"حزب الله" بين مقصلة الحرب السورية وتقارير الإدانة الدولية

الإثنين 25/أبريل/2016 - 01:01 م
طباعة حزب الله بين مقصلة
 
 لا زال "حزب الله" يدفع ثمن مواقفه المؤيدة للنظام الإيراني ودعم النظام السوري، فقد صنفت الولايات المتحدة الأمريكية حزب الله على أنه منظمة إجرامية "دولية"، كما أوردت أدلة على تورط الميليشيا اللبنانية في تجارة المخدرات والسلاح وغسيل الأموال، وتستعد لإصدار تقرير طلبه سابقًا الكونجرس يتعلق بالأنشطة الإجرامية لميليشيا حزب الله خصوصًا في ما يتعلق بتجارة المخدرات وتبييض الأموال.
حزب الله بين مقصلة
التقرير استند لسلسلة جرائم حققت بها إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية ووزارة المالية، لا سيما ضمن المشروع الذي عرف بـ"كاسندرا" والذي يستهدف أنشطة شبكة عالمية تابعة لميليشيا حزب الله، والتي تتعلق بتوزيع وتجارة كميات كبيرة من الكوكايين في الولايات المتحدة وأوروبا، كما وغسيل الأموال وتجارة السلاح.
وهذا التقرير سيشكل العامل الأساسي لتحديد ما إذا كان سيتم تصنيف ميليشيا حزب الله كـ"منظمة إجرامية عابرة للحدود"، الأمر الذي سيترتب عليه المزيد من الإجراءات والعقوبات ضد حزب الله، وذلك بعد القبض على إيمان قبيسي وجوزيف الأسمر، اللذين أشارا إلى وجود اتصالات إجرامية لحزب الله في 10 دول على الأقل في جميع أنحاء العالم، وسلّطا الضوء على الطابع العابر للحدود لعملية "كاسندرا" التي تديرها ميليشيا حزب الله.
وقد تم ملاحقة واعتقال ميسّري العمليات الإجرامية للحزب من ليتوانيا إلى كولومبيا وإلى العديد من الدول بينهما؛ حيث تم إدراج آخرين على لائحة وزارة الخزانة الأمريكية، بمن فيهم رجل الأعمال قاسم حجيج ، وعضو "منظمة الأمن الخارجي" حسين على فاعور، وعبد النور شعلان كما تم التحقيق بقيام أسعد بركات بارتكاب جرائم مالية واستخدام شركات وهمية لضمان المال للإرهاب، بصفته ممثل نصر الله الشخصي في منطقة الحدود الثلاثية في أمريكا الجنوبية.
حزب الله بين مقصلة
محتويات التقرير من جرائم وأسماء سيطلع عليها الكونجرس لاحقًا، ومن ثم ستقوم الإدارة الأمريكية في اتخاذ الإجراءات المناسبة بإدراج "حزب الله" على لائحة "المنظمات الإجرامية الكبرى العابرة للحدود"، وبالتالي اتخاذ الإجراءات الوقائية والملاحقة، وهو الأمر الذي يتواز مع تصنيفه منظمة إرهابية بقرار من دول مجلس التعاون الخليجي ووزراء الخارجية العرب، وهو ما طرح عددًا من الأسئلة، منها: ماذا عن موقف الحزب تجاه دوله؟ وما هي احتمالات ردود فعله بعمليات انتقامية عبر شبكات ميليشياته وأذرعه المسلحة بدول الخليج؟ وهل يتحول حزب الله إلى "داعش جديد" يهدد أمن المنطقة، نظرًا لتغلغله بعدة دول وقوائم بنك الأهداف في إطار الحملة الدولية ضد الإرهاب، وبخاصة في سوريا؟
 هذه التداعيات عميقة ومتوالية بشأن دور الحزب وأنشطته بالمنطقة وتدخلاته فيها، بما سيؤدي إلى هزة دولية وإقليمية، ومراجعة شاملة تجاه الحزب ومؤسساته وأمواله وشبكاته وقياداته ومؤيديه، تتضمن إيجابيات وتحديات أيضًا، في حال دعم إيران للحزب للقيام بعمليات انتقامية، مع استمرار تمويله وتسليحه هو والتنظيمات التابعة له. 
 ففي لبنان هناك تداعيات على صعيد الداخل اللبناني، وموقف القوى السياسية ومؤسسات الدولة اللبنانية تجاهه للقيام بمراجعة ذاتية سريعة وحادة، الأمر الذي يشكل بالنهاية سياجًا وتطويقًا وتحجيمًا للحزب في داخل وخارج لبنان، وبخاصة مع توقع صدور قرارات أخرى مكملة تتعلق بمصادر تمويل الحزب وأذرعه، وتجفيف منابعه ويجعل وزراء بالحكومة وأعضاء بالبرلمان اللبناني شخصيات "إرهابية"، كذلك يشمل القرار جميع قياداته السياسية والعسكرية والأمنية والمسئولين السياسيين، الأمر الذي سيدفع إلى مراجعة سياسية لبنانية شاملة تجاه الحزب، الذي يهدد بانقسام لبنان وانهيارها اقتصاديًا، فلم يكتف حزب الله، بأن يعطل مؤسسات الدولة اللبنانية منذ نحو عامين، ويشل يدها عن أن تنتخب رئيسًا جديدًا للجمهورية، منذ نهاية ولاية الرئيس السابق ميشيل سليمان في مايو عام 2014، بل جعل من مجلس الوزراء أداة خاضعة لمشيئته، مع توجيه سياسات لبنان الخارجية ضد إرادة الغالبية العظمى من اللبنانيين، سواء كانوا مسيحيين أو مسلمين سنة.
