الإخوان بين المصالحة مع النظام والحرب الداخلية
السبت 09/أبريل/2016 - 03:43 م
طباعة

بين الحين والآخر ومنذ يونيو 2013، تظهر دعوات للمصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية، وتخرج مثل هذه الدعوات تارة من العاملين في منظمات المجتمع المدني كالدكتور سعد الدين إبراهيم وتارة أخرى يتبنى مثل هذه الدعوات بعض فصائل تيار الإسلام السياسي، خاصة تلك الفصائل المرتبطة وظيفيًّا بجماعة الإخوان المسلمين، ومما يحجم أو يقلل من شأن هذه الدعوات ولا يجعلها تأخذ طريقها للتنفيذ أن النظام الحالي لم يقرر حتى الآن إذا كان يريد هذه المصالحة أو لا، فهناك مواقف متباينة للنظام في هذا الشأن؛ نظرًا لتعقد المواقف وارتباط ملف الإخوان بملفات خارجية كثيرة خاصة بالملف الأمريكي والبريطاني والألماني.

محمود عزت، القائم بأعمال مرشد الإخوان
ومن هنا لم يتخذ النظام موقفًا واضحًا من دعوات المصالحة، أما ما يعيق تنفيذ تلك الدعوات في إطار الجماعة هو الموقف الداخلي للجماعة الذي يتميز في هذه المرحلة بالتأزم الشديد؛ نتيجة الصراعات الداخلية التي تهدد بحرب حقيقية داخل تنظيم جماعة الإخوان؛ حيث بدأت جبهة القيادة الجديدة للجماعة في وضع خارطة جديدة للتنظيم، بعيدًا عن الإجراءات التي اتخذها محمود عزت، القائم بأعمال مرشد الإخوان بتشكيل 4 لجان إدارية، وتتمثل هذه الخارطة في الانتهاء من تعديل اللائحة الداخلية واختيار مراقب عام بديلاً لمحمود عزت، وعقد انتخابات جديدة لمكتب الإرشاد. وقالت مصادر مقربة من الجماعة: "إن اللجان الإدارية للإخوان ستتخذ إجراءات تصطدم بالقرارات التي اتخذها محمود عزت؛ بحيث تعلن اللجنة الإدارية العليا تشكيل لجنة جديدة مُنْتَخَبَة منفصلة عن اللجنة التي شكلها محمود عزت، وتأخذ قراراتها من مكتب شورى الإخوان في تركيا".

عز الدين دويدار، القيادي بجماعة الإخوان
وأضافت المصادر أن جبهة القيادة الجديدة للجماعة، ستعلن عن رئيس جديد لمكتب شورى الإخوان في اسطنبول، بحيث يكون من الجبهة التي تتبع محمد كمال عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين. وحول هذا الخصوص كتب عز الدين دويدار، القيادي بجماعة الإخوان على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "أمامنا الآن خريطة طريق واضحة لإنهاء حالة انعدام الشرعية وغياب المؤسسات والسيولة الموجودة في الإخوان، خريطة الطريق بالتتابع، وهي لائحة جديدة تم إعدادها ومناقشتها في الأُسَر والشُعَب وتُصاغ الآن قانونيًا، وجمعية تأسيسية من كل المكاتب الإدارية لإقرار اللائحة تُنْتَخَب الآن".

محمد بديع المرشد العام للإخوان
وأضاف دويدار، أن الخارطة تشهد أيضًا انتخابات بدءًا من القواعد وحتى القطاعات بمجرد إقرار اللائحة، بجانب انتخاب مجلس شورى عام جديد على اللائحة الجديدة، وانتخاب مراقب عام للإخوان يرأس مجلس الشورى العام، وانتخاب إدارة تنفيذية جديدة بصلاحيات كاملة (مكتب الإرشاد سابقًا) تحت قيادة الدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان في مصر والعالم. وأشار القيادي الإخواني إلى أن هذا المسار هو أقصر وأوضح وأشمل طريق لإعادة بناء مؤسسات جماعة الإخوان، موضّحًا أن لجنة الإدارة العليا وعدت بإتمامه خلال 3 شهور. واستطرد: "تأييدنا ودعمنا ليس لأشخاص، ولا لمجالس، ولا للجان.. تأييدنا ودعمنا هو لهذا المسار، والتجربة أثبتت أنه لا يمكننا أن نحاسب أحدًا على رؤية أو استراتيجية، أو الدعوة إلا من مؤسسات مكتملة النصاب والشرعية والصلاحيات". وقال أنس حسن، القيادي بجماعة الإخوان: إن أزمة حركات الإسلام السياسي ليست تنظيمية، ومن ينظر لها من هذه الزاوية قاصر الفكر وللنظر. وأضاف حسن، على صفحته الشخصية بـ"فيس بوك": "أزمة هذه الحركات في منظومتها الفكرية المولدة لحركتها، فلم تعد تستجيب تنظيرات الإسلام السياسي للواقع الحالي، ولم تعد تسمح الحكومات لنظريات الإصلاح من الداخل بالعمل. ما تحتاجه الحركات الإسلامية هو عملية إعادة النظر في توصيفها لوظيفتها التاريخية، وإعادة تعريف للهدف والوسائل، ولاحقًا يصبح الخلل التنظيمي أمر تاليًا وتسهل معالجته". في المقابل أكد طلعت فهمي، المتحدث الإعلامي بسم جبهة "محمود عزت" أن الجبهة ليس لديها جبهات مثل محمد كمال أو القيادة الجديدة، وأن هؤلاء غير معترف بهم داخل التنظيم، مضيفًا عَبْر إحدى القنوات الإخوانية أن محمود عزت هو القايدة الوحيدة المعترف بها داخل التنظيم". وقال طارق أبو السعد، القيادي السابق بجماعة الإخوان: إن الخارطة الجديدة التي تعلن عنها جبهة القيادة الجديدة للجماعة من الصعب تنفيذها، لكونها متأخرة، ولا توجد أي قيادة بارزة تتضامن معهم في تنفيذها. وأضاف أبو السعد في تصريحاتٍ صحفية أن محمود عزت عرقل إجراءات تعديل اللائحة الداخلية للجماعة، بعدما استطاع عقد اجتماع لمجلس الشورى الإخواني، واتخاذ إجراءات تنهي محاولات تعديل اللائحة الداخلية.
وعلى صعيد المراجعات والمصالحة كشفت مصادر بما يسمى «تحالف دعم الشرعية» أن هناك اتجاهاً لحل التحالف، وإطلاق كيان جديد سيُعلن عن مراجعات فكرية، ويعمل في الإطار القانوني للدولة.

أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط
وقالت المصادر- التي طلبت عدم نشر أسمائها- إن "أبو العلا ماضي"، رئيس حزب الوسط، وعبود الزمر، القيادي السابق بالجماعة الإسلامية، يشرفان على مراجعات فكرية يشارك فيها عدد من قادة التحالف داخل السجون، عدا المنتمين إلى جماعة الإخوان، التي تصر على «خروج مُشرّف للرئيس المعزول محمد مرسي».
وأضافت المصادر أن «ماضي» و«الزمر» ينتظران خروج بعض القيادات المنتمية إلى التحالف من السجون، خلال أيام، للإعلان عن تفاصيل المبادرة الجديدة، التي سيؤكدان فيها احترامهما لجميع مؤسسات الدولة، وتقديرهما جهود القوات المسلحة ووزارة الداخلية، واحترامهما المؤسسة القضائية.
وشددت المصادر على أن قادة جماعة الإخوان رفضت المشاركة في المراجعات الفكرية ما دامت لن تؤدى إلى خروج «مرسي» للإعلان عن تسليم السلطة لأي طرف يتم الاتفاق عليه؛ ما دفع قادة مكونات التحالف إلى اتخاذ اتجاه مغاير.
وقال عمرو عمارة، منسق حركة «إخوان بلا عنف»: إن هناك عددًا كبيرًا من شباب الجماعة يرحبون بفكرة المراجعات، وسيشارك قادة التيار الإسلامي فيها، بعدما عانوا كثيراً طيلة الفترات الماضية من ملاحقات الأمن وخسارتهم مصادر دخلهم وتدمير مستقبل بعض الطلاب.
وفي نفس التوقيت أعادت زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز الحديث عن مصالحة محتملة مع جماعة الإخوان المنحلة، خاصة بعد طلب حزب البناء والتنمية، الجناح السياسي للجماعة الإسلامية وأحد شركاء الجماعة الإرهابية، من خادم الحرمين الشريفين التوسط لإجراء مصالحة بين الدولة وجماعة الإخوان.

الدكتور محمد حبيب نائب المرشد العام السابق
حيث أكد خبراء أن أي مصالحة مع الجماعة لا بد أن تكون مشروطة باعتزالهم العمل السياسي والاعتذار للشعب المصري، من جانبه أكد الدكتور محمد حبيب نائب المرشد العام السابق، أنها ليست المرة الأولى التي يطرح الحديث عن مبادرة إخوانية للتصالح، مؤكداً أن الكرة في ملعب الإخوان، لكن هناك قضايا وأحكام صدرت، وهناك أنشطة مستمرة للجماعة، فهل ستكون هناك مراجعات وتغيير مواقف أم لا؟ ومن ثم تقديم أي مبادرة للمصالحة لا بد أن تكون كاملة التفاصيل حتى يمكن إبداء الرأي بالموافقة أو الرفض بعد الاطلاع عليها؟
وقال الباحث أحمد بان، إن لديه معلومات عن طرح عدد من قيادات الإخوان لمبادرة عن طريق وسيط محسوب على «الحالة الإسلامية»، على حد قوله.
وأشار «بان» إلى أن الشخص المحسوب على الإسلاميين سافر لتركيا، وجاء بمبادرة تشمل تسوية بين الإخوان والنظام، موضحاً أن هذه التسوية تشمل خروج بعض قيادات التنظيم خارج مصر، مقابل التوقف عن ممارسة أي نشاط سياسي، علاوة على السماح بالاندماج التدريجي للإخوان مرة أخرى في المجتمع بعد فترة.