غموض حول نتائج الانتخابات السورية.. وواشنطن تلوح بالخطة "ب"
الخميس 14/أبريل/2016 - 09:32 م
طباعة

بعد انتهاء جولة الانتخابات البرلمانية السورية، أشارت تقارير إعلامية إلى أن اللجنة القضائية العليا للانتخابات حظرت تسريب أي معلومة قبل اكتمال جمع الأصوات من جميع الناخبين في الانتخابات البرلمانية التي جرت أمس الأربعاء، وتمت الإشارة إلى أنه "يمنع على جميع الأشخاص والجهات المعنية بالعملية الانتخابية لجهة الفرز وحساب الأصوات وإعلان النتائج تسريب أي معلومة قبل اكتمال جمع الأصوات من جميع الناخبين بما في ذلك أصوات العسكريين وقوى الأمن الداخلي"، وشددت اللجنة على أن الجهة الوحيدة المخولة بالإعلان هي اللجنة القضائية الفرعية بالتنسيق مع اللجنة العليا.
وتتواصل عملية فرز الأصوات في الانتخابات البرلمانية التي جرت في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، حيث تنافس 3500 مرشح لشغل 250 مقعدا في مجلس الشعب، وأقيمت مراكز الاقتراع في دوائر حكومية ومدارس وجامعات، ولقيت هذه الانتخابات مقاطعة من أحزاب في معارضة الداخل على غرار هيئة التنسيق الوطنية التي رأت فيها تقويضا لمباحثات جنيف.

من ناحية أخرى عبر مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا يوم الخميس عن خيبة أمله لأن نقل المساعدات إلى المناطق المحاصرة لم يشهد تحسنا يذكر وقال إنه ينبغي توجيه "دعوة للصحوة".
أكد اجتماع مع مبعوثي الدول التي تشكل جزءا من قوة المهام الإنسانية "في الواقع هناك خيبة أمل وخذلان لاسيما في هذه الفترة التي نتوقع فيها تحسنا تدريجيا في الوصول إلى مناطق محاصرة"، موضحا انه ينبغي على قوة المهام اعتبار المسألة "دعوة للصحوة للتأكد من أننا لا نجلس دون حراك خلال هذه الاجتماعات للإقرار بحقيقة عدم حدوث تحسن، نحتاج تحسنا."
جاء في وثيقة وزعتها العمليات الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا أنه لم تنفذ في أبريل حتى الآن سوى أربع عمليات نقل مساعدات وأن ثمانية في المئة فقط من المحاصرين وصلتهم المساعدات، وفي مارس وصلت 19 عملية إلى نحو 21 في المئة من الناس في تلك المناطق المحاصرة.
شدد دي ميستورا على إنه لا يزال يتعذر الوصول إلى دوما وداريا وشرق حرستا وجميعها مناطق قرب العاصمة دمشق.

على الجانب الآخر أعلن المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية أن الهيئة مستعدة للمشاركة في هيئة حكم انتقالي مع أعضاء حاليين من حكومة الرئيس بشار الأسد.
وصرح المتحدث سالم المسلط في اليوم الثاني من جولة المحادثات الجديدة التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف أن الهيئة ليست مستعدة للتعاون مع الأسد نفسه، وقال إن هناك العديد من الأشخاص الذين يمكننا التعامل معهم في الجانب الآخر، مضيفا أن الهيئة لن تعترض طالما لم يرسلوا "مجرمين".
وفي سياق أخر قالت يلينا سوبونينا أن التاريخ لم يعرف هدنة بغرابة تلك السائدة في سوريا، فالهدنة لا تزال سارية من الناحية النظرية الرسمية ولكنها غير ذلك على أرض الواقع وخاصة في ضوء تسرب معلومات عن خطة " ب" الامريكية الخاصة بتسليح المعارضة.
وتمت الإشارة إلى أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة، جرت هناك في مايو 2012 وكانت الظروف في جبهات القتال أسوأ بكثير من الظروف الحالية ولكن البرلمان عمل بنجاح خلال أربع سنوات، وانتخب بشار الأسد في صيف 2014 لفترة رئاسية ثانية مدتها سبع سنوات، أي حتى 2021، ومن الصفات المميزة للانتخابات البرلمانية الحالية في سوريا، كونها تجري مع استئناف المفاوضات السلمية في جنيف التي طالما حاول الموفد الدولي ستيفان دي مستورا إنقاذها من الفشل بما في ذلك عبر زيارته مؤخرا لدمشق ومن ثم لطهران وعودته بعد ذلك إلى جنيف.

