مناطق النفوذ تشعل الصراع بـ"الغوطة الشرقية" بين الفصائل المسلحة المعارضة للأسد في سوريا
الخميس 28/أبريل/2016 - 04:44 م
طباعة

اشتعلت الغوطة الشرقية مجدداً بالمزيد من الدماء على مناطق النفوذ في الغوطة الشرقية بين "فيلق الرحمن" و"جيش الفسطاط" و"جبهة النصرة" من جهة و"جيش الإسلام"، بينما نأت أحرار الشام الإسلامية بنفسها عن الصراع.

هذا في الوقت الذي هاجم عناصر من "فيلق الرحمن" و"جيش الفسطاط"، مقرات ومنازل قادة وعناصر في "جيش الإسلام" ضمن بلدات داخل الغوطة الشرقية، الأمر الذي أدى إلى تفجر الأوضاع واندلاع اشتباكات بين الطرفين، تدخلت فيها حساسيات سابقة في الغوطة، ونتج عنها تدخل "جبهة النصرة" ضد "جيش الإسلام"؛ حيث وقعت اشتباكات عنيفة في بلدات "مسرابا وزملكا و كفربطنا"، خلفت 7 قتلى هم عنصرين من جيش الإسلام وخمسة مدنيين بينهم ثلاثة نساء.
في هذه الأثناء بث ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو يظهر انشقاق "كتيبة الدفاع الجوي" عن "فيلق الرحمن" في الغوطة الشرقية وانضمامها إلى "جيش الإسلام"، كما أعلنت كتيبة "م – ط" التابعة لفيلق الرحمن والتي ترابط على جبهات المرج في الغوطة، عدم الانصياع لأوامر قادة الفيلق بقتال "جيش الإسلام" بعد هجوم "فيلق الرحمن" و"جيش الفسطاط" و"جبهة النصرة" على منازل قادة وعناصر جيش الإسلام في عدد من البلدات بالغوطة الشرقية.

وأكد الناشطون مقتل 7 أشخاص هم عنصرين من جيش الإسلام وخمسة مدنيين بينهم ثلاثة نساء، خلال عمليات الاقتحام التي رافقها إطلاق نار في عدد من منازل ومقرات "جيش الإسلام" كما اقتحم عناصر من فيلق الرحمن منزل الشيخ "سعيد درويش" أحد وجهاء الغوطة الشرقية، حيث أطلق نداءات استغاثة عبر حسابه على "فيس بوك"، إلى جانب اقتحام منزل الشيخ "أبو النور طبرنين" في مسرابا، بينما تشهد المنطقة حالة احتقان، بالتزامن مع نشر الحواجز العسكرية.
مما دعا المتحدث الرسمي باسم "جيش الإسلام" النقيب إسلام علوش "علوش" قادة الفصائل واللجان المدنية في الغوطة بالتدخل لوقف عمليات اقتحام مقرات جيش الإسلام، وذلك "تجنباً لوقوع مالا يحمد عقباه"وأن "جبهة النصرة" أوقفت مؤازرات عسكرية من "جيش الإسلام" كانت متوجهة إلى جبهة المرج، وقطعت طريقها وصادرت أسلحتها.
بموازاة ذلك، نفى قائد حركة أحرار الشام في الغوطة الشرقية "أبو جعفر" مشاركة الحركة في قتال "جيش الإسلام" في الوقت الذي شدد فيه عضو مجلس شورى حركة "أحرار الشام" (خالد أبو أنس) على أن الحركة تنأى بنفسها عن الاقتتال الداخلي الحاصل في الغوطة الشرقية بين جيش الإسلام من جهة وجيش الفسطاط وفيلق الرحمن من جهة أخرى قائلا "نؤكد عدم مشاركة الأحرار بالاقتتال المؤسف في الغوطة والجميع يعلم ما بذلناه من جهود لمنع الفتنة أن تشتعل و أن قرار الحركة هو الاعتزال والسعي للصلح، مجدداً تعهده بعدم توجيه البنادق ألا ضد النظام وتنظيم الدولة الإسلامية داعش".

