقط علّق البرلمان البلجيكي العمل بهذا القانون. شيء أخر يوضح أيضا عدم جاهزية السلطات البلجيكية في مكافحة الإرهاب، حيث نشرت وكالة رويترز الإخبارية عن إرسال أجهزة الكمبيوتر المحمول الخاصة بمنفذي التفجيرات إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث سيقوم مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي FBI بفحص وتقييم محتوياتها من المعلومات.