ومن المعروف أن هدف مفاوضات جنيف الحالية إقرار عملية الإصلاح الدستوري التي ستترافق بانتخابات برلمانية مبكرة وهو ما ذكر به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم 13 أبريل أي في يوم الاقتراع في سوريا، وهذا كله يعني، لقد جرت الانتخابات لتوها، ومع ذلك يجب الاستعداد لتنفيذ انتخابات جديدة مبكرة.
وشدد المراقبون على أن الرئيس بشار الأسد كان يملك الأساس والحق القانوني عندما وقع على المرسوم رقم 63 في فبراير الماضي حول إجراء الانتخابات، وفي ذاك الوقت كانت مستشارته بثينة شعبان موجودة في موسكو حاولت تبرير سبب الاستعجال ولماذا لا يجوز تأجيل الانتخابات- صلاحية مجلس الشعب انتهت في ربيع العام الجاري وطبعا لا يجوز السماح بحدوث فراغ في أحد فروع السلطة، وهو ما اعتبره المراقبون سيعتبر على أنه علامة ضعف وعدم ثقة بالنفس مع انتظار نتائج مفاوضات جنيف، والأسد يريد التفاوض من موقف قوي.
ويرى محللون أنه في حال نجحت مفاوضات جنيف، يجب أن تجري انتخابات مبكرة غير دورية وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 الصادر في 18 ديسمبر 2015 الذي يقول إن هذه الانتخابات يجب أن تجري خلال 18 شهرًا، أي في موعد لا يتجاوز يونيه عام 2017، ويجب أن يتم قبل يونيه عام 2016 تشكيل حكومة وحدة وطنية في سوريا، إلا أن ما يجري في الوقت الراهن يؤكد أن مصير هذه الحكومة سيتقرر ليس في جنيف، كما يرغب الوسطاء الدوليون ، الأمر يعيدنا من جديد إلى نظام وقف إطلاق النار السائد في سوريا اعتبارا من 27 فبراير، وإنه لم يتم في أي يوم خلال هذه الفترة، الالتزام بشكل كامل بهذا النظام.

ويؤكد المراقبون انه منذ الأيام الأولى تم تسجيل عشرات الانتهاكات بما في ذلك الكبيرة والجدية وخلال ذلك تبادلت الأطراف المتناحرة الاتهام بخرق الهدنة. ويواصل الأتراك قصف مناطق الأكراد في شمال سوريا، وخلال الهدنة تمكن الجيش السوري من السيطرة على تدمر والقريتين وغيرها، ويستمر القتال في شمال سوريا بين الفصائل المسلحة المختلفة.
يأتي ذلك في الوقت الذى واصلت فيه روسيا والولايات المتحدة، كل على حدة، تنفيذ عمليتها في مجال مكافحة الإرهاب ولكن وتيرة القصف تراجعت بعض الشيء، بعد ان اتفقت كل من روسيا والولايات المتحدة على انجاح الهدنة ووقف اطلاق النار.
يذكر انه قبل فترة تم تسريب معلومات حول وجود الخطة " ب" لدى الولايات المتحدة وهي تتضمن قيام هذه الدولة وحلفاؤها بتزويد المعارضة السورية بالسلاح المتقدم في حال فشلت مفاوضات جنيف، ولكن السبب في ذلك ليس الانتخابات البرلمانية السورية بل لأن الجيش السوري يقف عند مشارف حلب وعيونه موجهة نحو الرقة ودير الزور في الشرق وهو أمر لا يثير الغبطة لدى تركيا ولدى الجهات الإقليمية الأخرى وفي صدور المعارضين الذين تراهن عليهم الولايات المتحدة. كيف سيكون رد الفعل على ذلك؟ وكيف سيؤثر هذا الرد على مفاوضات جنيف؟
ويرى متابعون أن الاختيار الصعب أمام الأسد كان مؤخرا، ليس – هل يجب إجراء الانتخابات أم لا. أنه يكمن في مسألة صعبة أخرى: أين ومتى يجب توجيه الضربة التالية؟