الحكومة التونسية تُصعّد ضد السلفيين وتحلَ حزب التحرير
الثلاثاء 19/أبريل/2016 - 10:44 م
طباعة


انتقادات للحزب برفع اعلام داعش
قررت السلطات التونسية "حلّ" حزب التحرير السلفي والقيام بالترتيبات القانونية اللازمة لتجميد نشاطه السياسي والديني، على خلفية تورطه في تأجيج الاحتجاجات الاجتماعية التي شهدتها جزيرة قرقنة خلال الأيام الماضية.
وعادت الاتهامات من جديد تطول حزب التحرير التونسي السلفي، بعد اتهام رئيس الحكومة الحبيب الصيد لقاء جمعه بعدد من المسئولين عن صحف يومية ومواقع إخبارية تونسية نهاية الأسبوع الماضي، الجبهة الشعبية وحزب التحرير بالوقوف وراء الأحداث الأخيرة التي شهدتها جزيرة قرقنة، واعتبر المتابعون أن هذه الاتهامات لحزب التحرير مرتبطة بشروع رئاسة الحكومة في الإجراءات المتعلقة بحلّ هذا الحزب برئاسة رضا بالحاج.
من جانبه كشف ظافر ناجي المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة الحبيب الصيد أن المكلف العام بنزاعات الدولة قام منذ مدة بأمر حكومي برفع قضية إلى القضاء لحلّ حزب التحرير وتجميد نشاطه، وأن الملف لدى القضاء للحسم فيه.
كانت رئاسة الحكومة وجهت في وقت سابق تحذيرًا للحزب لتغيير قانونه الأساسي في أعقاب هجوم سوسة الدموي الذي شنه جهاديو تنظيم داعش في يونيو 2015 على فندقا بمدينة سوسة السياحية، وذكرت صحيفة "الشروق" أن "الجهات المعنية برئاسة الحكومة شرعت في القيام بالإجراءات المتعلقة بطلب تجميد نشاط حزب التحرير الإسلامي بعد تنابيه وجهت إليه سابقا".

وخلال الأسابيع الماضية، رفعت قيادات حزب التحرير من منسوب خطابها العقائدي السياسي الذي يدعو إلى "الاعتماد على نظام ديني للدولة وإلغاء ما سماها بالعلمانية"، مشددة على أنها "لا تؤدي إلا إلى الخراب والظلم".
وحزب التحرير هو فرع لحزب التحرير الذي أسسه العام 1953 في القدس تقي الدين النبهاني، وتحصل على الترخيص القانوني في يوليو 2012 خلال فترة حكم الترويكا بقيادة حركة النهضة، وخلال السنوات الأربعة الماضية، ما انفكت قيادات الحزب السلفي تجاهر برفضها للدولة المدنية وقيمها وللنظام الجمهوري وللديمقراطية، وترى فيها "كفرا" بدولة الخلافة التي يطالب ببنائها الحزب وتطبق الشريعة الإسلامية.
ويرى محللون أن حزب التحرير لا يعترف بدستور 2014 المدني الذي يكاد يكون المكسب الوحيد للتونسيين منذ انتفاضة يناير 2011، كما يرفض العلم الوطني متمسكا بالراية السوداء التي تتبناها الجماعات المتشددة، كما يعارض النظام الديمقراطي وينادي بدولة الخلافة وبتطبيق صريح للشريعة.
فى حين ترى القوى السياسية والعلمانية أنه كان من الأجدر على الحكومة حلّ حزب التحرير منذ مجاهرته برفض الدستور المدني وخرقه له في العديد من المناسبات وفق الفصل الثالث الذي ينص على ضرورة حلّ كل حزب لا يحترم القيم الوطنية المدنية، ومبادئ النظام الجمهوري، وفي مقدمتها مدنية الدولة.
وفى هذا السياق يصف علمانيو تونس حزب التحرير بأنه "جزء من تنظيم الدولة الإسلامية ولكنه بدون سلاح"، مطالبين بالتصدي لمخاطره.

الحبيب الصيد
من جانبه قال عميرة الصغير الأخصائي في الجماعات الإسلامية أن "الأحزاب الدينية في تونس من النهضة وحزب التحرير ومرورا بأخواتهما من مشتقات الدواعش ومفرزاتها العديدة كلها تؤمن بنفس المنطلقات والغاية وهي تطبيق الشريعة الإسلامية وبناء داعش أو دولة الخلافة".، ويرى الصغير أن الترويكا منحت الترخيص القانوني لحزب التحرير في مسعى إلى "توسيع قاعدة الإسلام السياسي"، واصفا إياه بـ"التنظيم السلفي الذي يروج للكراهية والعنف والتمرّد على الدولة الوطنية وعل دستورها".
وسبق أن وجهت الحكومة عقب انتخابات خريف 2014، أكثر من تنبيه على حزب التحرير على خلفية دعوته لمقاطعتها ورفض الاحتكام للديمقراطية، إلا أن الحزب تمسك بمواقفه حيث شدد رئيسه رضا بلحاج أنداك على أن الحزب "لن يستجيب للتنبيه"، وعلى أنه لن يغير لا مرجعيته العقائدية ولا طبيعة نشاطه السياسي والديني".
وتعتبر القوى العلمانية في تونس على أن حزب التحرير لا يعد سوى الذراع السياسية للتنظيمات السلفية الجهادية التي قويت شوكتها في البلاد.

انصار حزب التحرير
وتصاعدت الدعوات وتتالت بخصوص حلّ الأحزاب السلفية في تونس والتي لا تعترف بالدولة وبنظمها وقوانينها، واعتبر العديد من المراقبين أن حل الأحزاب السلفية وعلى رأسها حزب التحرير يعد الدعامة والركيزة الأساسية للحرب الشاملة ضد الإرهاب.
وحزب التحرير التونسي فرع من فروع حزب التحرير المحظور في العديد من البلدان العربية والأوروبية، والذي أسسه تقي الدين النبهاني سنة 1953، وحصل على ترخيص رسمي عام 2012، خلال فترة حكم النهضة.
وتأسس الفرع التونسي في أوائل الثمانينات على يد الداعية محمد الفاضل شطارة بتأييد من بعض الشخصيات الإسلامية وأصدر الحزب عقب تأسيسه "مجلة الخلافة" التي تتضمن مبادئ الحزب ومرجعياته وأهدافه التي يمكن تلخيصها في إقامة دولة الخلافة ونسف الديمقراطية، وعمل حزب التحرير على اختراق المؤسسة العسكرية في تونس، زمن حكم الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، حيث استقطب العديد من الضباط ضمن استراتيجية تقوم على استلام السلطة عن طريق تنفيذ انقلاب عسكري، لكن السلطات آنذاك تمكنت من إفشال مخطط الحزب وقامت بحملات مداهمات واعتقالات وحاكمت العشرات منهم.
كانت حكومة مهدي جمعة وجهت إنذارا شديد اللهجة إلى حزب التحرير، وأمهلته 30 يومًا لوقف مخالفاته لقانون الأحزاب، إلا أن الحزب قابل ذلك بالرفض، وبحسب حكومة جمعة، فإنّ المخالفات تتمثل آنذاك في "رفض مبادئ الجمهورية وعلوية القانون من خلال الإعلان عن عصيان الدستور وعدم الاعتراف بشرعيته والدعوة لإقامة دولة الخلافة ورفض الاحتكام للديمقراطية والتعددية والتداول السلمي على السلطة بالدعوة الناشطة لمقاطعة الانتخابات".