مع رفض التدخل العسكري في ليبيا.. حكومة الوفاق تحتمي بميليشيات "طرابلس"

السبت 16/أبريل/2016 - 03:45 م
طباعة مع رفض التدخل العسكري
 
في ظل ما تشهده حكومة الوفاق الوطني الليبية، وحالة التوتر التي تعيشها مع عدم منحها الثقة من جانب البرلمان المعترف به دوليًا في طبرق، وكذلك رفض حكومة الإخوان في طرابلس التنازل عن السلطة، تعتزم الحكومة برئاسة فايز السراج باحتواء الميليشيات المسلحة، وذلك بدمجها في الجيش وأجهزة الأمن بهدف منع الاقتتال ودعم المسار السياسي.
مع رفض التدخل العسكري
وأثار هذا القرار جدلًا واسعًا، وذلك بعد أن أكد محمد الكوني نائب رئيس الحكومة أن المجموعات المسلحة في ليبيا هي جزء من الحل.
وقال الكوني: "نحن جئنا كي ننفذ الاتفاق السياسي الذي قال كلمته بشأن هذه الجماعات، سيتم إدماجها في مؤسستي الجيش والشرطة وفي مختلف المؤسسات المدنية الأخرى، بمعنى أنها ليست عدوًّا وإنما هي جزء من الحل".
وأوضح نائب رئيس الحكومة، أن هذه الجماعات الموجودة في طرابلس وفي كامل ليبيا تتمركز في مواقعها الطبيعية والمعروفة ولا تخرج خارج منطقتها، المنطقة التي نحن فيها تحرسها قوة من الجيش الليبي نحن على اتصال مع هذه الجماعات وبمجرد تفعيل وزارة الدفاع سيتم إدماجها والاستفادة منها.
كانت لوحت حكومة الوفاق، في وقت سابق، عن عزمها احتواء المجموعات المسلحة الخارجة عن السلطة بدمج بعض كتائبها بالجيش والشرطة، لكن متابعين حذّروا من هذه الخطوة على اعتبار أن بإمكانها خلق جيش كتائبي متعدد الولاءات وغير قادر على حماية المنشآت الحيوية للدولة.
وكما تناولت بوابة الحركات الإسلامية في تقرر سابق لها، أن رئيس البرلمان عقيلة صالح، قال في تصريح له: "إن حكومة تحميها الميليشيات المسلحة في طرابلس، لن يتم الاعتراف بها إطلاقاً، مشددًا على أن قيادات القوات المسلحة الليبية خط أحمر؛ ولا يمكن المساس بها أو المساومة عليها".
وتعتبر المواجهات المالية التي عانت منها حكومة طرابلس غير المعترف بها وعجزها عن مواجهة الخطر المتصاعد لتنظيم داعش أبرز عاملين وراء تثبيت حكومة الوفاق الوطني سلطتها في العاصمة من دون إراقة دماء.
وقال سياسي ليبي مقرب من رئاسة حكومة الوفاق في تصريحات صحفية: "إن حكومة طرابلس أفلست، وبات بعض أعضاء الجماعات المسلحة بلا رواتب وأموال، بينما أصبح آخرون يخشون أن يلقوا المصير ذاته".
وكان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، انتقل إلى العاصمة طرابلس منذ أسبوعين ما أثار حفيظة رئاسة البرلمان؛ كون المجلس الرئاسي لم تحظ حكومته التي تقدم بها رئيسه فائز السراج بالثقة، حتى الآن.
وعلى الرغم من أن الحكومة الجديدة تحظى بتأييد داخلي وخارجي، إلا أنها مهددة بالبطلان في أي وقت؛ وسيلحق وضع الحكومة الجديدة بالحكومتين الأخريين، فهي بالفعل دخلت ضمن الصراعات القائمة الآن، وأصبحت في موضع الشكوك والشبهات.
