ما وراء مشاركة "حزب الله" و"الحرس الثوري" ضد أكراد العراق.. تأمين نقل السلاح من إيران إلى لبنان
الإثنين 25/أبريل/2016 - 05:12 م
طباعة

في حدث عراقي خطير يخشى أن يتطوّر ليأخذ شكل نزاع عرقي طائفي، ذكر قائد عسكري كردي عن هجوم عسكري للميليشيات شيعية قريبة من إيران، ودعم من حزب الله في صراع الحشد الشعبي ضد البيشمركة، ومن أجل تأمين طرق نقل السلاح بين إيران وسوريا ولبنان؛ حيث مقر "حزب الله" اللبناني ووجود معسكرات لميليشيات مسلحة موالية للحرس الثوري في سوريا ولبنان.
ميليشيات شيعية

ومع وقوع اشتباكات بين ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية وقوات البيشمركة الكردية في منطقة قضاء طوزخورماتو التابعة لمحافظة صلاح الدين العراقية، ترددت أنباء عن مشاركة جنود إيرانيين ومقاتلين ينتمون لما يسمى "حزب الله" اللبناني في المعارك إلى جانب قوات الحشد، مضيفةً أن أكثر من 25 مسلحًا من ميليشيات الحشد قتلوا خلال الساعات الأولى من المعارك.
وكشف حسين يازدان بنا، القائد في قوات البيشمركة الكردية بكردستان العراق، عن أن قوة مكونة من ألف مسلح من ميليشيات ما يسمى «حزب الله» اللبناني التابعة لإيران انضمت خلال الأيام القليلة الماضية إلى ميليشيات «الحشدالشعبي» الشيعية في منطقة تازة بجنوب محافظة كركوك.
وأضاف أن مسلحي ما يسمى«حزب الله» الذين وصلوا إلى المنطقة المذكورة مدججون بالأسلحة الثقيلة والصواريخ التي تشكل تهديدًا لمدينة كركوك ولإقليم كردستان العراق بشكل عام.
وتابع أن وجودهم في تلك المنطقة يأتي ضمن الخطة الإيرانية للسيطرة على كركوك والموصل، ومن ثم الوصول إلى الحدود السورية برًا لاستكمال «الهلال الشيعي» الذي تخطط له طهران منذ زمن. يازدان بنا، وهو قائد الجناح العسكري لحزب الحرية الكردستاني، الذي تتمركز قواته جنوب كركوك، قال، لـ«الشرق الأوسط»، في حوار معه: «حسب المعلومات الواردة إلينا، انضمت قوة مؤلفة من نحو ألف مسلح من ميليشيات (حزب الله) اللبنانية التابعة لإيران خلال الأيام القليلة الماضية لميليشيات (الحشد الشعبي) الشيعية الموجودة بالقرب من قرية البشير الخاضعة لتنظيم داعش. وكذلك تمركز قسم آخر من مسلحي (حزب الله) قرب ناحية تازة (جنوب محافظة كركوك)، وهذه القوة مدججة بالأسلحة الثقيلة وبالصواريخ والراجمات».
وأضاف: «قوات (حزب الله) التي تتمركز جنوب كركوك يشرف على قيادتها أحد الضباط البارزين في (فيلق القدس) الإيراني التابع للحرس الثوري، واسمه آغاي إقبالي، إلى جانب وجود لجنة مكونة من ثلاثة ضباط آخرين من (فيلق القدس) مع قوات (حزب الله). موضحًا أن هذه اللجنة تدير شئون هذه القوة، ومع وصول هذه القوة إلى المنطقة وصل كثير من ميليشيات (الحشد الشعبي) إلى أكثر من سبعة آلاف مسلح».
لماذا الحضور الإيراني؟

