التدخل الإيراني فى كركوك بداية لانهيار الإقليم السُني بالعراق
الثلاثاء 26/أبريل/2016 - 08:43 م
طباعة

لا تكف إيران عن التدخل في العراق بداية من دعم المليشيات الموالية لها ومروراً بدعم فصيل شيعي حكومي على فصيل آخر ونهاية بمحاولة بسط نفوذها على لأقاليم السنية بالعراق وهو ما تحاول فعله حاليا من خلال تدخلها في الشأن الداخلي بإقليم كردستان العراق الأكبر سنيا بنشرها 1000 مقاتل من حزب الله في مركزه الأكبر مدينة كركوك

فقد كشفت اشتباكات مدينة طوزخومارتو بمحافظة صلاح الدين العراقية، الماضية عن تدخلات واضحة لإيران بالإقليم حيث قلب مسؤول عسكري كردي هو حسين يازدان الأوراق فوق الطاولة، واتهم إيران بالسعي للسيطرة على مدينتي كركوك النفطية والموصل، ومن ثم إتمام الهلال الشيعي من لبنان وسوريا، مروراً بالعراق ووصولاً إلى إيران وقال إن طهران، من خلال ذراعها حزب الله اللبناني، أرسلت قوة قوامها 1000 مقاتل لدعم الحشد الشعبي في العراق أمام قوات البيشمركة.
ودق المسؤول الكردي ناقوس الخطر قائلًا إن ميليشيات حزب الله تتمركز في منطقة تازة جنوب كركوك، ويشرف على قيادتها أحد ضباط "فيلق القدس" الإيراني التابع للحرس الثوري، واسمه آغاي إقبالي وأن الإيرانيين كانوا قد طلبوا مرات عدة من حكومة إقليم كردستان فتح طريق لهم إلى سوريا، والسماح لهم بالتنقل عبر أراضي الإقليم إلى سوريا لنقل الأسلحة والجنود إليها، إلا أن حكومة الإقليم رفضت طلبهم هذا.

وأكد الكاتب العراقي أنس محمود الشيخ على أنه بعد نجاح إيران في تشتيت المكون السنّي وتحييده عن الساحة السياسية بأساليب شتى، التفتت إلى المكون الشيعي للحيلولة دون انفلاته من الفلك الإيراني من جهة، وحركت بعض الأحزاب الكردستانية المتحالفة معها لبسط سيطرتها على الوضع السياسي في الإقليم من جهة أخرى، وإذا كان تعاطي إيران مع المكونات العراقية مختلفا باختلاف المزاج السياسي لكل مكون، فإن محصلة تعاطيها واحدة، وهي السيطرة بشكل كامل على مجمل مرافق الحياة السياسية والاقتصادية فيه ناهيك عن الاجتماعية والمذهبية.
وتابع وفيما يخص إقليم كردستان العراق فكان توجه إيران كما يلي:
1- منذ تسعينيات القرن الماضي وطدت علاقاتها مع بعض الأحزاب الإسلامية (الجهادية سابقا) في كردستان، كالحركة الإسلامية وتشظياتها مثل (كومه له) وجماعة علي بابير، وبتخلي هذه الأحزاب عن فكرها الجهادي ودخولها برلمان إقليم كردستان وحكومته كأحزاب سياسية أصبحت لإيران أذرع يمكن تحريكها داخل العملية السياسية في كردستان.

2- دعمت إيران وبقوة بعض الأحزاب الكردية السياسية رغم اختلافها الأيديولوجي معها كالاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير الكردية، وفرضت مقومات الجيوبولتيك على هذين الحزبين الارتماء إلى الحضن الإيراني، فتلقفتهم إيران، واستخدمتهم لبث الأزمة تلو الأزمة في الإقليم منذ 2003 حتى يومنا هذا، وما أزمة رئاسة الإقليم المستمرة حتى الآن في كردستان إلا حلقة من حلقات التدخل الإيراني في كردستان بتواطؤ واضح مع هذين الحزبين الكرديين وبعض الأحزاب الإسلامية السالفة الذكر.
وشدد على أن في خضم هذه الأجواء يمكن لنا تمييز الخيط الأسود من الخيط الأبيض من الأزمة في العراق وإقليم كردستان، فاليوم هناك طرفان على الساحة العراقية: طرف يمثل الإرادة الإيرانية ويريد إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، وطرف يمثل الإرادة الوطنية المستقلة ممثلا بأغلبية الشعب العراقي المنتفض، الذي تدعمه المرجعية الشيعية في النجف وكربلاء. هذا في العراق أما في إقليم كردستان فيمثل تيار مسعود البارزاني الأغلبية الساحقة من الشارع الكردي، وبالتأكيد فإن أغلبية المكون السني العربي تؤيد هذا التوجه الوطني ضد إيران، لتشكل هذه المصدات الخمسة سدا منيعا يمكن له إيقاف التدخلات الإيرانية السافرة في الشأن العراقي سواء في المركز أو في إقليم كردستان.

