بعد دخولها رغم أنف الرافضين.. هل تحمي ميليشيات طرابلس حكومة "السراج"؟
الأحد 03/أبريل/2016 - 12:54 م
طباعة

مع تحايل حكومة الوفاق الوطني على ممارسة عملها في العاصمة طرابلس، رغم عدم منحها الثقة من جانب الحكومة المعترف به دوليًّا في طبرق، وكذلك رفض الحكومة الموازية الموالية لجماعة الإخوان المسلمين في طرابلس، تتعرض حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، لموضع شبهات على أحقية بقائها من عدمه.

وكان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، انتقل إلى العاصمة طرابلس الأسبوع الماضي؛ ما أثار حفيظة رئاسة البرلمان، كون المجلس الرئاسي لم تحظ حكومته التي تقدم بها رئيسه فائز السراج بالثقة، حتى الآن.
وعلى الرغم من أن الحكومة الجديدة تحظى بتأييد داخلي وخارجي، إلا أنها مهددة بالبطلان في أي وقت؛ حيث لم يتم منحها الثقة حتى الآن، لذلك فإن وضع الحكومة الجديدة سيلحق بالحكومتين الأخريين، فهي بالفعل دخلت ضمن الصراعات القائمة الآن، وأصبحت في موضع الشكوك والشبهات.
فمن جانبها حذرت الحكومة الموازية برئاسة خليفة الغويل، حكومة الوفاق من الاستمرار في طرابلس، واعتمد السراج على دعم المجتمع الدولي والتأييد الشعبي غير المسبوق له؛ حيث حظيت حكومة الوفاق الوطني بدعم داخلي مهم، مع إعلان بلديات عشر مدن ساحلية غربًا وحرس المنشآت النفطية تأييدها؛ أملًا في أن تتمكن هذه الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي من إنهاء النزاع المسلح ووقف التدهور الاقتصادي؛ مما قد يدفع إلى بدء تشكيل التحالفات السياسية مجددًا.
وكان عقد المجلس الرئاسي أول لقاءاته الرسمية، مع المجلس الأعلى للدولة، في العاصمة طرابلس، ونجح السراج و6 من نوابه، منذ وصولهم لطرابلس، في لقاء الشخصيات السياسية، وفي بيان مشترك دعا رؤساء وممثلو البلديات العشر عقب اجتماع في صبراته، مساء الخميس، الليبيين إلى الوقوف صفاً واحداً لدعم حكومة الوفاق الوطني.
وتتعرض الحكومة الجديدة للعديد من الضغوط، بين تواجدها في طرابلس والتي يسيطر عليها الميلشيات، وهذا ما يؤشر إلى فشل الاتفاق السياسي الذي توصلوا إليه في ديسمبر الماضي، بدعم من الأمم المتحدة.
وينص الاتفاق السياسي على أن مدة ولاية حكومة الوفاق عام واحد يبدأ من تاريخ نيلها الثقة من مجلس النواب، لكن من الواضح أن الدول الراعية للانتقال السياسي في ليبيا تدفع إلى أن يتم اعتماد هذه الحكومة من خلال سياسة الأمر الواقع وافق البرلمان أم لم يوافق.
ويرى محللون أن هذه الخصومة قد تؤدي إلى تفاقم الوضع بين البرلمان المعترف به دوليا، والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، الذي بات يعمل بمعزل عن شرعية البرلمان، معتمدًا علي التأييد الخارجي، ما جعل البعض يصفها بأنها "حكومة وصاية".

