الخليج والولايات المتحدة الأمريكية.. تعددت "القمم" والإرهاب واحد

الخميس 21/أبريل/2016 - 02:52 م
طباعة الخليج  والولايات
 
 دائمًا ما تتعدد القمم الخليجية الأمريكية وتجتمع تحت شعار وهدف واحد وهو محاربة الإرهاب كمحور أساسي ومواجهة ايران كمحور محل اختلاف بين الحليفين، وتحت نفس الشعار انطلقت اليوم الخميس 21-4-2016م القمة الخليجية الأميركية في الرياض، لبحث الاستقرار الإقليمي والحرب على الإرهاب ولجم تدخلات إيران.
الخليج  والولايات
ورأس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في قصر الدرعية بالرياض، أعمال قمة قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ورئيس الولايات المتحدة الأميركية، باراك أوباما  وبدأت أعمال الجلسة الأولى للقمة،  ويضم وفد المملكة الرسمي للقمة الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والأمير عبدالله بن فيصل بن تركي سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الاميركية، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ووزير الخارجية الأستاذ عادل بن أحمد الجبير، ورئيس الاستخبارات العامة خالد بن علي الحميدان، ومدير عام المباحث العامة الفريق أول عبدالعزيز بن محمد الهويريني.
والقمة الخليجية الأميركية التي تستضيفها الرياض  هي الثانية من نوعها، بعد قمة كامب ديفيد العام الماضي، وسيبحث الرئيس الأمريكي أوباما الذي يستعد لترك منصبه مع قادة الخليج الاستقرار الإقليمي والحرب على الإرهاب والأمن الإقليمي، الذي يتعرض لتهديدات بسبب التدخلات الإيرانية في دول الجوار، ويرى مراقبون أن هناك تقدماً حقيقياً على صعيد التعاون الأمني، وتم تأسيس اللجان المشتركة لتفعيل الأمن البحري والإلكتروني، وتقوية الدفاعات الباليستية لدول المنطقة، وينتظر أن تطرح قضايا ملحة، مثل الوضع في اليمن ووقف إطلاق النار دعما للحل السياسي، كذلك الأوضاع في العراق وما أحرزته قوات الأمن العراقية من استرجاع 40% من الأراضي التي استولى عليها داعش على الرغم من خلافات المحاصصة الحزبية، إضافة إلى ما يتعين القيام به في الشأن الليبي ودعم حكومة الوفاق الوطني.
الخليج  والولايات
من هذا المنطلق تركز القمة التي تعقد على مدى يومين على ثلاثة محاور في ثلاث جلسات رئيسة:
المحور الأول: يتناول الاستقرار الإقليمي في ظل الظروف الراهنة.
المحور الثاني: يتطرق إلى الحرب على داعش ومكافحة الإرهاب وبخاصة تنظيما داعش والقاعدة.
أما المحور الثالث: فقد خصص للأمن الإقليمي وتهديدات وتصرفات وممارسات إيران في المنطقة.
هذا، ويتوقع أن ينتهي جدول أعمال القمة ببيان ثنائي يدين بين بنوده الأفعال والتصرفات والممارسات التي تقوم بها إيران في دول مجلس التعاون والدول العربية.
وسيلقي الرئيس الأميركي أوباما كلمة قبل مغادرته، ساعيًا من خلال قمة الرياض إلى تأسيس هذا النمط السنوي من الاجتماعات بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي تأكيداً على أهمية وعمق العلاقة بين الجانبين.
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما  قد وصل إلى الرياض يوم الأربعاء  20-4-2016م وسط توتر خيم مؤخراً على العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية، ناجم عن مشروع قانون للكونجرس يجيز مقاضاة السعودية أمام المحاكم الأميركية حول اعتداءات 11 سبتمبر 2011م، إضافة إلى التوتر الناجم عن تصريحات أوباما،  في شهر مارس 2016م  التي اتهم فيها دول الخليج بتأجيج الصراع الطائفي في المنطقة وكان أوباما قد قال في 10 مارس في حوار صحفي مع مجلة "أتلانتيك" الأمريكية، إن "دول الخليج والسعودية تؤجج الصراع الطائفي في المنطقة، وتنتفع بالمجان من خلال دعوتها لأمريكا للحرب دون المشاركة فيها، وأن  المنافسة الإقليمية بين السعودية وإيران أدت إلى تغذية النزاعات في اليمن والعراق وسوريا"، مطالبًا المملكة بضرورة مشاركة المنطقة مع إيران.
لمحلل السياسي جمال
لمحلل السياسي جمال خاشقجي، مدير قناة "العرب" السعودية
 هذا الأمر دفع  الخبيران السياسيان السعوديان الى التوقع أن  تناقش القمة الخليجية  في الرياض.. وقال المحلل السياسي جمال خاشقجي، مدير قناة "العرب" السعودية: إن "زيارة أوباما للمنطقة تؤكد على العلاقة التقليدية بين واشنطن ودول الخليج العربي عموماً والسعودية خصوصاً، لا سيما بعد ما بدر منه من حديث وتصريحات صادمة وغير متوقعة وأن أوباما قطعاً لن يستطيع أن يصلح ما أفسدته سياسته، التي تركت دولة مثل إيران تعبث وتتدخل بأمن المنطقة دون وجود أي رد فعل أمريكي يكبح جماحها، لكنه سوف يحاول أن يشرح سياسته أو يقدم لها ما شاء من تفسيرات".
