تحرير الرقة من داعش "الحلم" الذي يعجز عن تحقيقه التحالف الدولي

الأربعاء 27/أبريل/2016 - 10:58 ص
طباعة تحرير الرقة من داعش
 
يعد حلم تحرير الرقة من تنظيم داعش الدموي أحد الأهداف التي يسعى التحالف الدولي إلى تحقيقها منذ بدء حملته العسكرية على التنظيم في عام 2014م، ولكنه حتى الآن يعجز عن تحقيقه فبعد انتشار الحديث عن خطط تعد لتحرير الرقة التي ترزح منذ 2013 تحت "حكم" داعش، الذي فرض قواعده وقوانينه على المدينة متخذاً منها عاصمة للتنظيم الإرهابي، بدأ الأخير بنصب شوادر فوق بعض شوارع الرقة خوفاً من استهداف عناصر من قبل طائرات من دون طيار.
تحرير الرقة من داعش
ونشر حساب "الرقة تُذبح بصمت" على حسابه على تويتر صورة تظهر الشوادر منصوبة فوق الشوارع، منعاً من استهداف عناصره من قبل طائرات من دون طيار بعدما تم الترويج له بأن خططًا وضعت لبدء هجوم مقاتلين عرب وأكراد لتحرير الرقة، مسنود بوجود عسكري "تدريبي أمريكي"، وبعد دخول رتل عسكري مؤلف من ١٣ عربة تابعة للميليشيات الكردية إلى مدينة تل أبيض التي تبعد 55 كم عن مدينة الرقة باتجاه الغرب وعن مدينة حلب 150كم باتجاه الشرق، قادمة من مدينة رأس العين كما شن المقاتلون الأكراد الثلاثاء هجوماً في محيط مدينة عين عيسى شمال مدينة الرق، إلا أن التنظيم صده بعد أن أستطاع تثبيت وجوده من خلال فرض قواعده بقوة السلاح على المدينة.
 التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة لا زال يعول على ضعف قدرة التنظيم الدموي بعد حملته، وهو ما أكد عليه الرئيس الأمريكي باراك أوباما في معرض هانوفر الصناعي شمال ألمانيا، خلال قمة مصغّرة جمعته مع قادة أوروبيين، بمبادرة منه، قائلًا: "تنظيم داعش الآن هو التهديد الأكثر خطورة لدولنا؛ ولهذا نحن متّحدون في عزمنا على القضاء عليه ووافقت على نشر 250 عسكرياً أمريكياً إضافياً، بينهم قوات خاصة، في سورية وسيشاركون في "تدريب ومساعدة القوات المحلية" التي تقاتل المتطرفين، ولكن يبقى هذا التمني محل شك، فبعد تشكيل "قوات سوريا الديمقراطية" ضمن مخطط أمريكي، لتكوين قوة عربيةـ كردية مشتركة تكون رأس حربة في عملية تحرير محافظة الرقة من تنظيم الدولة.
تحرير الرقة من داعش
بدأت وسائل الإعلام الأمريكية بشكل خاص الحديث عن معركة الرقة المقبلة ضمن خطة أمريكية لعزل المحافظة عن خطوط الإمداد في الشمال مع تركيا وفي الشرق مع العراق، ولكن المخطط سرعان ما تغير بشكل مفاجئ وتحولت "قوات سوريا الديمقراطية" إلى أقصى الشمال الشرقي من سوريا في محافظة الحسكة لمحاربة "داعش" هناك.
 وثمة ثلاثة أسباب لهذا التحول تتمثل فيما يلي: 
1- رفض قوات "حماية الشعب الكردي" خوض معارك في بيئة ديمغرافية غير حاضنة لها، ولذلك حافظت القوات الكردية على تواجدها في البلدات الكردية شمالي الرقة (تل أبيض) دون التوجه جنوبا؛ حيث البلدات السنية.
2- رغبة واشنطن في جعل المعركة ضد التنظيم في العراق وسوريا موحدة ضمن حرب واحدة؛ ولذلك وجدت الإدارة الأمريكية أنه من الأفضل التركيز على الحسكة لملاصقتها الحدود العراقية، وإبعاد التنظيم من منطقة تمتد من الموصل شمالي العراق ومن ثم سنجار وحتى الحسكة في سوريا، وإنهاء سيطرته على طرق الإمداد بين البلدين.