حزب الله بين مقصلة
 وتدرك القوى الإقليمية والدولية، أن تحرك الحزب وميليشياته العسكرية تحت شعار "المقاومة"، لم يحقق الهدف من روائه، بل وفر له أن يضع قدراته العسكرية في مقابل قدرات الدولة، بل ويتفوق عليها، الأمر الذي يجعل ملف نزع سلاحه ذي أولوية لخلع أنيابه، ولكنه يحتاج دعمًا دوليًا، فقد حاصر الحزب الدولة بالقوة العسكرية وهددها بما تحت يده من سلاح، ورفض مرارًا وضع سلاحه تحت إمرة القوات المسلحة، وتعاظم دوره كنائب عن قوة إقليمية تعمل على فرض رؤيتها على لبنان العربية، لصالح مشروعها الطائفي، وهي إيران، بحسب مراقبين.
ومن المتوقع أن يصعد حزب الله نشاطه في مناطق أخرى، تنخفض فيها المراقبة والرصد، ربما دول إفريقية أو دول جنوب شرق آسيا، مع انقسام الموقف الدولي حول سوريا، وإحراج الموقف الروسي في تصنيف الجماعات الإرهابية في سوريا، كذلك تصعيد الدول الخليجية تسليحها للمعارضة المسلحة في سوريا، لضرب خارطة تواجد حزب الله في سوريا.
 وفي سوريا تصنيف حزب الله بالإرهابي سينعكس أولًا على العمليات بسوريا، فقد طالب أسعد عوض الزعبي، رئيس الوفد المفاوض للمعارضة السورية، بضرورة أن تبلغ الهيئة العليا للمفاوضات الولايات المتحدة، بضرورة استهداف الأماكن التي توجد فيها ميليشيات حزب الله في سوريا، على غرار المناطق التي ينتشر فيها داعش، فيما يرى مراقبون أن قرار تصنيف الحزب جزء تمهيدي لا يتجزأ من الخطة (ب) في سوريا واضطرت السعودية إلى محاولة بتر ذراع إيران في المنطقة العربية بتصنيف الحزب إرهابيًا بإجماع خليجي، بعد قرار وقف الدعم للجيش اللبنانى وقوى الأمن، لتحجيم الدور الطائفي المشبوه لحزب الله، الذي بدأ مقاومًا للإسرائيل، ثم تحول إلى مجرد أداة طائفية تقود حربًا بالوكالة عن إيران ضد كل ما هو سني، وبما يخدم الأهداف وأطماع المصالح الإيرانية.
حزب الله بين مقصلة
تشير تقارير إلى أنه منذ بداية الحرب السورية قدم حزب الله أكثر من 10 آلاف مقاتل، بل وأرسل حزب الله قوات من النخبة والقوات الخاصة والقوات الاحتياطية، بالإضافة لتوفير التحرك بسهولة للميليشيات الشيعية التي ترسلها إيران وقيادات من الحرس الثوري، الذين أداروا الحرب مع بشار من غرف عمليات حزب الله وتولى حزب الله 4 مهام عسكرية في سوريا، مهمة تدريبية للقوات النظامية، وغير النظامية في المناطق الحضرية وعمليات مكافحة التمرد، والدور الاستشاري في القتال مع قوات النظام، وتوفير الدروع بإمداد القوات بمكونات تعزيز رئيسية من قوات التحالف الشيعية في ضواحي دمشق، والمناطق القريبة من العاصمة والواقعة في قبضة نظام بشار لتحصينها، بالإضافة لعمليات قتال مباشرة في ساحات المعارك بمشاركة كبار قادة الحزب.
 وفي تطور نوعي كشفت السلطات الكويتية، أن الأجهزة المختصة باشرت حصر الخلايا النائمة المنتمية إلى حزب الله، والتي تضم مواطنين ووافدين وبدون، ونقلت صحيفة "القبس" الكويتية، عن مصدر أمني أن السلطات الكويتية تنسق مع السعودية لتضييق الخناق على المتورطين، في دعم حزب الله مالياً ولهم صلة بقيادات التنظيم، وتنسيق أنشطة تؤيده إعلامياً وأنه سيتم استدعاء المتورطين خلال الأيام القليلة المقبلة، وسيبلغون بحظر التعامل مع حزب الله، سواء فكرياً أو سياسياً أو مالياً.
حزب الله بين مقصلة
 مما سبق نستطيع التأكيد على أن "حزب الله" سوف يدفع ثمن مواقفه المؤيدة للنظام الإيراني ودعم النظام السوري فالولايات المتحدة الأمريكية  بإعلانها الحزب منظمة إجرامية دولية بالإضافة إلى إعلان دول الخليج كمنظمة إرهابية سوف يقلل بلا شك من نفوذه الداخلي والإقليمي. 
 

شارك