بدعم تركي.. حكومة الوفاق الليبية تلوح بمعاقبة رافضيها
الثلاثاء 05/أبريل/2016 - 01:10 م
طباعة

فيما يبدو أن حكومة الوفاق الليبية، بدأت فعليًا في اتخاذ الإجراءات ضد معرقلي الحل السياسي، فقد أصدر فايز السراج رئيس الحكومة، المدعومة من قبل الأمم المتحدة قراراً يقضي بتجميد الحسابات المصرفية لجميع الوزارات في البلاد.

ووصل الأربعاء الماضي رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج ونوابه إلى العاصمة طرابلس، قادمين من تونس عبر البحر، وذلك بعد إعلانهم أنهم سيباشرون مهامهم منها، وسط رفض جماعات سياسية وعسكرية لذلك وتأييد أخرى.
وجاء في نص القرار: "تجمّد الحسابات المصرفية للوزارات والجهات والهيئات والمصالح العامة الممولة من الخزانة العامة فيما عدا حساب الباب الأول المرتبات والمزايا".
وأضاف القرار، أن تتولى اللجنة المشكلة برئاسة نائب المجلس الرئاسي فتحي المجبري الإفراج عن الحسابات المجمدة المشار إليها وذلك بعد استلام طلب إفراج من الجهة المعنية.
ويرى متابعون أن حكومة الوفاق تحاول الضغط على حكومة الإنقاذ التي ترفض وجودها في طرابلس وتتمسك بسلطتها على العاصمة، موضحين أن هذا القرار الهدف منه أيضًا دفع مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح إلى الاعتراف بالحكومة والمصادقة عليها.
وسبق أن حصلت حكومة الوفاق الوطني على تأييد بنك ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط والاتحاد الوطني لعمال ليبيا وبلديات 10 مدن ساحلية غرب ليبيا.
وأعلن بنك ليبيا المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط تبعيتهما لسلطة حكومة الوفاق، في انتكاسة إضافية للحكومة الموازية غير المعترف بها في طرابلس التي ترفض التخلي عن الحكم.
وقال البنك في بيان له إنه "يرحب بالرئيس والسادة أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المنبثق عن الاتفاق السياسي الليبي، وقرارات مجلس الأمن.
ومن جهته أكد الاتحاد الوطني لعمال ليبيا، دعمه المطلق لحكومة الوفاق، وأوضح استعداد العمال للإسهام الفعال والإيجابي في بناء دولة القانون والمؤسسات، ورفض جميع أشكال الاستبداد والاستغلال.
وكانت وقعت وفود عن المؤتمر الوطني العام بطرابلس ومجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق شرقي ليبيا والنواب المقاطعين لجلسات الأخير، إضافة إلى وفد عن المستقلين وبحضور سفراء ومبعوثين دول عربية وأجنبية، في 17 ديسمبر الماضي بالصخيرات المغربية، على اتفاق يقضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية، برئاسة فايز السراج، في غضون شهر من بدء التوقيع، لتقود البلاد خلال الفترة الحالية وتعالج الأزمات الراهنة.
وفي 25 يناير الماضي، رفض مجلس النواب الليبي التشكيلة الحكومية التي تقدم بها فايز السراج، والمكونة من 32 وزيرًا، مطالبًا الأخير بتقديم تشكيلة أخرى لحكومة مصغرة خلال عشرة أيام، وقدم السراج بالفعل تشكيلة جديدة، لا زالت تنتظر منحها الثقة.