3- تلاقت الرؤية الأمريكية مع الرؤية الكردية، إذ وجدت وحدات الحماية الكردية في الحسكة مغنما أكبر من الرقة؛ حيث حقول النفط التي توفر موردًا مربحًا، ناهيك عن أن السيطرة على الحسكة تؤمن معاقل الأكراد على الشريط الحدودي.
تحرير الرقة من داعش
غير أن أحداث باريس أعادت تسليط الضوء مجددًا على الرقة عاصمة "الدولة الإسلامية"، مع توجه المجتمع الدولي إلى القضاء على "داعش" بشكل نهائي، وفعلًا شهدت الأيام الأخيرة عمليات قصف جوي من التحالف الدولي وروسيا وفرنسا على السواء، إلا أن محاربة التنظيم في الرقة تتطلب حسابات أخرى، فالغارات الجوية غير كافية، والأكراد وحدهم غير قادرين على ذلك، فضلًا عن عدم رغبتهم قتال التنظيم بشكل منفرد وإن اقتربوا من مدينة الرقة، وهو مطلب أمريكي ـ تركي أيضًا، خوفًا من انتشار "وحدات الحماية الكردية" في عموم الرقة على حساب سكانها ذات الأغلبية العربية، كما أن "قوات سوريا الديمقراطية" لا تكفي لمثل هذه المعركة، فضلًا عن ضعف المكون العربي فيه من حيث عدد المقاتلين ونوعية التسليح، وهي عملية مقصودة يقول المقاتلون العرب لبقاء تفوق المكون العسكري الكردي.
 وتحاول واشنطن توسيع دائرة المقاتلين العرب، بضم مجموعات أخرى في قتال التنظيم كـ "الجيش الثوري في الرقة" وعشائر عربية لا بد من تأمين دعمها لإحراز نصر على التنظيم، فضلًا عن إدخال قوات كردية من خارج "وحدات حماية الشعب الكردي" و"وحدات حماية المرأة"، مثل بيشمركة روجآفا، وهم الجنود الكرد المنشقون عن قوات النظام ممن تلقوا تدريبات في إقليم كردستان العراق وتهدف واشنطن وأنقرة من هذه الخطوة إلى عدم حصر الوجود العسكري الكردي بـ "وحدات حماية الشعب (YPG)" الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)،
تحرير الرقة من داعش
فهي تفضل أن تكون السيطرة في الشمال والشمال الشرقي من سوريا بأياد متنوعة إثنيا تضم العرب والأكراد بمجمل مكوناتهم السياسية لتحقيق هدفين:
1- الحيلولة دون خضوع الأكراد لقوة واحدة تهيمن على القرار الكردي بمفردها، وتمارس سياستها ضمن أهدافها الضيقة.
2- الحيلولة دون بقاء القوات العربية وحدها في الميدان، فمن شأن وجود قوات كردية رديفة لها أن يمنع القوى العربية من الانزياح عن الهدف الأمريكي.
 فيما نقل وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان عن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، قوله إنه مستعد للتدخل على الأرض في الرقة السورية، فيما كشف كفاح محمود المستشار الإعلامي للرئيس مسعود البارزاني عن وجود مفاوضات بين أمريكا وحكومة الإقليم لإشراك قوات البيشمركة في معركة تحرير الرقة المرتقبة، ضمن اتفاق بناء قوات مشتركة لمحاربة داعش مرتبطة بالتحالف الدولي.
تحرير الرقة من داعش
 مما سبق نستطيع التأكيد على أن هذه المعضلات هي التي أجلت معركة الرقة، وهي نفسها التي يمكن أن تؤدي إلى تغيير في التحالفات الكردية مع القوى الإقليمية والدولية، فالرقة من حيث توسطها بين الحسكة في الشرق وحلب في الغرب، تعتبر عصب المنطقة الشمالية والشريان الرئيسي للتواصل الكردي في سوريا، وبالتالي يصبح تحرير الرقة من داعش "الحلم" الذي يعجز عن تحقيقه التحالف الدولي حتى الآن.

شارك