النظام والتحالف مع "داعش" حلقة جديدة في الصراع السوري

الثلاثاء 19/أبريل/2016 - 05:18 م
طباعة النظام والتحالف مع
 
 يبدو أن النظام السوري حاليًا لا يترك فرصة لتحقيق مكاسب جديدة في ساحة القتال السورية إلا واستغلها، حتى وإن كانت مع تنظيم الدولة "داعش" الذي يقاتله في ساحات أخرى على الأرض السورية. 
النظام والتحالف مع
وقد كشف اتفاق بين "تنظيم الدولة" والنظام في مدينة الضمير عن تفاصيل جديدة حول مفاوضات تجري حاليًا بين النظام و"رجال الملاحم" المتهم بمبايعة تنظيم الدولة، من أجل انسحاب الأخيرة من مدينة الضمير بريف دمشق، وفق البندين التاليين: 
1- تأمين طريق آمن من قبل قوات النظام لـ "رجال الملاحم" بهدف خروجهم للحماد بمنطقة البادية بإشراف الهلال الأحمر، وذلك بعد عصر الثلاثاء 19-4-2016م. 
2- حرق جميع الأسلحة الثقيلة التي يمتلكها اللواء، وذلك بإشراف لجنة من النظام وتوثيق العملية بالتصوير.
وأشارت تنسقية الضمير، إلى أن 70 مقاتلاً من لواء الصديق المتهم هو الآخر بمبايعة تنظيم الدولة سلموا أنفسهم لجيش الإسلام وقوات الشهيد أحمد العبدو بعد موت قائدهم "إبراهيم نقرش". وذلك بعد أن كانت مدينة الضمير  قد شهدت خلال الأشهر الماضية اشتباكات بين جيش الإسلام وقوات الشهيد أحمد العبدو من جهة ورجال الملاحم ولواء الصديق من جهة ثانية، أسفرت عن سقوط عشرات الشهداء والجرحى من المدنيين والثوار.
النظام والتحالف مع
ولا تعد هذه الصفقة هي الأولى بين النظام و"داعش"، وليست الأخيرة أيضًا؛ حيث إن هناك العديد من الدلائل التي تؤكد على وجود علاقة بينهما؛ حيث تبين الإحصائيات التي أجرتها المؤسسة البحثية أي إتش إس (IHS) أن الحكومة السورية- التي طالما صورت الحرب الأهلية على أنها معركة ضد الإسلام الراديكالي- وتنظيم الدولة الإسلامية قد تجاهلا بعضهما البعض إلى حد كبير في ساحات المعارك، على حسب ما تشير إليه البيانات، وأن هناك 5 بنود توضح شكل العلاقة بين تنظيم الدولة والنظام السوري تتمثل فيما يلي:
1- العلاقات التجارية المستمرة بين داعش والنظام
 فحسب صحيفة "التلغراف" البريطانية، فإن النظام السوري لا يشتري النفط من داعش وحسب، بل يساعدها أيضًا في تشغيل وإدارة بعض مرافق النفط والغاز، ويعد النفط من أكبر المصادر التي يعتمد عليها تنظيم داعش من حيث الاكتفاء الذاتي من جهة التمويل، وذلك منذ أن استولى التنظيم على حقول النفط الواقعة في شرق سوريا، وتُقدر إحصائية كانت أدرجتها الـ"فورين بوليسي" بأن داعش تنتج نحو 44000 برميل يوميًّا من سوريا، و4000 برميل من نفط العراق؛ ما يجعلها تكسب مبلغًا يتراوح بين المليون والمليوني دولار من مبيعات النفط بشكل يومي.
ويُعتقد أيضًا أن حقول النفط والغاز الأخرى تُدَار عبر الموظفين الذين بقيت رواتبهم سارية من وزارة النفط التابعة للنظام، ويُذكر في هذا السياق قرار الاتحاد الأوروبي، ويفيد بوضع رجل الأعمال السوري جورج حسواني، مالك شركة "هيسكو" الهندسيّة ضمن قائمة العقوبات الأوروبية؛ وذلك لعمله كوسيط في صفقات النفط الجارية بين نظام الأسد وتنظيم داعش.
