على خلفية مقترح بتحميلها مسئولية هجمات سبتمبر.. الرياض تلوِّح بسحب الاستثمارات من واشنطن

الأحد 17/أبريل/2016 - 09:02 م
طباعة على خلفية مقترح بتحميلها
 
احداث 11 سبتمبر
احداث 11 سبتمبر
بدأ يلوح مؤخرًا صراع خفيّ  بين واشنطن والرياض في ضوء  تحذيرات سعودية من إمكانية تمرير تشريع أمريكي قد يتيح ملاحقتها على خلفية هجمات سبتمبر 2001، وتهدد السعودية بسحب أصولها المالية من أمريكا أو حتى التوقف عن الاستثمار في سنداتها إذا تم تمرير هذا القانون.
من جانبها كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن الحكومة السعودية هددت ببيع أصول أمريكية بمئات المليارات من الدولارات إذا أقر الكونجرس مشروع قانون يحمل المملكة المسئولية عن أي دور في هجمات 11 سبتمبر 2001، وأكدت الصحيفة أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أبلغ مشرّعين أمريكيين في مارس أن "السعودية ستجد نفسها مضطرة لبيع سندات خزانة وأصول أخرى بالولايات المتحدة قيمتها 750 مليار دولار خشية أن تتعرض للتجميد بأوامر قضائية أمريكية."
ويرى محللون أن مشروع القانون الذي مررته اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ في وقت سابق من العام الجاري لا يعفي الحكومات الأجنبية من الحصانة في القضايا "الناجمة عن هجوم إرهابي يقتل فيه أمريكيون على أراض أمريكية"، وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين بالإدارة الأمريكية ومساعدين بالكونجرس إن "التهديدات السعودية كانت محور نقاش محتدم في الأسابيع الأخيرة بين مشرعين ومسؤولين بالخارجية والبنتاجون، مع التلميح إلى أن إدارة أوباما ضغطت على الكونجرس لمنع إقرار القانون.
اوباما
اوباما
من جانبه قاله قال جون كيربي المتحدث باسم الخارجية الأمريكية "نظل ملتزمين بأن نقدم للعدالة الإرهابيين ومن استغلوا الإرهاب للمضي في أفكارهم الفاسدة."
وسبق أن رفض قاض أمريكي في سبتمبر دعاوى ضد السعودية أقامتها أسر ضحايا الهجمات قائلا إن المملكة لها حصانة سيادية من مطالبات بالتعويض من الأسر وشركات التأمين التي غطت الخسائر التي مني بها ملاك المبنى والشركات.
يأتي ذلك في الوقت الذى قال فيه  مسؤولان كبيران بوزارة الخارجية الأمريكية، إن "الاستثمارات ستكون معرضة للخطر إذا تم تمرير مشروع القانون، ولذلك يحاولون حماية أنفسهم من الخطر".
وتسعى إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى الضغط بقوة على الكونجرس لمنع تمرير مشروع القانون، وحذر مسؤولون كبار في وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين، الشهر الماضي، أعضاء لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، من أن تمرير مشروع القانون، قد يعرض الاقتصاد الأمريكي للخطر.
وحتى الآن لم يعلق البيت الأبيض على الأمر، كما لم يرد السعوديون بعد على ما يتداول بشأن هذه التحذيرات.
في الوقت الذي صرح فيه ـ سابقًا ـ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ، بأن مشروع القانون قد يكون له عواقب وخيمة إذا تم تمريره.
عادل الجبير
عادل الجبير
ولم يسبق توجيه أي اتهام للحكومة السعودية، الحليفة للولايات المتحدة، في هجمات سبتمبر، كما نفى المسؤولون السعوديون أي علاقة لهم بالهجمات، ولكن 15 شخصًا من الـ19 الذين نفذوا الهجمات كانوا يحملون الجنسية السعودية. 
وحتى الآن تفرض السلطات الأمريكية السرية على 28 صفحة من تقرير التحقيقات حول 11 سبتمبر، يقال إنها عن دور الحكومات الأجنبية في المخطط، بينما يطالب المسؤولون السعوديون بالكشف عن هذه الصفحات المفروض عليها السرية منذ عام 2003، قائلين إن ذلك سيمنحهم الفرصة للدفاع عن أنفسهم ضد الاتهامات بالتورط في الهجمات، إلا أن إدارة الرئيس السابق جورج بوش رفضت ذلك بذريعة أنه سيضعف قدرتها على جمع معلومات استخباراتية عن المشتبه بتورطهم في عمليات إرهابية، وهو النهج الذي اتبعته إدارة أوباما.