بدوره حمّل "أبو موسى الكناكري" القيادي في حركة "أحرار الشام" في مسئولية ما وصلت إليه الغوطة الشرقية، إلى قائد فيلق الرحمن (عبد الناصر شمير) بسبب عدم استكمال الخطوات الشرعية، وقائد جيش الإسلام (عصام بويضاني) لعدم انصياعه إلى الحق، داعياً في الوقت نفسه إلى اتخاذ خطوات شرعية لضبط "الباغي" وتسليم الجناة.
وتأتي هذه التطورات الخطيرة، على خلفية الخلافات بين الجانبين، حيث وجه "فيلق الرحمن" مؤخراً اتهامات رسمية إلى "جيش الإسلام" بالوقوف وراء عن محاولة اغتيال القاضي العام السابق للغوطة الشرقية الشيخ "خالد طفور"، بينما نفى الأخير الاتهامات مبدياً استعداده للتعاون التام مع القضاء بهدف الوصول إلى الحقيقة، وسط اقتحامات متبادلة للمقرات العسكرية في الغوطة الشرقية على الرغم من أن لجنة متابعة محاولة اغتيال الشيخ أبو سليمان طفور"، قد أصدرت بياناً الثلاثاء 26-4-2016م ، جاء فيه أن اللجنة "وصلت في تحقيقها إلى نتائج متقدمة، مع وجود معوقات من طرف أحد الفصائل يتمثل بعدم استجابته لمذكرات إحضار قضائية بحق أشخاص من منتسبيه على صلة بالقضية وسبق هذا الأمر خلاف بين فيلق الرحمن وجيش الإسلام على مبنى في زملكا بعد خلاف وقع بين عناصر من "فيلق الرحمن" و"جيش الإسلام" في بلدة زملكا بالغوطة الشرقية، بسبب محاولة عناصر من "جيش الإسلام" الدخول إلى مبنى واستخدامه لأغراض عسكرية، في منطقة تحت سيطرة "فيلق الرحمن"، وحصل إطلاق نار بين الجانبين دون تأكيد سقوط إصابات.

هذه الخلافات جاءت بعد اتفاق بين الطرفين ترتب عليه تشكيل غرفة عمليات مشتركة بين فيلق الرحمن وجيش الإسلام، لتجمّد مرحلة من الخلافات داخل القيادة الموحدة التي يقودها قائد جيش الإسلام السابق، زهران علوش وقال مصدر جهادي وقتها وعضو بالقضاء الموحد في الغوطة الشرقية، الذي سبق أن جمدت نشاطاته "يأتي تشكيل الغرفة المشتركة بين جيش الإسلام وفيلق الرحمن كرد فعل على الخلافات الأخيرة بين جيش الإسلام والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام الذي يؤازره لواء فجر الأمة، ونجم عنها تجميد القضاء الموحد بشكل شبه رسمي، فيما تراجع دور القيادة الموحدة إلى حدوده الدنيا، وإن تشكيل غرفة العمليات هو تلاقي مصالح لطرفين وليس اندماجا بينهما، وهو بالتالي قد لا يدوم طويلًا وسط أجواء النزاعات والخلافات في المنطقة وإن محاولات قائد جيش الإسلام السيطرة على القرار والتفرد بإدارة منطقة الغوطة الشرقية؛ يواجه برفض "أبو محمد الفاتح قائد الاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، وأبو سليمان طفور القاضي العام في الغوطة، بعد ثلاث سنوات من العجز عن فك الحصار الذي زاد من معاناة السكان، فيما يتم التركيز على القتال بين الفصائل للاستئثار بالسلطة"، وكان من نتائج تشكيل الغرفة المشتركة؛ الإعلان عن عملية عسكرية لاقتحام سجن النساء في منطقة عذرا.
وكانت القيادة الموحدة تفرض سيطرتها على الغوطة الشرقية بشكل شبه كامل، وأرغمت حركة أحرار الشام على سحب مقاتليها من المنطقة إلى معقلها الرئيسي في منطقة القابون، وتسليم أسلحة الحركة وآلياتها إلى فيلق الرحمن، بموجب حكم قضائي أصدرته هيئة القضاء الموحد قبل تجميدها ويوجد الآن في الغوطة الشرقية، كلّ من فيلق الرحمن وجيش الإسلام في إطار غرفة العمليات المشتركة، ولواء فجر الأمة والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام بقيادة أبو محمد الفاتح، وجبهة النصرة التي عادت لتكون إحدى القوى الرئيسية ويعتبر كل من "فيلق الرحمن وجيش الإسلام" الفصيلين الأكبر في الغوطة الشرقية بريف دمشق، وحدثت بينهما العديد من حوادث التوتر.

مما سبق نستطيع التأكيد على أن اشتعال الغوطة الشرقية مجدداً ما هو الا موجة من موجات الصراع على مزيد مناطق النفوذ في وان الخاسر الأكبر فيه هو فصيلا المعارضة الكبار "فيلق الرحمن" و"جيش الفسطاط"، وأن المستفيد سيكون "جبهة النصرة" لتبسط نفوذها المتطرف على المنطقة وهو ما يعني مزيدًا من الدماء ومزيدًا من العنف، والخاسر الرئيسي هو الشعب السوري الذي خسر ثورته التي ضاعت في مجاهل التطرف والعنف.