حكومة الوفاق الليبية.. شوكة في حلق الداخل وجبهة إنقاذ للخارج

الثلاثاء 26/أبريل/2016 - 11:55 ص
طباعة حكومة الوفاق الليبية..
 
في ظل حالة التوتر التي تشهدها حكومة الوفاق الليبية، وعدم منحها الثقة من البرلمان المعترف به دوليًا، وفشل جميع جلسات الأخير لمنح الثقة للوفاق، رغم التأييد الخارجي لها والذي يراها جبهة إنقاذ بالنسبة لهم، طالب مجلس النواب الليبي، المجلس الرئاسي، بانتظار تعديل الإعلان الدستوري، وتضمين الاتفاق السياسي ليستمد شرعيته، وفقاً للمادة 12 من الأحكام الإضافية من الاتفاق السياسي.
حكومة الوفاق الليبية..
وفي بيان لمجلس النواب، أمس الاثنين 25 أبريل 2016،أكد دعمه التام للجنة "6+6" لمتابعة عملها وتوضيح ما توصلت إليه في تقرير مفصل لمجلس النواب وفق ثوابته.
دعا النواب، المجلس الرئاسي إلى المثول أمامه مكتملاً مع إحضار السير الذاتية الممهورة بتوقيع أصحابها سواءً لأعضاء المجلس الرئاسي أو للمرشحين من قبله للحقائب الوزارية في التشكيلة المقدمة.
المجلس أكد على وجود أكثر من 70 عضواً بالمجلس يعارضون تشكيلة الحكومة المقترحة لمخالفتها المعايير الدستورية وأيضاً بعض مواد الاتفاق السياسي واللائحة الداخلية، مشيرًا إلى أنه متمسك بالتمثيل المتوازن للمجلس الأعلى للدولة وفقاً لإفرازات انتخابات 7 يوليو 2012 رافضًا دعوة رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا لمجلس النواب للانعقاد خلال 10 أيام لمنح الثقة للحكومة؛ كونه تدخلًا سافرًا في الشئون الداخلية للدولة الليبية.
لفت إلى أنه سيتم تشكيل لجنة من فقهاء القانون لدراسة الاتفاق السياسي وتجهيزه لعملية تضمينه بالإعلان الدستوري وفق ثوابت مجلس النواب وبما لا يتعارض مع روح الاتفاق على أن يعرض على المجلس لمناقشته وإقراره، مؤكدًا أن مجلس النواب الليبي على ضرورة التواصل مع جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي لتوضيح الخروقات التي حدثت مع مواد الاتفاق السياسي من قبل المجلس الرئاسي المقترح ومجموعة من أعضاء المؤتمر المنتهية ولايته في اجتماعهم باسم مجلس الدولة قبل إنجاز التعديل الدستوري، وأيضًا من قبل البعثة الأممية نفسها.
وأوضح أن المجلس أنه إذا كان ينوي الانتقال من طبرق في الوقت الحالي فيجب أن يكون انتقاله إلى مقرّه الدستوري وهو العصية بنغازي التي أصبحت آمنة وتستطيع استضافة الجلسات.
وفي ذات السياق، أعلنت حكومة الوفاق الوطني الليبية، أمس الاثنين 25 أبريل 2016، أنها تسلمت مقار سبع وزارات في طرابلس منها الخارجية، في إطار مساعي بسط سيطرتها على العاصمة بأكملها.
ومن المفترض أن تحل حكومة الوفاق الوطني الليبية التي وصل قادتها إلى طرابلس في الشهر الماضي محل إدارتين متنافستين، كانت إحداهما تتخذ من العاصمة مقرًّا لها، والثانية تتمركز في شرق البلاد.
وتواصل حكومة الوفاق عملها بحذر شديد، بينما تسعى إلى الفوز بدعم عدد كبير من الفصائل المسلحة التي سيطرت على الحياة السياسية في طرابلس منذ سقوط معمر القذافي في العام 2011.
حكومة الوفاق الليبية..
وقال محمد العماري، العضو في المجلس الرئاسي الذي يقود الحكومة الجديدة، خلال احتفال تسلم وزارة الخارجية: "إن عملية انتقال السلطة تسير على ما يرام". مضيفًا أن "باقي الوزارات التي تسلمتها الحكومة هي الإسكان والمنشآت العامة والنقل والشئون الاجتماعية والحكم المحلي والشباب والرياضة والشئون الإسلامية، مشيرًا إلى أن وزارات التخطيط والعمل والتربية ستُسلم في الأيام القليلة المقبلة".
واضطر أعضاء في المجلس الرئاسي إلى أن يدخلوا طرابلس بحراً، بعد أن أقفلت حكومة الانقاذ الوطني التي كانت تسيطر على طرابلس في السابق المجال الجوي لتمنعهم من الهبوط فيها.
في سياق متصل، أعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سيقدمان لليبيا دعمًا واسعًا في مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي، لكن ذلك سيتم فقط بعد تشكيل حكومة ليبية شرعية في البلاد.
وأصدرت الإدارة الأمريكية في أعقاب محادثات أجراها زعماء كل من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، في مدينة هانوفر الألمانية، أمس الاثنين 25 أبريل.