كانت أسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر رفعت دعوى قضائية ضد الحكومة السعودية، ولكن قضت المحكمة الفيدرالية، العام الماضي، برفض الدعوى بسبب الحصانة التي تملكها المملكة في هذه القضية.
وفى سياق متصل قال بوب جراهام العضو السابق بالكونجرس وحاكم فلوريدا" أنا  غاضب لكنني لست مستغرباً، السعوديون يعرفون ما قاموا به في الحادي عشر من سبتمبر ويعرفون أننا نعلم ما قاموا به، على مستوى المسؤولين البارزين في الحكومة الأمريكية على الأقل، وهم يتصرفون لأننا لم نقم بأي رد على تواطؤهم في مقتل ثلاثة آلاف أمريكي بشعور من الحصانة، معتقدين أن بإمكانهم القيام بما يريدون دون عقوبات، وهذه الحصانة تمتد الآن في محاولتهم للضغط على المستويات العليا للبيت الأبيض والكونغرس لمنع قانون يحدد ما إذا كانت السعودية متآمراً مشاركاً.
 أضاف جراهام خلال مقابلة مع شبكة CNN " أعتقد أن ما تملكه السعودية هو اتفاق مع الولايات المتحدة بأن ما يشيرون إلى أنهم يريدونه هو أمر زائف، وأن ما يريدونه حقاً هو إبعاد هذه القضية عن الأمريكيين وأنهم سيلزمون الحكومة الأمريكية بذلك كغطاء لقولهم بأننا نريد نشر جميع المعلومات، تتحدث عن الثمانية والعشرين صفحة، وهي مهمة، لكن هناك آلاف الوثائق الأخرى التي تتحدث عن دور السعودية في هجمات الحادي عشر من سبتمبر والتي تم حجبها أيضا، أعتقد أن على الرئيس الالتزام بنشر جميع هذه المعلومات وأن تكون هناك شفافية كاملة مع الأمريكيين تجاه ما قام به السعوديون لكي تعامل جميع الأطراف على مستوى الحقيقة على الأقل في هذه الفترة المتقلبة لعلاقتنا.
  نوه جراهام بقوله "أعتقد أن هناك محتويات في هذه الوثيقة وغيرها من الوثائق التي ستشير إلى وجود علاقة في المستويات العليا بين المملكة والمختطفين التسعة عشر.
بوب جراهام
بوب جراهام
من جانبه أكد الكاتب المتخصص بالاقتصاد، لويس كاماروسانو، أن للسعودية دورًا كبيرًا في الحفاظ على الدولار كعملة احتياط رئيسية في العالم، موضحا أن المهم ليس مقدار النفط الذي تبيعه السعودية لأمريكا، خاصة وأنها تبيع النفط للكثير من دول العالم، لكن المهم هو دور السعودية في التوافق مع أمريكا على إبقاء الدولار عملة تقويم للنفط لدى منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، ما يعني أن العملة الأمريكية هي الاحتياط الرئيسي لتلك الدول.
شدد على أن هذا التفاهم القائم منذ العقد السابع من القرن الماضي هو السبب في خلق ما يعرف بظاهرة "البترودولار" وما نتج عنها من طلب عالمي لا يتوقف على الدولار الأمريكي أو على الأوراق المالية المقومة بالدولار الأمريكي.
ويري محللون أنه بسبب المديونية العالية للولايات المتحدة الأمريكية، فإن واشنطن تعتمد بشكل رئيسي على تمويل ميزانيتها بالاعتماد على السندات التي يبتاع الأجانب جزءا كبيرا منها، ما يعني أن على الحكومة الأمريكية أن تضمن على الدوام الإقبال على عملتها، ومع استمرار الدولار كعملة احتياطية للعالم بأسره، تمكنت أمريكا من الحفاظ طوال السنوات الماضية على وتيرة الإنفاق الواسع النطاق دون خوف وقوع تضخم كبير بسبب قدرتها على تحويل مشكلة التضخم إلى الخارج عبر تلبية الطلب العالمي على الدولار.
ولفت كاماروسانو النظر إلى أنه في اللحظة التي تفقد فيها أمريكا القدرة على طباعة الدولار وتصديره إلى الخارج باعتباره عملة الاحتياطي العالمي ستنتهي قدرتها على تمويل عجزها المالي الكبير.

شارك