ولا يتوقع الإعلامي السعودي أن يتمكن أوباما من إرضاء دول الخليج بالمشكل المطلوب؛ لأن ذلك سيحتاج إلى رد فعل أمريكي تجاه تدخلات طهران؛ وهذا غير وارد لأنه سيؤدي إلى إفساد الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة دول (5+1)، وأن أوباما بات معروفاً عنه بأنه يميل لسياسة عدم التدخل، لكن دول الخليج بقيادة السعودية بدورها لم تنتظر ما ستنتهي إليها "عقيده أوباما"، فتحركت وفق استراتيجيات ارتكزت على بناء وتطوير منظومة تحالفية إقليمية تضم الخليج مع دول المنطقة المؤثرة تحت قيادتها، وهو ما بدا جلياً في التحالف العربي والتحالف الإسلامي.
عبد العزيز بن صقر،
عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث
من جهته، قال عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث: إن "أوباما سبق، وأن أكد التزام أمريكا الأمني تجاه منطقة الخليج بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران؛ لكن لم يتغير شيء على الأرض إذ لم توقف طهران تدخلاتها في الشئون العربية، وبالتالي اختارت السعودية أن تكون أكثر حزماً في سياستها الخارجية وأكثر استقلالية وبعيدة عن الاعتماد على مقدمي الأمن الخارجي، وأن ما تقوم به السعودية من تحالفات هو سياسة استراتيجية لسد الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة، بإدارة ظهرها للشرق الأوسط، وأن السعودية وأمريكا لديهما الكثير من المصالح المشتركة لكن يجب أن يكون مفهوماً بأن مشاكل المنطقة تبدو مختلفة عندما ينظر إليها من الرياض، وليس من واشنطن، وعندما يزور أوباما الرياض هذه المرة لن يجد حلفاءه في الخليج يتطلعون لضمانات أمنية أو التزام من الولايات المتحدة لتحقيق الاستقرار في المنطقة، بل سيجدهم يخبروه بالخطوات التي هم على استعداد لاتخاذها من أجل تأمين مصالحهم، والقضاء على التهديدات التي تحاصرهم".
كما يتوقع أن يتم التركيز خلال اللقاءات على مشروع قانون للكونجرس يجيز مقاضاة السعودية أمام المحاكم الأمريكية حول اعتداءات 11 سبتمبر 2011. علماً أن مشروع القانون الذي قدمه الجمهوريون والديمقراطيون لم يصل إلى مرحلة التصويت بعد، لكنه يثير غضب الرياض ويهدد بالمزيد من التدهور في العلاقات المتوترة أصلاً بين واشنطن وحليفتها الخليجية.
وزير الخارجية السعودي
وزير الخارجية السعودي عادل الجبير
وكانت تصريحات الرئيس الأمريكي، الشهر الماضي، قد قوبلت بعاصفة من الانتقادات السعودية، حيث قال الأمير تركي الفيصل الذي شغل سابقاً رئاسة الاستخبارات السعودية، في مقال صحفي: "تنقلب علينا وتتهمنا بتأجيج الصراع الطائفي، وتزيد الطين بلة بدعوتنا إلى أن نتشارك مع ايران التي تصنفها أنت بأنها راعية للإرهاب والتي وعدت بمناهضة نشاطاتها التخريبية".
ويحاول البيت الأبيض بكل قواه عرقلة مشروع قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي من شأنه أن يسمح للعائلات التي فقدت ذويها في اعتداءات 11 سبتمبر مقاضاة الحكومة السعودية ورداً على سؤال حول مشروع القانون خلال مقابلة مع شبكة "سي بي اس نيوز"، أجاب أوباما: "بالضبط، أنا أعارضه".
لكن البيت الأبيض يؤكد أن أوباما لن يتوانى عن استخدام الفيتو ضد مشروع القانون إذا أقره الكونغرس، وقال المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية جوش أرنست: إن "مبعث قلقنا من هذا القانون لا يتعلق بتداعياته على علاقاتنا مع دولة محددة بل لارتباطه بمبدأ مهم من مبادئ القانون الدولي ألا وهو حصانة الدول.. إنه إذا تم المس بهذا المبدأ يمكن لدول أخرى أن تقر قوانين مماثلة؛ الأمر الذي قد يشكل خطراً كبيراً على الولايات المتحدة وعلى دافعي الضرائب لدينا، وعلى جنودنا وعلى دبلوماسيينا، إن هذا المبدأ يتيح للدول أن تحل خلافاتها عبر الطرق الدبلوماسية وليس عن طريق المحاكم".
الخليج  والولايات
وتحذر السعودية من أنها قد تبيع أصولاً أمريكية قيمتها مئات المليارات من الدولارات إذا أقر الكونغرس مشروع القانون، وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير: حذر برلمانيون أمريكيون خلال زيارة إلى واشنطن في مارس الماضي من التداعيات المكلفة على الولايات المتحدة في حال إقرار المشروع. 
 مما سبق نستطيع التأكيد على أن قمة أوباما  في  الرياض  ولقاءه الملك سلمان بن عبد العزيز ومسئولين آخرين من الممكن أن يلطف الأجواء حول ملفات بعينها، بينما تبقى ملفات أخرى عصية على الحل لتتعدد القمم والاختلافات واحدة. 

شارك