ورحب كل من باراك أوباما وديفيد كاميرون وأنجيلا ميركل وماتيو رينزي وفرانسوا هولاند رحبوا "بالخطوات التي يتخذها المجلس الرئاسي في ليبيا بهدف تشكيل حكومة فعالة وتؤدي مهامها على أكمل وجه"، وأعربوا عن "دعمهم الكامل" لهذه الجهود.
كما ذكر بيان البيت الأبيض أن المشاركين في اللقاء اتفقوا على وجود "ضرورة ملحة لدعم الشعب الليبي" في إنماء اقتصاد البلاد وتعزيز القطاع الأمني فيها، بما في ذلك لمواجهة "شبكات التهريب الإجرامية وصد تهديد داعش". لكنهم وافقوا على ضرورة "أن تتخذ هذه الإجراءات بطلب من الحكومة الليبية وأن تحظى بدعم المجتمع الدولي".
كان أعلن رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينزي، في ختام اللقاء استعداد بلاده لدعم كل مبادرات المجتمع الدولي التي ستطلبها منه الحكومة الليبية الجديدة بزعامة فايز السراج، معتبرًا أن على جميع الأطراف أن تعمل ما في وسعها في هذا المجال؛ "لأن حكومة السراج يمكن أن تكون فعالة".
وقال رينزي: "إن التدخل في ليبيا سيتم فقط في حال طلبت حكومة السراج مساعدة إيطاليا والمجتمع الدولي". مؤكدًا أن بلاده لن ترسل قوات إلى ليبيا دون وجود طلب رسمي، مشيرًا إلى أهمية عقد اتفاق مع ليبيا حول الهجرة، على غرار الاتفاق مع تركيا، باعتباره وسيلة "لتقليص عدد المهاجرين الوافدين من إفريقيا" إلى الدول الأوروبية.
كما ذكر رئيس الحكومة الإيطالية أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أعلن أثناء اللقاء عن إمكانية استخدام وسائل الناتو لمنع تهريب مهاجرين غير شرعيين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.
وفي وقت سابق من الاثنين وجهت وزيرة الدفاع الإيطالية، روبيرتا بينوتي، تحذيرا ضمنيا للقائد العام للجيش الليبي، خليفة حفتر، من أن أي عمل عسكري يقوم به سيواجه بإدانة إيطاليا والمجتمع الدولي.
حكومة الوفاق الليبية..
وردًّا على سؤال حول موقفها من احتمال هجوم حفتر على درنة وسرت: قالت: "ندعم بقوة الحكومة الجديدة التي نأمل بأن تجد الطريقة للحصول على ثقة الأغلبية في برلمان طبرق، الذي وقّع بالفعل وثيقة بهذا الشأن.. إن أي محاولة لاستخدام القوة ستتم إدانتها من قبل المجتمع الدولي ومن إيطاليا".
وأكدت الوزيرة أنها تتوقع أن يوافق الحلف على إرسال هذه الدوريات أثناء قمته في وارسو، في 7 يوليو المقبل، علمًا بأن هذه المهمة تعد جزءًا من خطة أوسع تخص إيطاليا وتهدف إلى إغلاق الممر المائي "الغربي" إلى أوروبا وإعادة المهاجرين "الاقتصاديين" إلى دولهم.
ومن الجدير بالذكر، أن المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، برئاسة نوري بوسهمين، أعلن رفضه تسليم السلطة لحكومة الوفاق؛ حيث قال عضو في المجلس الأعلى للدولة "المؤتمر الوطني سابق: "إن بوسهمين يبحث حاليًا عن مخرج آمن من البلاد، وذلك بعد اختفائه من المشهد السياسي في طرابلس منذ يوم الجمعة الماضي، عقب سيطرة قوة تابعة للمجلس الأعلى للدولة على القصور الرئاسية؛ حيث مقرات المؤتمر".
وتزامن ذلك مع تأكد وصول أكثر من 45 نائبًا من مجلس النواب الذي يتخذ من البيضاء مقرًّا له، إلي مدينة طرابلس للترتيب لعقد جلسة للتصويت على حكومة الوفاق خارج قبة البرلمان.
وأفاد عضو المجلس الأعلى للدولة أن بوسهمين لا يزال مقيمًا في طرابلس في مكان مجهول، وانه انتهى سياسيا نتيجة عرقلته لنحو ثلاثة أشهر المضي قدما في تنفيذ ما أُقر في اتفاق الصخيرات لحل الأزمة الليبية.
وكان بوسهمين ومجموعة من أعضاء المؤتمر الوطني رفضوا الاعتراف بشرعية المجلس الأعلى للدولة، وهو إطار سياسي استشاري أقر تاسيسه بحسب اتفاق الصخيرات، وتم إشهاره بتاريخ 6 أبريل الجاري.
وقال عضو المجلس الذي قال: "إن مدة ولاية المؤتمر الوطني تعتبر منتهية بإشهار المجلس بحسب ما نص الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات، إلا أن بوسهمين رفض الإقرار بذلك وطعن في شرعية إشهار المجلس أمام المحكمة الدستورية في طرابلس، وقُبل الطعن دون أن يتضح متى يتوقع أن تصدر المحكمة قرارها".
وكان المجلس الأعلى للدولة انتخب في أولى جلساته عبد الرحمن السويحلي رئيسا، وباشر على الفور بعد ذلك بممارسة مهامه.
ويظل المشهد السياسي حتى الآن غامضًا، والسؤال: كيف ستنعكس هذه التطورات على الوضع السياسي والأمني في طرابلس؟ فبينما يرى البعض أن الدعم الخارجي سيكون في صالح البلاد، يرى آخرون أن الرفض الداخلي سيعرقل الاستقرار.

شارك