اعتصام النواب.. العراق يسقط بمتاهة الصراع السياسي

الأربعاء 13/أبريل/2016 - 01:35 م
طباعة اعتصام النواب.. العراق
 
دخل العراق مرحلة جديدة من الصراع السياسي، مع اعتصام عشرات النواب في البرلمان للمطالبة بتغير الرئاسات الثلاث؛ (رئيس الجمهورية- رئيس الحكومة- رئيس البرلمان)، وهو ما يبقي العراق في مرحلة المتاهة السياسية في ظل حكم المحاصصة الحزبية.

اعتصام النواب

اعتصام النواب
كما نقل التيار الصدري بواسطة كتلته البرلمانية (الأحرار) اعتصامه؛ احتجاجًا على الوضع السياسي، وفشل رئيس الوزراء حيدر العبادي حتى مساء الثلاثاء في تقديم تشكيلته الوزارية إلى داخل قبة البرلمان.
وقال برلماني عراقي: إن أكثر من 150 نائبًا يواصلون اعتصامهم في قاعة البرلمان؛ احتجاجًا على تأخير تشيكل حكومة "التكنوقراط" ورفضًا للتشكيلة الوزارية الجديدة التي قدمها العبادي لمجلس النواب.
وقال عبد العزيز الظالمي عضو كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري الأربعاء: إن "157 نائبًا معتصمون منذ الثلاثاء في قاعة البرلمان احتجاجا على تقديم (العبادي) كابينة وزارية مكونة من الأحزاب السياسية، وتأخر تشكيل حكومة تكنوقراط".
وأضاف الظالمي أن "النواب المعتصمين سيعقدون الساعة الواحدة ظهرًا بتوقيت بغداد، جلسة لإقالة رئيس البرلمان سليم الجبوري لخرقه النظام الداخلي للمجلس بعد رفضه فسح المجال لمداخلات أعضاء البرلمان بشأن التشكيلة الجديدة".
وأوضح أن "النواب المعتصمين وقعوا على ميثاق شرف يتضمن حزمة إصلاحات شاملة أبرزها تشكيل حكومة من التكنوقراط، ورفض الكابينة الوزارية التي قدمها العبادي يوم أمس إلى البرلمان".
وكان نواب كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، وعددهم 35 من أصل 328 نائبًا، قد قرروا تعليق عضويتهم في جلسات البرلمان لحين تصويت البرلمان على وزراء تكنوقراط من غير السياسيين.

الصدر يؤيد الاعتصام

الصدر يؤيد الاعتصام
وأيد زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر اليوم الأربعاء 13 أبريل 2016، اعتصام أعضاء مجلس النواب داخل قبة البرلمان، مشترطًا أن تكون نواياهم سليمة خالصة لخدمة الشعب، بعيدًا عن المنافع الشخصية.
وقال الظالمي: إن "الهيئة السياسية للتيار الصدري في النجف أخبرونا بتأييد الصدر لاعتصامنا داخل مجلس النواب"، مبينًا أن "المرجعية الدينية أيضًا باركت الاعتصام".
وأضاف أن "الصدر اشترط أن يكون اعتصامنا بنوايا سليمة خالصة لخدمة الشعب العراقي والمطالبة بحقوقه بعيدًا عن التفكير بالمنافع والمناصب الشخصية"، مؤكدًا أن "النواب المعتصمين أكدوا على عدم ترك أماكنهم لحين إقالة الرئاسات الثلاث وتشكيل حكومة وطنية قادرة على تحقيق مطالب الشعب".

فشل التصويت

فشل التصويت
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تقدم بقائمة أولى من المرشحين للبرلمان في 31 مارس، وطلب من النواب الموافقة عليها أو رفضها أو تعديلها.
وقال النواب: إن قائمة العبادي الثانية وضعت في الاعتبار رأي الكتل السياسية المهيمنة في البرلمان، بمعنى آخر أعادت إنتاج المحاصصة السياسية والطائفية ذاتها.
وكانت جلسة البرلمان قد شهدت الثلاثاء تقديم طلب من 105 نواب من كتل سياسية مختلفة للتصويت على تغيير الرئاسات الثلاث.
وكان النائب عن اتحاد القوى العراقية أحمد الجبوري أعلن عن جمع توقيعات لشمول الرئاسات الثلاث بعملية التغيير الحكومي.
ووقعت الرئاسات الثلاث وزعماء الكتل السياسية في اجتماع لهم يوم الاثنين الماضي على وثيقة الإصلاح الوطني، وتشمل عدة محاور، منها أن تقدم الكتل السياسية مرشحيها للتشكيلة الوزارية الى رئيس مجلس الوزراء، ويكون له الحق باختيار الأسماء بما يؤكد الشراكة الوطنية في اختيار من تنطبق عليه الشروط والمواصفات اللازمة من الكفاءة والأمانة.
وأعلن رئيس مجلس النواب سليم الجبوري أن جلسة الخميس "موعد نهائي للتصويت على عملية التعديل الوزاري". هذا وأفادت مصادر إعلامية الثلاثاء، أنه تم تسمية فالح الفياض من تجمع الإصلاح، برئاسة الجعفري وزيرًا للخارجية العراقية. ويشغل فالح الفياض - المرشح لوزارة الخارجية - حاليًا منصب مستشار للأمن الوطني لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي.

