بين رفض داخلي وتأييد خارجي.. حكومة الوفاق الليبية أمام "الطوفان"
الثلاثاء 19/أبريل/2016 - 01:17 م
طباعة

على الرغم من أن حكومة الوفاق الليبية، بدأت أعمالها من العاصمة طرابلس، إلا أنها أصبحت مهددة بالفشل، في ظل عدم منحها الثقة من طرفي النزاع الليبي، فمن الداخل والخارج تواجه الحكومة صعوبات كثيرة؛ من الداخل يرفض كل من البرلمان المعترف به دوليًا منحها الثقة، وكذلك ترفض الحكومة الموازية المحسوبة علي جماعة الإخوان التنازل عن السلطة، ليكون الداعم الوحيد لحكومة الوفاق، الجهات الخارجية والمجتمع الدولي، فقد حذر الاتحاد الأوروبي مرارًا وتكرارًا معرقلي الحل السياسي بتوقيع عقوبات ما لم يساندوا حكومة السراج في عملها.

وفي ظل مساعي دول الاتحاد الأوروبي، على إنجاح عمل حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، وإرسال قوة أمنية أوروبية للمساعدة في فرض الأمن بطرابلس، ومن أجل أن تكون حكومة فايز السراج في وضع يسمح لها باتخاذ القرارات والحكم الفعلي.
ووفق مراقبين فإن الحلفاء الغربيين يتطلعون إلى شريك ليبي مستقر للمساعدة على احتواء التمدد المتزايد لمتشددي تنظيم داعش ومنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر المتوسط.
وتحاول دول الاتحاد الأوروبي أن تمد يد العون لحكومة السراج بغض النظر عن وضعها القانوني، خاصة أن البرلمان المعترف به دوليًّا لم يعطها الثقة، ودون النظر إلى تخوفات الشرق الليبي من أن تسهم الحكومة، الواقعة تحت حماية ميليشيا فجر ليبيا، في خلق شروط انقسام البلاد.
في هذا الصدد، أكد بيان صدر مساء أمس الاثنين 18 أبريل 2016، عن وزراء الخارجية والدفاع لدول الاتحاد الأوروبي أكدوا فيه أن "حكومة الوفاق الوطني هي الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا"، مشددين على أن "الاتفاق السياسي الليبي، الذي وقع في الصخيرات وأقره مجلس الأمن الدولي بالإجماع لا يزال هو أساس للتقدم السياسي في ليبيا."
ودعا الوزراء الأوروبيون في بيان لهم ليل الاثنين جميع الأطراف المعنية، وبخاصة تلك الموجودة في المنطقة، إلى مواصلة حث جميع الأطراف في ليبيا على الانخراط بشكل بناء حكومة الوفاق الوطني وجميع المؤسسات الأخرى المدرجة في الاتفاق السياسي الليبي، مؤكدين على قرار مجلس الأمن رقم 2259 الذي يتضمن وقف الدعم والاتصال الرسمي مع المؤسسات الموازية، ويحث مجلس النواب والمؤسسات الأخرى، بما في ذلك مجلس الدولة الوليد، لتحقيق الأدوار المسندة إليهم بموجب الاتفاق السياسي الليبي.
ورحب وزراء الخارجية والدفاع لدول الاتحاد الأوروبي باعتراف مختلف المؤسسات الوطنية، بما في ذلك البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط، وهيئة الاستثمار الليبية، والمجالس البلدية، كما حث الميليشيات الموجودة والجماعات المسلحة إلى احترام سلطة حكومة الوفاق الوطني، مشيرين إلى أن الاتحاد سيقوم بمراجعة العقوبات الأوروبية على المعرقلين لحكومة الوفاق الوطني وسيدرس توقيع عقوبات إضافية إذا لزم الأمر ضد الأفراد الذين يهددون السلام والأمن والاستقرار في ليبيا، أو الذين يعملون على تقويض الانتقال السياسي.