كذلك يري مراقبون أن الأوضاع ستعود إلى نقطة الصفر، في خلافات ثلاثة حكومات المعترف بها دوليا والموازية، وحكومة الوفاق، فضلا عن حكومة التنظيم الإرهابي داعش الذي استطاع أن يفرض سيطرته على البلاد في أقل من عام، واتخذ من أكبر المدن الليبية معقلًا له.
وكان خيار إعلان المجلس العسكري شرق ليبيا، وتسليم كامل السلطات المدنية له، من الخيارات التي طرحت في الاجتماع الموسع الذي عقد في مدينة المرج؛ حيث مقر القيادة العامة للقوات المسلحة، واللقاء الموسع جمع رئيس البرلمان ونوابًا عن المنطقة الشرقية وشيوخ قبائل وأعيانًا وقيادات عسكرية، إذ ناقش عدة مقترحات مهمة.
وكشف نائب في البرلمان الليبي ممثلا عن المرج، تفاصيل هذا الاجتماع؛ حيث أكد أن الأطراف ناقشت كافة البدائل المتاحة في حال تأكد خروج المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق عن سلطة البرلمان، وإصراره على البقاء تحت رحمة الميليشيات ورهن دوافعهم، ومن أهم هذه الخيارات هو الإعلان عن تشكيل مجلس عسكري لقيادة البلاد، برئاسة الفريق أول خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة.
وتابع النائب، مفضلًا عدم الكشف عن اسمه، بأن هذا الخيار مطروح وبقوة، لكن تقرر التريث ومنح الفرصة لتصحيح أوضاع حكومة الوفاق، قبيل تنفيذ أي انتقال بديل اضطراري للسلطة.
وعن الخيار الثاني الذي طرح، قال: إعلان إقليم برقة يضم كامل المنطقة الشرقية، ولديه كافة المقومات لنجاحه، من ثروات نفطية وتماسك اجتماعي وقبلي، وهذا الخيار لا يمثل انفصالاً لكنه يمثل توجهاً فيدرالياً، كون السلطة المركزية واصلت تهميشها لشرق ليبيا، والذي عانى في عهد القذافي وعقب ثورة فبراير.
وحاول المستشار عقلية صالح عيسى رئيس البرلمان الليبي في مؤتمره الصحفي، تبديد المخاوف بشأن الانفصال عبر إقليم برقة، وأكد أن بلاده ستبقى ذات سيادة وطنية واحدة.
وكان البرلمان الليبي، المعترف به دولياً، رفض مباشرة حكومة الوفاق مهامها قبيل منحها الثقة من قبله، مؤكدا ان قيادة القوات المسلحة لا يمكن المساس بها.
وأكد رئيس البرلمان في مؤتمر صحفي أمس السبت 2 أبريل 2016، أن حكومة تحميها الميليشيات المسلحة في طرابلس، لن يتم الاعتراف بها إطلاقاً، مشددًا على أن قيادات القوات المسلحة الليبية خط أحمر؛ ولا يمكن المساس بها أو المساومة عليها.
وكان السراج عقد اجتماعات مع مسئولين وأعضاء مجلس النواب لاتخاذ الخطوات الضرورية لبدء عمل حكومة الوفاق، وأبرز الذين اجتمع معهم محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير لتسهيل فتح الاعتمادات لاستيراد السلع.

ووفق الحياة اللندينة، فإنه من المنتظر أن يتوجه السراج إلى طبرق للقاء رئيس وأعضاء البرلمان المعترف به دولياً وتقديم برنامج حكومة الوفاق لنيل الثقة وتسلم مهماتها بصورة رسمية وقانونية بعدما تضاءل عدد المعارضين لدخول طرابلس، وتحول التلويح باستخدام القوة أو الاعتقال إن لم يعودوا من حيث أتوا، إلى الإعلان عن المعارضة بالطرق السلمية والقانونية، ومن دون استخدام القوة أو التحريض على القتال.
إلى ذلك، أكد مسئول في ديوان رئاسة الحكومة في طرابلس أن الاتفاق في شأن إجراءات التسلّم والتسليم لم تُتخَذ بعد، إلا أنه لم ينف أن إعداد التقارير الختامية في الوزارات جارٍ وفق الشرعية.
على صعيد آخر، أفادت المصادر في شرق ليبيا بأن عدداً من أعضاء البرلمان عن المنطقة وبعض المتنفذين من القبائل سيعقدون اجتماعاً للبحث في إعلان موقف محدد من حكومة السراج، مع أمل بقبولها أو الدفع في اتجاه تقرير المصير للمنطقة الشرقية من ليبيا»، الأمر الذي يتعارض مع قرار مجلس الأمن رقم 2278 الذي تنص إحدى فقراته على عدم التعامل مع غير حكومة الوفاق ما يؤكد أن وحدة ليبيا غير قابلة للعبث.
وقال مراقبون: "إن السعي إلى تصوير عملية دخول الحكومة، بقيادة فايز السراج، وكأنها انتصار سياسي ودليل قوة لدى حكومة التوافقات الخارجية هدفه إبعاد الأنظار عن حقيقة ما يجري من تفاهمات بين الميليشيات الإسلامية المختلفة ودوائر خارجية، في مدينة إسطنبول وبرعاية تركية".
ويرى مراقبون أن ظهور السراج والمحيطين به في شوارع طرابلس الجمعة رغم رفض الحكومة الموازية، يؤكد على أن الميليشيات المسيطرة على طرابلس تحميه في سياق توافق يضمن لها دورًا فعالًا في المرحلة القادمة.