من جانبه فشل مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق شرقي ليبيا، أمس الاثنين، للمرة الثامنة، في عقد جلسة للتصويت على منح الثقة لحكومة "الوفاق الوطني"، برئاسة "فايز السراج"؛ وذلك بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني لحضور الأعضاء، والذي يعد شرطًا لازمًا لانعقاد الجلسة.
وقالت سلطنه مسعود أمس، عضو مجلس النواب: "تعذّر عقد جلسة اليوم الإثنين لعدم اكتمال النصاب القانوني، بسبب غياب عدد كبير من الأعضاء".
وتحتاج حكومة "السراج" إلى موافقة أربعين عضواً فقط في حالة اكتمال النصاب اللازم (120 عضواً) من إجمالي عدد المقاعد الـ200 لمجلس النواب.
وعلى مدار الشهرين الماضيين، فشل كذلك مجلس النواب في عقد جلسة رسمية للتصويت على منح الثقة لهذه الحكومة من عدمه؛ بسبب تغيب أعضائه عن الحضور، الأمر الذي دعا "عقيلة صالح قويدر"، رئيس المجلس مؤخراً، إلى توجيه كلمة متلفزة، طالب من خلالها النواب المتغيبين عن جلسات المجلس بضرورة حضور جلسة اليوم.
من جانبه، قال "صالح قلمه"، مقرر مجلس النواب: إن الجلسة شهدت غيابًا كبيرًا من قبل نواب المجلس، سواء المؤيدين أو المعارضين لحكومة "الوفاق الوطني".
ويقول بعض أعضاء مجلس النواب المعارضين لحكومة "السراج": إن جل أعضاء المجلس الرئاسي لهذه الحكومة، والمكون من تسعة أعضاء، هم من المنتمين لـ"جماعة الإخوان"، ويطلبون إعادة تشكيله، لكن جماعة الإخوان نفت هذا الاتهام، وقالت في بيان سابق: "إن هذه الادعاءات الباطلة جملة وتفصيلا"، نافية صلتها بما "يحدث داخل المجلس الرئاسي أو خارجه".
وتشكلت حكومة وحدة وطنية ومجلس رئاسي في فبراير الماضي، بدعم الأمم المتحدة لإنهاء حالة الفوضى والصراع، التي تعاني منها البلاد منذ "ثورة 2011" التي أطاحت بالرئيس السابق معمر القذافي.
وتعرضت حكومة الوفاق لعدة صعوبات، للانتقال والمجلس الرئاسي من تونس إلى العاصمة الليبية طرابلس، لممارسة مهامهما؛ بسبب معارضة أطراف في حكومتي طرابلس والحكومة المنبثقة عن مجلس نواب طبرق، قبل أن يصل فايز السراج، وعدد من أعضاء حكومته إلى العاصمة بالفعل، الأربعاء الماضي، ويعلن مباشرة حكومته لأعمالها.
وبدأت الحكومة في مباشرة عملها دون الحصول على موافقة مجلس النواب المنعقد في طبرق، وهو شرط ضروري لعمل هذه الحكومة، وفقاً للخطة الأممية.
في سياق مواز، قال مبعوث تركيا الخاص إلى ليبيا، النائب إمر الله إيشلار، أمس الاثنين، إن بلاده توجه الدعوة لليبيين من أجل تقديم الدعم لحكومة "الوفاق الوطني"، وذلك في ختام زيارة أجراها إلى ليبيا، التقى خلالها رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز سراج.
وفي تصريح لإيشلار للصحفيين أدلى به عقب انتهاء اللقاء في طرابلس، قال: "لقد آن الآوان لتحقيق الوحدة، وتوحيد الصفوف في ليبيا، ونتوقع التحرك في هذه المرحلة بروح التوافق، وإعطاء زخم لتحقيق الأمن على الأراضي الليبية، ونوجه الدعوة لليبيين، لتقديم الدعم لحكومة الوفاق الوطني".
وشدد على أن "تركيا ستقف دائمًا إلى جانب ليبيا في كل وقت، والكل يعلم أن ليبيا أمام تحديات كبيرة، ولا داعي لتذكير الليبيين بها؛ لأنهم الأعرف بتلك التحديات".

وفي نفس الإطار، بيّن المبعوث التركي أن بلاده تعلق أهمية كبيرة على استقرار ليبيا، ووحدة أراضيها، وهي بالنسبة لها ليست كأي دولة، بل هناك روابط تاريخية، وأواصر قرابة، وبناء على ذلك، منذ البداية وقفت على مسافة واحدة من كل الأطراف الليبية، وبذلت جهودا جبارة لتحقيق السلم والاستقرار في البلاد.
من جهة ثانية، أوضح أن "تركيا بحضورها في الصخيرات مدينة مغربية احتضنت جولات الحوار السياسي الليبي، أكدت دعمها وتأييدها للاتفاق السياسي، والآن انتقلت ليبيا لمرحلة هامة بعد استقرار المجلس الرئاسي في العاصمة طرابلس، تنفيذا لما جاء في نص الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات؛ حيث إن بلاده رحّبت بهذه الخطوة".
وكشف أنه في زيارته التي اختتمها اليوم، "التقى خلالها رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز سراج، والأعضاء الآخرين في المجلس، ونقل لهم تأييد تركيا للجهود التي يقوم بها المجلس الرئاسي، للوصول إلى توافق في البلاد".
وتابع القول: "نعلّق أهمية كبيرة على جهود الحوار التي بدأت في المرحلة الجديدة بين الأعضاء في المجلس الرئاسي، وكافة مكونات الشعب الليبي"، موضحًا أنه أجرى عددًا من اللقاءات خلال زيارته مع عدد من المسئولين الممثلين للأطراف الليبية.
وتعمل حكومة السراج بين الرفض والتأييد، الأمر الذي يثير الشكوك حول أحقيتها في ممارسة مهامها دون منحها الثقة من قبل البرلمان الشرعي للبلاد، أم ستكتفي بدعم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتقوم بعملها، هذا ما اختلف فيه العديد من الخبراء؛ حيث يرى البعض أحقية المجلس الرئاسي بممارسة مهامها، في حين يرى آخرون أن كل قراراته ستكون باطلة ما لم يتم منح الثقة له من قبل البرلمان.