وأعلن وزراء الخارجية والدفاع لدول الاتحاد الأوروبي أنهم على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم لقطاع الأمن ودعم الجهود الليبية من خلال تقديم المشورة وبناء القدرات في مجالات الشرطة والعدالة الجنائية بما في ذلك في مجال مكافحة الإرهاب، وإدارة الحدود والهجرة غير النظامية ومكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر، وتوسيع نطاق دعم إصلاح قطاع الأمن وبناء القدرات لخفر السواحل الليبي، وتنفيذ القانون الدولي حيث يدرك الاتحاد الأوروبي أهمية أمن الحدود في ليبيا على الأمن الإقليمي والأوروبي، وأدان وزراء الخارجية والدفاع لدول الاتحاد الأوروبي بشدة جميع المحاولات لعرقلة استقرار ليبيا و التهديد المتزايد لتنظيم داعش الإرهابي.
وعبر وزراء الخارجية والدفاع لدول الاتحاد الأوروبي عن قلقهم من تدهور الوضع الإنساني في المناطق الأكثر تضررًا، بما في ذلك بنغازي، ورحبوا بخطة الاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة، مطالبين جميع الأطراف في ليبيا لضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق وأمن العاملين في مجال المساعدات الإنسانية من أجل تسهيل المساعدة والحماية للمدنيين المحتاجين.
وكان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، ناشد أمس، أوروبا تقديم المساعدة في مكافحة مهربي البشر لكنه لم يوجه دعوة رسمية يقول الاتحاد الأوروبي إنها تلزم لنقل بعثة الاتحاد الأوروبي البحرية في البحر المتوسط إلى المياه الإقليمية الليبية بهدف وقف الموجة الجديدة من المهاجرين وذلك وفقا لما أوردته وكالة رويترز للأنباء.
وقالت مسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيدريكا موجيريني التي ترأست الاجتماع مع 50 وزيرًا في لوكسمبورغ: "نحن مستعدون لدعم الحكومة"، مضيفة أن الاتحاد مستعد لتقديم 100 مليون يورو في شكل مساعدة مالية.
وأعلنت عن نيتها زيارة طرابلس خلال الأسابيع المقبلة، مؤكدة أن الزيارة ستتجاوز المعاني الرمزية، وسيتم خلالها بحث عدة مشاريع مع المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية.
وكشفت موغيريني، عن تقديم منحة بقيمة 5 ملايين يورو كمساعدات إنسانية لليبيا، مما يرفع قيمة المبالغ المقدمة إلى ليبيا هذا العام إلى 40 مليون يورو.
وكان الاتحاد الأوروبي قد فرض عقوبات على ثلاثة مسئولين ليبيين لـ«عرقلتهم» عمل حكومة الوفاق الوطني التي تسعى الى الاستقرار في طرابلس رغم معارضة السلطات التي تسيطر على العاصمة وغير المعترف بها.
واستهدفت العقوبات رئيس برلمان طبرق (شرق) عقيلة صالح، ورئيس برلمان طرابلس غير المعترف به نوري ابوسهمين ورئيس حكومة طرابلس خليفة الغويل.
وتقضي العقوبات بـ"حظر السفر الى الاتحاد الأوروبي وتجميد أصولهم داخل الاتحاد الأوروبي".
وتشعر الحكومات الأوروبية بالقلق إزاء الوضع المتردي، والذي ساعد على التواجد المتزايد لتنظيم داعش في ليبيا؛ حيث سيطرت جماعات تابعة للتنظيم على مدينة سرت، وهددت منشآت نفطية في إطار سعيها لبناء قاعدة له خارج العراق وسوريا.

نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير الاقتصاد الألماني، زيجمار جابريل، أكد أن ليبيا يوجد بها مخزون هائل من الأسلحة التي تم شحنها من جميع دول العالم منذ عقود طويلة، وهي تسهم في إذكاء الحرب هناك.
وكانت قالت صحيفة صنداي تايمز البريطانية: إن فريقًا من الخبراء ورجال الاستخبارات البريطانية والأمريكية يتمركزون حاليًا في الأراضي الليبية؛ أضافت أن رجال المخابرات هؤلاء "يحملون معهم حقائب مليئة بالأموال ويقومون برشوة زعماء القبائل الليبية حتى لا يعارضوا التدخل العسكري الغربي المتوقع عن طريق قوات برية". ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تذكرها تأكيدات بأن هناك ما بين 30 إلى 40 من رجال المخابرات البريطانية في طرابلس بينهم خبراء في التجسس والمراقبة وخبراء في المفرقعات يقومون بتدريب عناصر مسلحة لبدء العمل العسكري على الأرض ضد داعش.
وبدأت قوات خاصة من بريطانيا والولايات المتحدة بتقديم الدعم لميليشيات مصراتة لمقاتلة الجهاديين، وفق متابعين، بينما تساند فرنسا القوات المدعومة من قبل برلمان طبرق لمجابهة تمدد داعش في الشرق وخاصة بنغازي.
وعلى الرغم من سيطرة داعش على مناطق مهمة في ليبيا، ومحاولته خلق نواة اجتماعية تكون حاضنة لأنشطته، فإن خبراء يؤكدون أن نفوذ التنظيم في مدينة سرت لم يصل بعد إلى المرحلة التي وصل إليها سابقًا في مدينتي الموصل العراقية والرقة السورية.
وقال دبلوماسيون: "إن السراج أطلق في أول مؤتمر له عبر دائرة تلفزيونية مع وزراء الخارجية والدفاع بالاتحاد الأوروبي منذ وصوله إلى طرابلس، مناشدة للحصول على المساعدة في محاربة تنظيم داعش وإعادة بناء البلاد".
وتدخل ليبيا في نفس السيناريو بين تقسيم البلاد إلى ثلاث حكومات ، ويعترف الآن المجتمع الدولي بحكومة الوفاق والتي تدعمها الدول العربية والغربية، ومع ذلك فكل أعمالها مهددة بالفشل، وقد يؤدي ذلك إلى التدخل العسكري في القريب العاجل، فقد ذكرت بوابة الحركات الإسلامية أن الغرب بدأ "يعد العدة" للتمركز في ليبيا.