وأكدت هدى النعيمي الباحثة بمركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية أن صراع وبدفع إيراني، يراد به اقلاق كردستان وتسخين اوضاعها، وجعل قضية استمرار مسعود البرزاني في منصبه رئيساً لفترة جديدة، الحدث الأكثر خلافا في الاقليم ومن جهة اخرى فان تحجيم دور الاقليم، بعد نجاح الرئيس في تعزيز المكانة الكردية على صعيد العراق وخارجه، وما حققه في الحرب ضد “داعش”، واتخاذه مواقف حازمة ومستقلة تحد من التدخل الايراني في الاقليم خصوصاً وان إيران تعتقد أن البرزاني منع الشيعة من إحكام السيطرة على كل العراق، عندما تمسك ببقاء الدور السُني والكردي في العملية السياسية.
وتابعت كما تبدي طهران قلقا متزايدًا من احتمال محاولة أكراد العراق نيل استقلالهم، فوجود دولة كردية مستقلة في الجوار إنما يحفز الأقلية الكردية في إيران بشيء مماثل من خلال تسجيل سابقة خطيرة في البلد متعدد الإثنيات والانتماءات. وثانياً، فان الخشية الايرانية تدور حول تأثيرات كل من تركيا وإسرائيل على الاقليم، وهما خصمي إيران الإقليميين. وبالتالي منع تحقيق أي كسب جيوسياسي تركي وإسرائيلي على حساب طهران ومع ذلك، فإن غالبية المسئولين الإيرانيين يرون أن البرزاني ملتزم بقوة بالاستقلال الكردي، ويرون أنه يناور من أجل الاستفادة من الظروف السائبة سياسياً في العراق وفي الشرق الأوسط لطرح هذه المحاولة. نشير هنا إلى ما حذر منه علنا حسين أمير عبد اللهيان، نائب وزير الخارجية الإيرانية المسؤول عن الشئون العربية والإفريقية، من ان “كل الفصائل العراقية يجب أن تحترم دستور البلد… ومنع البلد من الانقسام”. ووفق كلمات عبد اللهيان، فإنه يجب على أكراد العراق “مواجهة الحقيقة”. ما يعني القبول بأن تفعل طهران ما تستطيع فعله لمنع اقتطاع كردستان مستقلة في شمالي العراق.

وشددت على أن ما أدركته إيران مبكرًا، بأن تكون كردستان مستقلة وعلمانية بمثابة العقبة جيوسياسية وأيديولوجية لها، وبالتالي فان مقاربتها حيال الإقليم اتخذت بعدًا حركيا هادئًا، جرى من خلاله توظيف علاقات تاريخية مع اطراف حزبية كردية، لدعم وجهات النظر الايرانية حيال الاحداث الجارية في العراق. وتمكنت في الوقت ذاته من نزع تأثير السنة وتحجيم دورهم، وتشكيل طبقة سياسية سنية ارتبطت مصالحها الضيقة بنهج المحاصصة، تتحرك باتجاه البوصلة الحكومية، والتي تتأثر على نحو كبير بالإرادة الايرانية وفي الغالب فان الاوضاع الاقتصادية في الاقليم، تركت آثارها على الاوضاع السياسية هناك، ما أدى إلى احتدام الجدل حول الفساد والاستخدام غير القانوني للسلطة، أضف إلى ذلك ما ترتب على انخفاض سعر النفط، تقليص إيرادات الحكومة بينما تسبب الخلاف الطويل حول الميزانية مع السلطات الاتحادية في بغداد في وقف التحويلات المالية إلى العاصمة الكردية أربيل، الامر الذي حال دون دفع الرواتب الحكومية منذ أشهر مما يعني أن جدل الرئيس في كردستان من شأنه أن يضع الإقليم في أتون صراعات مستقبلية، تكرس استقطابا حادا على خلفية استبدل "التوافق" بـ"القانون".

مما سبق نستطيع التأكيد على أن التدخل الإيراني فى كركوك سيكون البداية فى انهيار الإقليم السني بالعراق، فدولة الخميني لا تكف عن التدخل في العراق بداية من دعم المليشيات الموالية لها ومروراً بدعم فصيل شيعي حكومي على فصيل آخر ونهاية بمحاولة بسط نفوذها على الأقاليم السنية بالعراق وهو ما تحاول فعله حاليا من خلال تدخلها في الشأن الداخلي بإقليم كردستان العراق الأكبر سنيًا.