برلين وباريس يوحدان الجهود لمكافحة تدفق اللاجئين.. وأنقرة تهدد بالتراجع
الخميس 07/أبريل/2016 - 10:57 م
طباعة


العالقون على الحدود
بالرغم من سريان الاتفاق بين أوروبا وتركيا بشأن اللاجئين، إلا أن هناك الكثير من التطورات التي فرضت نفسها على الساحة الأوروبية، في إطار تنامي مخاوف القارة الأوروبية من أزمة اللاجئين وعدم قدرة الاتفاق الأخير على حل المشكلة من جذورها.
يأتي ذلك في الوقت الذى اجتمعت فيه الحكومتان الألمانية برئاسة المستشارة ميركل والفرنسية برئاسة الرئيس الفرنسي أولاند للتباحث حول أزمة اللاجئين في أوروبا، في إطار المشاورات المنتظمة بين حكومتي فرنسا وألمانيا، التي تركز على أزمة اللاجئين الأوروبية والجهود المستمرة في سبيل مكافحة الإرهاب.
من جانبها أكدت المستشارة الألمانية ميركل مجددا على تأمين حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية بدلا من فرض الرقابة الحدودية على مستوى الدول كرد فعل لتدفق اللاجئين الفارين من الحروب في أفريقيا والشرق الأوسط.
وذكرت ميركل أن "رد أوروبا على أزمة اللجوء يتعين أن يستهدف علاج أسباب فرار هؤلاء الأشخاص من بلادهم، ورد فعل أوروبا لابد أن يعني اتخاذ إجراء بصدد عملية السلام في سوريا.

معاناة اللاجئين مستمرة
في حين أوضح الرئيس الفرنسي فرانسو أولاند أن أوروبا لابد أن "تعود إلى شينجن بأسرع ما يمكن"، مشيرا إلى اتفاق بين معظم دول الاتحاد الأوروبي الـ28 الذي يضمن السفر بدون تأشيرات داخل دول التكتل الذي يقع مقر رئاسته في بروكسل.
واتفق الزعيمان على تأسيس مجلس فرنسي- ألماني للاندماج للمساعدة في مواجهة تحد اندماج طالبي اللجوء مع شعبيهما.
جاءت المباحثات بين الحليفين منذ زمن بعيد وسط تزايد نطاق التعارض في المصالح الوطنية، ولا سيما فيما يتعلق بتدفق اللاجئين إلى أوروبا. وعلى النقيض من ألمانيا، لم تقبل فرنسا استقبال المهاجرين العام الماضي.
وبعد أن عرقل وعارض نظاما دافعت عنه ميركل من شأنه توزيع اللاجئين وفقا لحصص في أوروبا، قال أولاند إن فرنسا سوف تلتزم باستقبال 30 ألف مهاجر خلال عامين. ورغم خلافاتهما، بقي أولاند على رأيه بأن وجود استراتيجية مشتركة بين فرنسا وألمانيا يمكن الاتحاد الأوروبي من الوصول إلى اتفاق مع أنقرة حول خطة لإعادة الآلاف من طالبي اللجوء إلى تركيا.
من ناحية أخرى أعلنت وزيرة الداخلية النمساوية أن بلادها تريد من جارتها الجنوبية إيطاليا أن تستعد لزيادة في أعداد المهاجرين في حال إغلاق الحدود، مؤكدة أنها ستغلق معبرا رئيسيا بين البلدين إذا ارتفعت أعداد المهاجرين.
ومن المقرر أن تزور وزيرة الداخلية النمساوية يوهانا ميكل- ليتنر، المحافظة، نظيرها الإيطالي أنجيلينو ألفانو، غدا الجمعة في روما.
وأعلنت النمسا في وقت سابق أنها مستعدة لوضع ضوابط صارمة على الحدود في معبر برينر، الواقع بجبال الألب على طول واحد من طرق النقل الأكثر أهمية في أوروبا، وقالت ميكل- ليتنر "لا يمكن أن تعتمد إيطاليا على أن معبر برينر سيبقى مفتوحا في حال تدفق الهجرة الخارجة عن نطاق السيطرة".
في حين قالت جمعية النقل البري الإيطالية إنه إذا تم تنفيذ الضوابط الحدودية، فسيكون على الشاحنات الانتظار لمدة ساعة على ممر برينر، ما يوقع خسائر اقتصادية بقيمة 172 مليون يورو سنويا، بحسب محاكاة أجرتها الجمعية لذلك الوضع.