مع رفض التدخل العسكري
ويعد انتشار الميليشيات المسلحة في ليبيا نتيجة لضعف الدولة وانهيار مؤسساتها؛ بسبب استشراء الفوضى والانفلات الأمني واختراق ليبيا من قبل التنظيمات الجهادية، مقابل تراجع القوات النظامية وانحسار الأراضي التي تسيطر عليها.
وانقسم الجنوب الليبي بين قوى التبو تسيطر أساسا على سبها وقبائل الطوارق، وتسيطر قبائل الأمازيغ على المناطق الغربية الشمالية لليبيا، في حين تمكن تنظيما أنصار الشريعة وداعش من السيطرة على أجزاء واسعة من المنطقة الشرقية.
ووفق إحصائيات فإن إجمالي الميليشيات المتشددة في ليبيا 300 ميليشيا مسلحة، هذا إلى جانب الميليشيات التكفيرية والتي تنضوي تحت لواء السلفية الجهادية ومن بينها كتيبة 17 فبراير، وسرايا راف الله السحاتي، ودرع ليبيا، وكتيبة أنصار الشريعة، وغرفة عمليات ثوار ليبيا، وكتيبة ثوار طرابلس.
وكان تم التوقيع على اتفاقية من مدينة الصخيرات المغربية، يوم 17 ديسمبر الماضي، برعاية أممية، تقضي بتشكيل ثلاثة أجسام تقود المرحلة الانتقالية في البلاد وهي: حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، ومجلس أعلى للدولة يتكون من 145 عضوًا من المؤتمر الوطني البرلمان المنعقد في طرابلس والمجلس الرئاسي المتكون من رئيس الحكومة ونوابه، إضافة إلى إبقاء مجلس النواب البرلمان المنعقد في طبرق كجهة تشريعية وحيدة.
كانت لفتت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير سابق لها، إلى أن الحكومة الموازية برئاسة خليفة الغويل، حذرت حكومة الوفاق من الاستمرار في طرابلس، واعتمد السراج على دعم المجتمع الدولي والتأييد الشعبي غير المسبوق له؛ حيث حظيت حكومة الوفاق الوطني بدعم داخلي مهم، مع إعلان بلديات عشر مدن ساحلية غربًا وحرس المنشآت النفطية تأييدها؛ أملًا في أن تتمكن هذه الحكومة المدعومة من المجتمع الدولي من إنهاء النزاع المسلح ووقف التدهور الاقتصادي؛ مما قد يدفع إلى بدء تشكيل التحالفات السياسية مجددًا.
ووسط هذه الأجواء الغير مستقرة، تلوح بعض دول الغرب إلي احتمالية التدخل العسكري في ليبيا بحجة محاربة القضاء على التنظيمات الإرهابية في البلاد، ورغم التأكيد الرسمي الجزائري بأنه لا مجال لتدخل عسكري جزائري في ليبيا والذي جاء على لسان الوزير الأول عبد المالك سلال، إلا أن الحشود العسكرية على الحدود مع ليبيا، وما تتناقله بعض الصحف الجزائرية من أخبار حول احتمالية التدخل العسكري، زاد من غموض الصورة وزاد من الجدل حول القضية.
وفي الفترة الأخيرة جرت الأحداث حول ملف الوضع الأمني على الحدود البرية بين الجزائر وليبيا، فخلال أقل  من شهرين اتخذت السلطات الجزائرية 4 قرارات مهمة تؤشر كلها إلى احتمال وقوع تدخل عسكري جزائري في ليبيا.. بدأت بسحب السفير وانتهت برفع تعداد القوات الموجودة في الحدود.
مع رفض التدخل العسكري
وفي تصريح صحفي له، قال الكاتب الصحفي ورئيس تحرير جريدة ميادين الليبية أحمد الفيتوري، اليوم السبت: "إن التدخل العسكري الخارجي أصبح "واقعا ملموسا" في ليبيا لدعم الجماعات المتشددة التي تقف خلفها دول مثل تركيا". لافتًا إلى ضرورة توفير التدريب الجيد لقوات الجيش و الشرطة الليبية لإعادة الاستقرار للبلاد.