وحول إصرار الحرس الثوري و"حزب الله" على الوجود في المعارك العراقية وخاصة بإقليم كردستان.
كشف قائد الجناح العسكري لحزب الحرية الكردستاني عن مشاركة مسلحي (حزب الله) وقيادات الحرس الثوري في منطقة قضاء طوزخورماتو التابعة لمحافظة صلاح الدين العراقية؛ للحفاظ على طريق التسليح من إيران إلى سوريا ولبنان؛ حيث هناك ميليشيات مسلحة موالية لإيران في سوريا ولبنان، في مقدمتها حزب الله.
ورأى يازدان بنا، أن وجود قوات (حزب الله) في محافظة كركوك تشكل خطورة كبرى وجدية على هذه المحافظة، كما أنها تشكل خطورة كبرى على إقليم كردستان، خصوصًا أن وجودها في كركوك يأتي ضمن الخطة الإيرانية للسيطرة العسكرية على كركوك والموصل، وفتح طريق بري لإيران لنقل السلاح والجنود إلى سوريا ولبنان، وبالتالي إتمام مشروع (الهلال الشيعي) الذي يخطط له نظام ولي الفقيه في إيران، بريًا منذ سنين، وليس الغاية أبدًا تحرير قرية البشير كما تعلن عنه بغداد حاليًا.. نشر ميليشيات (حزب الله) في هذه المنطقة يحدث اليوم تحت صمت المجتمع الدولي والحكومة العراقية".
وكشف القيادي العسكري الكردي، أن الإيرانيين «كانوا قد طلبوا من حكومة إقليم كردستان العراق في آربيل، مع بداية الأحداث في سوريا، عدة مرات أن تفتح لهم الطريق، وتسمح لهم بالتنقل عبر أراضي الإقليم إلى سوريا لنقل الأسلحة والجنود إليها، إلا أن حكومة الإقليم رفضت طلبهم هذا، الأمر الذي تسبب في تسليط طهران ضغوطًا كبيرة على الإقليم وحكومته. وفي الوقت ذاته واصل النظام الإيراني تنفيذ خطته هذه. وهو الآن يعمل على تنفيذها عن طريق حدود محافظة كركوك والسيطرة على الطريق الرابط بينها وبين الموصل والحدود السورية».
واتهمت «الجبهة التركمانية» جماعات مسلحة قادمة «من خارج الحدود»، بإثارة المشكلات بين أهالي طوزخورماتو، ودعت في بيان أهالي المنطقة إلى«الاحتكام إلى صوت العقل، وتجنيب المدنيين آثار النزاع المسلح».
وكانت عدة قيادات شيعية، مثل منظمة بدر وحزب الفضيلة والمجلس الأعلى الإسلامي، قد نددوا بما حصل في قضاء طوزخورماتو، محملين الجهات الرسمية حماية أرواح الناس في هذا القضاء الخاضع للمادة 140 من الدستور، الذي تقطنه أغلبية تركمانية، فيما يتقاسم الأكراد والعرب النسبة الباقية من سكانه.
صراع "طوزخورماتو"