تدير شركة "هيسكو" محطة للغاز في مدينة الطبقة، وهي مدينة تقع تحت سيطرة داعش منذ آب الماضي، ومنذ ذلك الوقت تُدار هذه المنشأة بالتعاون ما بين داعش، وشخصيات في وزارة الطاقة السورية حسب ما يعتقد مسئولون، كما أنها استمرّت بتزويد المناطق التي تخضع لسيطرة الأسد دون انقطاع. 
2- تركيز تنظيم داعش على مهاجمة المناطق التابعة للحرّ دونًا عن النظام. 
النظام والتحالف مع
 حيث يبين التحليل الصادر من مركز JTIC أن حوالي 64% من الهجمات التي قامت بها داعش في سوريا استهدفت الجماعات المعارضة لنظام الأسد، و13% فقط من هذه الهجمات استهدفت قوات النظام السوري خلال العام المنصرم.
وتتّهم الفصائل التابعة للجيش الحر داعش بأنها تعين النظام حين تترك حلب المحاصرة من قبل قوات النظام لتنشغل بـ"كوباني"، وحين تدخل إلى مخيم اليرموك المحاصر من قبل النظام السوري من عام 2013 لتزيد من معاناته، وتتسبب في إعطاء الشرعية للنظام السوري لاستهداف المخيم بحملة مكثفة من القصف المدفعي والبراميل المتفجرة.
وقد بدأ توسّع داعش في سوريا منذ عام 2013 عبر افتتاحه مكاتب للدعوة في ريف حلب والرقة الذي كان يشهد حراكًا مدنيًّا ويقع تحت حماية فصائل تابعة للجيش الحر، تدريجيًّا استولت داعش على كلّ من مدن الباب ومنبج والأتارب وإعزاز وتل رفعت وغيرها في ريف حلب، وسرمدة وكفر تخاريم والدانة وسلقين التابعين لمحافظة إدلب، ومدينة الرقة التي اتخذتها كمعقل رئيسي، وفي خلال أقل من ستة أشهر سيطرت «داعش» على مناطق واسعة في سوريا من الشرق والشمال لحلب من مناطق كلها كانت تابعة للحرّ.
وفي نهاية 2013، قررت داعش التوجه لاحتلال ريف حمص الشرقي، بينما كانت مدينة حمص قد وصلت إلى ذروة المعاناة والألم بعد حصار سنة ونصف أنهكت فيها كل قواها، وقد أسهمت خطوة داعش تلك في إضعاف القوى المحاصرة في حمص بشكل شديد؛ ما أجبرها بالنهاية على التخلي عن مدينة حمص في مايو من العام الماضي.
النظام والتحالف مع
3- تجاهل النظام لداعش
تبين معطيات JTIC أن عمليات الأسد – كان أكثر من ثلثيها غارات جوية- استهدفت جماعات أخرى غير داعش. فمن 982 عملية من عملياته المكافحة للإرهاب من بداية العام الماضي وإلى 21 نوفمبر، 6% منها فقط وجهت مباشرة على داعش.
وبدا توحيد الأهداف بين الأسد وداعش واضحًا في معركة حمص الشهر الماضي، وما تلاها من معارك بين الجبهة الإسلامية وداعش في حلب، وفق رأي المعارضة؛ حيث وفرت طائرات النظام غطاءً جويًّا لمقاتلي داعش، الأمر الذي سهل تقدم مقاتلي داعش وتنقلهم بين المدن. عندما وقعت ريف إدلب تحت سيطرة الجيش الحر، قصف النظام السوري المنطقة حتى عادت تحت سيطرة داعش ورفع علمها على أحد الأبنية، وفق مسؤولي الجيش الحر. 
4- المنفعة السياسية التي عادت على الأسد بفضلِ داعش
يعد ظهور داعش نقطة تحول رئيسية في مسار الحرب السورية، وطريقة التعامل الغربية مع الشأن السوري، فقد سمح ذلك للنظام بإعادة تجميع نفسه ومباغتة المتمردين في المناطق الاستراتيجية من جهة، وبعرضِ نفسه على أنه "أهون الشرّين" لكسب الودّ الدولي من جهة أخرى.
