جدلٌ تركي حول دعوة رئيس البرلمان لتأسيس دستور إسلامي
الثلاثاء 26/أبريل/2016 - 11:11 م
طباعة

أثارت تصريحات رئيس البرلمان التركي إسماعيل كهرمان بشأن اعتماد دستورا إسلاميًا، كثيرًا من علامات الاستفهام داخل المجتمع التركي، وبدأت أحزاب المعارضة فى توجيه الانتقادات لكهرمان، واتهام حزب العدالة والتنمية الحاكم بالانقلاب على الدستور والعلمانية التركية.
وكان كهرمان صرح بقوله "كبلد إسلامي، لماذا نقبل بوضع نتراجع فيه عن الدين؟ نحن بلد مسلم ولذا ينبغي أن يكون لدينا دستور ديني، لا مكان للعلمانية في هذا الدستور."

وقال كهرمان إنه يؤيد تأسيس "نظام رئاسي" في تركيا، ورفض ما يقال إن من شأن ذلك دفع البلاد نحو التسلط، وأضاف: "البعض يقولون إن الرئاسة القوية تعني الديكتاتورية، أين العلاقة بين الاثنين؟ هل الرئيس الأمريكي باراك اوباما ديكتاتور؟"
وتسببت هذه التصريحات في إثارة الانتقادات من جديد للرئيس التركي رجب طيب أردوغان باستمرار محاولاته في إضعاف القيم العلمانية التي وضع أسسها مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، منذ تسلمه السلطة في عام 2002، فتصلايحات رئس البرلمان ليس الأولى من قبل الحزب الحاكم، وسبق أن ألغت الحكومة الحظر الذي كان مفروضًا على ارتداء الحجاب الإسلامي في المدارس والدوائر الحكومية، كما حددت مبيعات المشروبات الكحولية وحاولت فرض حظر على السكن المختلط في الجامعات.
من جانبه هاجم زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كيليتشدار أوغلو، ما ذهب اليه رئيس البرلمان، مشيرا بقوله "إن الفوضى المستشرية في الشرق الاوسط هي نتاج طرق التفكير مثل طريقة تفكيرك تحول الدين إلى أداة من أدوات السياسة."
اضاف "يا سيد كهرمان، ان العلمانية وجدت من اجل يتمكن كل شخص من ممارسة دينه بحرية."

وانتقد حزب الشعب الجمهوري تصريحات قهرمان، والتأكيد على أن العلمانية تعني احترام الدين، وفصل الدين عن شؤون الدولة، ومنع الاستغلال الديني، وضرورة عدم استخدام الدين كوسيلة لتحقيق أغراض سياسية واستغلال الشعب.
فيما اعتبر نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، ولي أغبابا، أن "إسماعيل قهرمان كشف عقليته الرجعية من خلال الدعوة إلى دستور إسلامي، وأن حزبه لن يسمح إطلاقًا بتطبيق "دستور داعشي" للبلاد، على حد تعبيره.
فى حين اعتبر رئيس حزب الحركة القومية دولت بهجيلي، إن "فتح المواد الأربعة الأولى من الدستور للنقاش من قبل إسماعيل قهرمان المنتخب وفقًا للدستور نفسه، موقف عبر صائب"، داعيًا رئيس البرلمان إلى الاعتراف بالخطأ والتراجع عن تصريحاته، وشدّد بهجيلي على "ضرورة عدم خلق أدوات جديدة من شأنها أن تجرّ تركيا إلى بئر مظلم، وتجعل البلاد عرضة للاستغلال".
من ناحيتها، قالت الرئيس المشارك في حزب الشعوب الديمقراطي ذو الأغلبية الكردية، فيجان يوكسك داغ، إن "رئيس البرلمان يتحدث عن دستور متديّن، وتُمثّل جميع هذه التأكيدات دعوة إلى تمييز قائم على أساس ديني".
أشارت فيجان إلى أن حكومة حزب العدالة والتنمية تسعى إلى الهيمنة من خلال التركيز على الدين بشكل أكبر، وأن "تركيا لم تشهد العلمانية إطلاقًا، لذلك فهي تتعطش لعلمانية تدافع عن الحريات"، بحسب تعبيرها.

يذكر ان حكومة حزب العدالة والتنمية ومنذ اعيد انتخابها في نوفمبر الماضي ما لبثت تقول إنها تنوي استبدال الدستور التركي الحالي الذي سنته حكومة عسكرية جاءت الى الحكم عقب انقلاب عام 1980، وفشلت عدة جولات من المفاوضات مع المعارضة حول الموضوع، إذ ترفض الاخيرة مطلب الحكومة باسناد سلطات اوسع لرئيس الجمهورية اردوغان.
وينتمى كهرمان لحزب العدالة والتنمية ونائبه عن مدينة إسطنبول، وسبق أن فاز برئاسة البرلمان وحصوله 316 صوتا من اصل 550 إجمالي عدد الأصوات في البرلمان التركي،
لم تكن هذه المرة الأولى التي يصل فيها إلى البرلمان التركي، حيث سبق له وأن فاز بالنيابة لمرتين ممثلا عن مدينة إسطنبول في الدورتين التشريعيتين الـ 20 و21 للبرلمان بنتيجة انتخابات عامي 1995 و1999، حيث كان نائبًا عن حزب الرفاه بداية وحزب الفضيلة لاحقا، وخلال تلك الفترة أصبح عضوًا في عدد من لجان البرلمان، يأتي في مقدمتها اللجنة الدستورية، ولجنة التعليم الوطني، والثقافة، والشباب والرياضة.
كما سبق لكهرمان أن شغل منصب وزير الثقافة في الحكومة الائتلافية الـ 54 في تاريخ الجكهورية التركية، والتي قامت بين حزبي الرفاه، والطريق القويم، والمعروفة اختصارا باسم (طريق الرفاه ، والتي أدت أعمالها لمدة 11 شهرا فقط بين عامي (1996-1997).
وعاد كهرمان إلى البرلمان التركي، بعد انقطاع دام 13 عاما، من أوسع أبوابه، بفوزه برئاسة البرلمان التركي في دورته التشريعية الـ 26، حتى صدم المعارضة التركية والمهتمين بالشأن التركي من هذه التصريحات.