وأضاف أن "كل المعارضين للحكومة الليبية الجديدة وعلى رأسهم التيار السياسي الإسلامي الذي يعتمد على إرهابيين يدعمون توجهاته من مختلف أنحاء العالم".
وقال: "إن ليبيا أصبحت مرتعاً للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين والتيار الإسلامي المتطرف ، وكل هؤلاء يدعون دول العالم لدعمهم تحت ستار الإسلام وقناع الدين وأمة الإسلام الواحدة، ولكن عندما تستدعيهم الدولة من أجل الأمن والاستقرار لا نجدهم.. بل عندما تستدعي الدولة عناصر لضبط الأمن الذي هم أساس في عدم ضبطه يطفو المعارضون على السطح".
وقال: "التدخل الأجنبي السافر في ليبيا موجود وواقع بدعم محلي من التيارات الإسلامية وبدعم تركي علني، كما تدعمه كل من السودان والجزائر علناً أيضا".
ومن جانبه، كان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، حذر من أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا، قائلا: "إن من شأن مثل هذا التدخل أن يؤدي إلى تقسيم البلاد".
وتأتي تصريحاته فيما تسود مخاوف أوساطا غربية بشأن مدى تمدد تنظيم "داعش" في ليبيا وسط الفوضى التي تعصف بها منذ الانتفاضة ضد الزعيم الراحل معمر القذافي في عام 2011.
وأفادت تقارير بأن حلف شمال الأطلسي ناتو يُعد خططا لنشر عدة آلاف من القوات استجابة لطلب محتمل من الحكومة الليبية التي تدعمها منظمة الأمم المتحدة.
وقال السبسي: "إن تونس تعارض التدخل الأجنبي في ليبيا؛ لأنه سيؤدي إلى كارثة أكبر من ضياع الدولة. التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا سيزيد شبح الانقسام، وهو أمر شديد السوء للبلد". 
وفي سياق متصل، أشار الاتحاد الأوروبي إلى أنه سيدرس إرسال عناصر أمنية إلى ليبيا بحجة المساعدة في تحقيق الاستقرار، إذا ما طلبت ذلك الحكومة الليبية الجديدة.
 وأوضحت مسودة بيان أن الاتحاد الأوروبي مستعد لتقديم الدعم لقطاع الأمن استجابة لطلبات محتملة من حكومة "الوفاق الوطني" التي تدعمها الأمم المتحدة.
مع رفض التدخل العسكري
وجاء في المسودة "يمكن أن تدعم مهمة مدنية.. الجهود الليبية.. من خلال تقديم النصح وبناء القدرات في مجالات الشرطة والعدالة الجنائية، وذلك في إشارة إلى مكافحة الإرهاب وإدارة الحدود ومكافحة تهريب المهاجرين عبر البحر المتوسط إلى أوروبا.
وكتبت إيطاليا التي تطالب بتنسيق التحرك فيما يخص الهجرة إلى قادة مجلس الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية لتوضح الطبيعة العاجلة للموقف.
واقترحت حكومة رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينتسي "وجودًا مستمرًّا لقوة أوروبية لتنفيذ القانون في الحزام الصحراوي" وتوسيع المهمات البحرية لمنع التهريب وتدريب خفر السواحل الليبي.
ومن جانبه جدد رئيس الحكومة فائز السراج رفضه للتدخل العسكري لقوات أجنبية على الأرض لمحاربة تنظيم داعش؛ حيث اعتبر أن القضاء على داعش في ليبيا مسألة أساسية تندرج ضمن نطاق مشروع وطني يجري من خلاله استئصال هذا السرطان وبسواعد ليبية، لتصبح ليبيا دولة مدنية ديمقراطية حديثة. وأعلن السراج خلال كلمة ألقاها في الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي بتركيا عن دعمه للمساعي الدولية للوصول إلى حل سياسي في سوريا ضمن إطار زمني واضح حتى يتمكن الشعب السوري من تحقيق طموحاته.

شارك