انتخاب بديل

انتخاب بديل
ويستعد النواب المعتصمون لانتخاب النائب عن التحالف الوطني، وعضو اللجنة الأمنية البرلمانية إسكندر وتوت رئيسا للمجلس باعتباره الأكبر سنا فيهم، على أن يعقد لاحقًا جلسة طارئة برئاسته، وسيختار له نائبين من بين النواب المعتصمين، وكذلك مقرّرين.
وأكد خبير قانوني رفض الكشف عن اسمه أن النائب الأكبر سنا إسكندر وتوت سيكون رئيسًا شرعيًّا لمجلس النواب في حال تم التصويت على إقالة الرئيس الحالي سليم الجبوري من قبل 165 برلمانيًّا.
ووصف مراقبون مساعي كتلة الأحرار للاعتصام داخل البرلمان بأنه خطوة متقدمة في نقل الاعتصام الذي دخل فيه التيار قبل نحو شهر إلى داخل المنطقة الخضراء.
وكان التيار الشيعي قد أعلن منذ مدة دخوله في اعتصام مفتوح قرب المنطقة الخضراء، وكان الصدر دعا منذ مارس العراقيين إلى الاعتصام أمام بوابات المنطقة الخضراء المحصنة حتى انتهاء المهلة التي حددها للعبادي لإجراء إصلاحات.
ومن مطالب الصدر إنهاء المحاصصة السياسية بين الأحزاب الحاكمة منذ 13 عامًا واختيار وزراء تكنوقراط، وفتح ملفات فساد المسئولين الكبار.
ومن جانبه، أكد النائب الآخر عن الأحرار رسول الطائي في بيان له الأربعاء استمرار الاعتصام داخل مجلس النواب لحين تغيير الرئاسات الثلاث، وتشكيل حكومة التكنوقراط والقضاء على المحاصصة الحزبيبة.
وأضاف أن "أعضاء مجلس النواب جمعوا أكثر من 150 توقيعًا من نواب الكتل السياسية اعتصوا داخل مبنى مجلس النواب تضامنًا مع المعتصمين ممن كانوا أمام بوابة المنطقة الخضراء لحين تغيير الرئاسات الثلاث، وتشكيل حكومة التكنو قراط والقضاء على المحاصصة الحزبية".
وأشار الطائي أن "المعتصمين يطالبون رئاسة مجلس النواب بعقد جلسة استثنائية اليوم الأربعاء للتصويت على الكابينة التكنوقراط والقضاء على المحاصصة الحزبيبة التي تسيطر على مؤسسات الدولة".
وكشف رئيس كتلة الدعوة تنظيم الداخل علي البديري الأربعاء عن تعرض النواب المعتصمين للتهديدات من الرئاسات الثلاث، مؤكدًا تعرض الصحفيين والإعلاميين أيضًا لنفس التهديدات.
وقال البديري في تصريح صحفي له الأربعاء: إن "النواب المعتصمين تعرضوا للتهديدات من قبل الرئاسات الثلاث، بحجة مخالفة الدستور، وإن اعتصام النواب غير قانوني، كما وجهت تهديدات لعدد من الصحفيين ووسائل الإعلام".
وبين البديري أن "ائتلاف المالكي انقسم على نفسه؛ حيث نصفه معتصم والنصف الآخر ليس مع الاعتصام، فيما اعتصم جميع نواب كتلة الأحرار"، مشيرًا إلى أن "النواب المعتصمين يجمعون التواقيع بهدف التصويت على إقالة الرئاسات الثلاث".
وطالب البديري بتخصيص جلسة برلمانية لإقالة الرئاسات الثلاث.