تجددت الاشتباكات بين الحشد الشعبي وقوات البشمركة الكردية اليوم الاثنين، رغم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف الاشتباكات أمس الأحد.
واندلعت اشتباكات فجر الأحد بين عناصر البيشمركة الكردية والحشد الشعبي الشيعي في قضاء "طوزخورماتو" التابع لمحافظة صلاح الدين، ويقطنه عرب وأكراد وتركمان من الشيعة والسنة، ولم يوقف تلك الاشتباكات إلا تدخّل مباشر لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي أمر بإرسال تعزيزات من الجيش النظامي إلى القضاء للإشراف على وقف فوري لإطلاق النار.
وأكدت مصادر أمنية عراقية أن قتالًا تفجر صباح اليوم الأحد في قضاء طوزخورماتو الذي يبعد 90 كيلومترًا جنوب مدينة كركوك بشمال شرق البلاد بين مجموعات مسلحة تابعة لقوات البيشمركة، ومجموعات من الحشد الشعبي استخدمت فيه أسلحة خفيفة وقذائف الهاون؛ ما أدى أيضًا إلى سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين وقطع للطريق الرابط بين بغداد وكركوك التي تقع 255 كم شمالها. وأوضحت أن القضاء يشهد حاليًا أوضاعًا متوترة، فيما تسمع أصوات انفجارات وإطلاقات نارية وأصوات قذائف الهاون. وقالت مصادر إعلامية مستقلة: "إن مواطنين كرديين قد قتلا في الاشتباكات، فيما لا تزال خسائر الحشد الشعبي غير معلومة".
وهذه ليست المرة الأولى التي تحصل فيها أحداث في طوزخورماتو، وهي منطقة متنازع عليها بين بغداد وآربيل، وفيها تنوع سكاني ديني وقومي.
إلا أن تكرار مثل هذه الأحداث يعد دليلاً على وجود أزمة نظام ومعضلة في العلاقة بين المركز والإقليم وتكرار هذه الحوادث بين فترة وأخرى دليل على فشل حكومة بغداد وحكومة الإقليم في حلها، بالرغم من مرور 13 عامًا وبالرغم من أن أبرز تحالف ظهر في العراق بعد 2003 هو الذي تم بين التحالف الكوردستاني من جهة، والتحالف الوطني من جهة أخرى.
وتسبب شجار وقع في نقطة تفتيش، في شهر نوفمبر الماضي، في وقوع قتال واشتباكات امتدت إلى داخل مدينة طوزخورماتو بين المقاتلين التركمان وعناصر قوات البيشمركة الكردية.
ونجم عن القتال إحراق العديد من المنازل وانقسام المدينة عرقيًّا إلى مناطق تركمانية وأخرى كردية، ونزوح السكان بينها بحسب هذا التقسيم الإثني. وسبق أن وقعت فصائل الحشد الشعبي أربع اتفاقات أمنية وعسكرية مع البيشمركة لضمان عدم حدوث مواجهات بين الطرفين.
وقبل ذلك وبالتزامن مع إرسال تعزيزات عكرية عاجلة إلى قضاء طوزخورماتو فقد وجه القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء حيدر العبادي قيادة العمليات المشتركة باتخاذ الاجراءات العسكرية اللازمة للسيطرة على الموقف في القضاء وايقاف تداعيات الاحداث المؤسفة التي أدت إلى وقوع عدد من الضحايا. وأشار المكتب الإعلامي لرئاسة الحكومة في بيان صحافي أن العبادي قد اتصل أيضًا بجميع القيادات "لنزع فتيل الأزمة وتركيز الجهود ضد العدو الإرهابي المشترك المتمثل بعصابات داعش الإرهابية".
"داعش"

يخشى مراقبون أن تكون تلك الاشتباكات بداية لمناوشات طائفية عرقية طويلة الأمد يمكن أن يستفيد منها تنظيم داعش الإرهابي ليعاود التمدّد، خصوصا أنه ما زال يتمركز في مناطق تبعد كيلومترات قليلة عن طوزخورماتو.
وكان الأكراد والشيعة شكلوا في القضاء العام الماضي تحالفًا هشًّا لمحاربة تنظيم داعش بعد طرد التنظيم من عدة مدن وقرى في المنطقة بغارات جوية لقوات التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة، لكن جهود مواجهة التنظيم تعقدت بسبب الخلافات الطائفية والعرقية والنزاعات على الأراضي؛ حيث تؤكد الحكومة المركزية في بغداد تابعية القضاء لمحافظة صلاح الدين (172 كم شمال شرق بغداد)، لكن الأكراد يعتبرونه من المناطق المتنازع عليها، ويسعون لضمه إلى إقليمهم الشمالي الذي يحكمونه منذ عام 1991م.
المشهد العراقي

يبدو أن تدخل الحرس الثوري الإيراني و"حزب الله" اللبناني في معارك صلاح الدين ضد البيشمركة يأتي أولًا لتأمين طرق نقل السلاح والإمداد من إيران إلى سوريا والعراق.