الهروب من المجهول
على الجانب الأخر قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن تركيا لن تنفذ الاتفاق المثير للجدل والمتعلق بالمهاجرين ما لم يلتزم الاتحاد الأوروبي "بتعهداته".
أوضح أردوغان أن هناك شروط محددة. إذا لم يتخذ الاتحاد الأوروبي الخطوات الضرورية ولم يلتزم بتعهداته، فإن تركيا لن تنفذ الاتفاق، وكل شيء سيتم بموجب ما وعدنا به وحسب ما يشير إليه نص" الاتفاق.
أضاف "تلقينا وعودا لكن لم ينفذ أي شيء حتى الآن"، لافتا إلى أن ثلاثة ملايين شخص يتلقون مساعدات غذائية "على حساب موازنتنا، تلقينا رسائل شكر لعملنا مع اللاجئين وضد الإرهابيين لكننا لا نفعل ذلك لتلقي الشكر".
كانت تركيا قد اعتمدت قاعدة بمنح وضع الحماية المؤقتة لمهاجرين سوريين أعيدوا من جزر يونانية في بحر إيجه في خطوة مطلوبة بمقتضى اتفاق توصل إليه الاتحاد الأوروبي مع أنقرة لمكافحة الهجرة غير الشرعية.
واحتاجت تركيا لإجراء ذلك التعديل القانوني قبل أن تعيد اليونان المهاجرين من أراضيها. وضغط أكبر مسؤول عن ملف الهجرة في الاتحاد الأوروبي على أنقرة هذا الأسبوع لإجراء هذا التعديل.
يذكر أن اليونان رحلت دفعة أولى من 202 مهاجر يوم الاثنين الماضي، لكن أثينا أشارت إلى أن طلبات اللجوء التي قدمها اللاجئون المعرضون للترحيل إلى الأراضي التركية ستؤدي إلى "وقف" عمليات الترحيل هذه لحوالي 15 يومًا.

ميركل وهولاند
وبالرغم من سريان الاتفاق بين أوروبا وتركيا، إلا أن تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا ما زال مستمرا، حيث أعلنت قوات خفر السواحل الإيطالية أنها أنقذت أكثر من 300 مهاجر من قارب مكتظ قطعوا فيه مئات الكيلومترات من مصر إلى مضيق صقلية.
وقالت متحدثة باسم خفر السواحل الإيطالي إن مهاجرين وصلوا من مصر فيما سبق لكن بمعدل أقل كثيرا من معدلات الوصول من ليبيا لأن المسافة بينها وبين إيطاليا بالقارب هي تقريبا نصف المسافة من مصر إلى إيطاليا، وذهبت قوات خفر السواحل الإيطالية وطائرة إسبانية لمساعدة القارب وتم إنقاذ 156 رجلا و51 امرأة و107 من الصغار، والمهاجرين من سوريا ومصر والصومال وإريتريا وإثيوبيا والأراضي الفلسطينية والسودان وجزر القمر.
ويرى محللون أن مأساة اللاجئين تبدأ حلقاتها في الدول الأصلية التي قدم منها هؤلاء اللاجئون، إلا أن الأوروبيين أصابهم أيضًا الفجع مع انتشار صور السفن، التي تفتقر لأدنى شروط السلامة، وعلى متنها عشرات وأحيانا المئات من النساء والرجال والأطفال، الذين ركبوا البحر بين تركيا واليونان دون أن يعرفوا إذا ما كانوا سيصلون إلى اليابسة أو أن البحر سيبتلعهم ويبتلع أطفالهم.
وعلى الساحل الليبي لم يكن المشهد أفضل بكثير، بدليل الحادثة المفجعة التي وقعت في ابريل الماضي حين غرقت سفينة محملة بنحو 728 لاجئا لم ينجو منهم سوى 28 فقطـ والآن بعد أن أغلقت دول البلقان حدودها تماما، وتمّ إبرام الاتفاقية المثيرة للجدل بين دول الاتحاد الأوروبي وتركيا والتي تسمح بإعادة اللاجئين من اليونان إلى تركيا، غيّرت شبكات التهريب أنشطتها إلى الساحل الليبي، حيث تعيش ليبيا انفلاتا أمنيا غير مسبوق.
ويرى المتابعون أنه لم يعد أمام اللاجئين خصوصًا من سوريا والعراق، ممن لا يزالون يحلمون بأوروبا، خيار آخر سوى ليبيا، وستكون التكلفة بطبيعة الحال أكثر ارتفاعًا مما كانوا سيدفعونه عبر تركيا، سواء تعلق الأمر بالناحية المالية أو الحالة النفسية أو حتى بالأرواح.
في الوقت الذى أظهر فيه القادة الأوروبيون تخوفات من أن تتحول منطقة شمال إفريقيا إلى بديل لما يعرف بـ"طريق البلقان"، وهو ما جعل وزير الداخلية الألماني توماس ديميزيير يتحدث الأحد الماضي، عن ضرورة "التوصل مع دول الشمال الإفريقي إلى برنامج إنساني لقبول اللاجئين"، الذين يتم إعادتهم من إيطاليا.