تظاهرات الشارع

تظاهرات الشارع
وفي نفس السياق، تظاهر آلاف العراقيين، اليوم الأربعاء، في مناطق مختلفة من البلاد، تأييداً للاعتصام الذي نظمه أكثر من مئة برلماني عراقي، منذ يوم أمس، احتجاجاً على التشكيلة الحكومية الجديدة، التي قدمها رئيس الوزراء، حيدر العبادي، فيما وصف برلمانيون الاعتصام بـ "الانتفاضة".
وشهدت ساحة التحرير المحاذية للمنطقة الخضراء، وسط بغداد، توافد أعداد كبيرة من المتظاهرين المؤيدين لاعتصام البرلمان، ودعا المحتجون، رئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء، ورئاسة البرلمان، إلى الإسراع بتشكيل حكومة تكنوقرط بديلة لحكومة المحاصصة التي قدمها العبادي الثلاثاء، ملوحين بتنظيم اعتصام مفتوح يطالب بتغيير الرئاسات الثلاث.
إلى ذلك، شهدت محافظات البصرة، ميسان، ذي قار، المثنى، واسط، جنوبي العراق تظاهرات واسعة، داعية لاستبدال الرئاسات الثلاث، ومطالبة بحكومة تكنوقراط.
في سياق متصل، تسلم رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، طلباً موقعًا من 61 برلمانياً، يدعو إلى عقد جلسة طارئة، وقال مكتب رئيس البرلمان: "إن الموقعين طالبوا بعقد الجلسة الطارئة اليوم الأربعاء".
وشهد البرلمان العراقي، أمس الثلاثاء، فوضى عارمة ومشادات كلامية، على خلفية تقديم رئيس الوزراء حيدر العبادي، تشكيلة حكومية وصفت بـ "الطائفية"، وقرر أكثر من 115 برلمانيا الاعتصام داخل قبة البرلمان لحين تغيير التشكيلة الجديدة.

صراع سياسي

صراع سياسي
وتهدد هذه التطورات بتصعيد خطر للوضع في العراق مع اتجاه السلطات العراقية إلى عدم السكوت عن هذا الاعتصام وغيره من التحركات التي تقف "حجر عثرة" أمام الانتهاء من عقبة تشكيل الحكومة، بينما البلد تواجهه معضلات جمة سياسية وأمنية واقتصادية عليه أن يحلها في أقرب الآجال.
فمنصب رئيس الحكومة وبغض النظر عن أي شخص يتسنمه، ووفقًا لدستور العراق الحالي وفي ظل المحاصصة الحزبية والطائفية والعرقية، لا يحقق إدارة حكومية قادرة على كبح جماح تدخلات الكتل النيابية، التي تقيد هذا المنصب من كل اتجاه. والأدهى من ذلك هو أنه لا يحق لمن يتسلم هذا المنصب إقالة وزير أو تعيينه؛ بل لا يحق له إقالة محافظ وتعيين آخر.
أما الحقيقة الثانية، وفقًا للشارع والمراقبين، فهي أن الكتل النيابية قد تختلف كثيرًا وتتخاصم إلى حد التراشق الكلامي، وتبادل الاتهامات بكل ألوانها، لكنها عندما يجري أي مساس بمصالحها فهي ستتفق مجتمعة على الحفاظ عليها مهما كلف الثمن وبشكل سريع.
وفي حقيقة الأمر، فإن المشهد في السلطة التنفيذية بسبب المحاصصة الحزبية والطائفية والعرقية أصبح كرقعة شطرنج يتم فيها تبادل للمواقع ببعض العساكر، ولا تتغير فيها مراكز النفوذ للقادة، فاليوم يشترط "التحالف الكردستاني" تنصيب هوشيار زيباري وزيرًا للمالية مقابل الموافقة على التصويت. وقد تكون أيضًا شروط أخرى لدى "اتحاد القوى" وغدًا ربما لدى "دولة القانون" أو "المجلس الأعلى الإسلامي".

المشهد العراقي

كل ما سبق يشير إلى أن العراق دخل مرحلة جديدة من الصراع السياسي، مع اعتصام عشرات النواب في البرلمان للمطالبة بتغير الرئاسات الثلاثة (رئيس الجمهورية- رئيس الحكومة- رئيس البرلمان)، وهو ما يبقي العراق في مرحلة المتاهة السياسية  في ظل حكم المحاصصة الحزبية، والذي يعقد المشهد السياسي ويبقي على الفساد، ويقضي على آمال الإصلاح السياسي والإداري المأمول من قبل الشعب.

شارك