وقد بدأت القوات الجوية السورية بإجراء عدة طلعات جوية ضد "عاصمة داعش" في الرقة منذ 22 أيلول 2014، في خطوة تهدف بشكل واضح أنها جاءت لتتماشى مع الحملة العالمية لمكافحة الإرهاب في أعقاب إطلاق قوات التحالف حملة غارات جوية تستهدف تنظيم الدولة/ داعش في سوريا.
النظام والتحالف مع
5- سيطرة تنظيم داعش على مدينة الرقة في شمال سوريا
 حيث عثر على وثائق في منزل حجي بكري، الرجل  الثاني في داعش،  تعزيز وجهات النظر القائلة بوجود اختراقات هائلة ونوع من التنسيق بين النظام السوري وعناصر من صلب داعش. 
وتبين الوثائق المسربّة من قبل مركز "مسارات" بالتعاون مع صحيفة "الشرق الأوسط" أنه تم تأمين وثائق مزورة لعملاء للنظام لتسهيل اختراقهم لداعش، وتؤكد الوثيقة انضمام مجموعة من العراقيين للقتال إلى جانب النظام عن طريق فرع أمن الدولة في حلب، ولتسهيل هذه المهمة، يطلب رئيس اللجنة الأمنية العقيد حيدر حيدر في الوثيقة تأمين مجموعة هويات سورية تؤمن انضمام هؤلاء العناصر، الذين قد يبلغ عددهم 2500 شخص إذا جرى تأمين السلاح الكافي لهم، إلى تنظيم داعش، وكذلك يطلب بعض الوثائق العراقية لإعطائها للمقاتلين السوريين الذين يتقنون اللهجة العراقية، وقد أرفقت بالوثيقة أسماء 200 مقاتل من منطقة نبل والزهراء.
وتشير الوثيقة إلى أن قوات النظام أصبح لديها العديد من العناصر والقيادات القوية ضمن تنظيم داعش في المنطقة الشمالية بشكل عام، وهم يستطيعون تأمين دخول أعداد من المتطوعين الجدد إلى صفوف هذا التنظيم عبر تزكيتهم وضمان عدم إثارة أي شكوك حولهم؛ مما يؤمن معلومات تفصيلية بشكل دائم عن تحركات المسلحين وأعدادهم وتسليحهم وخططهم. وأشارت المعلومات الواردة إلى أن التنسيق والتواصل مع داعش أدى إلى إيقاف عمليات المسلحين ضد مواقع الجيش السوري.
النظام والتحالف مع
هذا وذكرت صحيفة يني شفق التركية، وجود تحالف بين نظام الأسد، وتنظيم الدولة "داعش"، وحزب الاتحاد الديمقراطي (الجناح السوري لتنظيم بي كي كي الإرهابي)؛ حيث عقدت هذه الأطراف اتفاقًا فيما بينها للتعاون في مجال الطاقة بسوريا، واصفة إياهم بالأخوات الثلاثة. حيث استوحت هذه التسمية من لقب "الأخوات السبع" والذي يطلق على 7 شركات عالمية تحكم قبضتها على سوق النفط العالمي.
 وذكر تقرير للصحيفة التركية أن حزب الاتحاد الديمقراطي افتتح خطًّا لنقل النفط من مدينة الحسكة الواقعة تحت سيطرته إلى جانب النظام السوري، إلى مدينة تل أبيض بريف الرقة، والتي أحكم (الاتحاد الديمقراطي) السيطرة عليها مؤخرًا، وأن حزب الاتحاد الديمقراطي يهدف لكسب مئات آلاف الدولارات يوميًّا، وأنه يقوم بهذه العملية بموافقة وإشراف النظام السوري.
الرئيس السوري بشار
الرئيس السوري بشار الأسد
 مما سبق نستطيع التأكيد على أن النظام السوري حاليًا لا يترك فرصة لتحقيق مكاسب جديدة في ساحة القتال السورية إلا واستغلها، حتى وإن كانت مع تنظيم الدولة "داعش" الذي يقاتله في ساحات أخرى على الأرض السورية، لتبقى المصالح على الأرض أهم من الأيديولوجيات.

شارك